دروس الحرب لعالم على شفى الهاوية
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
استعاد العالم أمس ذكرى اندلاع الحرب العالمية الثانية التي انطلقت رصاصتها الأولى في الأول من سبتمبر 1939 في لحظة يقول بعض الخبراء إنها تشهد إرهاصات أولية لما يمكن أن يكون حربا عالمية ثالثة بدأ دمارها على الأرض والبشر قبل أن تكون حربا عالمية. لقد أدت تلك الرصاصة التي أطلقها هتلر في بولندا وسَمع صداها العالم أجمع إلى دمار اجتاح كل مكان، وأزهق أرواح الملايين، وترك ندوبًا لا تمحى على الإنسانية وعلى مسارها الحضاري.
ورغم تلك الندوب والويلات والمآسي التي ما زال الكثير منها ماثلا في الذاكرة الإنسانية إلا أن العالم لم يستطع تجاوز الحرب، أو حتى التعلم من دروسها وعبرها في بناء السلام والوئام الإنساني. تذكرنا الحرب الروسية الأوكرانية بفصول تلك المرحلة التاريخية ومآسيها. أما الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية فإنها تعيد رسم صورة ما كان يحدث في جميع جبهات الحرب العالمية الثانية، رغم أن المأساة الفلسطينية ظلت طوال العقود السبعة الماضية تذكرنا بنتائج الحرب العالمية الثانية وتداعياتها والتي كان بينها قيام «كيان» إسرائيل. لكن الموت الذي تصنعه الحرب ينتشر في هذه اللحظة التي يستعيد العالم فيها ذكرى الحرب العالمية الثانية في أماكن كثيرة من العالم، فإضافة إلى غزة وعموم المدن الفلسطينية فإن آلة الموت تحصد أرواح الأبرياء في السودان واليمن ولبنان وأوكرانيا وتنذر بويلات كبرى في الشرق الأوسط إذا ما تصادم الغرب مع إيران، وفي بحر الصين الجنوبي وفي عمق أفريقيا التي تحاول أن تنهي آخر فصول السيطرة والهيمنة الغربية عليها ببناء الدولة الوطنية كاملة الاستقلال.
إنه الموت الذي يذكرنا بتلك الحرب المجنونة التي أوقد نارها البشر وغذوا اشتعالها طويلا، الموت قرين الحرب ونتيجتها الأولى إلى جوار الدمار: دمار الأرض ودمار الداخل الإنساني الذي يصعب ترميمه.
إن الصراعات التي نشاهدها اليوم، سواء في الشرق الأوسط أو أفريقيا أو أوروبا، تعكس صورة عالم يكافح مظالم ما زالت عالقة منذ الحرب العالمية الثانية أو هي نتيجة أو بعض نتيجة لتلك الحرب، إضافة إلى صراعات القوة التي شكلتها الحرب العالمية الثانية، والتفاعل المعقد بين القومية والإيديولوجية والاقتصاد.
كل هذه المشاهد سواء التي نستعيدها من ذاكرة الحرب العالمية الثانية في ذكراها الـ 85 أو التي نعيشها اليوم، وهي بالمناسبة لا تقل قسوة أو مأساوية، تذكرنا بفشل البشرية في الاستفادة من دروس الحرب لبناء عالم يسوده السلام، لكنها أيضا، تحذرنا من خطر الانزلاق نحو حرب عالمية ثالثة إذا ما وقعت بكل تفاصيلها فإنها قد تهدد بإبادة الجنس البشري من على هذه الأرض.. وخطر الحرب النووية ماثل الآن أكثر من أي وقت مضى في التاريخ.
يقول الفيلسوف الأمريكي جورج سانتايانا «الذين لا يستطيعون تذكر الماضي محكوم عليهم تكراره»، وحتى لا تتكرر الحرب العالمية الثانية مرة أخرى يحتاج العالم أن يجدد التزامه بالدبلوماسية والحوار والحل السلمي للنزاعات.. والإيمان بأن تجنب الحرب ليس علامة ضعف، إنما هو علامة حكمة وقوة.
أما استعادة ذكرى الحرب، سواء العالمية الأولى أم الثانية أو أي حرب دموية أخرى، فيمكن أن يكون لها جدوى حقيقية بالسعي الجاد نحو السلام والمساهمة في بناء عالم تسوده المحبة والعدل ويحتكم إلى الأخلاق الإنسانية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحرب العالمیة الثانیة
إقرأ أيضاً:
حرب الصين على الماركات العالمية
إذا اختلف اللصوص ظهر المسروق (الفضيحة) . هذا المثل ينطبق على الحرب التجارية التي تدور رحاها الآن بين الصين والغرب وبالذات أمريكا .
حيث شن نشطاء صينيون حملة على الشركات الغربية العالمية , وكيف أن معظم منتوجاتها يتم صناعتها في الصين (مصنع العالم) , ولا يكلف انتاج القطعة الواحدة إلا بضعة دولارات , كي تقوم هذه الشركات ببيعها بآلاف الدولارات (الماركات) . كما قال وزير فرنسي سابق : الماركات أكبر كذبة صنعها الأذكياء من أجل سرقة الأثرياء ؟! ،
هذا كلام غير دقيق فهي من أجل سرقة الفقراء (الطبقة الوسطى) , فهي الدينمو الذي يحرك الاقتصاد العالمي , والتي تكاد أن تنقرض مع الأزمات المالية التي يتعرض لها العالم (الحروب التجارية) . معظم من يشتري الماركات العالمية هم الفقراء , طبعا من باب ولع الفقير في تقليد الغني , على وزن ولع المغلوب في تقليد الغالب , والقاسم المشترك بينهما هو الشعور بالنقص والدونية والانبطاح (عقدة الخواجة) .
على أساس أن ذلك يجعل لهم قيمة ومكانة في المجتمع على وزن الرقي والحضارة (الاحترام) , المؤهل العلمي لم يعد له قيمة اجتماعية كما كان الحال من قبل , وقل لي ماذا تقرأ أقول لك من أنت ، تحولت إلى (بضاعة مزجاة) .
قيمتك الآن يحددها المظهر : قل لي ماذا تلبس أقول لك من أنت , مع استخدام بعض الكلمات الإفرنجية على وزن : أوكي , فريش , زيرو , وللمعلومية فإن العرب هم أول من اكتشف الصفر . الماركات العالمية ليست حصرا على الملابس بل تمتد كي تشمل الوجبات السريعة , والأجهزة الإلكترونية , والعطورات وحتى الأحذية أعزكم الله .. إلخ .
قارورة العطر التي لا تكلف صناعتها بضعة دولارات ومن المواد الكيميائية تباع بمئات الدولارات . والساعات احيانا تباع بعشرات الآلاف من الدولارات . الوجبات السريعة والمشروبات التي يتهافت عليها الجميع تقريبا , والتي هي بمثابة وباء يدمر المجتمع (السكري , القلب , الضغط ..) . هناك حكمة يونانية قديمة تقول : “قل لي ماذا تأكل أقول لك من أنت” , الطعام له تأثير كبير على سلوك الإنسان , المبالغة في تناول الوجبات السريعة , يؤدي إلى الإصابة بالإكتئاب والقلق والتوتر (الأمراض النفسية) , ويزيد من السلوك العدواني عند الأطفال , ويسبب فرط الحركة .. (جيل النواعم) .
كما يقال حبل الكذب قصير , نتيجة ضعف الإقبال وتراجع القدرة الشرائية لدى الطبقة المتوسطة , وأيضا المنتوجات المقلدة والتي لا تكاد تميزها عن الأصلية , والتي تباع بأسعار رخيصة جدا , بدأت الشركات العالمية التي تنتج الماركات الشهيرة بطرح نفس المنتوجات ولكن بأسعار مخفضة , وإن كانت أقل جودة ولكن لا تكاد تميزها عن مثيلتها . إلى الذين يتهافتون على شراء الماركات العالمية , اجعلوا من أبطال التقنية في العالم قدوة لكم .
“بيل غيتس” يعد من كبار الأثرياء في العالم يرتدي ملابس متواضعة جدا , وساعة يد (كاسيو) قيمتها عشرة دولارات , وأنفق أكثر من (60) مليار دولار من ثروته على الأعمال الخيرية , وبقايا الطعام الذي يتناوله في المطعم يأخذه معه إلى المنزل . إيلون ماسك رائد الفضاء والسيارات الكهربائية والرجل المتواضع يسكن في بيت صغير ومستأجر يتكون من ثلاثة غرف .
مؤسس فيسبوك “زوكربيرج” يذهب إلى العمل يوميا بنفس الـ (تي شيرت) الرمادي اللون , والذي لا يساوي سوى بضعة دولارات . وإذا لم يعجبكم هؤلاء فاجعلوا من من النجم العالمي لكرة القدم “ساديو ماني” قدوة لكم , حيث يقوم بتنظيف مساجد ليفربول بنفسه , وينفق جزء كبير من ثروته على الفقراء .