بوابة الوفد:
2025-03-11@11:43:02 GMT

مئوية فؤاد المهندس

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

لا أظن أن هناك فنانا مصريًا نثر كل هذه البهجة فى صدور ملايين الناس بامتداد نصف قرن مثلما فعل فؤاد المهندس، فالرجل لم يكتف بإمتاع الكبار فقط من الرجال والنساء، بل عمل بجدية على إمتاع الصغار من الأولاد والبنات، فحين ترى فؤاد المهندس فى المسرح أو على الشاشة أو تسمعه عبر الإذاعة تعتريك فرحة غامرة وسعادة ملونة، ذلك أنه مشحون بطاقة فنية إبداعية جبارة تتفجر مياهها العذبة لتسرى بيسر فى أنفس الجماهير.

قبل قرن من الزمان ولد فؤاد المهندس، وبالتحديد فى 6 سبتمبر 1924، لأب من قادة التنوير فى مصرنا الحبيبة هو زكى بك المهندس (1887/ 1976) عميد كلية دار العلوم.

ورث فؤاد عن أبيه عشق اللغة العربية، وأرجو أن تلاحظ كيف كان هذا الفنان العظيم يعطى كل حرف حقه فى الأداء، ومتى يضغط على حرف أو يمد فى آخر كى يحدث مفعوله فى المشاهد. فعلى سبيل المثال حاول الاستماع إلى فوزاير (عمو فؤاد) مرة أخرى، لتكتشف براعة المهندس فى طرح الفزورة بنبرات محددة وحروف ساطعة، بحيث تتسلل إلى الأذن بسهولة وجمال.

الكل يعرف أن المسرح هو الملعب الأثير للمهندس، ومن حسن الطالع أننا شاهدنا عشرات الحوارات التليفزيونية مع الرجل الذى تحدث فيها عن هيامه بالمسرح وبأستاذه العظيم الأول نجيب الريحانى كبيرهم الذى علمهم سحر الفن.

بالنسبة لى أضع مسرحياته فى الستينيات فى أكرم ركن فى قلبي، وإذا شاهدت أيًا منها حتى الآن لا أتمالك نفسى من الانفعال بها والاستمتاع بأفعاله وردود أفعاله ونظراته وتعليقاته وحركة جسده. وبالمناسبة، فؤد المهندس يمتلك جسدًا مطواعًا عجيبًا قادرًا على (تليينه) بشكل مدهش.

من تلك المسرحيات البديعة (السكرتير الفني/ أنا وهو وهي/ أنا وهو وسموه/ أنا فين وأنت فين/ حواء الساعة 12/ حالة حب/ سيدتى الجميلة).

أما السينما، فرحلته معها طويلة وعامرة تقترب من نصف القرن، حيث بدأ بدور صغير جدًا فى فيلم (زمن العجايب)، والذى عرض فى 23 يونيو 1952، ثم ارتقى إلى موقع الدور الثاني، ثم انطلق ليحتل البطولة المطلقة.

التقيت فؤاد المهندس مرتين: الأولى وأنا صبى فى صيف 1973، حين اصطحبنى شقيقى الأكبر المهندس فكري، رعى الله أيامه ولياليه، لمشاهدة مسرحية (جوليو ورومييت) لثلاثى أضواء المسرح المعروضة آنذاك فى مسرح الريحانى. عندما رأيت المهندس مقبلا على مدخل المسرح بأناقته المعهودة اعترتنى رجفة، وبتشجيع من أخى صافحته بقلب مرتعش وروح مذهول، فربت كتفى وسألنى عن اسمى ودراستى متمنيًا لى التوفيق.

أما المرة الثانية، فكانت عام 1984، وأنا فى السنة النهائية بكلية الفنون الجميلة بالزمالك. عند مسرح الزمالك أوقف سيارته ماركة BMW، وغادرها بكامل هيبته. صافحته وأبديت له إعجابي، فابتسم وشدّ على يدى بقوة، وتوجه نحو باب المسرح بجدية وهمة كقائد فرقة عسكرية.

فؤاد المهندس فنان عظيم. ولد فى رحاب ثورة 1919 وعظمتها، وتألق مع ثورة يوليو وانطلاقاتها.

لروحك السلام يا أستاذ فؤاد.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ناصر عراق مئوية فؤاد المهندس فنانا مصري ا فؤاد المهندس قرن من الزمان فؤاد المهندس

إقرأ أيضاً:

الفن المقتول والرواية المبتورة

#الفن_المقتول و #الرواية_المبتورة _ د. #منذر_الحوارات

ردَّ الكاتب العظيم ومدير المسرح القومي البريطاني ديفيد هير، على قرار مارغريت تاتشر برفع الدعم عن المسرح بكلمات كانت بمثابة درس تجاوز حدود بريطانيا، إن السياح يأتون الى بريطانيا من أجل عمارتنا واسواقنا ومسارحنا، يأتون من أجل الثقافة التي أنتجتها بريطانيا عبر قرون وجسّدها المسرح، ثم أضاف: إن السياحة هي ثاني أكبر صناعة لدينا، فالسائح ينفق المال، والحكومة تجني الضرائب، فهي إذًا لا تدعم المسرح، بل تستثمر فيه، لأنها تدرك أنه ليس مجرد خشبة، بل هو أداة لتسويق بريطانيا، وأداة لتأكيد هويتها، وتحويل قصصها إلى اقتصاد وثقافتها إلى مورد وطني.

من هذه القصة نكتشف أن دعم الفن واجب على الدول، فالأمر أبعد من المال بكثير، فالفن هو المدماك الذي تُبنى عليه حكايات الشعوب وروايات الدول، لا يمكن بدون مسرح ودراما وسينما وأدب وموسيقى، أن تُبنى قصة وطنية تخص كل مواطن، والمؤسف أننا نتعامل مع الفن باعتباره كمالية، متناسين حكمة ديفيد هير، وعلى الرغم من أن الأردن لا يعاني من مشكلة في غزارة التاريخ، فهو مليء بالقصص والحكايات، إلا أنه يفتقر إلى من يحكيها، مشكلته ليست في غياب الهوية، بل في الوسائل التي تجعلها ملموسة ومحسوسة وقادرة على التحرك بانسيابية خارج الكتب والخطابات الرسمية والبيروقراطية الحكومية، وليس هناك أداة أفضل من الفن، وخصوصاً الدراما، للقيام بذلك، فهي الوحيدة القادرة على خلق ذاكرة جماعية وشخصيات تعيش في وجدان الناس لعقود.

لذلك، فإن غياب الدراما الأردنية الجادة ليس مجرد خسارة لصناعة فنية، بل هو تراجع في قدرة الأردن على أن يكون له حضور في الوجدان المحلي وصوت في الفضاء الثقافي العربي، في الماضي وضعت الدراما البدوية الأردن في كل بيت عربي، لكنها اختفت، إما لعجزها عن إحداث النقلة بين الماضي والحاضر المتجدد، أو لأنها فشلت في مواكبة التغيير في المجتمع، أو لأنها لم تتلقَّ الدعم المناسب لمواكبة ذلك التغيير، كل ذلك جعل الأردن بلا نافذة يطل منها على مواطنيه وعلى ملايين المشاهدين العرب، وخسر بالتالي الفرصة في أن يروي حكايته ويتحكم في تشكيل صورته، ليكون جزءاً من السردية العربية، لا مجرد بلد يُذكر فقط في الأخبار، بالتالي، فإن هذا التراجع لا يتعلق بالفن وحده، بل يُعد تراجعًا في الاستثمار في الهوية الوطنية، وفي بناء سردية يلمسها الأردنيون قبل غيرهم.

مقالات ذات صلة أزمة الهويات الأوروبية.. صراع وتحالف 2025/03/10

أما الفنانون الأردنيون، فلم تقتصر معاناتهم على قلة الفرص، بل وجدوا أنفسهم خارج المعادلة، إذ انعدمت أمامهم المنصات التي تمنحهم الفرصة ليعبّروا عن أنفسهم، مما دفعهم إمّا للهجرة أو الاعتزال أو القبول بأعمال لا ترقى إلى مستوى إمكانياتهم، وأصبحوا ضحايا الفقر والفاقة، ولا نذكرهم أو نتغنى بهم وبماضيهم إلا عندما يتوفاهم الله، هذه الخسارة لا تقف عند الفنانين فحسب، بل تطال المواطن الأردني الذي افتقد الدراما المحلية، وبات يستهلك الدراما المصرية والتركية والخليجية، والتي – رغم كل الاحترام لها – لن يجد فيها الأردني محتوى يعبر عنه، لا عن لهجته ولا قصصه أو مشاكله وأحلامه أو هويته، وهنا، تُرك ليتبنى هويات الآخرين وتصوراتهم، لأن الفن ليس مجرد تسلية، بل هو أداة لصياغة الوعي وترسيخ الانتماء، وخلق شعور عميق بأن المكان الذي نعيش فيه ليس مجرد جغرافيا وجواز سفر، بل ذاكرة وقصة وهوية، ففي عالم اليوم، لا يكفي امتلاك التاريخ، بل يجب معرفة كيف نحكيه ونسوّقه.

لقد دافع ديفيد هير عن المسرح لأنه جزء من إرث بريطانيا وتاريخها واقتصادها، وبالتالي فإن الدفاع عن الفن، وخصوصاً الدراما في بلدنا، يجب أن يأخذ المنحى نفسه، لأنه دفاع عن حكاية الأردن وصورته في داخله ومحيطه، ودفاع عن هويته، فغيابه يترك فراغًا تملؤه هويات الآخرين، وربما أجنداتهم، وحتى لا نجد أنفسنا لاحقًا على قارعة الطريق، غارقين في الضياع، نبكي الرواية والهوية، ينبغي ألا نقتل الفن، لأن ذلك لن يقف عنده، بل سيطال هويتنا، التي ستصبح مبتورة، غير مكتملة، بلا روح، فالدول باتت تُعرف بفنونها كما تُعرف بحدودها، لذلك، فإن السؤال الذي يجب علينا طرحه لا يجب أن يقتصر على: لماذا تراجع الفن في الأردن؟ بل يجب أن يكون: كيف يمكن إعادته ليكون جزءاً أصيلًا في بناء البلد وهويته، لا مجرد هامش يمكن الاستغناء عنه؟ لأن نتيجة ذلك وخيمة.

الغد

مقالات مشابهة

  • الحصيني: طريف سجلت اليوم أقل حرارة بـ 7 مئوية والرياض 14
  • بالفيديو.. الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة والقاهرة تسجل 30 درجة مئوية
  • الدمام 26 مئوية.. بيان درجات الحرارة العظمى على بعض مدن المملكة
  • الفن المقتول والرواية المبتورة
  • «المركزي» يصدر مسكوكات تذكارية بمناسبة مئوية سلطان العويس
  • الدمام 23 مئوية.. بيان درجات الحرارة العظمى على بعض مدن المملكة
  • ضابط بارز في نظام الأسد يتبرأ من الفلول وينفي صلته بأحداث الساحل (شاهد)
  • أحمد الفيشاوي: جربت كل أنواع المخدرات بمحض إرادتي
  • شادي شامل: غيرت شكلي علشان مسلسل العندليب.. ومبقتش ألبس حلق بعد الانتقادات
  • أحمد موسى: منذ دخولي الصحافة وأنا أدافع عن مصر.. فيديو