في ذكرى رحيله.. حكايات وأسرار من حياة إبراهيم المازني
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
عرف الشاعر والكاتب إبراهيم المازني الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، كواحد من كبار الكتاب في عصره كما عرف بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر، واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل حيث تمكن من أن يوجد لنفسه مكانًا بجوارهم، على الرغم من اتجاهه المختلف ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان.
إبداع إبراهيم المازني
حاول المازني الإفلات من استخدام القوافي والأوزان في بعض أشعاره فانتقل إلى الكتابة النثرية، وخلف وراءه تراثًا غزيرا من المقالات والقصص والروايات بالإضافة للعديد من الدواوين الشعرية، كما عرف كناقد متميز .
عمل المازني كثيرًا من أجل بناء ثقافة أدبية واسعة لنفسه فقام بالاطلاع على العديد من الكتب الخاصة بالأدب العربي القديم ولم يكتف بهذا بل قام بالاطلاع على الأدب الإنجليزي أيضًا، وعمل على قراءة الكتب الفلسفية والاجتماعية، وقام بترجمة الكثير من الشعر والنثر إلى اللغة العربية حتى قال العقاد عنه: «إنني لم أعرف فيما عرفت من ترجمات للنظم والنثر أديباً واحداً يفوق المازني في الترجمة من لغة إلى لغة شعراً ونثراً».
يعد المازني من رواد مدرسة الديوان وأحد مؤسسيها مع كل من عبد الرحمن شكري، وعباس محمود العقاد، ولقد عشق الشعر والكتابة الأدبية وعمل في شعره على التحرر من الأوزان والقوافي ودعا كغيره من مؤسسي مدرسة الديوان إلى الشعر المرسل، هذا على الرغم من أننا نجد أنه غلب على شعرهم وحدة القافية، اتجه المازني للنثر وأدخل في أشعاره وكتاباته بعض المعاني المقتبسة من الأدب الغربي، وتميز أسلوبه بالسخرية والفكاهة، فأخذت كتاباته الطابع الساخر وعرض من خلال أعماله الواقع الذي كان يعيش فيه من أشخاص أو تجارب شخصية أو من خلال حياة المجتمع المصري في هذه الفترة، فعرض كل هذا بسلبياته وإيجابياته من خلال رؤيته الخاصة وبأسلوب مبسط بعيداً عن التكلفات الشعرية والأدبية.
وتوقف المازني عن كتابة الشعر بعد صدور ديوانه الثاني في عام 1917م، واتجه إلى كتابة القصة والمقال الإخباري.
ولد المازني في عام 1889م في القاهرة في الخديوية المصرية، ويرجع نسبه إلى قرية كوم مازن التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية، ولقد تطلع المازني إلى دراسة الطب وذلك بعد تخرجه من المدرسة الثانوية اقتداءً بأحد أقاربه، ولكنه ما إن دخل صالة التشريح حتى أُغمي عليه، فترك هذه المدرسة وذهب إلى مدرسة الحقوق ولكن مصروفاتها زيدت في ذلك العام من خمسة عشر جنيها إلى ثلاثين جنيها، فعدل عن مدرسة الحقوق إلى مدرسة المعلمين، وعمل بعد تخرجه عام 1909 مدرسًا، ولكنه ضاق بقيود الوظيفة، وحدثت ضده بعض الوشايات فاعتزل التدريس وعمل بالصحافة حتى يكتب بحرية، كما عمل في البداية بجريدة الأخبار مع أمين الرافعي، ثم محررًا بجريدة السياسة الأسبوعية، كما عمل بجريدة البلاغ مع عبد القادر حمزة وغيرها في الكثير من الصحف الأخرى، كما انتشرت كتاباته ومقالاته في العديد من المجلات والصحف الأسبوعية والشهرية، وعرف عن المازني براعته في اللغة الإنجليزية والترجمة منها إلى العربية فقام بترجمة العديد من الأشعار إلى اللغة العربية، وتم انتخابه عضوًا في كل من مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجمع العلمي العربي بمصر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العدید من
إقرأ أيضاً:
مجان ودلمون.. حكايات متشابكة
د.سليمان المحذوري
abualazher@gmail.com
بعض الزيارات تأتي أحيانًا دونما تخطيط مسبق، ومن هذه زيارتي الأولى لمملكة البحرين رغم تأخرها والتي جاءت في إطار الملتقى العلمي الرابع والعشرين لجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية برفقة زملاء باحثين من سلطنة عُمان؛ حيث أُقيم الملتقى في العاصمة البحرينية المنامة يومي 23 و24 أبريل 2025.
وهذه الجمعية الرائدة تُعد مظلّة علمية تجمع أبناء الخليج من الأكاديميين والمهتمين بمجالات التاريخ والآثار. ومنذ تأسيسها في عام 1997، وتشجيعًا لحركة البحث العلمي، وتبادل الخبرات، وبناء الشراكات تُقيم الجمعية ملتقيات علمية سنوية بالتناوب بين دول الخليج.
وشخصيًا حتى وإن كانت هذه هي الزيارة الأولى للبحرين، إلّا إنني أعرفها وأعرف مناطقها وناسها بحكم اهتمامي بالتاريخ أولًا، وثانيًا من خلال العلاقات الخاصة جدًا الاجتماعية والثقافية والتي تربط عُمان بالبحرين منذ القدم وما زالت إلى يومنا هذا.
وتاريخيًا ومنذ عصور ما قبل الميلاد ارتبطت مجان ودلمون بصلات حضارية تأثيرًا وتأثرًا. والكشوف الأثرية دلّت على وجود اتصال وثيق بين الحضارتين امتدّ إلى حوالي ألفي عام من التاريخ القديم، وكانت مجان مصدرًا أساسيًا لاستيراد النحاس. وخلال العصور الإسلامية المتعاقبة عُدت عُمان والبحرين إقليمًا سياسيًا واحدًا بسبب الجوار الجغرافي، وطبيعة العلاقات القديمة بين البلدين والتي استمرت حتى العصر الحديث؛ إذ كانت البحرين وجهة رئيسة لهجرة العُمانيين طلبًا للرزق أو العلم لا سيما قبل عام 1970م. وبُعيد هذا التاريخ بقليل توجت بالعلاقات الدبلوماسية بين الجانبين. وبالنتيجة ما من شكّ أن قدم واستمرار هذه العلاقات المتجذرة أفرز نتائج اجتماعية وثقافية مشتركة ومتداخلة وذات نكهة خاصة، ومن المؤمل تعميق هذه الصلات التاريخية واستثمارها ثقافيًا واقتصاديًا.
لذلك.. ومنذ أن وطئت قدماي مطار البحرين الدولي لم أشعر بغربة مطلقًا؛ بل ربما هو الحب من أول نظرة كما يقولون، ورغم قصر فترة إقامتي نسبيًا في هذه الأرض الطيبة، إلّا إنني أحسست إني أعرفها من زمن طويل. وكانت إقامتي في المنامة، ومن حسن حظي أنها كانت بالقرب من سوق باب البحرين القديم الذي يشبه سوق مطرح بتخطيطه وممراته ودهاليزه. وإلى جانب حضور الجلسات العلمية التي قُدمت فيها أوراق بحثية مهمة أُتيحت لي فرصة زيارة مركز عيسى الثقافي، وقلعة البحرين، ومتحف البحرين الوطني، والمسرح الوطني. ومن هنا أستطيع القول وبثقة إن التشابه بين عُمان والبحرين كبير جدًا يصل إلى حد التطابق في بعض الأحيان، ولا يحتاج ذلك إلى برهان أو دليل؛ فهنالك تشابه في الثقافة والتراث، وفي المعالم المعمارية والأسواق، وفي العطور والبخور، وفي المأكولات، وفي الهدوء والسلام، والناس وباختصار شديد "إنهم يشبهوننا".
ختامًا.. ألف شكر لمملكة البحرين على حفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة ورقيها وهذا ليس بغريب على أهل البحرين.
رابط مختصر