الخليل تنضم للمقاومة بعمليات مؤثرة رغم محاولات الاحتلال عزلها.. ماذا يعني ذلك؟
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
جاءت عملية إطلاق النار صباح الأحد التي قتل فيها 3 من عناصر شرطة الاحتلال، لتُدخل الخليل على خط المواجهة المشتعل حاليا في شمال الضفة الغربية، وسط تواصل العملية العسكرية الإسرائيلية الموسعة لليوم الخامس على التوالي.
وقتل 3 من عناصر شرطة الاحتلال في عملية إطلاق نار على سيارة عند حاجز ترقوميا غربي الخليل بجنوب الضفة الغربية، بينما انسحب المنفذون وسط حالة استنفار أمنية إسرائيلية.
وتنضم الخليل، بهذه العلمية والعملية المزدوجة التي سبقتها في مجمع "غوش عتصيون" الاستيطاني شمال المدينة، إلى مدن جنين ونابلس والعديد من البلدات الفلسطينية التي نشطت فيها حالة المقاومة مؤخرا بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية، وذلك تزامنا مع استمرار حرب الإبادة للشهر 11 ضد قطاع غزة.
وحذرت القيادة الوسطى بجيش الاحتلال من أن اتساع المواجهة في الضفة الغربية سيضع عبئا على قوات الجيش، بحسب ما نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم".
حذاري من غضب #الخليل، فإنها إن قامت قامت الضفة ومقاومتها..#عاجل|| مقتل ثلاثة جنود صهاينة في عملية إطلاق نار ببلدة ترقوميا جنوب الخليل جنوبي الضفة الغربية. pic.twitter.com/DIWqgBXbBF — أدهم أبو سلمية ???????? Adham Abu Selmiya (@adham922) September 1, 2024
تاريخ من المقاومة
للخليل تاريخ حافل بالفعل المقاوم للاحتلال الإسرائيلي منذ قبل أحداث النكبة عام 1948 ودوما ما اكتسبت خصوصية في انطلاق المقاومة والثورة الفلسطينية، لا سيما أنها تعرضت ربما أكثر من غيرها لمحاولات التهويد والسيطرة، باعتبار أنها من المدن "الأربعة المقدسة" بحسب المعتقد اليهودي، إلى جانب القدس وصفد وطبريا.
وساهمت الخليل بشكل أساسي في "ثورة البراق"، وهي أول انتفاضة فلسطينية على محاولة تهويد القدس في عهد الانتداب البريطاني، بعدما اندلعت اشتباكات واسعة النطاق عند حائط البراق (الحائط الغربي للمسجد الأقصى) يوم 15 آب/ أغسطس 1929 رفضا لمخططات التهويد.
وشهدت الثورة صدامات بين الفلسطينيين من جهة واليهود وقوات الانتداب من جهة أخرى في الخليل وصفد والقدس ويافا ومدن فلسطينية أخرى، واستمرت أياما.
وبعدما قمعت بريطانيا الحراك الشعبي وتمكنت من السيطرة على الموقف بقسوة، قدمت للمحاكمة ما يزيد على ألف من العرب والفلسطينيين وحُكم على 27 منهم بالإعدام، بينهم يهودي واحد كان شرطيا دخل على أسرة عربية في يافا مكونة من 7 أشخاص فقتلهم جميعا.
وخففت سلطة الانتداب الأحكام إلى السجن المؤبد بحق 23 من الفلسطينيين، وأيّدت حكم الإعدام بحق 3 بعد اتهامهم بقتل يهود، هم: فؤاد حسن حجازي، ومحمد خليل جمجوم، وعطا أحمد الزير، وهم جميعا من مدينة الخليل.
وتتضمن الأوساط الفلسطينية عبارة تاريخية مفادها أن "القدس توحدنا والخليل تجمعنا"، وهذا شعار الذي جمع بين القدس والخليل على مدار مئات السنين، يتعلق بالتشابه بطبيعة الهجمة الاستيطانية، فضلا عن الشبه الظاهري بين المدينتين.
الضفة، الجبهة الأهم والأخطر، تشتعل ????
هاجم مقاومون سيارة للشرطة الإسرائيلية بالقرب من الخليل في الضفة الغربية، وقتلوا شرطيين اثنين إسرائيليين على الفور، وأصابوا الثالث بجراح حرجة، وانسحبوا من المكان بسلام.
صباح مشـ. ـرق pic.twitter.com/X0x45gdExx — Tamer | تامر (@tamerqdh) September 1, 2024
ورغم قلة المراجع التي توثق "الهجرة الداخلية" من الخليل إلى القدس، إلا أن محادثات سرية تاريخية دارت بين رئيس بلدية الخليل حينها محمد الجعبري والمفتي العام للقدس أمين الحسيني على اعتبار أن القدس والخليل كانت لواء واحد، يطلب بها الحسيني من رئيس بلدية الخليل بأن يهبوا إلى إنقاذ القدس من الاستيطان خلال حقبة الانتداب البريطاني، وهذا ما حصل حتى أصبحوا جزءا لا يتجزأ من نسيجها الاجتماعي.
ويعتقد المؤرخ الفلسطيني محمد ذياب أبو صالح أن الخليل ترفد القدس في جميع حقب التاريخ، وهي بوابة القدس، ولا تُفتح القدس إلا من جهة الخليل، لافتا إلى أنّ أهالي الخليل أدركوا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي أنّ مدينة القدس مستهدفة من الصّهيونية العالمية، فانتقلت إليها مئات العائلات الخليلية وسكنت فيها، وأصبحت النّسبة الأعلى من المدينة المقدّسة من الخليل، بحسب تقرير نشرته صحيفة بلدية الخليل.
وفي الثورة الفلسطينية عام (1936) ضد الانتداب البريطاني قاد كثيرون من أبناء الخليل هذه الثورة ضدّ الاحتلال، وذهب منهم كثيرون شهداء، من بينهم عطّا الزير، وفؤاد حجازي ومحمد جمجوم، فيما يبين بأنّ الخليل كانت تتصدّر دوما احتفالات التعبئة في عهد الحج أمين الحسيني، وكان المشاركون يعزفون الأهازيج الوطنية لحشد قواهم ضد الحملة الشرسة.
محرك المقاومة
وخلال الانتفاضة الأولى والثانية، كانت الخليل في صدارة المدن التي قاومت وتصدت للاحتلال، بينما كانت في انتفاضة 2015 المعروفة شعبيا باسم "انتفاضة السكاكين" أكثر من قدم الشهداء والمصابين، سواء من خلال تنفيذ العمليات، أو حتى التعرض للقتل والتنكيل الإسرائيلي.
وأوضحت دراسة إحصائية، أعدّها مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني، أن عدد شهداء "هبة السكاكين"، التي انطلقت في الأول من شهر تشرين أول/أكتوبر 2015، بلغ 251 شهيدا.
وأشارت الدراسة إلى أن محافظة الخليل تصدرت قائمة المحافظات التي قدمت شهداء خلال الانتفاضة، حيث ارتقى على أرضها 77 شهيدا، تليها القدس بـ 53 شهيدا.
وبسبب ذلك، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في 22 تشرين الثاني نوفمبر من العام ذاته أنه وجه أوامره للأجهزة الأمنية بتكثيف عملياتها في الخليل بحجة أنها مصدر أغلب "العمليات التخريبية" أو جميعها.
محاولات العزل
عمل الاحتلال الإسرائيلي على تعزيز العشائرية في الخليل واستغلال وضعها الخاص بهدف إغراقها في الخلافات الداخلية، وذلك في إدراك منها أن استغلال عامل العشائرية هو المدخل الأول والأهم لتخريب النسيج الاجتماعي الذي يشكل حاضنة للثورة، بحسب ما جاء في مقال نشرته مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
وللخيل خصوصية ثانية ساعدت "إسرائيل" في محاولة اختراق العشائر، فهي المدينة الوحيدة التي يوجد بها مستوطنين ضمن شبكة من خمس بؤر استيطانية تتوزع في قلب المدينة، ويتصل بعضها ببعض بطرق أمنية تمزق جغرافيا المدينة وتشقّ وحدتها الاجتماعية.
وفي ضوء ذلك تم تقسيم المدينة جيوسياسيا إلى جزئين: "إتش1" و"إتش2" ضمن اتفاقية الخليل الموقّعة في سنة 1997، والتي بموجبها تخضع المنطقة الثانية للسيادة الإسرائيلية، علما بأنه "يعيش فيها أكثر من 40 ألف فلسطيني مقابل 700 مستوطن إسرائيلي، ما أسس لتحولات عميقة في البُنى الاجتماعية أُطلق عليها مسميات شعبية من قبيل "الخليل التحتا" أو "الحارة التحتا"، وهذه التسمية لها دلالات اجتماعية تحيل إلى الخطر والخوف والقلق، إذ تحولت هذه المنطقة خلال ربع القرن الماضي إلى حَرْبَة في الخاصرة الخليلية، فصارت "قاعا مدينيا موبوءاً" يسيطر عليه اللصوص والهاربون من العدالة والخارجون على القانون وتجار المخدرات والسلاح، كما أن إمدادات السلاح كلها لعشائر الخليل مصدرها تجار السلاح في تلك المنطقة بحسب ما جاء في المقال.
وتمكن الاحتلال من استنهاض العشيرة في الخليل أكثر من غيرها من المدن الفلسطينية، مستغلا غياب أو ضعف الأطر الجامعة الأُخرى مثل الأحزاب والمؤسسات المدنية التي تستبدل روابط الدم بروابط سياسية واجتماعية وثقافية.
وساهم في ذلك بحسب مؤسسة الدراسات الفلسطينية التنافس بين الأحزاب العلمانية والدينية على استمالة العشائر، الأمر الذي عزز من مكانة العشيرة السياسية بشكل غير مسبوق بحيث صارت العشيرة قوة سياسية يُحسب لها في الخليل ألف حساب.
"وصول متأخر لكن مؤثر"
عندما كانت جنين ونابلس والقدس ومدن أُخرى تقدم نماذج للعمل المقاوم الفردي والجماعي، كانت الخليل تكتوي بنار ثاراتها الدموية، علاوة على أنها تعرضت لاعتداءات وإجراءات قاسية من طرف جيش الاحتلال والمستوطنين، مثل: قتل فلسطينيين من زوار الحرم الإبراهيمي؛ إحداث تغييرات في عمارة الحرم وبناء مصعد كهربائي فيه؛ وتسريب عقارات فلسطينية في قلب المدينة للمستوطنين.
مشاهد من عـمــليـة الخليل التي نفذها محمد كامل الجعبري، وأدت لمقتل مستوطن وإصابة آخرين. pic.twitter.com/mFitdOzpYZ — حسن اصليح | Hassan (@hassaneslayeh) October 30, 2022
وبينما ودعت في عام 2020 عاما كئيبا من الصراعات الداخلية والاعتداءات الإسرائيلية من دون ردّ، خرج على نحو مفاجىء وغير متوقع محمد كامل الجعبري، وهو معلم ورب أسرة في الثلاثينيات من عمره، والذي حمل سلاحه الشخصي تحت "عباءة سوداء" ونفّذ عمليته الفدائية في مستوطنة "كريات أربع" المتاخمة لمدينة الخليل حيث قتل مستوطنا معروفا بعدائه الشديد للخليل وجرح خمسة آخرين، بحسب
ووصفت مؤسسة الدراسات الفلسطينية عملية الجعبري بـ "الصفعة في وجه عشائرية غارقة في ثاراتها، فالفدائي أخفى سلاحه تحت العباءة في إشارة ذكية إلى مخاتير لا يجيدون قراءة ما وراء المشهد.. أراد محمد أن يقول: إن العباءات التي تغطي السلاح العشائري يمكن أن تخبىء السلاح الثوري أيضا".
"إنها ميتة واحدة، فلتكن في سبيل الله"
مبدأ كان قد خطه الشهيد عبدالله عزام، رحمه الله.
وترجمه اليوم بطل القسام في الخليل محمد الجعبري،
"في سبيل الله" .. لا يؤديها حقها إلا من ارتبطت روحه بالسماء فهانت في عينيه المستحيلات pic.twitter.com/Z1FwN5Mx2h — Lama Khater لمى خاطر (@lama_khater) October 29, 2022
وأضافت أن "محمد الجعبري ليس مثلا فريدا في الخليل، فكثيرا ما كانت الخليل في ذاكرة الاستعمار بمثابة الأسد النائم الذي إن نهض أبدع في أساليب المقاومة، هكذا يقول التاريخ؛ ولعل واحدة من أهم مرتكزات السياسات الأمنية الإسرائيلية إزاء الخليل هو إبقائها نائمة. لكن في المقابل فإن ما يميز المقاومة في فلسطين هو صعوبة التنبؤ بانفجاراتها ومآلاتها، فمدينة الخليل التي يبدو أنها تغفو على جروحها القديمة، من الممكن أن تنهض من كبوتها وتلقي عن كاهلها عبء ثاراتها وتلتحق بركاب الثورة".
دلالات العمليات الحالية
أكد المختص في الشؤون الإسرائيلية عمر نصر الدين، أن عمليتي الخليل تأتيان ردا من الفصائل الفلسطينية على الاحتلال بأن سياسة التفرّد في بعض المناطق، والقيام بعمليات عسكرية فيها، لا يعني أن الفصائل تنتظر أن يفرغ الاحتلال من هذه المناطق لينتقل إلى أماكن أخرى، وهذا تكريس لفكرة أن الحالة الوطنية النضالية متكاملة، وإن اختلفت الأدوات والمقدرات وفق الظروف الأمنية.
عملية الخليل و ابطال الخليل بامتياز ????????
اللواء واصف عريقات : 11 طلقه قتلت 3 في هدف متحرك في موقع عسكري بامتياز ومنطقة مأهولة بالمستوطنين واجهزة المراقبه والتكنلوجيا هذا عمل نوعي بامتياز. pic.twitter.com/MQpdXpoRTW — mariam safwat hegazy (@Mariam_S_Hegazy) September 1, 2024
وأضاف نصر الدين أن العملية تحمل رسالة مفادها أن مناطق الضفة لم تستسلم للواقع الأمني المفروض، بقدر ما كانت حالة الهدوء تشير إلى محاولات ترميم هادئة للتنظيمات المقاومة، والشاهد على ذلك قدرة الفصائل على الانتقال تدريجيا وبصورة منظمة إلى حالة فاعلة في مختلف مناطق الضفة، بحسب ما قال لموقع "قدس برس" المحلي.
بدوره، أشار الكاتب أحمد الطناني إلى عملية الخليل الأخيرة "مهمة جدا من حيث التوقيت والمكان، وهي تنقل كل الحسابات الأمنية الإسرائيلية في الضفة إلى طور جديد، كما تؤكد أن المزيد من الضغط العسكري والأمني لن يفضي إلا إلى المزيد من المقاومة"، بحسب ما أفاد لذات الموقع.
عن عملية الخليل
المنفذين اطلقو 11 رصاصة فقط على سيارة الشرطة تسببت بمقتل 3 عناصر شرطة إسرائيلية داخل السيارة.
وجميع الرصاصات اصابات اجساد العناصر. pic.twitter.com/anBFNbnlhu — Hanzala (@Hanzpal2) September 1, 2024
وأوضح الطناني أن "الأشهر الأخيرة تكشف وجود تغيير نوعي في طريقة عمل المقاومة وتشكيلاتها في الضفة الغربية، خصوصا من حيث قوة التنظيم والصلابة الأمنية والتطور التكتيكي، حيث نجح عدد من العمليات بدون وجود إشارات ساخنة لدى الاحتلال حول نوايا تنفيذ عمليات في هذه المناطق".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية عملية الاحتلال الخليل الفلسطينية المقاومة فلسطين الاحتلال الخليل المقاومة عملية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة فی الخلیل pic twitter com فی الضفة أکثر من بحسب ما ما کانت September 1
إقرأ أيضاً:
مع اقتراب صفقة التبادل.. ما هي الوحدة التي احتفظت بأسرى الاحتلال 15 شهراً؟
#سواليف
مع تقدم #مفاوضات #صفقة_تبادل_الأسرى ووقف إطلاق النار بين #المقاومة_الفلسطينية و #حكومة_الاحتلال، تتجه الأنظار نحو إمكانيات المقاومة في الاحتفاظ بأسرى الاحتلال لديها على مدار 15 شهراً من #حرب_الإبادة_الجماعية التي شُنت ضد قطاع #غزة، وفي ظل جهود استخباراتية عالمية للوصول إلى معلومات عن أماكن احتجاز المقاومة لأسرى الاحتلال.
خلال الهدنة الأولى التي حصلت في شهر تشرين ثاني/نوفمبر 2023 والتي أفرجت خلالها المقاومة عن عدد من #أسرى_الاحتلال مقابل تبيض سجون الاحتلال من الأطفال والنساء، ظهرت ترتيبات عناصر كتائب القسام بتسليم أسرى الاحتلال للصليب الأحمر، وسط تعقيدٍ بالمشهد أعجز الاحتلال عن تتبع مسار المقاومين الذين خرجوا بالأسرى حتى أوصلوهم لطواقم الصليب، ما يعكس جهود المقاومة في تأمين أسرى الاحتلال والتعامل معهم وفق ضوابط خاصة ومعقدة يعجز الاحتلال عن حلها، ليبرز اسم #وحدة_الظل_القسامية المتخصصة بهذا المجال، فما هي هذه الوحدة؟
التأسيس والإعلان
مقالات ذات صلة بايدن يطالب بتعديل الدستور وإلغاء حصانة الرئيس الأمريكي 2025/01/16في مطلع عام 2016، أعلنت #كتائب الشهيد عز الدين #القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، في فيلم وثائقي أنتجه الإعلام العسكري الخاص بها، عن وحدة عسكرية سرية، متخصصة بتأمين وإخفاء أسرى الاحتلال؛ لضمان الحفاظ على حياتهم وعدم وصول استخبارات الاحتلال لهم، واستخدامهم كورقة ضغط في عمليات التبادل للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
وأوضحت القسام أن قيادتها تعمل على اختيار عناصر وحدة الظل بعناية فائقة، ووفق معاير صعبة واختبارات مباشرة وغير مباشرة يجتازها العناصر، ثم يت تأهيلهم لدورات قتالية وأمنية لرفع قدراتهم.
وذكرت القسام في حينها أن أهم معايير القبول هي انتماء العنصر العميق للقضية الفلسطينية ورغبته بالفداء والتضحية، والذكاء والقدرة على اتخاذ القرار في الوقت الصعب، والأهم من ذلك السرية والكتمان، مع القدرات العسكرية والأمنية.
وكان تأسيس وحدة الظل عام 2006 بعد اختطاف المقاومة للجندي بجيش الاحتلال “جلعاد شاليط” بعملية الوهم المتبدد، ووقع على عاتقها تأمين الجندي، فيما استمرت المهمة خمس سنوات، إلى أن أُفرج عنه مقابل الإفراج عن 1050 أسير فلسطيني بصفقة وفاء الأحرار عام 2011.
واستمرت الوحدة بمهامها عام 2014 بعد أسر كتائب القسام لأربعة من جنود الاحتلال خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في ذلك العام، والتي استمرت بالاحتفاظ بهم حتى يومنا هذا.
المعاملة والمبدأ
يقوم مبدأ معاملة الأسرى في هذه الوحدة كما أعلنت كتائب القسام على “معاملة أسرى الاحتلال بكرامة واحترام وفق أحكام الإسلام، وتوفير الرعاية التامة لهم، المادية والمعنوية، مع الأخذ بعين الاعتبار مطريقة عاملة الاحتلال للأسرى الفلسطينيين، التي تنعكس على معاملة المقاومة لأسرى الاحتلال لديها.
وبعد الهدنة الأولى عام 2023 أكدت إحدى أسيرات الاحتلال المفرج عنهن أنها تلقت معاملة حسنة من عناصر المقاومة الذين أشرفوا على احتجازها.
القادة والعناصر
كشفت كتائب القسام عام 2022، أن قائد لواء غزة الشهيد باسم عيسى، هو من شكل الفريق الأول لوحدة الظل المسؤولة عن تأمين الجندي “جلعاد شاليط”.
وروى الشهيد في التسجيل المصور تم نشره في حينها تفاصيل الاحتفاظ بـ”شاليط” قائلاً: “تواصل معي الإخوة وطلبوا مني أتواجد في مكان بعد عملية الخطف، فتوجهت إلى المكان ووجدت الجندي مع الإخوة، وحينها بدأ الاحتلال بقصف شوارع القطاع، فقلت لهم أنا بوخذ الجندي وبحميه وما حدا يتواصل معي، ونقلناه إلى مكان آخر ضمن ترتيبات وإجراءات أمنية مشددة، بعرف دواوين اليهود في هاي القصص، همي ما عندهم أي دليل وبضربوا فتاشات عشان نحركه”.
وكشفت القسام تباعاً عن أسماء الشهداء الذين تركوا بصمة واضحة في تأسيس وعمل الوحدة، وكان أبرزهم الشهيد سامي الحمايدة الذي استشهد بعملية اغتيال عام 2008، والشهيد خالد أبو بكر الذي استشهد خلال الاشتباك مع قوة خاصة لجيش الاحتلال على مدخل أحد أنفاق المقاومة عام 2013، برفقة الشهيد محمد داود.
إضافة للشهيد عبد الله لبد، الذي استشهد إثر قصف إسرائيلي عام 2011، والشهيد عبد الرحمن المباشر الذي استشهد عام 2015 برفقة 6 من مقاومين القسام إثر انهيار نفق للمقاومة عليهم.
طوفان الأقصى واتساع المهمة
بعد معركة “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية على الاحتلال يوم 7 تشرين الأول/أكنوبر 2023، كان لهذه الوحدة دور في حراسة وتأمين ما بين 200 إلى 250 أسيراً من أسرى الاحتلال الذين تم اختطافهم والعناية بهم.
واستطاعت الوحدة على مدار 15 شهراً من حرب الإبادة، الاحتفاظ بأسرى الاحتلال في ظل ظروف صعبة عاشها قطاع غزة، تمثلت بالغارات الإسرائيلية المدمرة، والتوغل البري لجيش الاحتلال داخل القطاع، ومنظومات المراقبة والتجسس بتعاون أمريكي، فضلاً عن عملاء الاحتلال على الأرض.