غزة- مدلين خلة - صفا كان لتساقط أولى حبات المطر على قطاع غزة، مع مرور 330 يومًا على حرب الإبادة الإسرائيلية، وجع آخر حرك مشاعر الغزيين شمال القطاع وجنوبه. مواجع كثيرة تُحيط بجدران قلوب الغزيين، لكن عودة الشتاء على هذا الوجع والقهر، كان بمثابة طعنة لكافة أفراحهم. كل عام، ينتظر الغزيون تساقط المطر ليركضوا إلى نوافذ منازلهم من أجل التقاط صور جميلة للمطر وهو يُداعب زجاج النوافذ، ويغسل موجة صيف حار، ليُعلن بداية أجواء منعشة ممتعة يحبها بسطاء هذه المدينة.

لكن هذا العام كل شي تغير، حتى قطرات المطر لم تعد كما كانت. طَرقاتِها على زجاج النوافذ أيقظ سكرات أوجاع مكتومة، تحولت بين لحظة إلى أنين ونهدات تخرج من قلوب اكتوت بنار الفراق والنزوح، وتبدد الشمل وابتعاد الأحبة.  وهطلت صباح يوم الأحد، الأمطار على قطاع غزة، ما أثار شعورًا بالبهجة والفرحة خاصة لدى الأطفال، رغم الحزن والآلام والدمار والقتل، مع استمرار حرب الإبادة الجماعية على القطاع. حزن وبكاء "ااخ يا وجع القلب".. كلمات خرجت من أفواه ملايين الغزيين حسرة على أبسط فرحة كانوا يعيشونها مع استقبال فصل الشتاء، وطي صفحات الصيف القاتم. كان نشر الزميلة الصحفية كاري ثابت منشورًا على موقع "فيسبوك"، "صف لي شعورك، الشتاء شمالًا والبكاء جنوبًا"، طرقًا لقلوب أليمة استذكرت لحظات جميلة جمعتها مع أشخاص لم يعودوا موجودين بل خطفتهم الحرب الإسرائيلية عنوةً، وكانت تجمعهم صور وضحكات فصل الشتاء الجميل. "البكاء والشعور بالغربة رفيق أهل غزة"، هذه مشاعر عبر عنها العديد من الغزيين مع لحظات تساقط المطر. الناشطة هالة رحيم كتبت قائلة: "أقسم بالله بكيت وأصابني شعور وجع بالروح إلنا الله، تذكرت لحظتها أنه من المفترض أن نعيش اليوم حياتنا بشكل طبيعي كما كنا سابقًا، لكن تغيرنا من عايشين إلى متسولين". ذكريات أليمة أما جيلان مطر، فكتبت عبر صفحتها على "الفيسبوك"، عن كمية الحزن والقهر والوجع، قائلة: "شعور لا يوصف، كنا نستنى هاليوم علشان نوقف ع البرندة، ونلعب بقطرات المطر ونتفرج على الأطفال وهما بالشارع قديش نكون مبسوطين". وأما نجلاء غلايني فقالت، "نفسي أشم ريحة المطر بغزة". وعبرت نجوى مصطفى عما يجول بخاطرها قائلة، "والله تذكرت بيتنا وبكيت من قلبي، كل شتاء نفرح بأول مطرة، لكن هذه المرة بكينا، اشتقنا نرجع إلى بيوتنا". "وجع قلب لا يوصف غصة بحجم كل الردم والدمار.. دائمًا الشتاء حنين، لكن هذه المرة حنين حقيقي لأشياء صعب تكون في المتناول حاليًا". هذا ما كتبته أسماء عمار وأما نائلة الأغا فتشعر بالحزن على ماحدث من تدمير وقصف وإبادة جماعية لأهالي قطاع غزة، داعية لإنهاء الحرب والعودة إلى ما تبقى من بيوتنا المدمرة. وكتبت هالة سرحان عزيز، "الجسم أصابه القشعريرة لما في ذاكرتي من مواقف وأحداث تحت الأمطار عشناها في غزة، كنت أحب الخروج لمشاهدة المطر بعيني، كما أن البحر في الشتاء جميل، ااااه يا وجع القلب، والله انكسرت في البعد عن الشمال والأهل، لكن الحمد لله على كل حال". أما حسام سرحان، فعبر عن حزنه بكلمات خرجت من قلبه المكوي بنار البعد عن بيته، قائلًا: "كنت أستغرب من كلام المغتربين، ريحة تراب الوطن والشوق لجدران البيت والحارة التي تعيش فيها، ولجيرانك وأهلك، إنه شعور يشل أركان العقل والروح".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: حرب غزة أمطار

إقرأ أيضاً:

أوساط الاحتلال تثير تساؤلات عن شعور الفلسطينيين بـالنصر رغم حجم الدمار

توقفت أوساط الاحتلال مطولا عند مشاهد الفلسطينيين العائدين الى منازلهم في شمال قطاع غزة، وهم يرون "فرحة النصر" في عيونهم، رغم أنهم يقفون على أطلال منازلهم المدمرة.

بن درور يميني الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أنه "بينما كانت دموع الإسرائيليين تنهمر في أمام الصور الملتقطة للمختطفات العائدات، كانت الهتافات المفعمة بمشاعر النصر تتعالى في قطاع غزة، مما يدفع للتساؤل عن أي نصر يتحدث الفلسطينيون، رغم أن العالم يرفض أن يصدّق، ويواجه صعوبة في فهم ما يعيشه الفلسطينيون من أحاسيس، دون أن يعلموا أن المكون الرئيسي للهوية الفلسطينية هو التضحية، وهذا مصدر التعاطف الذي يتلقونه في العالم".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الفلسطينيين لعلهم الشعب الوحيد الذي نجح بتحويل التهجير الذي عانوه إلى وقود لتغذية هويتهم الوطنية، ولم يسلّموا بما قرره المشروع الصهيوني من طردهم، وبدأت تضحياتهم منذ وقت مبكر في عام 1948 من خلال "النكبة"، ورغم ما شهده القرن العشرين من خضوع 60- و70 مليون إنسان لعمليات النزوح والطرد والتبادل السكاني بسبب إنشاء الدول القومية، لكن الشعب الفلسطيني هو الوحيد الذي نجح بتحويل نزوحه ولجوئه إلى تعزيز هويته الوطنية، ورفضوا مقترحات التقسيم".



وزعم أن "حالة البؤس نفسها، ونفس الشعور بالضحية، هو أحد المبررات الرئيسية لاستمرار المقاومة الفلسطينية بشكل عام، والهجوم الذي شنّته حماس في السابع من أكتوبر"، ذاكرا ما أكدته عضو الكنيست السابقة حنين زعبي مؤخرا خلال مؤتمر في فيينا أنه "لا يمكن فصل حماس عن الشعب الفلسطيني، لأن من دخلوا في السابع من أكتوبر، دخلوا بلادهم، حتى أن أفضل المثقفين في العالم يرددون ما تردده دعاية حماس، وحشدوا أنفسهم لتبرير روايتها عن ذلك الهجوم باعتبارها الضحية".

وذكر أنه "من المعروف منذ زمن طويل أن المقاومة الفلسطينية ليست وطنية أو حتى قومية فقط، بل جهادية وإسلامية، ولذلك من المرجح أن يظل نفس المقاتلين من حماس هم حكام قطاع غزة، لأنهم وفقا لأبجديات الفكر الفلسطيني والتقدمي، فإنهم ممثلون مخلصون لسردية التضحية، التي تتضمن حلم تدمير إسرائيل، لكن هذا الحلم صعب عليه أن ينجح بدون الدعم الدولي ووسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية، والحرم الجامعي، وفي الشوارع، حينها تصبح الأصوات الشجاعة بين الفلسطينيين أقوى".

وأشار إلى أن ما أسماه "التحالف الأخضر والأحمر من التقدميين استولوا على الخطاب الإعلامي المناصر للفلسطينيين، وهم منتشرون في شوارع نيويورك وأمستردام وتورنتو، ممن يمكنون لرواية انتصار السردية الفلسطينية".

مقالات مشابهة

  • كعادتها ساكنة دوار الطيبي بسيدي معروف، تواجه مصيرها في فصل الشتاء
  • ترامب يشكك في أن الغزيين يريدون البقاء لكن قصة سالم تفند ذلك
  • خبير علاقات دولية: جهود مصر مستمرة لوقف نزيف الدم الفلسطيني
  • أول تعليق من مرموش بعد تسجيله هاتريك في شباك نيوكاسل بالبريميرليج
  • محمد المازم.. يطرح «أي عيد؟»
  • شاهد| سماء الشرقية ملبدة بالغيوم.. واستمرار تساقط الأمطار
  • الفراج: تعادل الهلال أشبه بالخسارة.. والرياض يعيد ذكريات الثمانينات.. فيديو
  • قبل عقود .. هكذا سعت تل أبيب سريًا إلى تشجيع هجرة الغزيين
  • أوساط الاحتلال تثير تساؤلات عن شعور الفلسطينيين بـالنصر رغم حجم الدمار
  • هطول الأمطار الجليدية على بريطانيا يؤدي إلى كارثة.. ماذا يحدث للطائرات؟