لجريدة عمان:
2025-05-02@09:05:36 GMT

حرب المعلومات واختراق الخصوصية

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

لن ينجو أحدنا من مأزق انتهاك الخصوصية مهما كبر معرفيًا وتقنيًا ليتحول من مجرد مستهلك للمعلومة إلى شريك بها، أو مؤسسًا لمخازنها أو وسيطًا لنقلها لكن اليقين حتمًا أن الخيار الثاني يمنحك قوة المعرفة وامتلاك المعلومة وفرض الرأي.

المعرفة قوة لا شك، كما أن المعلومة أداة جبّارة لتحريك القوة وتوجيهها أيًا كان مسارها، وهي في عصرنا الذي نعيشه أكثر أهمية وأشد إلحاحًا، حتى أن بعض الحروب المقنّعة بين الأفراد والحكومات قد تنطلق من صراع الحصول على المعلومة، ولا مناص من الاعتراف بأن العالم بأكمله واقع تحت وطأة حرب المعلومات في عالم مفتوح على مصادر مختلفة ومخازن معلوماتية متنوعة مختلفة الأهداف، منها ما هو تجاري هدفه المنفعة المادية عبر اختراق نظام الأفراد والجماعات والمؤسسات لأغراض تسويقية يجدها مسوغًا لامتلاكه المعلومة وانتهاكه الخصوصية، ومنها ما هو اجتماعي قد يتخذ مبررات أخرى تحليلية إحصائية، ومنها ما هو أمني يتجاوز خصوصية الفرد لضمان خصوصية المؤسسات ثم يتجاوز خصوصية المؤسسة لضمان خصوصية الدولة، وقد يتجاوز خصوصية الدولة لضمان خصوصية المحرّك السياسي الأقوى وفقا للنظام العالمي ومواقع القوى والنفوذ.

ومع كل تلك التقاطعات وتلك المصالح بإسقاطاتها المختلفة لم يعد مستغربا أن تصبح المسارات التعليمية والوظيفية المعاصرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بمجال المعلومات، نشأتها وتخزينها وتحليلها وتوجيهها وأمنها، ولم يعد الثراء مستغربا على الأذكياء الذين أدركوا قيمة المعلومة فاستثمروا في مجالاتها بإنشاء شركات أو تطبيقات أو وسائط تقنية كلها تعمل على مبدأ امتلاك المعلومات ثم تطويعها بإتاحتها أو منعها حسب مكامن القوة والضعف، وكل مفاخر الواقع المعاصر من ذكاء اصطناعي وأمن معلوماتي وثورة صناعية تتكئ في تفاصيلها على المعرفة المعلوماتية وسبل توجيهها وتفعيلها.

صار من المألوف غير المستهجن قراءة أخبار مثل استيلاء مراهق -يستلقي بأريحية على أريكة منزلية- على ميزانية أكبر البنوك دون سلاح أو شريك أو حتى جهد، لكنه يمتلك القدرة على اختراق نظام المعلومات الخاص بالبنك وإعادة توجيه عملياته، تماما كألفة تجنيد مجموعات رقمية وتسليحها بالمعلومة(صحيحة كانت أو مغلوطة) بغية الوصول لأهداف مقصودة سواء كانت اقتصادية اجتماعية، أو عسكرية سياسية، أو حتى إيديولوجية مغرضة.

ونحن (البشر) لا نملك من أمرنا شيئا، والملكية هنا ليس المقصود منها ملكية الحق في الصمت أو التفاعل سلبيا أو إيجابيا مع أرتال المعلومات اليومية الهائلة، لكنه الحق في الاحتفاظ بالخصوصية وملكية المعلومة الشخصية على أقل تقدير، ومن أسفٍ أن أغلبنا مأخوذ بهذا العالم المعلوماتي الهائل وقدرته على الحركة المتسارعة التي تفضي للشهرة في وقت قياسي، وإمكانية تحقق الثراء مع الشهرة (مهما كان مضمونها) حتمية، دون العناية بجريمة انتهاك الخصوصية واستنزاف طاقة الإنسان الروحية في تحويله لآلة تسويق للسلع الاستهلاكية وجمع المال.

نتابع منصات التواصل الاجتماعي المحركة للكثير من القضايا الدولية سياسيا واجتماعيا وحتى فكريا، حين يتعلق الأمر بالإنسانية متمثلة في حقوق الإنسان وقدرة هذه التطبيقات على تعزيزها أو حتى انتهاكها، إضافة إلى قدرتها على تعطيل الفكر وتجميد ردود الفعل عبر لعبة الإلهاء المشهورة سياسيا بتخليق وتصنيع وترويج صراعات تافهة بغية إشغال المجاميع عن قضايا محورية اعتمادا على فكرة «العقل الأجوف سريع التأثر سهل التطويع» ومع صراعات القوى العظمى للتحكم بموارد العالم وبإنسانه صار أمر الاستعانة بملوك قطاع المعلومات وتقنياتها أمرا حتميا، ومع هذه الحتمية وصراعات مُلّاك تطبيقات التواصل الاجتماعي ومّلاك المعلومات وخصوصية الأفراد التي لم تعد موجودة نقرأ عن اعتقال ملياردير التكنولوجيا بافيل دوروف مبتكر تطبيق «تيليجرام» للمراسلة الشهير عالميًا، بتهم تتعلق باستخدام التطبيق في غسيل الأموال والاتجار بالمخدرات والإباحية، ويتساءل العالم هل الاعتقال لهذه التهم فعلا أم لمنعه تسليم بيانات التطبيق لبعض الحكومات؟ نتابع مارك زوكربيرج مالك شركة (ميتا) الذي يكشف عن تعرض شركته لضغوط متزايدة من إدارة الرئيس الحالي بايدن لفرض رقابة على المحتوى، ومن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي يهدده حتى قبل فوزه بمراقبته بعناية!، نقرأ أمر تعليق عمل منصة إكس (تويتر سابقا) من قبل قاضي المحكمة العليا البرازيلية، المنصة التي يملكها الملياردير إيلون ماسك بعد أن رفض تعيين ممثل قانوني في البلاد وعلّق على تعليقها قائلا: «النظام القمعي خائف».

ختاما: لم يعد خيار العزلة بمعناها الحقيقي متاحا وفقا للواقع ومعطياته، كما أن سقف المشترك العام ارتفع كثيرا، ومساحات الخصوصية تضاءلت، لن ينجو أحدنا من مأزق انتهاك الخصوصية مهما كبر معرفيا وتقنيا ليتحول من مجرد مستهلك للمعلومة إلى شريك بها، أو مؤسسا لمخازنها أو وسيطا لنقلها لكن اليقين حتما أن الخيار الثاني يمنحك قوة المعرفة وامتلاك المعلومة وفرض الرأي.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم العالي: بنك المعرفة المصري يطلق أكاديمية شباب الباحثين لدعم قدرات الباحثين

أطلق بنك المعرفة المصري أكاديمية شباب الباحثين، كخطوة استراتيجية لدعم الباحثين في بداية مسيرتهم الأكاديمية والبحثية، وإعدادهم للمساهمة بفاعلية في تطوير البحث العلمي والتعليم العالي محليًا ودوليًا.

ويُعد بنك المعرفة المصري أكبر مكتبة رقمية ومنصة بحثية وطنية، حيث يوفر موارد وأدوات أكاديمية عالمية للباحثين والمعلمين والطلاب. وتأتي الأكاديمية الجديدة لتعزز رسالته من خلال توفير فرص منظمة لبناء القدرات موجهة خصيصًا للباحثين الناشئين في الجامعات والمعاهد البحثية المصرية.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن الأكاديمية تمثل استثمارًا وطنيًا لإعداد جيل جديد من العلماء القادرين على الابتكار والمنافسة على المستويين الإقليمي والدولي، مشددًا على أهمية تزويد الباحثين الشباب بالمعرفة الحديثة والمهارات العملية اللازمة لتعزيز مكانة مصر العلمية والبحثية.

تم تطوير أكاديمية شباب الباحثين بالتعاون مع مؤسسة كلاريفيت، الشركة العالمية الرائدة في مجال معلومات وتحليلات البحوث، بما يضمن دمج أفضل الممارسات الدولية مع أولويات التنمية الوطنية المصرية. واستفاد تصميم البرنامج من خبرات كلاريفيت في قواعد بيانات الاستشهادات وتقييم البحوث والنشر الأكاديمي، مع التركيز على الكتابة العلمية، علم القياسات البيبليوغرافية، وتعزيز ظهور الباحثين.

من جانبها، أوضحت الدكتورة جينا الفقي، القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا والمشرف العام على بنك المعرفة المصري، أن الأكاديمية تهدف إلى تطوير الكفاءات الأكاديمية الأساسية للباحثين في بداية مسيرتهم، بما يسهم في تعزيز مساهمتهم في البحث العلمي والتعليم العالي على المستويين الوطني والدولي، مشيرة إلى أن البرنامج التدريبي يجمع بين المحتوى النظري والتدريب التطبيقي بشكل يواكب احتياجات منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر.

تستهدف الأكاديمية تدريب ما يصل إلى 1500 باحث من مختلف الجامعات والمعاهد المصرية عبر برنامج دراسي شامل متعدد الوحدات يغطي جوانب البحث العلمي كافة، بما يعزز من قدراتهم الأكاديمية ويؤهلهم لتحقيق تأثير ملموس في مؤسساتهم.

يغطي البرنامج التدريبي سبعة مجالات رئيسية تشمل كتابة المخطوطات البحثية، مع تقديم إرشادات حول الكتابة العلمية واختيار الدوريات وإدارة عملية النشر، إلى جانب كتابة طلبات التمويل وفقًا للمعايير الوطنية والدولية، وتحكيم البحوث بما يتضمن التدريب على أخلاقيات وتقنيات التقييم البحثي. كما يشمل تطوير مهارات التدريس الجامعي من خلال استراتيجيات قائمة على الأدلة، وتنمية مهارات التعاون مع الصناعة عبر بناء شراكات وإدارة حقوق الملكية الفكرية، بالإضافة إلى تعزيز مهارات التواصل البحثي مع مختلف الفئات، وبناء ملفات الباحثين الرقمية، إلى جانب وضع استراتيجيات فعالة للتعاون الأكاديمي والبحثي الدولي.

ويتضمن البرنامج ورش عمل متخصصة، وعمليات محاكاة تدريسية، وأنشطة عملية مثل تحكيم البحوث والعروض الأكاديمية وتخطيط المشاريع التعاونية، بما يضمن تطبيق المهارات المكتسبة على أرض الواقع.

تؤكد الأكاديمية أهمية التكامل مع الموارد الوطنية، وفي مقدمتها بنك المعرفة المصري، وتسعى إلى إكساب الباحثين الشباب رؤية مهنية واضحة ومعرفة أكاديمية متعمقة تمكنهم من الإسهام الفعلي في بناء النظام البيئي البحثي المصري، وتعزيز التأثير المؤسسي محليًا ودوليًا.

مقالات مشابهة

  • واتساب تحمي خصوصية محادثات الذكاء الاصطناعي بميزة جديدة
  • معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، يعزز مكانة اللغة العربية كمنصة رائدة لإنتاج المعرفة وتعزيز التبادل الثقافي
  • نهيان بن مبارك: برؤية محمد بن زايد نبني مجتمع المعرفة
  • جامعة السلطان قابوس تدشن 5 إصدارات جديدة
  • البلبيسي: بنك المعرفة المصري الدولي يؤسس لعصر جديد من البحث العلمي العربي
  • التعليم العالي: تنظيم جلسات حوارية حول "التوظيف والجاهزية للمستقبل" و"مسارات الابتكار
  • وزير التعليم العالي: بنك المعرفة المصري يطلق أكاديمية شباب الباحثين لدعم قدرات الباحثين
  • التعليم العالي: بنك المعرفة المصري يطلق أكاديمية شباب الباحثين لتعزيز اقتصاد المعرفة
  • من مفهوم التجديد الإسلامي إلى نقد تجاربه ومؤسساته.. قراءة في كتاب
  • إطلاق أكاديمية شباب الباحثين ببنك المعرفة المصري لدعم الباحثين وتعزيز اقتصاد المعرفة