بوابة الوفد:
2024-11-25@11:15:30 GMT

كيف ننخدع بالزن على الآذان؟

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

ما الفارق بين نابليون وهتلر؟ توسع كلاهما على حساب الجيران، وافتعلا نزاعات كاذبة لاحتلال أراضى الغير واستعباد الشعوب، وصناعة أمجاد كاذبة على جثث ضحايا أبرياء، سُحقت عظامهم، ونُكل بهم تحت مبررات عديدة، تارة باسم الضرورة، وتارة باسم تهوين كل شيء فى سبيل غايات عُظمى.

عاش نابليون واحدًا وخمسين عاما، بينما عاش هتلر ستًا وخمسين عاما، وتركا كلاهما تاريخا وأحداثا جسامًا، مازالت محل بحث ودراسة.

صحيح أن نابليون تميز بكفاءة عسكرية عظيمة جعلته يحصل على رتبة جنرال وهو فى الرابعة والعشرين من عمره، وربما كان ذكيا وماكرا ولماحا، لكنه مثل هتلر فى قسوته وبشاعته واستحلال دماء البشر، واستعبادهم.

كان كلاهما طاغية، مستبدًا، يعشق الدماء، ويتلاعب بالأخلاق والقيم فى سبيل مجده الشخصي، الذى يتصور أنه هو ذاته مجد وطنه.

لا ينسى المؤرخون الجدد فى أوروبا أن نابليون مع كل الاحتفاء الفرنسي، والأوروبى به خلال العقود الماضية، هو الذى أصر على إعادة العبودية إلى فرنسا بعد عقدين من إلغائها.

ولا ننسى نحن – أهل الشرق – أن نابليون الذى غزا مالطة ومصر والشام ارتكب فى يافا سنة 1799 مذبحة بشعة تمثل عارا إنسانيا لا يُمكن محوه أبدا. لقد ذكر لنا المؤرخون أن القائد الفرنسى مضرب الأمثال فى الفروسية والشجاعة حاصر بقواته مدينة يافا لعدة أيام، ثُم دعا أهلها وجنودها إلى التسليم، وأرسل إليهم رسلا بذلك، وبعد مشاورات ومفاوضات قبلت حامية المدينة التسليم مع حصولهم على الأمان. ووافق نابليون ظاهريا، لكن الجميع بمن فيهم الفرنسيون أنفسهم فوجئوا به يأمر باعدام الأسرى الذى يقارب عددهم ثلاثة آلاف شخص.

يصف كريستوفر هارولد، فى كتابه «نابليون فى مصر» ترجمة فؤاد اندراوس، بعض جوانب المذبحة، نقلا عن أحد الجنود الفرنسيين فى خطاب أرسله لأهله، إذ يقول إن الأسرى استسلموا بسلامة نية، وتم اقتيادهم نحو البحر، ورصوا صفا خلف آخر، ثم أطلق الفرنسيون عليهم النار، وقفز من حاول الفرار فى الماء، لكن الرصاص لاحقهم ليصطبغ البحر باللون الأحمر.

وبالنسبة للأطفال والمدنيين، فقد تركوا يومين دون طعام، ثُم صدرت الأوامر باعدامهم مع التأكيد على عدم الاسراف فى الذخيرة المستخدمة، لذا اضطر الجنود الفرنسيون إلى اعدام معظمهم بحراب بنادقهم، وهو ما جعل الشاهد الفرنسى يقول لأهله «إن هذا العار سيطاردنا آجلا أم عاجلا».

كانت هذه بعض ممارسات السفاح نابليون، الذى حاولت آلة الدعاية الفرنسية الترويج له باعتباره مقاتلا شجاعا وفارسا نبيلا وقائدا عظيما. وللأسف تلقفت الذهنية العربية الصورة كما هى واعتبرته نموذجا فذا للعبقرية العسكرية.

لكن ما ينبغى الإشارة إليه الآن بروية ونظرة ثاقبة هو أن مذبحة يافا تمثل نموذجا واضحا للانحطاط الإنسانى والتجرد من أى أخلاق وقيم، وهو ذاته ما شهدناه وعرفناه مع أدولف هتلر ومع غيره من المستبدين المهووسين بالدم فى ربوع الأرض.

وإذا كانت الدعاية الفرنسية قد احتفت بانتصارات قائدها التاريخي، ورسمت صورة أسطورية له تقدمه كقدوة للأجيال الجديدة، فهو معشوق النساء، ومحب الفنون، والرجل الذكى الوسيم. فإن ألمانيا المنهزمة فى الحرب العالمية الثانية، تبرأت من مذابح وحشها المهووس هتلر، وتنكرت لانتصاراته، وغضت الطرف تماما عن كل مبالغات الدعاية المعاكسة التى نفذها المنتصرون تجاه المُنهزم.

وهذا درس مهم يجب تعلمه عند قراءة الماضى.

والله أعلم

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد نابليون وهتلر

إقرأ أيضاً:

تواضروس الثانى.. البابا الذى أحبه المصريون

احتفلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم ١٨ نوفمبر الماضى بمرور ١٢ عامًا على تجليس البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، على كرسى مارمرقس الرسول ليصبح البابا ١١٨، حيث أقيم قداس احتفالى فى مركز لوجوس البابوى بدير القديس الأنبا بيشوى بوادى النطرون، كما احتفلت إيبارشية حلوان بعيد تجليس قداسته وذلك خلال اجتماع الأربعاء الأسبوعى الذى أقيم هناك، والحقيقة أنه منذ تنصيبه حتى الآن عمل قداسته الكثير من الإنجازات والتى كانت لها أثر كبير ليس فى نفوس الأقباط فقط ولكن لدى جميع المصريين، فاستحق بذلك حب فئات الشعب المختلفة وتقديرها له.

عن ذلك قال الكاتب والمفكر القبطى كمال زاخر: فى علاقة البابا بالدولة ثمة ملاحظة مهمة، وهى التزامن بين اختيار البابا البطريرك ورئيس الدولة، فبينما يشهد البابا يوساب الثانى مواجهات كنسية تنتهى بتحديد إقامته حتى وفاته يشهد رئيس الدولة محمد نجيب مواجهات من رفقائه تنتهى بعزله وتحديد إقامته حتى وفاته، فيما يأتى البابا كيرلس السادس فى مقابل الرئيس جمال عبدالناصر وبينهما ود وقبول على أرضية مصرية ويرحلان فى تزامن لافت، الرئيس ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠، والبابا فى مارس ١٩٧١، ويتكرر التزامن بين البابا شنودة والرئيسين السادات ومبارك، وتشهد العلاقات بينهم وفاقا وصداما فى مرحلة شديدة الحساسية والارتباك، ويرحل الرئيس مبارك عزلًا ويلحقه رحيل البابا شنودة بالوفاة، خلال فترة وجيزة، واللافت أن تمر الكنيسة والدولة كلتاهما بفترتين انتقاليتين متزامنين، ففى الأولى يتولى قيادتها المطران الأنبا باخوميوس (بشكل مؤقت لحين انتخاب بابا جديد) وفى المقابل يتولى المجلس العسكرى ثم جماعة الإخوان إدارة الحكم سنة لكل منهما، ثم الرئيس الانتقالى المستشار عدلى منصور، وينتهى الأمر فى الكنيسة والوطن بشكل متقارب زمنيًا، ليستقر الأمر فى كليهما بمجىء البابا تواضروس الثانى ومجىء الرئيس السيسى، لتشهد العلاقة بين الكنيسة والدولة مرحلة توافق وسلام ممتدة تضع نقطة فى نهاية سطر كان الإرهاب فيه صاحب الحضور الدامى.

وأضاف زاخر: ويتعاون كلا من البابا الجديد والرئيس، الجديد أيضا، فى إرساء قواعد علاقات سوية وقوية وبنّاءة بين الكنيسة والدولة، فبينما يؤكد الرئيس على مفهوم المواطنة، وينهى صداع أزمات بناء الكنائس بإصدار قانون تنظيم ترميم وبناء الكنائس لأول مرة، فى إزاحة لكل العراقيل المزمنة التى كانت تتصدر المشهد، نرى البابا يعلن بجسارة. فى مواجهة الأعمال التخريبية التى افتعلتها الجماعات المظلمة «أن وطنا بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»، فى انحياز وطنى تام، وقد استن الرئيس سنة وطنية رائعة لها تداعياتها الإيجابية ومردودها فى تعميق المواطنة وهى زيارة الكاتدرائية فى قداسها الاحتفالى بعيد الميلاد بشكل دورى لم ينقطع، وفى الوقت ذاته لم يفقد البابا إصراره على الحفاظ على وحدة الكنيسة وسلامها برباطة جأش وهدوء يحسد عليهما، فى مواجهة المتاعب والقلاقل التى واجهته من داخل وخارج الكنيسة خلال الاثنى عشر عامًا من حبريته، وكان أبرزها اعتداء المتطرفين على الكاتدرائية، المكان والرمز، وأزمات المناوئين له بالداخل وما أثاروه من زوابع كان ابرزها ما عرف بأزمة الميرون، وهو شأن كنسى قفز فيه البابا قفزة علمية واعية بحكم تكوينه الثقافى والعلمى لم يقبل به الحرس القديم، ثم أزمة التقارب مع الكنائس الأخرى وأزمة البيان المشترك مع الكنيسة الكاثوليكية والتوافق على عدم إعادة المعمودية حال انضمام رعاياها للكنيسة القبطية، وسحب البابا فتيل الأزمة بإرجاء الفصل فيها، ثم الأزمة الأخيرة فيما عرف بأزمة السيمينار، والتى انتهت باعتذار أبرز مثيريها، ليعود البابا أكثر قوة بدعم جارف من الرعية.

كما قدم القس رفعت فكرى الأمين العام المشارك لمجلس كنائس الشرق الأوسط، التهنئة لقداسة البابا وقال: الحقيقة قداسته شخصية متفتحة وصاحب عقل مستنير ويؤمن بالعمل المسكونى، ونراه دائما فى الأعياد المختلفة يزور رؤساء المذاهب والطوائف ويقدم لهم التهنئة بالأعياد وفى مجلس كنائس مصر، كلنا رأيناه عندما ذهب إلى روما والتقى البابا فرنسيس وألقى كلمته فى ساحة الفاتيكان.

وقال الكاتب والمورخ الأستاذ ماجد كامل: ورث قداسة البابا تواضروس الثانى أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية– العشق الشديد لمصر وللوطن مثل كل البطاركة السابقين على الكرسى المرقسى وإن كان قداسته قد تولى المسئولية فى سنة صعبة مليئة بالأحداث المؤسفة واستمرت بعض هذه الأحداث خلال السنوات التى تلتها نذكر منها (حرق الكنائس فى ١٤ أغسطس ٢٠١٣- حادثة الخصوص ٦ إبريل ٢٠١٣- الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية فى اليوم التالى مباشرة- الاعتداء على كنيسة الوراق فى ٢٠ أكتوبر ٢٠١٣– شهداء ليبيا فى ١٥ فبراير ٢٠١٥- شهداء الكنيسة البطرسية فى ١١ ديسمبر ٢٠١٦– شهداء كنيسة مار جرجس طنطا فى ٩ إبريل ٢٠١٧، وفى نفس اليوم الكنيسة المرقسية بالإسكندرية– شهداء القلمون فى ٢٦ مايو ٢٠١٧.. إلخ) إلا أن قداسته تمكن من استيعاب هذا بالمحبة والصدر الرحب.

وعند أداء السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى اليمين الدستورية فى ٨ يونيه ٢٠١٤، حضر قداسة البابا الحفل، وأرسل لسيادته برقية تهنئة قال فيها: «يسرنى بالأصالة عن نفسى وباسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن أهنئكم على ثقة الشعب المصرى بكم فى انتخابكم رئيسًا، والذى جاء تعبيرًا عن إرادة شعبية خالصة والكنيسة الوطنية تشد على أيديكم، وجاء الحدث التاريخى الضخم الذى عاشته مصر بافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة، يوم ١١ يونيه ٢٠١٥، ولقد شارك فى الاحتفال بالحدث بوفد كنسى ضخم يضم ١٥ شخصًا من الآباء الأساقفة وعشرة من الآباء الكهنة لزيارة مشروع قناة السويس الجديدة، وعبر قداسته عن سعادته بالمشروع وقال: «إن هذا المشروع فخر لكل المصريين والأجيال القادمة، ويصل إلى حد الإعجاز، ولرغبة قداسته الشديدة فى الحوار والتقارب الإسلامي– المسيحى، عبر قداسته عن تقديره الشديد لدور الأزهر الشريف فى دعم قيم المحبة والحوار والتسامح، وعند أول لقاء لقداسته مع شيخ الأزهر قال له: «نحن سعداء لهذه الروح الوطنية، ونشيد بمؤسسة الأزهر التى تحمل الفكر المعتدل الوسطى على أرض مصر».

كما شارك قداسته فى المؤتمر العام الـ٢٣ للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية والمنعقد بوزارة الأوقاف بعنوان «خطورة الفكر التكفيرى والفتوى دون علم على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية».

وأضاف كامل: كما شارك قداسته فى المؤتمر الذى نظمه الأزهر بعنوان «مواجهة الإرهاب والتطرف» ألقى فيه قداسته كلمة عن «الكنيسة المصرية والمواطنة». وفى ٤ ديسمبر ٢٠١٤ استقبل قداسته فى المقر البابوى السيد فيصل بن معمر، رئيس مركز «كايسيد» العالمى للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بالنمسا.

وفى جميع المناسبات الوطنية المختلفة كنا نشاهد مشاركات قداسته، حيث شارك قداسته فى الاستفتاء على الدستور فى ١٤ يناير ٢٠١٤. واحتفالات عيد تحرير سيناء. كما شارك فى المؤتمر الدولى الثانى لتاريخ مصر فى العصر المسيحى، والذى عُقد فى كلية الآداب جامعة عين شمس خلال الفترة من (٥- ٧ مايو سنة ٢٠١٥م) بكلمة مسجلة عن أهمية العصر القبطى، واهتمام الأقباط بالتدوين التاريخى. «، كما قام قداسته بتوقيع بروتوكول تعاون بين الكنيسة القبطية ووزارة الموارد المائية والرى بهدف حماية نهر النيل من التعديات والتلوث وترشيد استهلاك المياه.

مقالات مشابهة

  • عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود العالم إلى حرب نووية
  • اللجوء.. وكرم شعب
  • سيف على رقاب الجميع
  • التشخيص المبكر يحمى من جلطة القلب 
  • روسيا تفرض قانونا يحظر الدعاية لأيديولوجية منع الإنجاب الطوعي
  • الركين
  • السياج ذو الثمانى بوابات
  • تواضروس الثانى.. البابا الذى أحبه المصريون
  • بدء الدعاية للمرشحين فى انتخابات اتحاد طلاب جامعة عين شمس
  • رفعت عينى للسما