ما بين بينونية العقل واستحقاقات الثقافة
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
نلحظ جل البرامج التي تذهب إلى شيء من التحرر أو الانعتاق، توجه إلى الفئات العمرية الصغيرة، لسهولة التأثير على قناعاتها، التي لم تحتوها الهويات بعد، بخلاف الكبار، الذين تأصلت فيهم الهوية والتجذر، حيث يبقى من الصعوبة بمكان إحداث خلل في تركيبتها البنيوية
لا تزال العلاقة بين الإنسان ومحيطه علاقة جدلية، ويعود هذا الجدل إلى مقررات منطقية، توجدها مجموعة من التساؤلات منها: أيهما المؤثر في الآخر، الإنسان هو الذي يؤثر في محيطه -مع اتساع رقعة مفهوم المحيط- فيوجد فيه واقعًا مختلفًا وغير مألوف؟ أم أن العكس هو ما يحدث، حيث يؤثر المحيط على الإنسان فيوجد فيه قناعات جديدة، تنقله من حالته التي كانت، إلى حالة جديدة تمثل صدمة يحس بأثرها الآخرون؟ ولنضرب لذلك مثالا: إنسان يعيش في بيئة خاملة، بينما هو يشتعل نشاطًا، وإبداعا، وحماسة، ويسعى بكل ما عنده من طاقة ليغير واقعه الذي يعيشه، فهل سيكتب له نجاح ما يسعى إليه، أم سيعود مع نهايات اليوم، وقبل مغيب الشمس مكسور الخاطر، لا يلوي على أحد؟ وبالمقابل: هناك إنسان خامل كسول، ولكن محيطه شعلة من النشاط، لا تكاد تغرب عنه الشمس، فإن غابت الشمس الحقيقية، استبدلها ما يعوضه ذلك، فهل واقع كهذا يمكن أن يخرج هذا الكسول عن صمته، فيعلو صوت ضميره، ونفسه، ويملك الشجاعة بالمجاهرة بما عنده من معززات القوة والنشاط، كحال أي إنسان يعيش في هذا الكون؟ فإن كان الأمر كذلك، يمكن التسليم للحالتين، وهو قدرة البيئة على التأثير على الأفراد والمجموعات لتخمد جذوة نشاط عند فرد ما، أو تعلي معطيات السبات عند فرد آخر، وحينها لا يلام الشخص على تقصيره؛ لأن البيئات المحيطة هي التي ترسم مسارات الحياة في كل بقعة جغرافية تضم مجموعة من الناس، يتفاعلون فيما بينهم، أو يواسون أنفسهم امتثالا لواقعهم، وبالتالي فالصورة العامة للحراك البشري القائم خاضع لحتمية البيئة الإنسانية، فهي التي تقرر وفق ما قاله الشاعر نزار قباني: «أنا أقرر من سيدخل جنتي، وأنا أقرر من سيدخل ناري».
من هنا إذن يأتي تقسيم العالم إلى دول متقدمة، ودول متأخرة، وشعوب متقدمة، وشعوب متأخرة، وللتقليل من قسوة مفردة «متأخرة» قالوا: «نامية» مع أن النمو له مراحل، وهذه المراحل لا تتوقف عند مستوى معين، وإنما يواصل نموه مزدهرا حتى تتحقق الغايات الكبيرة، وعندما نصف واقعًا كهذا بـ«الحتمية» فإن زوال هذه الحتمية -وفق هذا الواقع- لن يكون سهلًا، ويبقى المنفذ الوحيد لذلك هو خروج هذا الفرد من حتمية البيئة التي يعيش فيها إلى حتمية بيئة أخرى أكثر نشاطا، إن كان هو نشيط في الأصل ويعيش في بيئة خاملة، وهناك الكثير مما نسمع، ونقرأ عن أناس فارقوا أوطانهم هروبا من حتمية غير محفزة، إلى بيئة أكثر نشاطا وحراكا ونموا.
وهذه الصورة أعلاه تجبرنا إلى استحضار أثر الثقافة، والثقافة هنا -وفق مفهومها الشامل- وليست القراءة وكتابة النص الأدبي، بل تذهب المسألة إلى الأبعد من ذلك، وهي القدرة المعرفية على خلخلة البنى الذاتية التراكمية للأجيال، فهناك تراكم غير عادي (مادي/ معنوي) كما هو حالة كرة الثلج للأجيال المتقدمة، تفرغ هذا التراكم مع كل نهاياتها في الأجيال المتأخرة، فيما يعرف بعملية التقليد، والتأثير، ومن هنا يأتي ترديد عبارة: «لن يصلح حال الحاضر، إلا بما صلح به حال الماضي» وبالتالي، فوفقا لهذا المنطق فحياة الشعوب مرتهنة بماضيها أكثر من حاضرها، وهذا يناقض الواقع، ويتصادم معه صداما مباشرا، فالمنجز المعرفي الذي عليه الحياة اليوم، وما سيكون عليه في الغد، لا يمكن أن يربط بهذا الفهم، مع التأكيد بحق التأسيس للمعرفة، وحق البناء على هذا التأسيس عبر مراحل الزمن، ولا انفصام بين تأثير البيئة المحيطة على البناءات الفكرية وتعزيز دورها، وبين معادات أي تقدم يحدث في بيئة مختلفة، والدليل على ذلك أن جل العاملين في البيئات الفكرية النشطة هم، أو جذورهم تعود إلى البيئات الفكرية الخاملة كبيئات الدول النامية، وهنا لا نزال نمتحن الثقافة في قدرتها على انتزاع الحالة الخاملة، وزجها في متون الاشتعال، أو العكس، ولذلك فهناك هروب (فردي/ جماعي) لكلا الحالتين، وهذا الهروب الذي يوقعنا في صدمة الحيرة، هو ما يذهب إليه تفسير قدرة الثقافة على خلخلة التركيبة البنيوية للإنسان، وقد تعاد المسألة أكثر إلى أثر التراكم العمري للفرد، فبينما في مرحلة العمر النشطة يبقى من السهل هذا الانتزاع، بينما في العمر التراكمي غير النشط، لن يكون الأمر سهلًا، ولذلك نلحظ جل البرامج التي تذهب إلى شيء من التحرر أو الانعتاق، توجه إلى الفئات العمرية الصغيرة، لسهولة التأثير على قناعاتها، التي لم تحتوها الهويات بعد، بخلاف الكبار، الذين تأصلت فيهم الهوية والتجذر، حيث يبقى من الصعوبة بمكان إحداث خلل في تركيبتها البنيوية، ومع ذلك فالثقافة المعنية هنا -يقينا- لا تصطدم بالمعرفة في جزئها التقني، والعمر المتراكم الذي يؤصل الهويات أكثر، هو الآخر لا يتصادم مع المعرفة كمعرفة، ولكنه قد يواجه صعوبة في استيعابها بالجملة، وتبقى الأجيال في أعمارها الصغيرة هو المحرك في التفاعل، وهي النشطة في الإبداع والابتكار، ومع ذلك كله، لا يمكن إقصاؤها عن هوياتها الأصل، وإن كانت هناك استثناءات فستظل عند مستوى استثناءاتها فقط.
يحضر ميزان العقل في الأعمار المتأخرة، وبعد أن قطعت التجربة العمرية سنا متحققا من المواقف، والقناعات، والتجارب صغيرها وكبيرها، وتأخير ميزان العقل إلى هذا العمر المتقدم في حياة كل فرد، ليكون له استحقاق مصيري مطلق، فما بعد العقل لا يكون إلا الجنون، أليس كذلك؟ فالعقل بخلاف غيره من معززات النفس، له القدرة على أن يقيم حراكا تفاعليا يسقط فيه الثقافة بكل سهولة، وقد سمعنا الكثير من المواقف عن أشخاص كانت لهم ردة فعل عنيفة لواقعهم الذي عايشوه، وتربوا فيه، وانغمسوا في كل جزئياته، ولكن في لحظة ما من منجزات العمر، ضربوا بكل ذلك عرض الحائط، وانتصروا لرؤيتهم الخاصة، وبذلك اتهموا بالجنون، وبنكران الجميل، وهناك من أسقط في بئر الخيانة، وطبعا هذه التهم كلها تأتي في سياق التنظير، وعدم التيقن من الفرد نفسه، ومعرفة أسباب هذا الجنوح الكبير الذي قام به، ويقينا المسألة الإنسانية عند هذا الفرد أو ذاك ليست وليدة الساعة، وإنما هي عملية تراكمية، وهي نتيجة صراع قاسٍ يعيشها الفرد بين تجاذبات النفس، واستحكامات العقل الذي يتجاوز كل مغريات الواقع، فيتخذ قراره المصيري، ولا يهمه في ذلك مجموعة القناعات التي عليها من حوله، معتبرا ذلك محصلة طبيعية وصل إليها هؤلاء وهؤلاء، كما يعتبر ما هو عليه الآن هو أيضا محصلة طبيعية، وبذلك يمكن نفي السؤال التالي: هل العقل صناعة محلية، وماذا عن تأثيرات الثقافة على توجهات العقل؟ لا أبدا، فالعقل لن يكون صناعة محلية، وإلا تشابهت الشعوب التي تعيش في بيئة معينة في كثير من جوانب حياتها، وفي قناعاتها، وفي مواقفها، والواقع يؤكد هذا النفي، ومن يدقق أكثر في هذا الأمر يصل إلى قناعة من أنه ليس في صالح الأوطان أن تتشابه العقول والقناعات والمواقف، وبالتالي فحالات التباين التي تحدث بين أفراد المجتع حول موضوع ما، هي ظاهرة صحية، ولا تشكل أية خطورة على الأمن العام، بل هي توجد مخارج، ومجموعة حلول لكثير من القضايا التي يعتقد أنها قد وصلت إلى طريق مسدود، وحتى لا نظلم الثقافة - سواء في اتفاقها مع توجهات العقل، أو تضادها معه - يمكن القول أن الثقافة تستطيع أن تشكل قناعات أكيدة في نفوس جمهورها، وتتوافق مع معطيات العقل، ونقصد به هنا العقل الراشد، ومبادرات التحرر التي يسعى العقل إلى الالتفاف معها لن تربك الثقافة في شيء، بل لدى الثقافة القدرة على الالتحام مع العقل والخروج بهيئة الفرد مكتمل النمو من القناعات والمواقف والرؤى، بما يؤول ذلك إلى خدمة الأوطان والاعتزاز بأدوارها الوطنية السامية، حيث تتكامل هنا البناءات الفكرية، فيتعزز دور الإنسان، على أن لا يتشابك مع هذا المسار شيء مما يسمى بـ «سوسة» التي تنخر مثل هذه البناءات الفكرية الراقية، وهذا غالبا ما يأتي بها المحتل في صور غير مباشرة، عبر برامج يقال عنها «تنموية» منسوبة إلى بيئات لا علاقة لها بالبيئات المنقولة إليها، حيث تبدأ حالات التباين بين الفكرة والتطبيق.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی بیئة
إقرأ أيضاً:
جعجع: الإصلاحات لا يمكن أن تنجح قبل استعادة الدولة سلطتها
أكّد رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع، أن هناك حديثاً في الآونة الأخيرة "عن إصلاحات في المجالات كافة: إصلاحات في المجال القضائي، إصلاحات في المجال الاقتصادي، إصلاحات في قطاع المصارف، إصلاحات في ما يتعلّق بمحاربة الفساد، وغير ذلك، لكن هذه الإصلاحات كلها لا يمكن أن تنجح، ولا يمكن أن تُعطي أي نتيجة قبل حصول الإصلاح الأوّل، ألا وهو استعادة الدولة سلطتها وسيادتها، باعتبار أنه ما لم تكن هناك دولة فعليّة، فلا إصلاح يمكن أن يُعطي أيّ نتيجة".
كلام جعجع، جاء في كلمة له عقب قداس شهداء زحلة، الذي أحيته منسقيّة "القوّات اللبنانيّة" في زحلة في مقام سيدة زحلة والبقاع تحت عنوان "زحلة بعيونكُن"، وترأسه راعي أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك سيادة المطران ابراهيم ابراهيم. وشارك في القداس الذي خدمته "كشافة الحرية، فوج زحلة"، راعي أبرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض، راعي أبرشية زحلة والبقاع للسريان الأرثوذكس المطران مار يويستينوس بولس سفر ممثلًا بالأب جورج بحي، راعي أبرشية زحلة بعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت أنطونيوس الصوري ممثلًا بالأب أفرام حبتوت، لفيف من الكهنة، النائبان جورج عقيص والياس اسطفان، الوزير السابق سليم وردة، النائب السابق طوني أبو خاطر، رئيسة "الكتلة الشعبية" ميريام سكاف، الأمين العام لحزب "الاتحاد السرياني" ميشال ملو، رئيس التجمع الزحلي العام جوزيف مسعد، رئيس غرفة الصناعة والتجارة في زحلة نبيل التيني، رئيس جمعية تجار زحلة زياد سعادة، عضو الهيئة التنفيذيّة في حزب "القوّات اللبنانيّة" ميشال التنوري، الأمين العام لحزب "القوّات اللبنانيّة" اميل مكرزل، منسق منطقة زحلة في حزب "القوات اللبنانية" آلان منيّر، المنسقون السابقون ميشال فتوش، طوني القاصوف وشارل سعد، رئيس جهاز "الشهداء والأسرى والمصابين" في حزب "القوّات اللبنانيّة" شربل ابي عقل، المرشح لرئاسة بلدية زحلة المعلّقة في انتخابات 2025 سليم غزالة، عدد من أعضاء المجلس المركزي في حزب "القوات"، رؤساء أجهزة ومراكز "القوّات"، حشد من ممثلي الأحزاب والفاعليات النقابية، البلدية، الاختيارية، السياسيّة، الإعلامية، الإقتصادية والإجتماعية.
وقال جعجع متوجهاً إلى أهالي زحلة: "أعتقد أنّكم من ناحيتكم، ومن موقعكم، رأيتم كيف أنّه بعد عقودٍ من التأخير، انتشر الجيش اللبناني على حدود لبنان الشرقيّة مع سوريا. ولكن ينبغي ألّا يكتفي بالانتشار، بل أن يبسط سلطته بالكامل، ويطبّق القانون بالكامل على الجميع، إذ "لا فضل لِلبنانيٍّ على آخر إلا بقدر التزامه القانون"، مشدداً على أن "هذه المسيرة مسيرة طويلة حتمًا، ولكن على الأقلّ، بدأت الآن".
وأوضح جعجع أنه لم "يصحّ الصحيح" فحسب ورحل الأسد، بل رحل الأسد، ومن بعده بقليل أو قبله بقليل، رحل معظم ودائعه، والقسم المتبقّي من ودائعه يستعدّ للرحيل، وبدأت مسيرة بناء الدولة الفعليّة في لبنان، هذه الدولة الفعليّة التي نناضل منذ عقودٍ للوصول إليها. هذه الدولة التي لا حياة لنا من دونها. هذه الدولة التي نحلم بها منذ زمنٍ طويل. والآن بدأت مسيرة الوصول إلى هذه الدولة الفعلية، اللهمّ أن يبذل المسؤولون، وخصوصًا الكبار منهم، جهدهم لتسريع هذه المسيرة، كي نصل في أقرب وقت ممكن إلى الدولة الفعلية".
وأوضح جعجع أن "شعب لبنان نشيط ومنتج، ولم يكن يومًا شعبًا متسوّلًا أو خاملًا أو عاطلًا عن العمل، ولكن إلى جانب ذلك، لبنان بحاجة إلى أصدقاء خارجيين، كما هو حال دول العالم كلها، حيث لا توجد دولة في زمننا هذا قادرة بمفردها على فعل شيء". وقال: "رأيتم كيف أنّ الولايات المتحدة نفسها، بسبب مجموعة من الرسوم، وهي الدولة العظمى ذات الاقتصاد الأكبر في العالم، واجهت ردّات فعل من الجهات كلها، ووجدت نفسها في حالة من الحصار، وإنْ كان حصارًا معنويًا في الوقت الراهن". وتابع: "لا أحد منّا قادر على الاستمرار أو على إنجاز شيء في هذه الأيام من دون أصدقائه. ونحن لحسن الحظ لدينا أصدقاء، لدينا أصدقاء عرب، ولدينا أصدقاء في الغرب، لا ينقصنا الأصدقاء أبدًا، وهؤلاء الأصدقاء أكّدوا مرارًا وتكرارًا نيّتهم في مساعدة لبنان، لكنّ مساعداتهم كلها مشروطة بقيام الدولة الفعلية. فإذا لم تكن أنت جادًا، فلا تتوقّع من أحد أن يساعدك. إذا لم تساعد نفسك، فلا تتوقّع من أحد أن يساعدك. وبالتالي، فإنّ كلّ النهضة الجديدة التي ننتظرها، والتي ينتظرها الشعب، رهنٌ بإثبات الدولة وجودها، وأن تكون دولة فعلية، وبالتالي أن تبسط سلطتها وسلطانها على الأراضي اللبنانية كلها". وشدد على أن "هذا ليس مطلبًا أجنبيًا، أو مطلب احد معيّن في الخارج يريده، أو أنه ناجم عن ضغط الإسرائيليين كما يحاول البعض تصويره، بل هو مطلب لبناني بحت يخصّنا نحن، وكان ينبغي أن يتحقّق منذ ثلاثين عامًا، منذ إقرار "اتفاق الطائف". فقد كان من المفترض أن تُبسط سيادة الدولة بعد ستة أشهر من إقرار الطائف، وهذه الأشهر الستة انتهت ثلاثين مرة، وما زلنا ننتظر أن تبسط الدولة سيادتها، بقواها الذاتية، على أراضيها كلّها وعلى قراراتها كلّها". وقال: "أتمنّى على المسؤولين، وخصوصًا المسؤولين الكبار، أن يأخذوا هذا الأمر في الحسبان، وإلّا، وللأسف، سنبقى في الوضعية التي نحن فيها. فالمستقبل كلّه مفتوح أمامنا، والطرقات كلّها أصبحت مفتوحة أمامنا، والمهم أن نسلكها".
وتابع جعجع: "في نهاية المطاف، وبعد هذا المسار كلّه، أعود إلى شهدائنا. المسار برمّته أثبت، وخصوصًا في وجه المتردّدين والمشكّكين، أنّه مهما طال الزمن "لن يصحّ إلّا الصحيح". أثبت هذا المسار أنّه في لحظات الحسم، في الأوقات الحرجة، للحفاظ على كرامتك، على حريّتك، على أرضك، لا بدّ من المواجهة. وعندما يُضطرّ الإنسان إلى المواجهة، عليه أن يواجه. الانسحاب من المواجهة أو محاولة تجنّبها تعني الاستسلام الكامل، وهذا الاستسلام، لم يعرفه أهالي زحلة يومًا، بل كانوا دومًا، عند الخطر، "قوّات".
وكان جعجع استهلّ كلمته بالقول: "سيّدنا المطران ابراهيم ابراهيم، إنّي أعتبر حضوري بينكم نعمة وبركة وشرفًا، أن أستطيع كلّ عام أن أشارك في القدّاس الذي يُقام لراحة أنفس شهداء زحلة. وفي الوقت نفسه، أودّ أن أقول لك يا سيّدنا، وأقول لجميع الحضور، إنّني دائمًا أتعلّم من زحلة، أتعلّم من زحلة ومن "الزحالنة"، وخصوصًا أتعلّم منهم وعيهم التاريخي، أتعلّم منهم تمسّكهم بالإيمان، وأتعلّم منهم استعدادهم الدائم للدفاع عن حريّتهم، للدفاع عن كرامتهم، للدفاع عن أرضهم مهما كان الثمن. لقد دفعت زحلة و"الزحالنة" ثمنًا كبيرًا، لكن من خلال هذا الثمن الذي دفعوه، ظلّوا متمسّكين بتاريخهم، حافظوا عليه، وظلّوا في أرضهم، وحافظوا عليها، كما حافظوا على زحلة في التاريخ والجغرافيا، وحفظوا لها مكانة في وجدان كلّ لبناني، سواء كان في أرض لبنان أو في بلاد الانتشار".
وتابع جعجع: "في جبل لبنان، من يريد أن يصبح مقاومًا أو ينتمي إلى "القوّات"، يفكّر ويتّخذ القرار ثم يتعلّم كيف يكون "قوّاتيًا". أمّا في زحلة، فالأمر لا يحتاج إلى كلّ هذه المراحل، فالشخص يولد من رحم أمّه مقاومًا و"قوّاتيًا". كلّ إنسان من بيننا هو ابن تاريخه، ابن الجغرافيا التي يعيش فيها، وابن معاناته. ومن هذا المنطلق، في زحلة ليس على الشخص أن ينضمّ إلى "القوّات"، بل يولد فيها "قوّاتيًا".
واعتبر جعجع أن "احتفالنا هذا العام ليس كسائر الأعوام، بصراحة، احتفالنا هذا العام له طعم خاص، له معنى خاص، لأنّه بالدليل المباشر، وإنْ بعد حين، "لم يصحّ إلا الصحيح". فبعد خمس وأربعين سنة، رحل الأسد وبقيت زحلة". وقال: "زحلة، في نظر الأسد الأب أو الأسد الابن، كانت دائمًا "شوكة في أعينهم"، لم يتركوا وسيلة إلا وحاولوا بها إخضاع زحلة. حاصروها، مارسوا عليها الضغوط بمختلف الأساليب ومن الجهات كلّها، اعتقلوا أبناءها، جرّوا رجالها بل وحتّى نساءها إلى أقبية التحقيق والتعذيب، لكن كما قلتُ، إنّ ذلك كلّه لم يُجدِ نفعًا. ظلّت زحلة هي زحلة، وفي نهاية المطاف رحلوا هم، وبقيت زحلة"، مشدداً على أن "أرض المقاومة لا يمكن في يوم من الأيّام أن تتحوّل إلى أرض استسلام، وهكذا بقيت زحلة أرض مقاومة بلا أي استسلام".
واستطرد جعجع: "شهداؤنا هذا العام سيكونون مسرورين جدًا، لماذا؟ لأنّهم، من جهة، ليسوا متفاجئين باللحظة التي نعيشها الآن. شهداؤنا، منذ اللحظة التي استُشهدوا فيها، كانوا يعلمون لماذا استُشهدوا، وإلّا لما منحهم الله القوّة على الشهادة، كانوا يعلمون ما الذي سيحدث، ويعلمون الأسباب. اليوم، سيكونون من جهة ثانية مسرورين لأنّ جميع المشكّكين والمتردّدين، وجميع ذوي "الوجوه الصفر" الذين كانوا يلومونهم، كيف يواجهون وكيف يقاومون، أصبح واضحًا لديهم الآن لماذا استُشهد من استُشهد، وأصبح واضحًا للجميع أنّه، مهما طال الزمن، "لن يصحّ إلا الصحيح". ولكن، وإنْ أدرك الكثيرون اليوم هذه الحقيقة، فلن يكون لهم أيّ طوبى، لأنّه "طوبى للذين آمنوا ولم يروا". شهداؤنا و"قوّاتُنا" آمنوا منذ الأيام الأولى من دون أن يروا، وظلّوا مؤمنين، والآن بعدما رأوا، سيظلون مؤمنين إلى أبد الآبدين، آمين".
ولفت جعجع إلى أن "شهداءنا سيكونون سعداء اليوم أيضا لأنّهم يعلمون كم تألّم آباؤهم وأبناؤهم وأقاربهم وأحبّاؤهم لفراقهم. وبعد الأحداث كلّها التي وقعت، فقد ساهمت هذه الأحداث، في مكان ما، في مداواة جزءٍ ولو صغير من جراح الفَقد، ألم الفَقد، الذي أصاب هذه العائلات إثر استشهاد أبنائها. ولهذا السبب، سيكون شهداؤنا اليوم مسرورين".
وتوجّه جعجع إلى القواتيين في زحلة بالقول: "أودّ أن أقول لكم في هذه المناسبة: يعطيكم ألف عافية. إنّني أعتبر أنّ مرور خمس وأربعين سنة على غياب شهدائنا هو محطة أساسية لا بدّ من التوقّف عندها. أقول لكم: يعطيكم ألف عافية على كلّ شيء، يعطيكم ألف عافية على السنوات الخمس والأربعين التي مرّت. سيّدنا، في هذه السنوات الخمس والأربعين استُشهد شباب، ولكن هناك شبابًا وصبايا أكثر منهم، واصلوا، وواصلوا، وواصلوا، وظلّوا مؤمنين في وقتٍ عزّ فيه الإيمان، وقلّ فيه الإيمان. ظلّوا مؤمنين طوال الوقت، قبل أن يروا شيئًا، وقبل أن يتأكّدوا من أيّ شيء. ظلّوا يناضلون على الدوام، رغم الاضطهادات والظروف الصعبة كلّها التي مررنا بها، سواء في زحلة أو في لبنان عمومًا، سواء تمثّلت هذه الاضطهادات في اعتقالات أو في سجون، أو احيانا في اغتيالات، كما حصل معنا أخيراَ، منذ نحو سنة، مع استشهاد رفيقنا باسكال سليمان".
وختم: "أودّ أن أقول لكم إنّ ما تقومون به الآن وتواصلونه، هو عمل بالغ الأهمية. في الوقت الذي يرتاح فيه الجميع ربّما في بيوتهم، تكونون أنتم مجتمعين، تتناقشون، تتداولون الرأي، لتروا ما هو الأصلح لقراكم، لأحيائكم، لمدينتكم، ولوطنكم. لكنّ ما أودّ أن أشكركم عليه بشكل خاص، هو أنّكم آمنتم طوال الوقت من دون أن تروا. المجد والخلود لشهداء زحلة الأبرار، عاشت زحلة، عاشت القوّات اللبنانية، ليحيَ لبنان".
وخلال القداس تلا الرسالة النائب جورج عقيص، وبعدما تلا المطران معوّض الإنجيل المقدس، ألقى المطران إبراهيم العظة، وقال: "إخوتي أصحاب السيادة السامي احترامُهم، المطران جوزيف معوّض، والمتروبوليت أنطونيوس الصوري، والمطران بولس سفر، أصحاب السعادة النواب، منسقيّة منطقة زحلة في القوات اللبنانية، وجميع الفعاليات الحاضرة، إخوتي الكهنة والرهبان والراهبات، أيّها الأحبّة، إخوتي وأخواتي في المسيح، في حضرة السيّدة العذراء، سيّدة زحلة والبقاع، وفي مدينة الدم الطاهر، دم الشهداء الذي سقى ترابها، نقف اليوم لنفتخر، لننحني إجلالا، لنصمت احتراما. نقف اليوم حيث الحجارة تهمس بأسماء الشهداء، وحيث النسيم يحمل حَكاياهم، وحيث السماء نفسها تفتح أبوابها لأرواح من اختاروا الحياة عبر الموت، والقيامة عبر الصليب".
وتابع: "الشهادة ليست موتًا عابرًا، بل موقفٌ سماوي، هي فعل حبٍّ مطلق، وفعل حرّية مطلقة. هي فلسفة الجسد الذي يقول «لا» للموت، وبأن يصير الموت طريقًا إلى الخلود. الشهادة في الفكر المسيحي ليست انتحارًا من أجل قضيّة، بل اتّحادًا بالصليب، حيث يصبح الدم كلامًا، والصمت صراخًا، والتراب إنجيلاً يُكتَب بالدم. في قلب الشهيد يسكن المسيح، وفي نظراته قبسٌ من نور القيامة، وفي جراحه تتفتّح معاني الفداء".
واستطرد: "شهداء زحلة لم يكونوا عشّاق موت، بل عشّاق وطن. لم يطلبوا المجد، بل استجابوا للنداء، حين صمت الجميع. اختاروا أن يبقوا على خطوط النار، ليبقى لبنان على خارطة الزمن. أولئك الذين ماتوا، لم يموتوا... فمن يسقط دفاعًا عن زحلة، ينهض مع كل فجرٍ فيها. من يُقتل على أبوابها، يسكن في أجراس كنائسها، وفي قمح واديها، وفي ضوء سهرات أهلها".
ولفت إلى أن "شهداء زحلة ليسوا ذكرى تُحيى، بل هويّة تُحمل، ومسؤوليّة تُحفظ، ووصيّة تُترجم إلى مواقف. زحلة ليست مدينة وحسب، زحلة نشيدٌ يُرتّل في وجه الخوف، هي قصيدة تُكتَب بالنار أحيانًا، وبالكرامة دائمًا. هي قلب لبنان النابض، لا لأنّ جغرافيّتها في الوسط، بل لأنّ تاريخها صليب، وناسها شهود، وإيمانها لا يُقهر".
وقال: "زحلة كانت ولا تزال، خطّ الدفاع عن البقاع، عن الحرّيّة، عن المسيحيّة المشرقيّة، عن لبنان الذي يشبه البشارة أكثر ممّا يشبه المزرعة. ومن هنا، من هذا المقام المقدس، حيث العذراء تنظر إلينا بعينين من حنانٍ وسيف، نفهم كيف يصبح الإيمان مقاومة، وكيف تصبح الأمّ مدرسة أبطال. من هذا التلّ، لا يُرفع تمثال فحسب، بل يُرفع شعبٌ بأكمله. من هنا، يبدأ الرجاء، حين يظنّ الآخرون أنّ الظلام قد انتصر".
وتابع: "زحلة يا عروس الدم والنور، يا من ارتفعَ المجد من ترابكِ، لا من قصور. فيكِ كلّ شهيدٍ صار نبيًّا، فشهداؤكِ لم يُقتلوا، بل أُقيموا، لم يندحروا، بل انتصروا. كتبوا بالدم ما لم تكتبه آلاف الخُطب".
وأشار إلى أننا "نرفع صلاتنا اليوم، لأمّ الشهداء، سيّدة زحلة، أن تحفظ هذه المدينة من كلّ شر، أن تعانق أمهات الشهداء بيدها الحنون، وأن تزرع في قلوب أولادنا الشجاعة نفسها التي حملها آباؤهم. في هذا النهار، نكتب بدمع العزّة على ضريح كلّ شهيد: "لم تَمُتْ… بل قمتَ!" ونهمس في أذن زحلة: "أنتِ لستِ وحدكِ… فشهداؤك معكِ، يسيرون في طرقاتك، يصلّون في كنائسِك، ويغنّون لكِ مرنمين من عليائهم".
وختم: "فلنحمل مشعلهم، ولنصنْ تضحيتهم، ولنعلِن للعالم: زحلة لم تُهزَم… ولن تُهزَم. لأنّ فيها من كتبوا بالدمّ نشيد الحياة. آمين". مواضيع ذات صلة جعجع بعد قداس لشهداء زحلة: مسيرة الدولة الفعلية بدأت والاصلاح الأول استعادة الدولة سلطتها وسيادتها وكل المساعدات مرتبطة بقيام الدولة Lebanon 24 جعجع بعد قداس لشهداء زحلة: مسيرة الدولة الفعلية بدأت والاصلاح الأول استعادة الدولة سلطتها وسيادتها وكل المساعدات مرتبطة بقيام الدولة 07/04/2025 09:27:41 07/04/2025 09:27:41 Lebanon 24 Lebanon 24 سلام في افطار السرايا: لا مشروع يعلو على استعادة الدولة لقرار الحرب والسلم وعلى الاصلاح Lebanon 24 سلام في افطار السرايا: لا مشروع يعلو على استعادة الدولة لقرار الحرب والسلم وعلى الاصلاح 07/04/2025 09:27:41 07/04/2025 09:27:41 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الخارجية الإسباني: نحتاج إلى سلام عادل للجميع وحرب العدوان لا يمكن أن تنجح Lebanon 24 وزير الخارجية الإسباني: نحتاج إلى سلام عادل للجميع وحرب العدوان لا يمكن أن تنجح 07/04/2025 09:27:41 07/04/2025 09:27:41 Lebanon 24 Lebanon 24 سلام: لا مشروع لدينا يعلو على استعادة الدولة لقرار الحرب والسلم وعلى الاصلاح الذي يسمح بقيام الدولة وهو الممر الإلزامي لاستعادة ثقة المواطن بالدولة وللتعافي المالي والنهوض الاقتصادي Lebanon 24 سلام: لا مشروع لدينا يعلو على استعادة الدولة لقرار الحرب والسلم وعلى الاصلاح الذي يسمح بقيام الدولة وهو الممر الإلزامي لاستعادة ثقة المواطن بالدولة وللتعافي المالي والنهوض الاقتصادي 07/04/2025 09:27:41 07/04/2025 09:27:41 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً وزيرة "تثير تساؤلات" Lebanon 24 وزيرة "تثير تساؤلات" 02:15 | 2025-04-07 07/04/2025 02:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا هو الفرق بين خطاب القسم والواقع Lebanon 24 هذا هو الفرق بين خطاب القسم والواقع 02:00 | 2025-04-07 07/04/2025 02:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تحالف ثابت مع "ضم مَنْ يرغب" Lebanon 24 تحالف ثابت مع "ضم مَنْ يرغب" 01:45 | 2025-04-07 07/04/2025 01:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تحالف بين "حزب الله" و"التيار" Lebanon 24 تحالف بين "حزب الله" و"التيار" 01:30 | 2025-04-07 07/04/2025 01:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 رسالة من مخيبر الى رئيسي الجمهورية والحكومة تتعلق بذكرى ١٣ نيسان ١٩٧٥ الخمسينية Lebanon 24 رسالة من مخيبر الى رئيسي الجمهورية والحكومة تتعلق بذكرى ١٣ نيسان ١٩٧٥ الخمسينية 01:22 | 2025-04-07 07/04/2025 01:22:59 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة اشكال وتضارب في مطار بيروت.. اليكم ما جرى (فيديو) Lebanon 24 اشكال وتضارب في مطار بيروت.. اليكم ما جرى (فيديو) 13:11 | 2025-04-06 06/04/2025 01:11:43 Lebanon 24 Lebanon 24 قصة جديدة مروّعة عن "حادثة البيجر".. وكالة بريطانية تنشرها Lebanon 24 قصة جديدة مروّعة عن "حادثة البيجر".. وكالة بريطانية تنشرها 15:00 | 2025-04-06 06/04/2025 03:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تعرّض زوجها لوعكة صحية مفاجئة.. فنانة معروفة تُثير قلق جمهورها (صورة) Lebanon 24 تعرّض زوجها لوعكة صحية مفاجئة.. فنانة معروفة تُثير قلق جمهورها (صورة) 07:21 | 2025-04-06 06/04/2025 07:21:44 Lebanon 24 Lebanon 24 الماركات العالمية ترفض مغادرة بيروت.. أموال ومشاريع ستشعل الأسواق قريباً Lebanon 24 الماركات العالمية ترفض مغادرة بيروت.. أموال ومشاريع ستشعل الأسواق قريباً 10:27 | 2025-04-06 06/04/2025 10:27:01 Lebanon 24 Lebanon 24 فنانة سورية تفجع بوفاة ابنها الشاب Lebanon 24 فنانة سورية تفجع بوفاة ابنها الشاب 12:29 | 2025-04-06 06/04/2025 12:29:23 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 02:15 | 2025-04-07 وزيرة "تثير تساؤلات" 02:00 | 2025-04-07 هذا هو الفرق بين خطاب القسم والواقع 01:45 | 2025-04-07 تحالف ثابت مع "ضم مَنْ يرغب" 01:30 | 2025-04-07 تحالف بين "حزب الله" و"التيار" 01:22 | 2025-04-07 رسالة من مخيبر الى رئيسي الجمهورية والحكومة تتعلق بذكرى ١٣ نيسان ١٩٧٥ الخمسينية 01:15 | 2025-04-07 تحالف عريض في دائرة بيروت الاولى فيديو "لست ملاكا ولن أسكت بعد اليوم".. ماغي بو غصن بأجرأ حواراتها: أنا النجمة الأولى في لبنان وهذا عمري (فيديو) Lebanon 24 "لست ملاكا ولن أسكت بعد اليوم".. ماغي بو غصن بأجرأ حواراتها: أنا النجمة الأولى في لبنان وهذا عمري (فيديو) 02:07 | 2025-04-05 07/04/2025 09:27:41 Lebanon 24 Lebanon 24 حمل نعشها طوال الوقت ولم يتركه.. لحظة انهيار الفنان المصري الشهير أثناء جنازة زوجته وهذا أول تعليق له (فيديو) Lebanon 24 حمل نعشها طوال الوقت ولم يتركه.. لحظة انهيار الفنان المصري الشهير أثناء جنازة زوجته وهذا أول تعليق له (فيديو) 23:15 | 2025-04-04 07/04/2025 09:27:41 Lebanon 24 Lebanon 24 صراخ وتدافع.. أسد يُهاجم مدربه خلال عرض سيرك في مصر وما حصل مرعب (فيديو) Lebanon 24 صراخ وتدافع.. أسد يُهاجم مدربه خلال عرض سيرك في مصر وما حصل مرعب (فيديو) 23:31 | 2025-04-01 07/04/2025 09:27:41 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24