سواليف:
2025-02-23@01:56:17 GMT

الحياة مدرسة

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

#الحياة_مدرسة

د. #هاشم_غرايبه

يعتقد أغلب الناس أن الحياة حظوظ، وان النجاح والوصول الى المراتب العليا مكتوبة على المرء ليس له يد فيها، لكن الحقيقة أن الأدوات الأساسية التي تصنع النجاح مودعة في كل البشر، إنما ما يعطيه الله بدرجات متفاوتة فهي المواهب، والتي لا سبيل لمعرفة الحكمة الإلهية البالغة في أسس توزيعها، فأغلب عناصرها متعلقة بما تخفيه سرائر البشر، وماغيبه الله عنا من علم بالمستقبل.


وأهم تلك المواهب الذكاء والحكمة.
المرء يعيش حياته في أربعة دوائر هو مركزها، فكل منها تحتوي الأصغر منها، يتمركز الإنسان في الدائرة الصغرى، وهي المريحة له كونها الأكثر أمانا له، وفيها يمكنه التحكم في ظروفه، لكنه ينحو طوال الوقت الى الخروج منها الى الثانية الأوسع، ثم الثالثة، وصولا الى الدائرة الرابعة، التي هي الكبرى المحيطة بجميع الدوائر.
الدائرة الأولى هي المريحة، لأنها متعلقة بمتطلباته الذاتية فقط، فيكون المرء واثقا من سيطرته على ما في هذه الدائرة الصغيرة.
عندما يدفعه الطموح للخروج الى الدائرة الثانية، التي تسمى دائرة التجريب، والمحفوفة بالخوف من المجهول، يكون ذلك بحذر، وإقدامه بمقدار الثقة بالنفس، على أن أكثر ما يميز المقيمين في هذه الدائرة أنهم يبقون عرضة للتأثر بآراء الآخرين.
اذا تمكن من تخطي دائرة الخوف، ينطلق الى الثالثة، وهي دائرة التعلم، ولأنه بوصوله هذه الدائرة يكون قد تجاوز عائق عدم الثقة بالنفس الذي ولد لديه الخوف، لذا فتصبح لدية القدرة على التعامل مع التحديات، فتتوسع مداركه ويكتسب مهارات جديدة، وتتعزز امكانياته في حل المشكلات، لكن أهم مكاسبه تكون في توسيع دائرة الإطمئنان المريحة لديه لتشمل حدودها الدائرة الثالثة.
بعدها ينتقل الى الدائرة الرابعة وهي دائرة الانجاز، وتمثل النجاح وتحقيق الذات، وتتميز بأربعة عناصر وهي: وضع أهداف محددة، وتحقيق الأحلام، وإيجاد أهداف أبعد متجددة، وقهر الصعوبات.
النفوس الكبيرة يكون كبرها بحجم الطموح الذي يعمرها، فتتجه دوما للدائرة الرابعة وتتحمل الصعاب في سبيل ذلك الإنتقال، أما متواضعو الطموح قليلو الهمة فيفضلون البقاء في الدائرة الأولى – دائرة الراحة – ، لذلك تجدها الأكثر اكتظاظا، ويقل ذلك كلما اتجهنا خارجاً الى الدوائر الأوسع، التي يعمرها الطموحون، وزاخرة بالقادة والعلماء والمفكرين.
الذكاء والحكمة هما زاد التغيير، يقودان ويوجهان الإنسان لكي يرتقي، وهاتان الموهبتان متباينتان عند الناس، وموزعتان بحكمة إلهية، لا يمكننا الاحاطة بها، لكي تعمر الأرض بكل ساكنيها، وليبقى بعضهم بحاجة لبعض، فيسود بينهم التعاون وتبادل المنافع، إذ لو أعطيت للجميع بدرجة واحدة لنشأوا بقدرات متماثلة، ولما خدم أحد أحدا: “وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا” [الزخرف:32].
يعتقد كثيرون أن الذكاء والحكمة متلازمان، لكنهما في الحقيقة مختلفان وأداؤهما متباين.

فالذكاء يقود أما الحكمة فتوجّه. الذكاء يضبط التحرك فيما الحكمة تتيح الحركة. الذكاء وقود فهو يحرق أما الحكمة فهي دفء يريح. الذكاء يقدم الحجج أما الحكمة فتقدم البناء. في الذكاء تتجلى قوة الإرادة أما في الحكمة السيطرة على الإرادة. الذكاء سعي للمعرفة وهو متعب للساعي، وفي الحكمة السعي للحقيقة وهي ملهمة للساعي. الانسان الذكي يعتقد أنه يعرف كل شيء، لكن الحكيم يعرف أن هنالك شيئا عليه تعلمه. الذكي يحاول دوما اثبات وجهة نظره، الحكيم يعلم أنه لا توجد وجهة نظر تستحق الإثبات. الذكي يقدم مجانا النصيحة المرغوب فيها، الحكيم يحتفظ باستشارته الى حين استنفاد كافة الخيارات. الذكي يفهم تماما ما قيل، لكن الحكيم يفهم ما الذي ترك قوله. الذكي يتكلم عندما يكون عليه أن يتكلم، أما الحكيم فيتكلم عندما يكون لديه من يستمع. الذكاء يُري المرء أن كل الأمور نسبية، أماالحكمة فتريه مقدار التناسب. الرجل الذكي يعرف كيف يعظك، لكن الحكيم يعرف كيف يصل الى عقلك. السياسي الذكي يعرف كيف يسيطر على جمهور هائج، لكن الحكيم يعرف كيف يوجهه.
هكذا نستطيع أن نتبين الفوارق الدقيقة بين الذكاء والحكمة، صحيح أن الذكاء هبة ثمينة نافعة للمرء، لكن الإنجاز لا يتحقق إلا إن رافقته الحكمة.
لذلك: “يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا” [البقرة:269] مقالات ذات صلة وراء الأكمة 2024/08/31

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه یعرف کیف الذکاء ی

إقرأ أيضاً:

حفل لـ ريهام عبد الحكيم الليلة في مسقط تكريما للموسيقار محمد عبد الوهاب

تقدم المطربة ريهام عبد الحكيم حفل خاص في دار الأوبرا السلطانية بمسقط في سلطنة عمان، تكريما للموسيقار محمد عبد الوهاب بقيادة المايسترو ناير ناجي.

ويأتي الحفل ضمن احتفالية كبيرة تقيمها دار الأوبرا السلطانية للإحتفاء بموسيقار الأجيال وتراثه الموسيقي والسينمائي الخالد.

وأعربت ريهام عن سعادتها بزيارة متحف الموسيقار المصري الراحل الكبير محمدعبد الوهاب في مسقط قبيل حفلها المنتظر الليلة.

وكتب ريهام عبر حسابها على فيس بوك: زرت متحف محمد عبد الوهاب في دار الأوبرا السلطانية بعمان، وكان الإحساس في كل ركن من المكان مليان بالمشاعر والحنين وكأن كل أغنية وكل لحظة من ألحانه لسه عايشة، بتحكي قصة عظيمة من زمن الفن الأصيل.


يذكر ان دار الأوبرا السلطانية قدمت عرض سينمائي لفيلم “رصاصة في القلب” شهد حضورا جماهيريا كبيرا، بحضور الناقد محمد نبيل والدكتورة نهلة مطر والمخرج أمير رمسيس، للحديث عن تفاصيل وكواليس الفيلم، ومكانته في سينما محمد عبد الوهاب، وشرح ما قدمه على مستوى الموسيقى التصويرية أو الأغنيات.
 

مقالات مشابهة

  • وعد مفقودة.. هل من يعرف عنها شيئًا؟
  • أحمد بن حميد يترأس الاجتماع القيادي لدائرة الموارد البشرية في عجمان
  • افتتاح مسجد سليم بن عمرو في الحمرية
  • لماذا يعرف مسرح الجريمة بـ«الشاهد الصامت»؟.. خبير يوضح في بودكاست «أول الخيط»
  • نائب عميد الدائرة 19 بالمحاميد يقود حملة أمنية تسفر عن اعتقال متهمين بحوادث مختلفة
  • «موارد عجمان» تدشن المرحلة الأولى من خدمة «عارف»
  • حفل لـ ريهام عبد الحكيم الليلة في مسقط تكريما للموسيقار محمد عبد الوهاب
  • تيار الحكيم يحصل على مناصب عُليا جديدة بحكومة السوداني
  • آية خرجت من منزلها ولم تعد.. هل من يعرف عنها شيئا؟
  • هل يعرف الموتى من زارهم الفوزان يجيب.. فيديو