لجريدة عمان:
2024-12-22@05:31:11 GMT

عن رحيل المخرج خليفة الطائي

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

لا يمكن لمن يوَثِّق لتاريخ الدراما في إذاعة سلطنة عُمان أن يتجاهل تلك القامات الكبيرة التي كان لها الفضل في ظهور الدراما العمانية، فقد شهدت الإذاعة إنتاجًا دراميًّا غزيرًا، تاريخيًّا، اجتماعيًّا، كوميديَّا، تمثيليات أسبوعية ورباعيات، كلها في دورة برامجية واحدة تقريبًا .

برحيل الزميل الكاتب والمخرج الإذاعي خليفة بن صالح الطائي، يوم أمس الأحد الأول من سبتمبر 2024، فقدت الأوساط الإعلامية والفنية العمانية أحد الرموز المهمة التي أوجدت الدراما الإذاعية في عُمان؛ فبعد مشوار طويل من العطاء في المجال الإعلامي عامة وفي مجال الدراما بشكل خاص، زادت على أربعة عقود، ترك خليفة في مكتبة الإذاعة الكثير من التمثيليات والمسلسلات والبرامج ما بين تأليف وإعداد وإخراج.

كان دخول خليفة الطائي إلى مبنى الإذاعة في بيت الفلج لأول مرة في شهر نوفمبر من عام 1970، بعد افتتاح الإذاعة العُمانية بشهرين تقريبًا، وكان في مقتبل عمره، ولكنّ الحماس كان هو المسيطر والسائد لدى كلِّ الذين اشتغلوا في تلك الفترة، وقد تصادف أن يكون يومُ تعيين خليفة الطائي هو نفس اليوم الذي تعين فيه الأديب أحمد الفلاحي في الإذاعة؛ فكانا ضمن تلك الكوكبة الأولى التي أسست للعمل الإعلامي، ووضعت اللبنات الأولى والأساسية للإذاعة وللتلفزيون فيما بعد.

إيمانًا من خليفة الطائي بأنّ الدراما هي أسرع مادة إعلامية يمكن أن تؤثر في الناس، اتّجه إلى التأليف والإخراج الدرامي، فكان ثاني شخص يكتب الدراما في عُمان، بعد الراحل عبدالحليم بن محمد، الذي ألف أول تمثيلية تبث عبر أثير الإذاعة وذلك عام 1971، تحت عنوان «طلب العلم»، فيما ألف خليفة أول تمثيلية له تحت عنوان «طيع من يرشدك إلى الخير».

في حديثه عن ذكرياته مع الإذاعة، ذكر خليفة الطائي للزميل محمود بن عبيد الحسني في برنامجه «ساعة من أرشيف الإذاعة» في حلقة أذيعت بتاريخ 2 مايو 2014، أنّ العمل في الدراما في الماضي كان أسهل بكثير من الوقت الحاضر؛ فلم تكن هناك لائحة للأجور، إذ كان الكلُّ يعمل بدون مقابل، وكانت الفرصة متاحة لكلِّ من يملك موهبة في الكتابة أن يقدِّم عمله إلى الإذاعة، فتتم مراجعته وإن تطلَّب التعديل يتم ذلك بالاتفاق مع المؤلف، أمّا عن الممثلين فقد كان يتفق معهم خليفة نفسه أو أيّ مخرج آخر. وكان أشهر مخرجي الدراما في الإذاعة العمانية في بداياتها هم عبد الحليم بن محمد، وخليفة بن صالح الطائي، ومحمد بن ناصر المعولي، وكذلك الراحل جمعة بن سالم الخصيبي الذي كان ممثلًا بجانب عمله كمخرج للدراما، قبل أن ينضم إلى الإخراج الدرامي جيلٌ آخر مثل: أحمد بن سعيد الإزكي، وسعود بن سالم الدرمكي، وطالب بن محمد البلوشي، ومحمود بن عبيد الحسيني؛ وكان من أبرز المخرجين العرب الذين عملوا في مجال الدراما الإذاعية محمد مرعي ومحمد حامد؛ أما أبرز المؤلفين في فترة السبعينيات فكانوا عبد الحليم بن محمد، وحامد مزار، وصالح شويرد، قبل أن ينضم الكثيرون إلى القائمة خاصة في منتصف الثمانينيات والتسعينيات التي شهدت طفرة كبيرة في مجال الإنتاج الدرامي في الإذاعة، شارك في التأليف فيها كتَّاب عرب مثل إبراهيم شعراوي، مصطفى حشيش، أبو الوفا القاضي، وإبراهيم صالح وغيرهم، أما العمانيون فكان أبرزهم أحمد بن درويش الحمداني الذي شكّل قفزة في مجال الدراما العمانية.

من التمثيليات الأولى التي بثتها الإذاعة من إخراج الراحل خليفة الطائي، تمثيلية اجتماعية بعنوان «الأمل الكبير»، تأليف رحيمة حبيب، وتمثيلية «الرسالة البريئة» تأليف سعيد علي سعيد، وإعداد حمود بن سالم السيابي. وما بين تمثيلية «طيع من يرشدك للخير»، ومسلسل «جرح على صدر الزمن» وهو آخر مسلسل إذاعي كتبه وأخرجه خليفة الطائي قبل أن يتقاعد عن العمل في يناير 2015، ترك خليفة إرثًا كبيرًا من المسلسلات والتمثيليات، وقدّم للدراما والفن العمانييَّن العديد من الأعمال المميّزة مثل مسلسل «وعاد الربيع»، الذي أخرجه تلفزيونيًّا حسن حافظ، والعديد من الأعمال الدرامية المميّزة، إلا أنّ عمله لم يقتصر على الدراما فقط، فقد ساهم في إخراج الكثير من البرامج الإذاعية، قد يكون أشهرها برنامج «بلدي عُمان» الذي كان يُبثُّ يوم الجمعة، إذ قام الطائي وفريق إذاعي متكامل بزيارة عُمان كلِّها من أقصاها إلى أقصاها، وغطى الكثير من المناطق، إذ كان هناك فريقٌ متكاملٌ يشارك في التغطية، منهم من الكوادر المصرية التي عملت في عمان، صبري يس، وزكريا شليل، وجودت بسيوني، إضافةً إلى العمانيين مثل: محمد المرجبي، وأحمد بن خميس الحوسني، وعيد بن حارب المشيفري، وسالم بن سيف العادي، وهو أول معلق رياضي عُماني؛ ومن الفنيين سليمان بن سالم الغافري ومسلم بن سعيد الشكيري وسالم بن حمود الإسماعيلي وغيرهم، وقد نال البرنامج شهرةً كبيرةً؛ لأنّه خرج بالميكروفون من مقر الإذاعة بالقرم إلى الجبال والأودية والصحاري، وكان منوَّعًا، إذ شملت لقاءاته المسؤولين الرسميين من ولاة وغيرهم إلى كافة القطاعات الرسمية، وكذلك الأنشطة الرياضية والثقافية والشعبية، لذا كان الفريق يضم مذيعين رسميين ورياضيين وشعبيين.

كان مكتبي في الإذاعة في فترة الثمانينيات قريبًا من أستوديوهات الإذاعة في الدور الأرضي، لذا كنتُ شاهدًا على تلك الزحمة التي سبّبتها الدراما الإذاعية، فقد كانت الأستوديوهات والمكاتب وممرات الإذاعة خلية نحل من كثرة الممثلين والممثلات، وكنا نشاهد يوميًّا وجوهًا مألوفةً ووجوهًا جديدةً؛ فاحتلت الدراما نسبة مئوية مرتفعة في البرنامج اليومي، إذ كان هناك أكثر من مسلسل وأكثر من تمثيلية في اليوم، كما أننا طوّعْنَا التمثيليات في برنامج «البث المباشر»، حيث كنا نبث تمثيلية بسيطة بعد أن نطرح موضوع النقاش كتمهيد لما سيتم طرحه في البرنامج.

لا يمكن لمن يوَثِّق لتاريخ الدراما في إذاعة سلطنة عُمان أن يتجاهل تلك القامات الكبيرة التي كان لها الفضل في ظهور الدراما العمانية، فقد شهدت الإذاعة إنتاجًا دراميًّا غزيرًا، تاريخيًّا، اجتماعيًّا، كوميديَّا، تمثيليات أسبوعية ورباعيات، كلها في دورة برامجية واحدة تقريبًا. وقد أنجبت تلك الفترة الكثير من الكُتّاب والمخرجين والممثلين الذين أثبتوا حضورهم على الساحة وحصدوا جوائز على مستوى الوطن العربي، منهم الراحل خليفة بن صالح الطائي، وطالب بن محمد البلوشي (نجم حياة الماعز)، وفخرية خميس، وشمعة محمد، فضلًا عن كتّاب مميّزين، مثل صالح شويرد، أحمد بن درويش الحمداني، وأحمد الأزكي، ويعقوب الحارثي، ورحمة بنت علي صالح، وغيرهم ممّن تحضرني أسماؤهم وممّن تغيب عني، ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وتلك سنة الحياة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدراما فی فی الإذاعة الکثیر من فی مجال أحمد بن بن سالم بن محمد

إقرأ أيضاً:

فهمي عمر يُقيم حفل استقبال لأسقف نجع حمادي بالساحة الهمامية

استقبل فهمي عمر شيخ الإذاعيين، اليوم الجمعة، فى مجلسه بالساحة الهمامية بقرية الرئيسية، شمال قنا، الأنبا بضابا أسقف إيبارشية نجع حمادي للأقباط الأرثوذكس ووفد من قساوسة الإيبارشية. 

رحب رئيس الإذاعة المصرية الأسبق بأسقف نجع حمادي الذي يزور الساحة الهمامية للمرة الأولي منذ سيامته أسقفًا خلفًا للراحل الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي السابق، وأبرز شيخ الإذاعيين متانة العلاقات والراوبط التي تجمع المسلمين والأقباط في قنا وعموم مصر. 

وقال «عمر»: نحن سعداء بزيارة أسقف نجع حمادي للمرة الأولي للساحة الهمامية ونعتبره يوم عيد للقرية لأن زيارة الأب الفاضل والحبر الجليل لهذا المكان دليل على معاني كثيرة ومنها الحب والإخلاص والمحبة التي تربط بين المصريين جميعًا. 

وتابع شيخ الإذاعيين: لا أحب أن أسمي المصريين مصرين مسلمين ومصريين مسيحيين، لكن أنا موقر فى ذهني أن المصريين جميعًا شخصًا واحد مهما اختلفت الديانات، فنحن نعشق هذا الوطن وترابه. 

 

ذكريات الأسقف مع الإذاعة:

وأبرز الأنبا بضابا أسقف نجع حمادي، إنه سعيد بزيارته الأولي لشيخ الإذاعيين فهمي عمر والساحة الهمامية، وقال: منذ سبعينيات القرن الماضي تشكل وجداننا على الإذاعة المصرية قبل ظهور أجهزة التلفاز.

 وتابع: أتذكر أننا كنا نداوم على سماع التعليق الصوتي المُميز للأستاذ فهمي عمر؛ على مباريات كرة القدم يوم الجمعة، وكنا نستمتع بتعليقه على المباريات وكأننا نشاهدها حية من دقة الوصف ونقل أحداث المباراة من خلال صوته المميز وثقافته العالية. 

وداعب أسقف نجع حمادي شيخ الإذاعيين قائلًا: إن خلافي مع الأستاذ فهمي عمر فى كونه مُحب أصيل لنادي الزمالك بينما أنا من مشجعي النادي الأهلي. 

وفي نهاية الزيارة أهدي أسقف نجع حمادي، المصحف الشريف لشيخ الإذاعيين فهمي عمر، وتم إلتقاط الصور التذكارية من جانب حضور حفل الأستقبال. 

وحضر حفل الاستقبال، الذي أُقيم فى الساحة الهمامية، اللواء قاسم حسين محافظ المنيا الأسبق، واللواء طارق رسلان عضو مجلس الشيوخ ، ونُخبة من ألمع أبناء الأسرة الهمامية. 

وسيّم الأنبا بضابا أسقفًا على إيبارشية نجع حمادي للأقباط الأرثوذكس فى النصف الأول من شهر مارس الماضي، خلفًا للأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي السابق الذي تُوفي  فى النصف الثاني من ديسمبر 2022. 

واعتاد فهمي عمر رئيس الإذاعة المصرية الأسبق على قضاء الشتاء في مسقط رأسه، ويعقد مجلسه في الساحة الهمامية يوم الجمعة من كل أسبوع ؛ ويُحدث وجود شيخ الإذاعيين فى «الرئيسية» حراك ثقافي واجتماعي وسياسي فى شمال إقليم قنا الراكد فى باقي فصول السنة. 

 

مقالات مشابهة

  • المخرج خالد جلال يحصد جائزتي آمال العمدة ومفيد فوزي لعام 2024 |صور
  • مستشار رئيس الوزراء: البرنامج الحكومي يسعى لرفع الإيرادات غير النفطية إلى 20%
  • مشروع "مسرح المواجهة والتجوال" يواصل نشر الثقافة والوعي في المنيا
  • رحيل مفاجئ للفنان المصري محمد باكوس.. صاحب فيديو الترشح للرئاسة (شاهد)
  • في ذكرى رحيل الشيخ علي محمود.. عبقري التلاوة وسيد الإنشاد ومكتشف الشيخ محمد رفعت
  • فهمي عمر يُقيم حفل استقبال لأسقف نجع حمادي بالساحة الهمامية
  • إشادات كبيرة بعرض وين صرنا لدورة في قرطاج
  • السيسي: سوريا تشهد انتهاكا صارخا لسيادتها على خليفة استيلاء إسرائيل على مزيد من أراضيها
  • الطائي يكشف أسباب مشاجرة كركوك: سلوك حماية المحافظ يجب أن يكون منضبطا
  • المخرج الفلسطيني محمد بكري يتحدث عن أحدث أفلامه «جَنين جِنين»