لجريدة عمان:
2024-09-15@01:45:55 GMT

دروس الحرب لعالم على شفى الهاوية

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

دروس الحرب لعالم على شفى الهاوية

استعاد العالم أمس ذكرى اندلاع الحرب العالمية الثانية التي انطلقت رصاصتها الأولى في الأول من سبتمبر 1939 في لحظة يقول بعض الخبراء إنها تشهد إرهاصات أولية لما يمكن أن يكون حربا عالمية ثالثة بدأ دمارها على الأرض والبشر قبل أن تكون حربا عالمية. لقد أدت تلك الرصاصة التي أطلقها هتلر في بولندا وسَمع صداها العالم أجمع إلى دمار اجتاح كل مكان، وأزهق أرواح الملايين، وترك ندوبًا لا تمحى على الإنسانية وعلى مسارها الحضاري.

ورغم تلك الندوب والويلات والمآسي التي ما زال الكثير منها ماثلا في الذاكرة الإنسانية إلا أن العالم لم يستطع تجاوز الحرب، أو حتى التعلم من دروسها وعبرها في بناء السلام والوئام الإنساني. تذكرنا الحرب الروسية الأوكرانية بفصول تلك المرحلة التاريخية ومآسيها. أما الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية فإنها تعيد رسم صورة ما كان يحدث في جميع جبهات الحرب العالمية الثانية، رغم أن المأساة الفلسطينية ظلت طوال العقود السبعة الماضية تذكرنا بنتائج الحرب العالمية الثانية وتداعياتها والتي كان بينها قيام «كيان» إسرائيل. لكن الموت الذي تصنعه الحرب ينتشر في هذه اللحظة التي يستعيد العالم فيها ذكرى الحرب العالمية الثانية في أماكن كثيرة من العالم، فإضافة إلى غزة وعموم المدن الفلسطينية فإن آلة الموت تحصد أرواح الأبرياء في السودان واليمن ولبنان وأوكرانيا وتنذر بويلات كبرى في الشرق الأوسط إذا ما تصادم الغرب مع إيران، وفي بحر الصين الجنوبي وفي عمق أفريقيا التي تحاول أن تنهي آخر فصول السيطرة والهيمنة الغربية عليها ببناء الدولة الوطنية كاملة الاستقلال.

إنه الموت الذي يذكرنا بتلك الحرب المجنونة التي أوقد نارها البشر وغذوا اشتعالها طويلا، الموت قرين الحرب ونتيجتها الأولى إلى جوار الدمار: دمار الأرض ودمار الداخل الإنساني الذي يصعب ترميمه.

إن الصراعات التي نشاهدها اليوم، سواء في الشرق الأوسط أو أفريقيا أو أوروبا، تعكس صورة عالم يكافح مظالم ما زالت عالقة منذ الحرب العالمية الثانية أو هي نتيجة أو بعض نتيجة لتلك الحرب، إضافة إلى صراعات القوة التي شكلتها الحرب العالمية الثانية، والتفاعل المعقد بين القومية والإيديولوجية والاقتصاد.

كل هذه المشاهد سواء التي نستعيدها من ذاكرة الحرب العالمية الثانية في ذكراها الـ 85 أو التي نعيشها اليوم، وهي بالمناسبة لا تقل قسوة أو مأساوية، تذكرنا بفشل البشرية في الاستفادة من دروس الحرب لبناء عالم يسوده السلام، لكنها أيضا، تحذرنا من خطر الانزلاق نحو حرب عالمية ثالثة إذا ما وقعت بكل تفاصيلها فإنها قد تهدد بإبادة الجنس البشري من على هذه الأرض.. وخطر الحرب النووية ماثل الآن أكثر من أي وقت مضى في التاريخ.

يقول الفيلسوف الأمريكي جورج سانتايانا «الذين لا يستطيعون تذكر الماضي محكوم عليهم تكراره»، وحتى لا تتكرر الحرب العالمية الثانية مرة أخرى يحتاج العالم أن يجدد التزامه بالدبلوماسية والحوار والحل السلمي للنزاعات.. والإيمان بأن تجنب الحرب ليس علامة ضعف، إنما هو علامة حكمة وقوة.

أما استعادة ذكرى الحرب، سواء العالمية الأولى أم الثانية أو أي حرب دموية أخرى، فيمكن أن يكون لها جدوى حقيقية بالسعي الجاد نحو السلام والمساهمة في بناء عالم تسوده المحبة والعدل ويحتكم إلى الأخلاق الإنسانية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحرب العالمیة الثانیة

إقرأ أيضاً:

مسؤولية المفكر في الأزمات التي نعيشها

لماذا يتجه الجميع نحو السياسيين أو المسؤولين عند الحديث عن الأزمات الكبيرة التي يعاني منها العالم؟ وإلى أي مدى يُعد من الصواب أن ننتظر من السياسيين التحرك لمنع الأزمات، أو الحروب، أو لإيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية؟ أعتقد أن هذا من أكبر الأخطاء.

فكل سياسي يفكر أولًا في مصلحة بلده، ثم في مصلحته الشخصية وبقائه في السلطة عندما يحاول التعامل مع الأزمات التي تؤثر على العالم بأسره، وهذا بدوره يؤدي إلى تعميق الأزمات بدلًا من حلها.

يجب أن ننظر إلى الصورة الكاملة

الأزمات التي يعيشُها العالم اليوم ستكون لها عواقب مؤلمة ومدمّرة. وأوّل الأمثلة على ذلك يمكن رؤيته في حرب أوكرانيا وروسيا، واحتلال فلسطين، والحرب الأهلية في سوريا، والصراعات في القرن الأفريقي. وللأسف؛ هذه مجرد البداية.

إذا استمعنا إلى المسؤولين، فسنجد تصريحات، مثل: "الحل السياسي، وقف فوري لإطلاق النار، موقف سلمي"، وهي لا تتعدى كونها تصريحات سطحية لا تجدي نفعًا. أما فيما يتعلّق بأسباب هذه الأزمات، فنجد تحليلات ضحلة لا تلامس عمق المشكلة، بل تركّز على تفسيرات محلية فقط.

هذا هو أقصى ما يمكن للسياسيّ أو البيروقراطي أو المسؤولين فعله، ولكنْ هناك فئةٌ من الناس يجب عليها أن ترى الصورة الكاملة، وتصف لنا هذه الأزمات التي نعيشها: المثقّفون، والعلماء، والأكاديميون، أو لنقل باختصار: هم المفكرون.

مسؤولية المفكّر تظهر بشكل واضح في مثل هذه الأوقات، فعندما يكون الجميع مشغولًا بوصف جزء صغير من الصورة الكاملة، يجب على المثقف أن يرى الصورة بأكملها؛ ليتمكّن من إرشاد الناس وتنويرهم. فقط عندها يمكننا إدراك أن مشكلتنا أكبر وأعمق وأوسع انتشارًا مما نعتقد، وإلا فسنستمرّ في الوقوع في خطأ تفسير الحروب، والاحتلالات، والفوضى بأنّها مجرد انتهاكات للحدود أو صراعات بسيطة أو إرهاب، بينما الحقيقة تكون أكثر تعقيدًا بكثير.

الحاجة إلى أفكار مغايرة

ارتفاع العنصرية في أوروبا ليس المهاجرون سببه، واحتلال غزة لا يمكن اختزاله في  7 أكتوبر/تشرين الأول، وصعود ترامب لا يمكن تفسيره فقط بشيخوخة بايدن. وحرب أوكرانيا وروسيا لا يمكن تفسيرها فقط باعتداء روسيا، والصراعات في القرن الأفريقي ليست مجرد مسألة انتهاك حدود أو إرهاب، وتخلُّف العالم الإسلامي ليس فقط بسبب الاستعمار.

تحديد الأسباب الحقيقية لهذه الأزمات يتطلب رؤية الصورة الكاملة، وهذا هو واجب المفكرين في المقام الأول. وبعد ذلك؛ يجب على المفكرين أن يقدموا حلولًا، لكن هذه المرحلة أكثر صعوبة، ويتطلب الأمر أفكارًا غير تقليدية، خارجة عن المألوف.

إنّ حل مشكلة القومية المتصاعدة في أوروبا يمكن أن يتحقق فقط من خلال تحقيق العدالة في توزيع الثروة، وليس من خلال منع دخول المهاجرين. ومنع تدفّق المهاجرين من المكسيك إلى الولايات المتحدة لا يتحقق ببناء جدار، بل بوجود حكومات عادلة وقوية في أميركا اللاتينية. وقف احتلال غزة يمكن فقط عندما تتخلّى الولايات المتحدة عن طموحاتها الإمبريالية.

أنا واثق أن لدينا في العالم مفكّرين قادرين على إنتاج أفكار أقوى وأكثر تأثيرًا من هذه. لكن في الوقت الحالي، لا نرى شجاعة في مواجهة المألوف من قِبل المثقفين في أوروبا، أو أميركا، أو العالم الإسلامي. وهذا هو لبّ مشكلتنا الكبرى.

بدون أفكار لا يمكن إيجاد حلول

جذور الأزمات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي نعيشها تعود إلى المشاكل الاجتماعية. لفهم هذه الأزمات؛ يجب مراقبة المجتمع، وفهمه، وتحديد احتياجاته. وهذا يتطلب من المفكرين التفكير بعمق وتقديم أفكار لتحسين حياة البشرية.

إذا لم توجد أفكار، فلن تتطور السياسة، ولن تُحل الأزمات، بل ستزداد تعقيدًا. وإذا لم توجد أفكار، فإن الفوضى ستتسع؛ لذا نحن بحاجة إلى الأفكار الشجاعة من المفكّرين.

أين المفكّرون الأوروبيون الشجعان الذين يمكنهم القول بأن أساس المشكلة في أوروبا يعود إلى الاستعمار والاحتلال في الشرق الأوسط وأفريقيا؟ أين المفكرون المسلمون الذين يستطيعون التصريح بأن سبب تخلف العالم الإسلامي هو في طريقة فهمنا للإسلام وفي الحكومات الفاسدة؟ وأين المثقفون الأفارقة الذين يمكنهم التعبير عن أن سبب الفقر الذي تعانيه القارة هو الجشع؟

يبدو أنّ هؤلاء المفكرين بحاجة إلى إعادة تقييم ذاتهم، والقيام بنقد ذاتي، والعودة إلى أدوارهم الفكرية الحقيقية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • 10 علامات من السماء: المعجزات التي شهدها العالم يوم ميلاد النبي
  • وزيرة خارجية فلسطين: ما تشهده غزة لم نره منذ الحرب العالمية الثانية
  • وزيرة الخارجية الفلسطينية: ما تشهده غزة لم نراه منذ الحرب العالمية الثانية
  • وزيرة فلسطينية: ما تشهده غزة الآن لم نره منذ الحرب العالمية الثانية
  • جريمة تهز اليمن .. مدمن كحول يقتل طفلته بضربها حتى الموت بعد شكواها لمدير الأمن الذي تجاهل مأساتها
  • طوفان الأقصى.. هل وضع إسرائيل على حافة الهاوية؟
  • سرطان ونزوح وجوع.. رضيع فلسطيني يواجه ثلاثية الموت
  • انطلاق الدورة الثانية من «المرأة في مجالس الإدارة العالمية»
  • إنه اليوم الأول لعالم جديد.. لوتان: هذا ما تصدر الصحف غداة أحداث 11 سبتمبر؟
  • مسؤولية المفكر في الأزمات التي نعيشها