عربي21:
2024-09-15@00:44:12 GMT

التطبيع مع الفوضى والانقسام في اليمن

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

في منتصف هذا الأسبوع، قام رئيس مجلس القيادة الرئاسي (سلطة شرعية) الدكتور رشاد العليمي بزيارة إلى محافظة تعز الواقعة جنوب غرب اليمن والمشرفة على مضيق باب المندب، هي الأولى من نوعها لرئيس يمني إلى هذه المحافظة المتشبثة بالجوهر الأصيل للجمهورية اليمنية الموحدة، التي تحيكُ قوى دولية وإقليمية مؤامرة واضحة لطمسها وتفكيكها، عبر مسار طويل وشاق ومراوغ من التطبيع مع الفوضى والانقسام، في بلد يكاد يتحول إلى ساحة صراع منسية تُفككُ أواصرَ الكتلة السكانية الأكبر في شبه الجزيرة العربية.



أخرجت تعز أعظم ما لديها من الولاء للدولة اليمنية ولرأس سلطتها الذي ينتمي إلى هذه المحافظة باعتبارها مسقط رأسه، عبر طوابير طويلة من المستقبلين، في مشهد لم تعشه تعز منذ وقت طويل.

كان يجب على الرئيس أن يغامر في إظهار العمق الأمني الذي توفره تعز له ولرفاقه ليس بقوة السلاح فقط؛ بل بهذه المشاعر الصادقة والمؤمنة باليمن ونظامه الجمهوري. ومع ذلك اضطر الرئيس لأن يقوم بزيارته المتأخرة لمحافظته مخفرا بقوات سعودية، وهو يعلم أن المقاومة والجيش الوطني استطاعا خلال سنوات الحرب تأمين هذه الجزء الغالي محررا من المشروع الإمامي الطائفي، وأن تعز كانت هي المدد الرئيس للمقاتلين في معركة فك الحصار عن مدينة صنعاء والدفاع عن الجمهورية ضد القوات الإمامية التي كانت تحاصر المدينة في ستينيات القرن الماضي، عندما تكالب على الثورة الوليدة آنذاك أعداء كُثر، كان الكيان الصهيوني أحدهم.

أكثر ما أُخذ على زيارة الرئيس هي الترتيبات الأمنية التي طغى عليها التفكير ببعد واحد، هو حماية الرئيس ورفاقه، حيث أظهرت هذه الترتيباتُ الرئيسَ واثنين من رفاقه في مجلس القيادة -وثلاثتهم يتشاركون بإخلاص حب محافظة تعز- في وضعية أمنية مثيرة للشفقة وسط بحر هادر من المرحبين بزيارتهم والمتطلعين إلى أن تدشن هذه الزيارة عهدا جديدا من نفوذ الدولة
أكثر ما أُخذ على زيارة الرئيس هي الترتيبات الأمنية التي طغى عليها التفكير ببعد واحد، هو حماية الرئيس ورفاقه، حيث أظهرت هذه الترتيباتُ الرئيسَ واثنين من رفاقه في مجلس القيادة -وثلاثتهم يتشاركون بإخلاص حب محافظة تعز- في وضعية أمنية مثيرة للشفقة وسط بحر هادر من المرحبين بزيارتهم والمتطلعين إلى أن تدشن هذه الزيارة عهدا جديدا من نفوذ الدولة؛ الذي يقع تحت طائلة فوضى هائلة من التهديدات من قبل مليشيات المشروع الانفصالي المتحكمة بالعاصمة السياسية المؤقتة، عدن.

كان لافتا غياب عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق محمد عبد الله صالح، القريب من الإمارات، والذي استأثر بالجزء الاستراتيجي المفيد من محافظة تعز (الساحل الغربي وباب المندب)، وهو حضور كان سيبدو مفيدا للغاية لتأكيد أن الرئيس ومعه أربعة من أعضاء المجلس الرئاسي (يضاف إليهم اللواء سلطان العرادة) يقفون على أرضية واحدة، والأهم من ذلك كانت ستؤكد مدى الاحترام الذي يظهره العميد طارق للوحدة الجغرافية لمحافظة تعز.

عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي، وفي توقيت ينطوي على رغبة في التصادم مع المد المعنوي الذي أنتجته زيارة الرئيس لأكثر محافظات اليمن سكانا، أصدر بصفته رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، قرارا قضى بتكليف عبد الرحمن المحرمي (عضو مجلس القيادة الرئاسي)، قائدا عاما للقوات الجنوبية ومكافحة الإرهاب، في مسعى يهدف في جزء منه إلى لملمة المشهد الأمني المضطرب في مناطق نفوذ المجلس الانتقالي بسبب الكوارث التي تسبب بها النشاط الإجرامي لوحدات ما تسمى "مكافحة الإرهاب" (لا علاقة لها بالدولة اليمنية)، من قتل وتغييب وتعذيب تطال شخصيات وقيادات جنوبية.

لكن الرسالة السياسية لهذا الإجراء الانفصالي واضحةٌ، إذ يريد إثبات أن الأرضية ليست مستوية أمام اللاعب الرئيس في المسرح اليمني (السعودية)، فثمة دول أخرى بدأت تتصرف بعدوانية تجاه الترتيبات السعودية، وهو أمر ينعكس بشكل خطير على الوضع في اليمن ويكرس حالة الفوضى والانقسام، ويضفي على نحو متزايد نوعا من الصلابة على المشروع الإمامي (الشيعي) شمالا، والمشروع الانفصالي جنوبا.

لأن السعودية لم تظهر حتى الآن جدية في ترميم المعسكر الذي يهيمن على الشرعية المعترف بها دوليا، فإنها بإصرارها على المضي في التفاوض الثنائي الصريح مع الحوثيين حول خارطة الطريق لإنهاء الحرب بدون تأثير واضح وأصيل للسلطة الشرعية، تساهم أيضا على نحو خطير في تكريس الفوضى والانقسام
وثمة تطور لافت في أجندة المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس جروندبيرج، بعد أن تبين أن جولته الأخيرة في كل من مسقط وعدن، لم تهتم سوى بقضية المختطفين من موظفي الأمم المتحدة والسفارات الغربية في صنعاء، مقترنة بتصريحات مركزة حول سلوك الحوثيين، وهو منحى غير مسبوق في تصريحات المبعوث وإحاطاته أمام مجلس الأمن الدولي.

وعلى الرغم مما يوفره التركيز الأممي على السلوك العدواني للحوثيين ضد مختلف شرائح المجتمع، ثمة مخاوف بأن تتحول هذه القضية إلى مطلب وحيد وربما أخير من هذه الجماعة التي تفرض سلطتها على الجزء الشمالي الغربي من اليمن، حيث تتركز معظم الكتلة السكانية للبلاد، بعد أن تراجع خيار العودة إلى حرب شاملة وانحسرت أجندة خارطة الطريق إلى تفاهمات تتركز حول تثبيت المكاسب غير المشروعة للحوثيين.

ولأن السعودية لم تظهر حتى الآن جدية في ترميم المعسكر الذي يهيمن على الشرعية المعترف بها دوليا، فإنها بإصرارها على المضي في التفاوض الثنائي الصريح مع الحوثيين حول خارطة الطريق لإنهاء الحرب بدون تأثير واضح وأصيل للسلطة الشرعية، تساهم أيضا على نحو خطير في تكريس الفوضى والانقسام، حتى لتبدو التحركات عالية المستوى لرئيس مجلس القيادة الرئاسي وعدد من أعضاء المجلس في الجغرافيا اليمنية، مجرد مناورة سياسية ترقى إلى مستوى الخديعة الكاملة للشعب اليمني.

x.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العليمي تعز اليمن المجلس الانتقالي السعودية الحوثيين الشرعية السعودية اليمن تعز الحوثيين الشرعية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجلس القیادة الرئاسی محافظة تعز

إقرأ أيضاً:

التونسيون يرفضون مناخ الاستبداد الذي يفرضه الرئيس سعيّد قبل الانتخابات الرئاسية

يتظاهر التونسيون الجمعة تنديدا بالمناخ الاستبدادي كمان يرونه قبل أقل من شهر على الانتخابات الرئاسية، ويحتجون على اقصاء مرشحين قضت لفائدتهم المحكمة الإدارية وسجن مرشح ومنع العديد من الترشح للانتخابات مدى الحياة.

اعلان

وقد دعت الشبكة التونسية للدفاع عن الحقوق والحريات، وعدد من مكوّنات المجتمع المدني والسياسي، إلى الكشف عما وصفته بارتفاع مستوى الاستبداد في فترة حكم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد.

وستشهد منطقة لافيات والباساج وشارع الحبيب بورقيبة، الشارع الرئيسي في العاصمة، توافد المتظاهرين للتظاهر ما أسموه سياسة القمع التي ينتهجها سعيّد.

" ردة فعل على انتهاك الحقوق والحريات"

قال محي الدين لغّة، القيادي في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان: "إن مظاهرة يوم الجمعة هي ردة فعل على انتهاك الحقوق والحريات الذي نشهده في تونس اليوم إضافة إلى حرمان بعض المواطنين من حقهم في الترشح للانتخابات الرئاسية".

تجدر الإشارة إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس كانت قد رفضت حكما صادرا عن الجلسة العامة القضائية بالمحكمة الإدارية أعلى سلطة قانونية في مادة النزاعات الانتخابية، وقد تعرّضت هيئة الانتخابات إلى انتقادات من الهيئات القانونية والمختصين واتهموها بالانحياز إلى المترشح قيس سعيّد وبأنها تفتقر إلى الاستقلالية وتعمل نيابة عن الرئيس الحالي، الذي عين أعضائها.

ويشار أيضا إلى أنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رفضت إدراج أسماء مرشحين في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية.

كما رفضت هيئة الانتخابات، مطالب لمنظمات وصحفيين للتسجيل كمراقبين للانتخابات، وأعلنت أنها لن تضيف ثلاثة مرشحين إلى ورقة الاقتراع، رغم أنهم حصلوا على أحكام قضائية تلغي رفض الهيئة السابق.

من بين هؤلاء المرشحين، وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي، الذي يرأس حزب "العمل والإنجاز".  المكّي كان قد استقال من حركة النهضة الإسلامية، وقد تم اعتقاله في يوليو بتهم وصفها محاموه بأنها سياسية، كما تم منعه من الظهور في الفضاءات العامة أو الادلاء بتصريحات لوسائل الإعلام.

من جهة أخرى اتهم منذر الزنايدي، المرشح الذي رفضت هيئة الانتخابات ادراج اسمه رغم وجود حكم قضائي لفائدته، هيئة الانتخابات بالتزوير وقال "إنها ارتكبت جريمة في حق تونس يمكن تصنيفها في خانة جرائم تبديل هيئة الدولة"

يشار إلى أنّ محكمة الإدارية أصدرت الشهر الماضي أمرًا لهيئة الانتخابات بإدراج عبد اللطيف المكي على ورقة الاقتراع، إلاّ أنها تجاهلت حكم المحكمة.

"التونسيون لن يتخلوا عن حقهم في انتخابات حرة "

وقال أحمد نفاتي، مدير حملة المكي، لوكالة أسوشيتد برس: " لقد دعونا التونسيين للمشاركة بكثافة في الاحتجاج يوم الجمعة ونأمل في أن تكون عملية تعبئة كبيرة". وأضاف: "التونسيون لن يتخلوا عن حقهم في انتخابات حرة وديمقراطية".

وعلى الرغم من التوقعات بأن تكون الانتخابات فاقدة لمبدأ التنافس بشكل كبير، اذ قلب قيس سعيد المشهد السياسي التونسي في الأشهر الأخيرة بتكثيف حملات الاعتقالات والقمع.

وقالت مجموعة الأزمات الدولية كرايزس غروب crisisgroup الأسبوع الماضي إن تونس تعيش "وضعا متدهورا"، فيما دعت منظمة هيومن رايتس ووتش هيئة انتخابية إلى إعادة المرشحين الذين تمّ حرمانهم من الترشح دون أي.

Relatedالمحكمة الإدارية تقلب أوراق قيس سعيد: عبد اللطيف المكي يعود للسباق الرئاسي بعد إلغاء قرار رفض ترشحهمغني الراب "كادوريم" يثير ضجة في تونس بإعلانه المفاجئ عن الترشح للرئاسةمعارضة "شرسة" للرئيس قيس سعيد... اعتقال عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس

وقال بسام خواجة، نائب مدير مجموعة الأزمات الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "إن إجراء الانتخابات في ظل هذا المناخ من القمع والاستبداد يجعل القول بأنّه من حق التونسيين المشاركة في انتخابات حرة ونزيهة، مسألة هزلية".

المصادر الإضافية • أب

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تونس: بعد توقيف العياشي الزمال.. مدير حملته يؤكد استعداده لخوض السباق الانتخابي ولو من السجن تونس ومناخ من الترهيب والمضايقة.. سعيّد يأمر بالتصدي لمن "يعملون من خلف ستار" قبل انتخابات الرئاسة أحكام بالسّجن وحرمان من الترشح مدى الحياة ضد مرشّحين للرئاسة في تونس قيس سعيد الانتخابات التونسية انتخابات رئاسية اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. حرب غزة: قتلى وجرحى نتيجة غارات إسرائيلية مستمرة بالقطاع والسنوار يوجه رسالة إلى نصر الله يعرض الآن Next روسيا تطرد 6 دبلوماسيين بريطانيين بتهمة التجسس والأنشطة التخريبية يعرض الآن Next فيتنام: ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار ياغي إلى 233 قتيلا بعد العثور على مزيد من الجثث يعرض الآن Next كوريا الشمالية تكشف عن منشأة سرية لتخصيب اليورانيوم وكيم يدعو لصنع المزيد من الأسلحة النووية يعرض الآن Next عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة يغلقون جسرا بتل أبيب ويتهمون نتنياهو وزوجته بممارسة الإرهاب النفسي اعلانالاكثر قراءة غوتيريش: غياب المحاسبة على قتل موظفي الأمم المتحدة في غزة "غير مقبول" في منطقة شنغن.. إليكم 8 دول شدّدت إجراءات الدخول عبر حدودها البرية عملية كوماندوز إسرائيلية في سوريا: الاستيلاء على ملفات إيرانية وأسر جنديين والحرس الثوري ينفي سير تاريخي في الفضاء: ملياردير يتجول خارج كبسولة سبيس إكس على ارتفاع مئات الأميال تباين الآراء في الاتحاد الأوروبي: سانشيز يدعو لإعادة النظر في الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم إيطاليا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا فلاديمير بوتين سعر الفائدة هولندا روسيا الاتحاد الأوروبي فرنسا قطاع غزة أسلحة نووية تضخم Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يلتقي عضو مجلس القيادة ”البحسني” بعد زيارة الرجلين لأمريكا وروسيا
  • جريمة تهز اليمن .. مدمن كحول يقتل طفلته بضربها حتى الموت بعد شكواها لمدير الأمن الذي تجاهل مأساتها
  • عضو مجلس القيادة الرئاسي البحسني يشيد بجهود وزارة الخارجية
  • القيادة المركزية الأمريكية: دمرنا 3 مسيرات ومركبة للحوثيين في اليمن
  • عضو بمجلس القيادة الرئاسي يحتفل بالذكرى 34 لتاسيس حزب الاصلاح
  • هكذا هُزمت أمريكا في اليمن.. وهذا هو مستقبل الفوضى الخلاقة
  • التونسيون يرفضون مناخ الاستبداد الذي يفرضه الرئيس سعيّد قبل الانتخابات الرئاسية
  • الفيضانات والسيول التي ضربت اليمن تلحق أضرارا بنصف مليون مواطن
  • عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني والسفيرة الفرنسية يجتمعان في الرياض لبحث تعزيز التعاون لمواجهة التحديات
  • الأمين: ينبغي ألا يُسمح للمجلس الرئاسي الذي أثار أزمة المركزي بتأخير أو تخريب أي اتفاق