لجريدة عمان:
2024-09-15@01:28:56 GMT

نساء غزة.. صمود نادر في مواجهة قسوة الحياة

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

ليس مع الاضطرار اختيار، المرأة في غزة لم تمنحها الحرب أي خيارات، بما تتركه من تداعيات وما تخلفه من معاناة.

حالة النزوح المتواصل على مدار 11 شهرا من الحرب على غزة تركت الناجين من القصف في حالة من الإرهاق النفسي والبدني والمادي.

الظروف القاهرة التي أفرزتها الحرب دفعت النساء الفلسطينيات في غزة إلى العمل في مهن شاقة لإعالة أسرهن والتغلب على حالة الفقر المدقع التي طالت الجميع في القطاع البائس.

آلاف النساء في القطاع الحزين وجدن أنفسهن بلا عائل، بل على العكس من ذلك تحولن إلى عوائل لأسر كبيرة وهو ما فرض عليهن أدوارا اجتماعية جديدة في إعالة الأسرة والأبناء، وحمايتهم وتوفير الطعام والغذاء لهم الأمر الذي جعلهن يقمن بأعمال شاقة لا تناسب طبيعة المرأة.

أمام فرن مصنوع من الطين تجلس حسنية خالد من بيت حانون شمالي القطاع لتصنع الخبز لتوفير المال اللازم لشراء حاجيات أسرتها الكبيرة بعد أن أنهكها النزوح واستقر بها المقام في خان يونس جنوبي قطاع غزة.

تقول لـ«عُمان» خلال حديثها: «من أول نزوح وثاني نزوح عملت في هذا العمل الشاق، مع أولادي، لكسب الرزق الحلال، اشتغلت بهذا العمل لأنه عمل شريف، وزوجي بقي في منزلنا في الشمال، فإذا لم أعمل فمن من يصرف علينا؟ تعبنا».

وتضيف: «واحدة من بناتي استشهد زوجها، والآن أنا أعيلها، وعائلتي كبيرة تتكون من ٢١ شخصا، وتحتاج إلى مصاريف كثيرة».

كلمات حسنية ذات السبعة وأربعين عاما تكشف حجم المأساة التى سببتها الحرب من تمزيق للأسر واستشهاد آلاف الرجال والنساء والأطفال وعمليات تهجير قسري ومجازر جماعية وممارسات تستهدف كل مقومات الحياة.

النزوح المتكرر جعل الأسر لا تقوى إلا على حمل القليل من أمتعتها. كما أن العدوان الذي دمر أكثر من 75% من منازل غزة وأفقد السكان ممتلكاتهم وقبلها أحبتهم -هذا العدوان- غير من موقع المرأة في غزة، وفرض عليها أدوارا جديدة باتت مجبرة على التأقلم معها وهو ما غيّر الصورة النمطية عن عمل المرأة الفلسطينية.

كفاح من أجل البقاء ترويه حسنية يبدأ مع الصباح الباكر بتجهيز العجين وتقطيعه وخبزه تحت شمس حارقة ونيران احتلال لا يرحم فضلا عن نيران الفرن المستعرة.

طموحها في الحياة بات محدودا حيث لا ترغب سوى في خيمة تسترها وأفراد أسرتها بعد أن أتى النزوح على ما كانوا يملكون، وفروا من شمال القطاع إلى جنوبه لا يلوون على شيء؛ لتصنع الخبز ليأخذه أبناؤها ليبيعوه بما تحمله عملية تسويقه من مخاطرة كبيرة.

تقول حسينة: «أريد مالا لأشتري خيمة؛ لنستر حالنا، هذا حرام نحن جالسون في العراء، تخيلوا أرسلت ابني في الخطر يبيع الخبز، لكي نشتري قطعة نايلون وخشبتين لننصب خيمة».

شظف العيش وصعوبة الحصول على الحد الأدنى من الطعام دفع فاطمة عبدالرحمن التي نزحت من غزة إلى خان يونس إلى تحويل صناعة الخبز في فرنها الطيني إلى مهنة تتكسب منها لافتة إلى ما تتكبده من مشقة بدءا من الحصول على الحطب والخشب اللازم لإحماء الفرن.

وتضيف: «نشتري كيلو الحطب بـ 5 دولارات، لا يوجد بديل، الحياة غالية، كيلو البندورة بـ ٣ شيكل».

اضطرت كثير من نساء غزة إلى فراق عوائلهن أو عن بعض من أبنائهن الذين ظلوا في المناطق المحاصرة أو في مناطق الشمال، مع انقطاع سبل التواصل معهم، وإمعانا في حجم المعاناة النفسية التي تتكبدها النساء في غزة تتذكر فاطمة التي تبلغ من العمر 60 عاما كيف كانت نساء وفتيات غزة عزيزات مكرمات في بيوتهن قبل الحرب التي جاءت لتشتت الأسر وجعلها تعاني آلام الفقد والنزوح والجوع والعمل الشاق.

توضح المرأة الفلسطينية: «نحن كنا كالملوك في بيوتنا، في راحة وأمان، الآن نحن في تعب، والله تعب كثير، لا أجد لأولادي أي خضراوات لطهيها لهم».

وتوثيقا لمعاناة نساء القطاع تروي زينب الغريب معاناة النزوح من شمال القطاع إلى وسطه ثم إلى جنوبه في رفح وأخيرا إلى مدينة خان يونس في قطاع غزة.

تروي لـ«عُمان» كيف أن أخاها كان شهيدًا للقمة العيش وكيف فقدت أباها لتجد نفسها مسؤولة عن أفراد أسرتها فلجأت لصناعة الخبز في الفرن الطيني وبيعه من أجل أولادها.

ولفتت المرأة إلى أنها مجبرة على ذلك بعد أن فقدت الأسرة كل مدخراتها خلال مرات النزوح المتكررة.

تشير بقولها: «النقود نفدت نتيجة النزوح المتكرر، النقل والمواصلات غالية الثمن ومكلفة، هذه الظروف أجبرتنا نعمل أمام أفران الطين لكي أصرف على أولادي. أسرتي تتكون من ١٨ شخصًا».

أقسى ما في الحرب أن تنسى المرأة أنها امرأة، وأن تتعذب الأم بأمومتها حين لا تقوى على إطعام طفلها أو حمايته، ولكن المعاناة في غزة أكبر، فالمرأة تموت في كل لحظة حين تفقد ابنها أو أباها أو أخاها أو جيرانها، وهو وضع مأساوي طال أمده ويزداد تفاقمًا كما تشير زينب الغريب: «الوضع في غزة للاسوأ، لا يوجد مكان آمن، نعاني كثيرا، الأمل في وجه الله أن تنتهي الحرب، أملنا في الله كبير».

في كل لحظة تمر في غزة مخاطرة ومع كل ثانية معاناة، ولا أفق لنهاية الحرب، رغم الحديث الكثير عن وقف إطلاق النار فليس لها من دون الله كاشفة.

الموت بات هو القاعدة في غزة الأبية استشهادا أو جوعا أو مرضا، وأمام الموت يتضاءل كل شيء، بعد أن أدرك أهل غزة عجز العالم عن وقف آلة العدوان وكبح زبانية الدماء في تل أبيب.

معاناة مضاعفة لنساء غزة، إرهاق نفسي وبدني، وحزن دفين على من رحل، وأسى على من أصيب وصبر على أعمال شاقة لإعالة من كتبت له الحياة.

وأمام كل ذلك أثبتت نساء غزة قدرتهن على التكيف مع ظروف الحرب، واكتساب خبرة النزوح، ولسان حالهن: «يردد حسبنا الله ونعم الوكيل».

واقع المرأة في غزة يفصح عن صمود خارق، نساء غزة أثبتن أنهن لسن كنساء الأرض، خلقن للكفاح والنضال وتربية الأبناء على العزة والكرامة والحرية. لا يفت في عضدهن احتلال غاشم، وقصف غادر، ودماء تسيل، فالأرض أغلى، والوطن أعز وأبقى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: نساء غزة فی غزة بعد أن

إقرأ أيضاً:

زيتونة وأطفالها السبعة في مواجهة الجوع والانيميا المنجلية

 

منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير : صحيفة التغيير

كمبالا :13 سبتمبر 2023

بأحد فصول مخيم النازحين بمدرسة صفية الثانوية بنات بمدينة الدويم ولاية النيل الأبيض، كان حسام صابر، البالغ من العمر 9 سنوات، واخته نورا، ذات الخمس سنوات، ينزويان بعيدًا عن أشقائهم، يعانيان من قلة الحركة وآلام المفاصل وارتفاع درجة الحرارة.

الفرار من الخرطوم

تقول والدتهما زيتونة فليب 34 عاما، “كنت أغذي “حسام” باللحوم والزبيب والفواكه واللبن بجانب أدويته لعلاج الأنيميا المنجلية، لكن بعد الحرب انقلب حالنا وساءت الأمور أكثر، عندما أصيبت شقيقته الصغرى بنفس المرض بعد أن اضطررنا للفرار من الخرطوم، لتجد نفسها في دار ايواء نازحين بمدرسة ثانوية في مدينة الدويم”.

الأنيميا المنجلية

الأنيميا المنجلية مرض ناتج عن فقر حاد للمعادن والفيتامينات في الدم، ويعود سبب انتشاره للعامل الوراثي إلى جانب سوء التغذية، وفقًا للأطباء، هذا المرض يتسبب في خلل في الهيموقلوبين، (البروتين المسؤول عن حمل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء)، مما يؤدي إلى تشكيل خلايا دموية صلبة تشبه المنجل في ظروف معينة .

جوع ومرض

يبدأ ظهور مشاكل مرض الخلايا المنجلية عادةً عند الأطفال بين 5 و6 أشهر من العمر، وقد تتطور مشاكل صحية متعددة مثل نوبات الألم المعروفة بأزمة الخلايا المنجلية، فقر الدم، تورم اليدين والقدمين، الالتهابات البكتيرية، والسكتة الدماغية. مع تقدم العمر، قد يتفاقم الألم، ويتراوح متوسط العمر المتوقع للأشخاص المصابين بهذا المرض في الدول المتقدمة بين 40 و60 عامًا.

مساعدات الهلال الاحمر

الأوقات الصعبة للأسرة بدأت بعد النزوح، حيث فقدت زيتونة فليب القدرة على شراء الأطعمة التي كان من الضروري توفيرها لطفلها. قالت باسي: “لقد كان لدينا نظام غذائي متوازن، قبل الحرب، كنت اعتني بإطعام صابر جيدًا، واقدم له اللبن والفواكه والزبيب واللحوم بأنواعها، بالإضافة إلى الفيتامينات والبودرة المخلوطة باللبن يومًيا صباحًا ومساءً.” ولكن الان نعتمد فقط على المساعدات الشهرية التي نتلقاها من الهلال الأحمر، وهي تشمل دقيق الذرة والزيت والعدس،” واضافت: كان حسام يعاني من مشاكل صحية شديدة بسبب مرضه، ولكن الأمور ازدادت سوءًا عندما أصيبت شقيقته نورا، ذات الخمس سنوات، بنفس المرض

حياة المخيم

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل أن زيتونة تجد صعوبة في تأمين الرعاية الطبية الكافية لأطفالها بسبب نقص المال، فهي إلى جانب عجزها حيال توفير الطعام المناسب، فشلت في شراء الفيتامينات والبودرة، وعندما ظهرت على نورا أعراض المرض نفسه، وقع الأمر كالصاعقة على المرأة الثلاثينية” كما ذكرت في افادتها.

الحياة في المخيم ليست سهلة، حيث تعيش زيتونة واطفالها السبعة في فصل مع ثلاث أسر أخرى، وتنام على فرشات بالأرض بسبب نقص الأسرة مع انعدام البطانيات أو وسائل التدفئة، بعد فترة، غادرت الأسر الثلاثة وظلت زيتونة وأبناؤها وحدهم في الفصل، حتى انضمت إليهم أسرة أخرى منذ أيام.

خيارات ضيقة

نظرًا لضيق الحال، تجد “زيتونة” صعوبة في تقديم المساعدة لأبنائها، وخاصةً أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية طبية.ولكن لم يكن امامها سوى القليل من الخيارات، فقد حاولت العمل كبائعة شاي رغم اصابتها بمرض في الغدة الدرقية، ولكن دخلها كان ضئيلاً للغاية في ظل ارتفاع الأسعار وقلة فرص العمل في المدينة المزدحمة بالنازحين .

عدس وقراصة

حكت والدة الأطفال السبعة

لـ «التغيير» قائلة: في إحدى المرات التي تعب فيها صابر، أخذته إلى المستشفى، فنصحني الطبيب بإطعامه أغذية غنية بالحديد. فقلت له: “من اين لي ثمن هذه الأطعمة واحيانا نمضي يوما بدون أكل .؟ واشارت الى أن الأسعار المرتفعة تجعل من الصعب تأمين احتياجات أسرتها، وفي ظل هذه الظروف أصبحت وجباتهم الأساسية تتكون من العدس والقراصة بالقليل من السكر .

وذكرت أن سعر رطل اللبن يبلغ 1250 جنيهاً، وكيلو العدس 7000 جنيه، وكيلو السكر 5000 جنيه ونصف،” رطل الزيت 2800 جنيه، وملوة البصل تتراوح بين 8 إلى 10 آلاف جنيه، فيما تصل سعر البيضة الواحدة إلى 700 جنيه. أما الخضروات والفواكه، فلا يقل سعرها عن ألفي جنيه.

فقدان الزوج

أزمة أخرى تضاف إلى مشاكل زيتونة، وهي فقدان التواصل مع والد أطفالها. بعد مغادرتهم الكلاكلة، انقطعت أخبار والدهم. وقد سمعت من أحد الأشخاص القادمين من هناك أن زوجها مصاب، ولكنها لا تعرف إن كان حيا أو ميتا، فهي لا تملك هاتفا ولا توجد شبكة في جنوب الخرطوم.

تأمل فليب في ختام مقابلتها معنا أن تتكفل جهة ما بمساعدة أبنائها المرضى. كما دعت الأشخاص الخيرين لدعم الوافدين في هذه الظروف الصعبة. وتأمل أيضاً أن تنتهي الحرب قريباً وتعود إلى منزلها، لانها تشعر بالإرهاق والتعب وناشدت الحكومة بالعمل على ايقاف الحرب .

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني

#ساندوا_السودان
#Standwithsudan

الوسومالفرار من الخرطوم المخيم زيتونة نقص المال

مقالات مشابهة

  • شهيّب: حل مشكلة النزوح السوري لا يقع على عاتق وزارة التربية
  • غزة.. ارتفاع حصيلة الحرب إلى 41182 قتيلا
  • مسؤولة أممية تكشف عن قسوة معاناة السودانيات
  • ترامب وهاريس في مواجهة حول غزة: هل تهدد الحرب حقاً وجود إسرائيل؟
  • زيتونة وأطفالها السبعة في مواجهة الجوع والأنيميا المنجلية
  • زيتونة وأطفالها السبعة في مواجهة الجوع والانيميا المنجلية
  •  أردني يروي معاناة نساء غزة في الحرب / تفاصيل صادمة
  • يقين واستبسال.. سيدة فلسطينية في الضفة الغربية تتمسك بأرضها وترفض التهجير (فيديو)
  • بايتاس: نسب النمو المهمة التي تتحقق هي خارج القطاع الفلاحي وتؤكد مجهودات الحكومة
  • جبر: ضرورة مواجهة التحديات التي تحول دون تمتع المرأة في العالم الإسلامي بحقوقها