سواليف:
2024-09-15@00:54:53 GMT

الحياة مدرسة

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

#الحياة_مدرسة

د. #هاشم_غرايبه

يعتقد أغلب الناس أن الحياة حظوظ، وان النجاح والوصول الى المراتب العليا مكتوبة على المرء ليس له يد فيها، لكن الحقيقة أن الأدوات الأساسية التي تصنع النجاح مودعة في كل البشر، إنما ما يعطيه الله بدرجات متفاوتة فهي المواهب، والتي لا سبيل لمعرفة الحكمة الإلهية البالغة في أسس توزيعها، فأغلب عناصرها متعلقة بما تخفيه سرائر البشر، وماغيبه الله عنا من علم بالمستقبل.


وأهم تلك المواهب الذكاء والحكمة.
المرء يعيش حياته في أربعة دوائر هو مركزها، فكل منها تحتوي الأصغر منها، يتمركز الإنسان في الدائرة الصغرى، وهي المريحة له كونها الأكثر أمانا له، وفيها يمكنه التحكم في ظروفه، لكنه ينحو طوال الوقت الى الخروج منها الى الثانية الأوسع، ثم الثالثة، وصولا الى الدائرة الرابعة، التي هي الكبرى المحيطة بجميع الدوائر.
الدائرة الأولى هي المريحة، لأنها متعلقة بمتطلباته الذاتية فقط، فيكون المرء واثقا من سيطرته على ما في هذه الدائرة الصغيرة.
عندما يدفعه الطموح للخروج الى الدائرة الثانية، التي تسمى دائرة التجريب، والمحفوفة بالخوف من المجهول، يكون ذلك بحذر، وإقدامه بمقدار الثقة بالنفس، على أن أكثر ما يميز المقيمين في هذه الدائرة أنهم يبقون عرضة للتأثر بآراء الآخرين.
اذا تمكن من تخطي دائرة الخوف، ينطلق الى الثالثة، وهي دائرة التعلم، ولأنه بوصوله هذه الدائرة يكون قد تجاوز عائق عدم الثقة بالنفس الذي ولد لديه الخوف، لذا فتصبح لدية القدرة على التعامل مع التحديات، فتتوسع مداركه ويكتسب مهارات جديدة، وتتعزز امكانياته في حل المشكلات، لكن أهم مكاسبه تكون في توسيع دائرة الإطمئنان المريحة لديه لتشمل حدودها الدائرة الثالثة.
بعدها ينتقل الى الدائرة الرابعة وهي دائرة الانجاز، وتمثل النجاح وتحقيق الذات، وتتميز بأربعة عناصر وهي: وضع أهداف محددة، وتحقيق الأحلام، وإيجاد أهداف أبعد متجددة، وقهر الصعوبات.
النفوس الكبيرة يكون كبرها بحجم الطموح الذي يعمرها، فتتجه دوما للدائرة الرابعة وتتحمل الصعاب في سبيل ذلك الإنتقال، أما متواضعو الطموح قليلو الهمة فيفضلون البقاء في الدائرة الأولى – دائرة الراحة – ، لذلك تجدها الأكثر اكتظاظا، ويقل ذلك كلما اتجهنا خارجاً الى الدوائر الأوسع، التي يعمرها الطموحون، وزاخرة بالقادة والعلماء والمفكرين.
الذكاء والحكمة هما زاد التغيير، يقودان ويوجهان الإنسان لكي يرتقي، وهاتان الموهبتان متباينتان عند الناس، وموزعتان بحكمة إلهية، لا يمكننا الاحاطة بها، لكي تعمر الأرض بكل ساكنيها، وليبقى بعضهم بحاجة لبعض، فيسود بينهم التعاون وتبادل المنافع، إذ لو أعطيت للجميع بدرجة واحدة لنشأوا بقدرات متماثلة، ولما خدم أحد أحدا: “وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا” [الزخرف:32].
يعتقد كثيرون أن الذكاء والحكمة متلازمان، لكنهما في الحقيقة مختلفان وأداؤهما متباين.

فالذكاء يقود أما الحكمة فتوجّه. الذكاء يضبط التحرك فيما الحكمة تتيح الحركة. الذكاء وقود فهو يحرق أما الحكمة فهي دفء يريح. الذكاء يقدم الحجج أما الحكمة فتقدم البناء. في الذكاء تتجلى قوة الإرادة أما في الحكمة السيطرة على الإرادة. الذكاء سعي للمعرفة وهو متعب للساعي، وفي الحكمة السعي للحقيقة وهي ملهمة للساعي. الانسان الذكي يعتقد أنه يعرف كل شيء، لكن الحكيم يعرف أن هنالك شيئا عليه تعلمه. الذكي يحاول دوما اثبات وجهة نظره، الحكيم يعلم أنه لا توجد وجهة نظر تستحق الإثبات. الذكي يقدم مجانا النصيحة المرغوب فيها، الحكيم يحتفظ باستشارته الى حين استنفاد كافة الخيارات. الذكي يفهم تماما ما قيل، لكن الحكيم يفهم ما الذي ترك قوله. الذكي يتكلم عندما يكون عليه أن يتكلم، أما الحكيم فيتكلم عندما يكون لديه من يستمع. الذكاء يُري المرء أن كل الأمور نسبية، أماالحكمة فتريه مقدار التناسب. الرجل الذكي يعرف كيف يعظك، لكن الحكيم يعرف كيف يصل الى عقلك. السياسي الذكي يعرف كيف يسيطر على جمهور هائج، لكن الحكيم يعرف كيف يوجهه.
هكذا نستطيع أن نتبين الفوارق الدقيقة بين الذكاء والحكمة، صحيح أن الذكاء هبة ثمينة نافعة للمرء، لكن الإنجاز لا يتحقق إلا إن رافقته الحكمة.
لذلك: “يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا” [البقرة:269] مقالات ذات صلة وراء الأكمة 2024/08/31

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه یعرف کیف الذکاء ی

إقرأ أيضاً:

الحكيم والسوداني يشددان على احترام القضاء ودعم مخرجاته في ملاحقة الفاسدين

بغداد اليوم- بغداد

شدد رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم ورئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الجمعة (13 أيلول 2024)، على احترام القضاء ودعم مخرجاته في ملاحقة الفاسدين.

وقال الحكيم بحسب بيان لمكتبه تلقته "بغداد اليوم"، إن "استقبل السوداني، وتداول معه في تطورات المشهد السياسي في العراق والمنطقة وطبيعة الاستحقاقات القادمة، وباركنا العملية العسكرية الأخيرة التي أبادت العديد من قيادات داعش الإرهابي والتي كانت تحت عنوان (وثبة الأسد)".

وأضاف "شددنا في الوقت ذاته على اتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بمكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين واسترجاع الأموال، كما شددنا على احترام القضاء واحترام مخرجاته باعتباره حجر الزاوية في المعادلة العراقية".

وتابع "كما تم التأكيد على أهمية المعالجات الاستراتيجية لتنويع مصادر الدخل ومغادرة حالة الدولة الريعية، وحول تطورات الأحداث في غزة قلنا بضرورة الإيقاف الفوري للحرب وإنقاذ الشعب الفلسطيني من آلة القتل الإسرائيلية التي لا تفرق بين الصغير والكبير والمرأة والرجل".


مقالات مشابهة

  • الكهرباء تكشف عن تفاصيل جديدة بشأن التحول الذكي بالشبكة الكهربائية
  • الحكيم والعامري يجدّدان الدعوة لوقف الحرب على غزة
  • وزير الإسكان: تسليم المرحلة الأولى من رأس الحكمة مطلع أكتوبر المقبل
  • ”أبو زرعة لا يعرف الرحمة.. سنعرف كل شيء قريبًا”..اعلامي يتحدث عن القبض على زعيم عصابة المخدرات في عدن ومن يقف وراءه؟”
  • الحكيم والسوداني يشددان على احترام القضاء ودعم مخرجاته في ملاحقة الفاسدين
  • حكاية شهر توت أول السنة القبطية.. حمل اسم إله الحكمة
  • دفتر الملاحظات الذكي من جوجل يمكنه إنشاء بودكاست حول ملاحظاتك
  • الحكيم يدعو البرلمان للتصويت على قانون نقابة المبرمجين
  • Z Fold 6.. تجربة الهاتف الذكي المستقبلية المزود بالذكاء الاصطناعي
  • بسام الدخيل: من اختار ‎مانشيني لا يعرف المنتخب السعودي.. فيديو