د. عبدالله باحجاج
"نرجوك يا دكتور أن تنقل صوتنا للمسؤولين في البلاد.. مقالاتك مسموعة.. انقل على لساننا أنَّ ضوابط تطبيق الأمر السامي بمنح مستحقات مالية لطلاب مُؤسسات التعليم العالي الخاصة داخل البلاد تحرم الكثيرين من الاستفادة من هذا الحق الذي يشرعنه لهم الأمر السامي".. هذه العبارة ننقلها هنا كما وردت إلينا من مجموعة أولياء أمور طلبة من عموم البلاد، كما حملونا في الوقت نفسه توجيه الشكر والعرفان للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- على هذه المبادرة التي تأتي لتخفيف الأعباء عن كاهل أولياء أمور الطلبة في ظل الظروف المالية وتعقيداتها التي يُعانون منها.
الأمر السامي هو بمثابة التفاتة من لدن جلالته- حفظه الله ورعاه- هدفها توسيع مظلة الحماية الاجتماعية، وغايتها نبيلة، وهي الوقوف مع أولياء الأمور لكي يتمكن أبناؤهم الطلاب من الاستمرار في التعليم الجامعي.
لذلك تصبح مُناقشة الضوابط التنفيذية واجبة؛ لأنها تتعلق بضمانة تحقيق هدف وغاية الأمر السامي، من هنا نتساءل: هل هناك فعلًا من المُستحقِين الفعليين سيُحرمون منها بسبب الضوابط؟ وإلى أي مدى تتلاقى أو تتعارض هذه الضوابط مع الضوابط المُماثلة في الابتعاث الحكومي في مؤسسات التعليم الحكومية مثل جامعة السلطان قابوس وجامعة التقنية والعلوم التطبيقية؟ التساؤلان يضعان قضية الضوابط في طور مشروعية التفكير المشترك والمسؤول الذي يؤدي إلى ضمانة تحقيق الهدف والغاية الساميين من حيث شمولية المُخصصات المالية للمُبتعثين في مؤسسات التعليم العالي الخاصة داخل البلاد، أسوة بنظيرتها في مؤسسات التعليم العالي الحكومي، فإلى أي مدى هي ناجعة ومُتناغمة مع مثيلاتها المعمول بها في البلاد؟ وأخيرًا ما الحل؟
هذه التساؤلات ستضع صناع القرار على الإلمام بقضية التنفيذ من كل زواياها، وهذا من أهم دوافع الكتابة في هذا الموضوع، بعد لقاءات وتواصل أولياء الأمور معنا، وهنا علينا أن نضع معلومة فوق طاولة صناعة قرار الضوابط، وهي أن المخصصات المالية للمبتعثين في مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة هي مجرد دعم مُساند ومُهم لأولياء أمور الطلبة، بمعنى أن أولياء أمور الطلبة الجامعيين لن يسقط عنهم الدعم المالي لطلابهم الجامعيين، خاصة المبتعثين في مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة الموجودة في محافظات مسقط وظفار ومسندم والبريمي.
ويرجع سبب ردة الفعل الاجتماعية على ضوابط المخصصات المالية لطلبة مؤسسات التعليم الخاصة الداخلية، إلى ربطها بمستوى راتب أولياء أمور الطلبة، نقلًا من نظام الدعم الوطني، علمًا بأنَّ جامعة التقنية والعلوم التطبيقية تُقدِّم منحة مالية لجميع طلابها دون فروق في المنحة، وتعتمد فقط على معيار واحد وهو المسافة بين مقر سكن الطلبة ومقر الكلية، فإذا كانت أكثر من 50 كيلومترًا يكون الدعم 90 ريالًا، وإن أقل يكون الدعم 45 ريالًا.
أما الضوابط الجديدة لاستحقاق الدعم المالي لطلاب مؤسسات التعليم العالي الخاصة، فهي تعتمد على معيارين هما المسافة ودخل ولي الأمر، أعلاه 1250 ريالًا ومرتبط بعدد أفراد الأسرة، وهذا الربط لم يراعِ الأحمال الثقيلة على رواتب غير المستحقين، ففي لقاءاتنا مع أولياء الأمور قدّم لنا أحدهم كشفًا تفصيليًا بالتزاماته الشهرية وفق الراتب الذي يحصل عليه، وهو مُقسم بين الديون مُستحقة الدفع شهريًا، ومُتطلبات تعليم الأبناء؛ بما فيهم طالب جامعي على نفقته، وفواتير المياه والكهرباء والوقود وتكاليف المعيشة المرتفعة... إلخ، فكم سيتبقى من الراتب بعد ذلك؟
كما شرح لنا أحدهم حالتين متناقضتين لطالبين له، وكلاهما يتمتعان ببعثتين داخليتين، أحدهما في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بصلالة ويتلقى 90 ريالًا شهريًا؛ لأنَّ سكنه يبعد عن مقر الجامعة أكثر من 50 كيلومترًا، والآخر مبتعث حكومي دون مخصصات مالية في جامعة ظفار، وكانت ستنطبق عليه شروط استحقاقات المخصصات المالية لو كان يدرس في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية.
سنكتفي بما ذكرناه نقلًا عن أولياء الأمور، ونعتذر منهم على هذا الاختصار، ونعتقد أنَّ الجدل حول هذه الضوابط من منظور أولياء الأمور طبيعي؛ لأنَّ هناك حالات كثيرة لن تكون مُستحِقة للدعم المالي إذا ما طُبِّقَت الضوابط الجديدة، وهنا نقترح توحيد أنظمة الدعم المالي الثلاثة مع اختيار أفضلها، وهي: نظام الدعم المالي لطلاب جامعة السلطان قابوس، ونظام الدعم المالي لجامعة التقنية والعلوم الطبيقية، ونظام الدعم المالي لطلاب مؤسسات التعليم العالي الخاصة الجديد. وهناك طلاب يدرسون على نفقة أولياء أمورهم دون دعم مالي، ونأمل الانفتاح عليه؛ لأنَّ مخرجاتها ستصب في خدمة الوطن واستقراره.
كل نظام من تلكم الأنظمة يتضمن ضوابط أو معايير خاصة، ويبدو لنا أن ضوابط جامعة السلطان قابوس موضوعية، أما ضوابط جامعة التقنية والعلوم التطبيقية فهي مرنة؛ إذ لم تشترط سوى معيار المسافة فقط، بينما جاءت الضوابط الجديدة لاستحقاق الدعم المالي لطلاب مؤسسات التعليم العالي الخاصة مُعقّدة.
من هنا نطالب بتوحيد أنظمة الدعم المالي لطلاب التعليم العالي بعيدًا عن الراتب ومكتفين بمعيار المسافة والخصوصيات في النوع والماهيات التي تقضيها الروح الاجتماعية ومستقبل التخصصات وحاجة البلاد لها، كما تفعل جامعة السلطان قابوس، خاصة وأن قضية التوحيد المقترحة مصدرها أن وزارة واحدة تشرف على تلكم المؤسسات، وهي مصدر الضوابط الجديدة، فكيف جاءت مُنعزلة عن أنظمتها المعمول بها، واستحدثت نظامًا مُثيرًا للجدل؟
قِيل وسيُقال إنه لدواعي التأكد من عدم استفادة المقتدرين من هذا الدعم؟ ونقول مُجددًا إنه في المقابل يحرم في الوقت نفسه مستحقين حقيقيين من الدعم، وقد تنهي مسيرة الطلبة الجامعية اذا ما تأزمت أكثر المقدرة المالية لأولياء أمورهم. ومن ثم نتساءل: كيف لم يكن هذا الهاجس موجودًا في صياغة ضوابط نظام الدعم المالي لجامعة التقنية والعلوم التطبيقية؟ وذلك عندما اكتفت بمعيار بُعد مسافة السكن لاستحقاق الدعم المالي.
إنَّ طبيعة مرحلتنا الوطنية وتحدياتها الجيوسياسية تُحتِّم المرونة وتسهيل الأمور للمُواطنين، ونتمنى أن يكون ذلك عنوان هذه المرحلة بما فيها من ضغوط كبيرة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مدبولي يتابع جاهزية 12 جامعة أهلية جديدة للعام الدراسي المقبل مع وزير التعليم العالي
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، الدكتور محمد أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي؛ لمتابعة عددٍ من ملفات عمل الوزارة ذات الأولوية.
وخلال اللقاء، استعرض وزير التعليم العالي والبحث العلمي مدى جاهزية واستعدادات 12 جامعة أهلية جديدة؛ التي ستبدأ بها الدراسة لأول مرة خلال العام الدراسي المقبل، وذلك على مستوى التجهيزات الخاصة بالمدرجات وقاعات الدراسة والمعامل، كما استعرض مدى جاهزية أعضاء هيئة التدريس بهذه الجامعات.
وأوضح الوزير أن الـ12 جامعة أهلية الجديدة تشمل: جامعة القاهرة الأهلية، جامعة كفر الشيخ الأهلية، جامعة سوهاج الأهلية، جامعة دمنهور الأهلية، جامعة السويس الأهلية، جامعة دمياط الأهلية، جامعة عين شمس الأهلية، جامعة الوادي الجديد الأهلية، جامعة الفيوم الأهلية، جامعة طنطا الأهلية، جامعة الأقصر الأهلية، وجامعة مدينة السادات الأهلية، مضيفًا أن هذه الجامعات تضم 101 كلية والعديد من البرامج الدراسية في مختلف التخصصات.
وأشار الدكتور أيمن عاشور إلى أن الجامعات الأهلية الجديدة استكملت مواردها المادية والبشرية لتكون جاهزة لبدء الدراسة بها اعتبارًا من العام الدراسي القادم 2025/2026، مضيفًا أن عدد الجامعات الأهلية ارتفع إلى 32 جامعة بعد الموافقة على إنشاء 12 جامعة جديدة، ليصبح عدد الجامعات في مصر 128 جامعة.
كما استعرض الوزير جهود مشاركة الجامعات في عددٍ من المبادرات الخدمية المجتمعية مثل القوافل الطبية والبيطرية والقوافل التوعوية، فضلًا عن مشاركة الجامعات في عددٍ من المبادرات الرئاسية مثل "حياة كريمة".
وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور أيمن عاشور حرص الوزارة على مشاركة الجامعات في المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" للتعاون في تنمية المجتمع، لافتًا إلى استمرار العمل لتفعيل دور الجامعات ومؤسسات التعليم العالى فى خدمة البيئة المُحيطة، وتحقيق التكامل بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية والخدمية في مواجهة تحديات التنمية الاقتصادية والمجتمعية التي تواجه كل إقليم جغرافي.
وأضاف أن الجامعات المصرية أطلقت 535 قافلة طبية، وبلغ عدد الحالات المُستفيدة منها 303469 مستفيدًا، كما تم إطلاق 1025 قافلة بالتعاون مع المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، وبلغ عدد المُستفيدين منها 461029 مستفيدًا، وبذلك يصل إجمالي المستفيدين من القوافل الطبية إلى 719498 مواطنًا.
كما عرض وزير التعليم العالي والبحث العلمي موقف المبادرة الرئاسة "تحالف وتنمية" التي تستهدف تفعيل دور الجامعات والبحث العلمي في تقديم حلول ابتكارية لتنمية ودعم الاقتصاد القومي.
وأضاف أن مبادرة "تحالف وتنمية" تأتي تجسيدا لما يتضمنه من تحالفات على المستوى الأكاديمي والعلمي والبحثي والصناعى، ويتضمن عمل المبادرة توجيه جزء من الدعم المالي في التعليم والبحث العلمي لدعم فكرة التحالفات للتكامل على أكثر من مستوى، وتضم 7 تحالفات إقليمية وهي: (إقليم القاهرة الكبرى، والإقليم الشمالي بالإسكندرية، وإقليم الدلتا، وإقليم القناة وسيناء، وإقليم شمال الصعيد، وإقليم وسط الصعيد، وإقليم جنوب الصعيد).
وفي الوقت نفسه، تطرق الوزير إلى الحديث عن موقف مبادرة "كن مُستعدًا" تحت شعار "مليون مبتكر مؤهل" (Be Ready – 1M)، مشيرًا إلى أنه تم إطلاق النسخة الثانية من هذه المبادرة التي تعكس إيمان الدولة بدور الشباب كمحرك رئيسي للتنمية، وتسعى لبناء قدرات وتأهيل مليون من طلاب الجامعات وحديثي التخرج، مع إطلاق منصة رقمية متكاملة توفر مسارات متعددة للتأهيل المهني والابتكاري للشباب، مشددًا على سعي الوزارة لتقديم الدعم للطلاب من خلال منظومة شاملة ومتكاملة تؤهلهم لسوق العمل
واستعرض الوزير خلال اللقاء عرضًا تفصيليًا حول المبادرة وأهدافها والتغيرات الحاصلة في سوق العمل، مشيرًا إلى أن الوزارة تتابع التقارير الدولية المتعلقة بالمهارات المطلوبة، وتسعى لمواكبة متطلبات سوق العمل الإقليمي والدولي، لتعزيز قدرة مصر على تصدير العمالة المؤهلة، مؤكدًا على الإشادة الدولية بالكفاءات المصرية.
وأشار "عاشور" إلى أن المبادرة تهدف إلى إطلاق منصة رقمية متكاملة توفر مسارات متنوعة للتأهيل المهني والابتكاري، وإتاحة فرص تدريب وتوظيف حقيقية للشباب بالتعاون مع شركاء التنمية من المؤسسات الدولية والقطاع الخاص.