مدير «شئون البيئة» بالجامعة العربية: التحول الأخضر يخلق سوق عمل جديدة بخبرات تكنولوجية
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
قال الدكتور محمود فتح الله، مدير إدارة شئون البيئة والأرصاد الجوية بجامعة الدول العربية، إنه مع تزايد الاهتمام العالمى بالبيئة ومواجهة التغيّرات المناخية، ظهر مصطلح التحول الأخضر كطريقة للتعامل مع هذه القضايا وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة. وأضاف «فتح الله»، فى حواره مع «الوطن»، إن قضايا التوظيف وأسواق العمل من بين التحديات أمام التحول الأخضر، إذ تترتب على التحول للاقتصاد الأخضر تأثيرات على الوظائف والاقتصادات المحلية، خاصة فى الدول ذات الاقتصادات الناشئة والنامية.
- الوظائف الخضراء مفهوم جديد نشأ مع اهتمام العالم بالبيئة ونمو الاستثمارات الدولية فى هذا الاتجاه، وتُعرف منظمة العمل الدولية الوظائف الخضراء بأنها فرص عمل تُسهم فى الحفاظ على البيئة أو إعادة إحيائها، سواء كانت فى القطاعات التقليدية، مثل التصنيع والبناء، أو فى القطاعات الخضراء الناشئة الجديدة، مثل الطاقة المتجدّدة وكفاءة الطاقة.
ما الدور الذى تلعبه الوظائف الخضراء فى التحول نحو اقتصاد مستدام؟- يتضمّن التحول الأخضر تنفيذ مشروعات صديقة للبيئة، واعتماد التكنولوجيا فى مجالات الطاقة المتجدّدة والنظيفة، وتغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة بهدف خلق فرص عمل جديدة والحد من الفقر، وكذلك تقليل استهلاك الطاقة واستنزاف الموارد الطبيعية، وتأتى قضايا التوظيف وأسواق العمل من بين التحديات أمام التحول الأخضر، حيث تترتب على التحول للاقتصاد الأخضر تأثيرات على الوظائف والاقتصادات المحلية، خاصة فى الدول ذات الاقتصادات الناشئة والنامية.
ما القطاعات المتوقع أن تشهد نمواً كبيراً فى الوظائف الخضراء خلال السنوات المقبلة؟- يتطلب العمل فى الوظائف الخضراء توافر قدر من المهارات والخبرة المهنية والتدريب فى مجالات متعدّدة، مثل بناء وصيانة شبكات الطاقة المتجددة (شمسية، رياح)، والإلمام بمعايير تصميم وتشييد المبانى صديقة البيئة منخفضة استهلاك الطاقة، وطرق التصنيع وإعادة التصنيع والتوزيع والاستهلاك، التى تعتمد على الاقتصاد الدائرى وتقليل الهدر من الموارد الطبيعية والطاقة، وتقنيات الزراعة والرى الحديثة، كل هذه القطاعات تحتاج إلى تشغيل العمالة التى تصنّف بكونها خضراء، على سبيل المثال فإن قطاعاً مثل الطاقة النظيفة والمتجدّدة، هو فى الأساس من القطاعات كثيفة العمالة، ومع ما ذكرناه من توسّع متوقع على مستوى العالم فى الاستثمار فى هذا القطاع يجعله قادراً بشكل كبير على أن يولّد وظائف أكثر من التوظيف فى قطاعات الوقود الأحفورى التقليدية، وهناك تقديرات للاستثمارات العالمية فى هذا القطاع قادرة على توليد ما يصل إلى 20 مليون فرصة عمل بحلول عام 2030.
ماذا عن التحديات التى تواجه نمو وتطوير الوظائف الخضراء؟- ظهر الكثير من التحديات أمام تطبيق الوظائف الخضراء، بعضها يتعلق بطبيعة الوظائف وسوق العمل وأخرى لها علاقة برأس المال البشرى أو العمالة فى حد ذاتها، ففى ما يخص طبيعة سوق العمل؛ فإن من الطبيعى أن يدفع الاقتصاد الأخضر إلى سوق عمل جديدة كما فعلت الثورة الصناعية من قبل، ولا بد لهذه السوق من وجود معايير تنظيمية تتفق مع خصائصها التى من بينها نقص المهارات، وعدم التأكد من آليات السوق وكفاءتها، إلى جانب عدم قدرة العمالة الحالية فى كثير من القطاعات التقليدية على استخدام وسائل حديثة أو التحول إلى قطاع آخر، كعمال المناجم الذين لن يتمكنوا -باستخدام خبراتهم التقليدية- من العمل فى مصانع لإنتاج الطاقة الشمسية مثلاً، وبالتالى يكونون عرضة للتهميش والبطالة.
هل هناك مهارات أو تخصّصات معينة يجب على الشباب تطويرها ليكونوا مؤهلين للعمل فى الوظائف الخضراء؟- بالتأكيد هناك الكثير من المهارات التى يمكن للشباب اكتسابها وتطويرها فى نفسه للعمل فى الوظائف الخضراء، وربما أكون قد ذكرت بعضها أثناء الحديث، مثل تركيب وصيانة شبكات الطاقة المتجدّدة، ومهارات تصميم المنتجات القابلة لإعادة التدوير، وتصميم المبانى الموفّرة للطاقة، وطرق الزراعة الحديثة، وغيرها، لكن لا توجد تخصّصات بعينها يمكن اعتبارها تخصّصات خضراء، وإنما صفة الخضراء هى صفة لكل عمل لا يترتب عليه ضرر بيئى أو إهدار للموارد الطبيعية.
كيف يمكن للشركات التقليدية التحول نحو خلق فرص عمل خضراء؟- كما ذكرت سابقاً، فإن الوظائف الخضراء هى أى نمط عمل لا يترتب عليه إهدار الموارد أو الضرر المباشر للبيئة، وبالتالى فإن الشركات التقليدية التى تساير التطور العالمى وتحرص على البقاء سوف تتجه تلقائياً إلى تطبيق معايير الاستدامة، وخدمة المجتمع، والمسئولية الممتدة للمنتج، وتصمم منتجاتها بحيث تكون قابلة للإصلاح من جانب المستهلك، ويمكن إعادة تدويرها بعد انتهاء فترة استخدامها.
ما تأثير التطور التكنولوجى على مستقبل الوظائف الخضراء؟ وهل يؤدى إلى خلق أخرى جديدة؟- هناك تخوّف لدى العمال من تأثير التطور التكنولوجى عليهم سلبياً وفقدانهم وظائفهم مثلما حدث مع دخول الآلة البخارية وقت الثورة الصناعية، وعندما دخلت الحاسبات الآلية فى مجال العمل، وحالياً كلنا نتابع قلق العالم من تأثير الذكاء الصناعى على سوق العمل، وأن تختفى وظائف بشرية كثيرة بسبب القدرة على إتمام أعمالها آلياً، والواقع التاريخى يشير إلى أن التطور التكنولوجى يؤدى إلى تغيير فى شكل العمالة، بمعنى تحولها إلى قطاعات جديدة لم تكن موجودة بالأساس، وبالتالى فإن المتوقع أن يرتفع الطلب على الوظائف الخضراء، حتى يبدأ التحول إلى قطاعات أخرى، بعد أن تتشبّع سوق العمل بهذا النوع من الوظائف بعد فترة زمنية.
لدينا تجربة إيجابية فى هذا الأمر، إذ قدّمت الحكومة المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية التى أطلقتها مصر عام 2022 فى إطار التحضير لمؤتمر المناخ COP27 فى شرم الشيخ، حيث استهدفت هذه المبادرة معالجة آثار التغيّرات المناخية وتعزيز كفاءة استخدام الموارد، وبناء مستقبل مستدام لمصر، وشملت المبادرة مختلف القطاعات وأصحاب المصلحة لإشراك الأفراد والمؤسسات وكيانات الدولة فى العمل المناخى، إذ تُسهم هذه المبادرة الرئاسية فى جهود مصر لتنفيذ استراتيجيتها للتنمية المستدامة «رؤية مصر 2030» والاستراتيجية الوطنية للتغيّر المناخى 2050، وفى هذه المبادرة تم اختيار 154 مشروعاً موزعة على أساس 6 مشروعات فى كل محافظة من محافظات مصر الـ27 تغطى فئات مختلفة، وقد تم الإعلان عن فوز 18 مشروعاً جرى تكريمها من جانب رئيس الوزراء.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الوظائف الخضراء التغيرات المناخية توفير 7 ملايين فرصة عمل بحلول 2030 التحولات الرقمية التحول الأخضر سوق العمل فى هذا
إقرأ أيضاً:
وزيرة البيئة تفتتح جلسة القطاعات المشاركة بالاستراتيجية الوطنية للاقتصاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
افتتحت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، الجلسة التشاورية للقطاعات المشاركة في الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الدائري بحضور السيدة كيرستين ديجي، رئيسة مشروع البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة "EU Green، GIZ"، والسيد كوين راديمكرز، رئيس مؤسسة ACEN، والدكتور علي أبو سنة، الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، والأستاذ ياسر عبد الله، الرئيس التنفيذي لجهاز تنظيم إدارة المخلفات، والدكتور خالد قاسم مساعد وزيرة التنمية المحلية للتطوير المؤسسى ودعم السياسات والمهندس أحمد كمال مدير مكتب الالتزام البيئى باتحاد الصناعات وممثلي عدد من الوزارات المعنية كوزارات التجارة والصناعة والموارد المائية والري والكهرباء والطاقة، بالإضافة إلى عدد من خبراء البيئة وممثلى القطاع الخاص ورواد الأعمال.
وقد أكدت فؤاد، في كلمتها أن مصر مرت برحلة ملهمة في مجال تطبيق الاقتصاد الدائري تضمنت تراكما للخبرات والعديد من قصص النجاح والدروس المستفادة والتعلم من الأخطاء، ولم تقتصر على قطاع واحد مثل المخلفات الذي يعد من أكثر القطاعات ملاءمة لتطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري، ولكن تتضمن الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الدائري ٨ قطاعات واعدة ومنها الزراعة والصناعة والسياحة والبناء والتشييد والنسيج والكيماويات والبلاستيك. موضحة ان الهدف من الجلسة التشاورية تكوين مجموعات عمل تضم مختلف أصحاب المصلحة للعمل على تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري في كل قطاع من القطاعات المستهدفة.
ولفتت وزيرة البيئة، اليوم، إلى ان الدولة المصرية ممثلة في القيادة السياسية ورئيس الحكومة، بذلت جهود كبيرة على مدار السنوات العشر الماضية لدمج البعد البيئي وتحقيق المواءمة بين التنمية الاقتصادية ومراعاة الأبعاد البيئية، والعمل على تحقيق نمو اقتصادي مستدام، ومواكبة اللغة العالمية الحالية في تحقيق الاستفادة المثلى من الموارد الطبيعية من أجل الأجيال القادمة.
وأضافت فؤاد أن نموذج تطبيق الاقتصاد الدائري في كل قطاع يختلف عن الآخر تبعا لاختلاف طبيعته، وأيضا في يختلف في القطاع الواحد، ففي قطاع المخلفات نموذج تطبيق الاقتصاد الدائري في ملف المخلفات البلدية الصلبة من تأسيس البنية التحتية لتدويرها وإنتاج سماد ووقود بديل وطاقة، يختلف عن نموذج المخلفات الزراعية من جمع وكبس وإعادة استخدام وتمكين صغار المزارعين.
واستعرضت الدكتورة ياسمين فؤاد عدد من قصص نجاح تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري في عدد من القطاعات ومنها الصناعة، حيث يتم تطبيق إعادة استخدام المياه في عملية التصنيع لتقليل الهدر والتكلفة والفاتورة التشغيلية، وأيضا كفاءة استخدام الطاقة في المصانع، وفي مجال البلاستيك والتعبئة يتم العمل على إعادة استخدام الزجاجات البلاستيكية ومشاركة صغار الصيادين في جمع المخلفات البلاستيكية من الموارد المائية لاستخدامها في صناعة البلاستيك مرة أخرى.
كما ذكرت تجربة تشجيع ترخيص مصانع تدوير المخلفات الإلكترونية لإنتاج مواد خام يعاد استخدامها، وكفاءة استخدام المواد الأولية من المخلفات الناتجة عن قطاع البناء والتشييد، والتجربة الرائدة لها في كسارات التجمع من خلال هيئة المجتمعات العمرانية، وأيضا مبادرة " waste to good taste “ في قطاع النسيج التي تم اطلاقها بالتعاون مع بنك الكساء المصري في مؤتمر المناخ COP27 ، لإعادة استخدام الملابس والأقمشة المستعملة مرة أخرى بتصميمات مبتكرة.
وشددت وزيرة البيئة، على ضرورة تضمين قصص النجاح المختلفة في كل قطاع داخل الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الدائري، وان تقدم المجموعة الاستشارية المسئولة عن إعداد الاستراتيجية خطوات واضحة لتصميم خارطة طريق تتناسب مع طبيعة كل قطاع وتستفيد من الفرص الواعدة به، وتحقق تقدما حقيقيا في تنفيذ الاستراتيجية.
كما شددت وزيرة البيئة، على ضرورة إيجاد آليات تنفيذ واضحة تراعي القضايا والمحاور المتقاطعة في القطاعات المختلفة مثل المياه والطاقة، وبناء قدرات وطنية من خلال تحقيق التكامل بين المناخ الداعم والتمكين المؤسسي والتدريب الفردي، وأيضا آليات تمكين التنفيذ مثل اشراك القطاع المصرفي والتوأمة مع المشروعات المنفذة ورواد الأعمال، وتقييم الآليات الحالية الوطنية وتحقيق أقصى استفادة منها، إلى جانب نقل التكنولوجيا والاعتماد على البحث العلمي في كل قطاع.
وأعربت الدكتورة ياسمين فؤاد، عن أملها في الخروج قريبا باستراتيجية وطنية للاقتصاد الدائري تليق بحجم دولة مثل مصر، وتكون نموذجا رائدا يتم عرضه على الدول العربية والأفريقية لتكرارها والبناء عليها.
من جانبها، ثمنت الدكتورة سارة ممثلة مؤسسة ACEN ما ذكرته وزيرة البيئة بالورشة، والتي تناولت بشكل شامل جميع النقاط التي عمل عليها فريق البحث، مشيدة بأهمية الجانب العملي الذي تميزت به الورشة ، موضحة أن مفهوم الاقتصاد الدائري يعد أكثر شمولًا من الاقتصاد الأخضر، إذ أنه لا يقتصر على إعادة التدوير فحسب، بل يمتد ليشمل تصميم وإنتاج منتجات لا تتحول إلى مخلفات من الأساس، بهدف الحد من تولد المخلفات.
وأشارت إلى أن الاقتصاد الدائري يتضمن مفاهيم متعددة، من بينها تطوير دورة حياة المنتج لتمكين استخدامه لأطول فترة ممكنة، إضافة إلى تعزيز الكفاءة في استخدام الموارد والحفاظ عليها.
ولفتت إلى أن الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الدائري قد ركزت على ثمانية قطاعات رئيسية، بالتعاون مع عدد من الوزارات والجهات الدولية المعنية، في خطوة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، والمساهمة في بناء نماذج إنتاج واستهلاك أكثر استدامة.