مقارنة تكشف تحيز نيويورك تايمز في التغطية بين غزة وأوكرانيا
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
أظهرت مقارنة متعمقة اختلاف تغطية صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية للغزو الروسي لأوكرانيا، مقابل تعاملها مع الحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيل على غزة
وبحسب دراسة قام بها موقع "mondoweiss" المختص لتغطية السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، كتبت سوزان ويسلينج، محررة مكتب معايير نيويورك تايمز، في مذكرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 إلى موظفي "صحيفة السجل"، "إن كلمات مثل" المذبحة " و"المجزرة" غالبًا ما تنقل مشاعر أكثر من المعلومات".
وأضاف ويسلينج: "فكروا مليًا قبل استخدام كلمات مثل "مذبحة"، خاصة مع مرور أكثر من شهر على الحرب الأمريكية الإسرائيلية الحالية على غزة وقتها، واستشهد أكثر من 10000 فلسطيني على يد قوات الاحتلال. كان الكونجرس قد صوت على إرسال عشرات المليارات من المساعدات العسكرية الفتاكة للكيان الصهيوني.
وذكرت المقارنة أن عنوان الصفحة الأولى في الحادي عشر من أذار/ مارس 2022 "المذبحة تتسع مع تعثر محادثات وقف إطلاق النار"، مصحوبًا بست صور جوية تُظهر غزو روسيا لأوكرانيا. وفي الخامس من نيسان/ إبريل، بعد انسحاب القوات الروسية من ضاحية بوتشا في كييف، تاركة وراءها عشرات الجثث، جاء في الصفحة الأولى: "الرعب يتزايد بسبب المذابح في أوكرانيا".
وأضافت المقارنة أن أوكرانيا وغزة ليسا وجهين متوازيين تاريخيين مثاليين، ولكن الغزو الروسي لأوكرانيا لا يزال يوفر نقطة مفيدة للمقارنة مع الحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة. فقد احتلت كلتا الحالتين اهتمام وسائل الإعلام لعدة أشهر متتالية، وكلاهما يمثل صراعات متورطة بعمق في الإمبراطورية الأمريكية.
وتشكل روسيا تهديداً واضحاً لمصالح السياسة الخارجية الأمريكية، وعلى هذا النحو، تقدم صحيفة التايمز أفعالها بأقسى العبارات الممكنة في حين ترفع من شأن الأوكرانيين الذين يقاومون الغزو الروسي باعتبارهم المدافعين في الخطوط الأمامية عن أسلوب الحياة الغربي.
وتشير المقارنة إلى أنه على النقيض من ذلك، تُعَد إسرائيل أقرب حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وقد عملت لتقوية مصالحها الإقليمية لعقود من الزمان، ولدى الولايات المتحدة مصلحة راسخة في دعم المشروع الصهيوني والدفاع عنه - وهو المشروع الذي يستلزم المحو الجسدي والثقافي للفلسطينيين. وتستخدم وسائل الإعلام الغربية السائدة مثل صحيفة التايمز صفحاتها على نحو مخلص لغسل هذا الاهتمام.
ومن خلال مسح لكل مقال كتبته صحيفة التايمز خلال الأشهر الستة الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا (وعدد لا بأس به بعد تلك النقطة)، أجرت منظمة كتاب ضد الحرب على غزة / جرائم الحرب في نيويورك دراسة مقارنة نوعية لتغطية صحيفة نيويورك تايمز للغزو الروسي لأوكرانيا مع تغطيتها للحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة.
وقسمت الدراسة إلى أربعة أقسام: جرائم الحرب؛ والمقاومة؛ وأوكرانيا تحتاج إلى أسلحة!؛ والثقافة. ويوضح كل قسم التباين بين التغطية الإعلامية لغزو روسيا لأوكرانيا والحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة.
تدين تقارير صحيفة التايمز باستمرار جرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا، لكنها أثناء تغطية الحرب في غزة، إما تطمس طبيعتها أو تضفي الشرعية على أعذار إسرائيل لارتكابها، ففي غزة، يمنح اتهام المقاومة بالعمل بين المدنيين الضوء الأخضر لارتكاب جرائم الحرب الإسرائيلية؛ وفي أوكرانيا، يتم تأطير التكتيك على أنه تكتيك المقاومة الماكرة والشجاعة التي تكافح ضد جيش يتمتع بقوة نيران متفوقة بشكل كبير.
جرائم الحرب
بحلول الوقت الذي تم فيه توزيع مذكرة ويسلينج على موظفيها، كانت صحيفة التايمز قد نشرت بالفعل كلمات مثل "مذبحة" و"رعب" و"ومجزرة" و"مسار الإرهاب" عبر صفحاتها، و"وصفت صحيفة نيويورك تايمز القتلى الإسرائيليين بأنها "مذبحة" في 53 مناسبة، بينما وصفت الوفيات الفلسطينية مرة واحدة فقط. وكانت نسبة استخدام كلمة "مذبحة" 22 إلى 1، حتى مع ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين الموثقين إلى حوالي 15000".
وبينما راوغت صحيفة التايمز وبررت وتجاهلت وصورت جرائم الحرب الإسرائيلية بشكل جاد، فإن التحليل يكشف عن تفضيل لإدانة الجرائم الروسية بلغة عاطفية عميقة.
على صحيفة التايمز الصور المدمرة تملأ صفحاتها الأولى، مصحوبة بمناشدات عاطفية عميقة لإنسانية الأوكرانيين وعدم إنسانية القوات الروسية، منتشرة في كل مكان في تغطية صحيفة للحرب في أوكرانيا. وفي مقالات إخبارية أخرى، تكتب الصحيفة بشكل رسمي عن "المذابح العشوائية التي تميز ملاحقة موسكو للحرب".
وذهبت صحيفة التايمز إلى حد إنشاء صفحة تفاعلية (توثيق الفظائع في الحرب في أوكرانيا) مخصصة لتوثيق جرائم الحرب الروسية (هناك قصة واحدة عن وحدة أوكرانية تقوم بإعدام أسرى روس). لا توجد مثل هذه الصفحة لجرائم الحرب الإسرائيلية، والتي تشمل هجمات موثقة جيدًا على المدارس والمستشفيات وعمال الإغاثة والصحفيين والأسواق ومرافق المياه والمباني السكنية والمساجد ومخيمات اللاجئين.
لا تتردد صحيفة التايمز في وصف "قصف الأهداف المدنية" من جانب روسيا بعبارات واضحة ومباشرة، ولا تحاول تبرير أو "تأييد" تكتيكات روسيا، كما كانت أول محاولة لها مع جيش الدفاع الإسرائيلي.
عندما بدأ جيش الدفاع الإسرائيلي حصاره المميت الأول لمستشفى الشفاء في تشرين الثاني / نوفمبر، صورت صحيفة التايمز الهجوم باستمرار باعتباره نتيجة مؤسفة للحرب، حيث وقع المدنيون في مرمى النيران المتبادلة بدلاً من محاولة متعمدة من جانب إسرائيل لتعطيل النظام الصحي في غزة - على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي هاجم كل مستشفى في غزة. وبالمثل، أعطت الصحيفة مصداقية للادعاءات الأمريكية الإسرائيلية غير المثبتة بأن حماس كانت تدير "مركز قيادة وسيطرة" من مستشفى الشفاء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الإسرائيل غزة مستشفى الشفاء إسرائيل غزة اوكرانيا مستشفى الشفاء الحرب الابادة الجماعية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الروسی لأوکرانیا الإبادة الجماعیة نیویورک تایمز صحیفة التایمز جرائم الحرب فی أوکرانیا على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
ذكاء اصطناعي بلا ضوابط.. أثار جدلاً أخلاقياً وقلقاً دولياً:»نيويورك تايمز«: إسرائيل حوّلت حرب غزة إلى مختبر للذكاء الاصطناعي
كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن تل أبيب أجرت اختبارات واسعة النطاق على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة، ما أثار جدلا أخلاقيا وتحذيرات دولية من تبعات استخدام هذه التكنولوجيا في الحروب.
وأفادت الصحيفة، في تحقيق موسع نشرته مؤخراً بأن كيان الاحتلال استخدم أنظمة متقدمة لتحديد المواقع، والتعرف على الوجوه، وتحليل المحتوى العربي، ضمن عملياته العسكرية التي تصاعدت منذ أواخر عام 2023م. وأوضحت أن هذه الاختبارات شملت أدوات لم يسبق تجربتها في ساحات القتال، مما أثار قلقًا واسعًا بشأن الأضرار المحتملة على المدنيين.
ووفقًا لثلاثة مسؤولين من كيان الاحتلال والولايات المتحدة مطلعين، بدأت التجارب بمحاولة اغتيال القيادي في حركة حماس إبراهيم البياري، حيث استعان كيان الاحتلال بأداة صوتية تعتمد على الذكاء الاصطناعي طورتها الوحدة 8200، لتحديد موقعه التقريبي من خلال تحليل مكالماته.
وبحسب منظمة «إيروورز» البريطانية، أسفرت الغارة على البياري، في 31 أكتوبر، عن استشهاده إلى جانب أكثر من 125 مدنيًا.
واستمر كيان الاحتلال، خلال الأشهر التالية، في تسريع دمج الذكاء الاصطناعي في عملياته، بما شمل تطوير برامج للتعرف على الوجوه المشوهة، واختيار أهداف الغارات الجوية تلقائيًا، ونموذج لغوي ضخم يحلل المنشورات والمراسلات العربية بلهجات مختلفة.
كما أدخل نظام مراقبة بصري يستخدم عند الحواجز لفحص وجوه الفلسطينيين.
وأكد مسؤولون أن غالبية هذه التقنيات طُورت في مركز يعرف باسم «الاستوديو»، الذي يجمع خبراء من الوحدة 8200 بجنود احتياط يعملون في شركات كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وميتا.
وأثارت هذه الابتكارات مخاوف من أخطاء قد تؤدي إلى اعتقالات خاطئة أو استهداف مدنيين، إذ حذرت هاداس لوربر، خبيرة الذكاء الاصطناعي والمديرة السابقة بمجلس الأمن القومي لكيان الاحتلال، من أن غياب الضوابط الصارمة قد يقود إلى «عواقب وخيمة».
من جهته، قال أفيف شابيرا، مؤسس شركة XTEND المتخصصة بالطائرات المسيّرة، إن قدرات الذكاء الاصطناعي تطورت لتتعرف على الكيانات وليس فقط صور الأهداف، لكنه شدد على ضرورة التوازن بين الكفاءة والاعتبارات الأخلاقية.
ومن بين المشاريع البارزة، تطوير نموذج لغوي ضخم لتحليل اللهجات العربية ومراقبة المزاج العام، ساعد في تقييم ردود الأفعال بعد اغتيال زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله في سبتمبر 2024. ومع ذلك، واجهت هذه التكنولوجيا بعض الأخطاء في فهم المصطلحات العامية.
ورفضت شركات ميتا ومايكروسوفت التعليق على التقارير، بينما أكدت غوغل أن موظفيها لا يؤدون مهاماً مرتبطة بالشركة خلال خدمتهم العسكرية. من جهته، رفض جيش كيان الاحتلال التعليق على تفاصيل البرامج، مكتفيًا بالتأكيد على الالتزام بالاستخدام “القانوني والمسؤول” لتكنولوجيا البيانات.
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن استخدام الصراعات كحقول تجارب للتقنيات العسكرية ليس جديدًا بالنسبة لكيان الاحتلال، لكنها لفتت إلى أن حجم وسرعة توظيف الذكاء الاصطناعي في حرب 2023 – 2024م غير مسبوقين. وحذّر مسؤولون أمريكيون وأوروبيون من أن هذه الممارسات قد تشكل نموذجًا خطيرًا لحروب المستقبل، حيث يمكن أن تؤدي أخطاء الخوارزميات إلى كوارث إنسانية وفقدان الشرعية العسكرية.