إن التنافر المعرفي هو مصطلح نفسي يصف الانزعاج، الذي يشعر به المرء عندما لا تتوافق انتماءاته مع أفعاله، أو ربما يشير إلى التوتر الناتج عن التمسك بانتماءين متعارضين في وقت واحد.

 

وبحسب ما ورد في تقرير نشره موقع WebMed، فإن "الإدراك" يعني الارتباط بأفكار الشخص، ويوصف "التنافر" الافتقار إلى الانسجام، بين الأفكار، مثل أن يعتبر الشخص نفسه مؤيدًا قويًا لحزب معين، ومن ناحية أخرى، أنه لا يستطيع دعم سياسة هذا الحزب على المستوى المحلي، أي فيما يتعلق بالحي الذي يقطن فيه، وبالتالي تنشأ حالة غير متناغمة مع بعضها البعض.

يمكن أن يدفع الانزعاج الذي يسببه الافتقار إلى التناغم إلى إجراء تغيير، إما في سلوك الشخص أو انتماءاته، مما سيجعله يشعر براحة أكبر. ويمكن أن يعاني الشخص من التنافر المعرفي دون أن يعرف ذلك. فربما يكون في حالة من التنافر المعرفي في أي وقت يشعر فيه بالذنب بشأن اختيار اتخذه أو يجد نفسه يحاول تبرير إجراء اتخذه للتو.

نظرية التنافر المعرفي

تم وصف نظرية التنافر المعرفي لأول مرة في كتاب صدر عام 1957 بعنوان "نظرية التنافر المعرفي" بواسطة عالم النفس ليون فيستينغر، الذي استند في نظريته إلى ملاحظاته لأعضاء إحدى الطوائف، الذين اعتقدوا أن العالم سوف يتعرض للدمار بسبب الفيضان. وتخلى بعضهم عن منازلهم ووظائفهم بسبب هذا الاعتقاد. 

 

وأوضحت نظرية فيستينغر الصراع في أذهان أعضاء الطائفة عندما لم يحدث الفيضان وكيف غيروا انتماءاتهم من أجل تفسير التنبؤ الخاطئ بالفيضان العالمي.

 

أمثلة التنافر المعرفي

تشمل بعض الأمثلة على المواقف التي يمكن أن يشعر فيها الشخص بالتنافر المعرفي، ما يلي:

 

التصويت

أن يكون الشخص عضوًا في نفس الحزب السياسي طوال حياته البالغة. ولم يقم أبدًا بالتصويت لأي شخص في حزب آخر. ولكن في انتخابات محلية حديثة، يتبنى مرشح الحزب المفضل للشخص سياسة من شأنها أن يكون لها تأثيرات غير إيجابية على الحي أو المدينة. بالنظر إلى خيارات الشخص، فإنه يمكن أن يفكر في عدم التصويت على الإطلاق، ولكن لأنه لم يفوت المشاركة في أي انتخابات على الإطلاق وأنه يتحدث دائمًا عن مدى أهمية التصويت - حتى في المناسبات المحلية الصغيرة. لذا فإنه يمكن أن يتوجه إلى صناديق الاقتراع، ويدلي بصوته لصالح المرشح الآخر.

 

وأثناء العودة إلى المنزل، يشعر الشخص بالذنب والخجل، ويمكن أن يتمحور تفكيره حول "أنها ليست بالأمر الكبير. إنها مجرد انتخابات محلية صغيرة". وربما يقول لنفسه إن صوته ربما لن يؤثر على النتيجة كثيرًا على أي حال. بل إنه يمكن أن يعقد العزم على عدم إخبار أي من أصدقائه أو عائلته بهوية من قام بمنحه صوته الانتخابي.

 

متجر محلي

إذا كان الشخص عميلًا قديمًا لمخبز الحي الذي يقطن فيه، ويعتقد أنه أفضل مخبز في المدينة، كما أنه يحب دعم الشركات المحلية المستقلة على سلاسل كبيرة. لكنه علم مؤخرًا أن المالك يسيء في التعامل مع موظفيه وعماله. يفكر الشخص في الاستمرار في الشراء من المتجر لأن المعجنات جيدة جدًا والمتجر مستقل، لكن الفكرة في حد ذاتها تجعله يشعر بالذنب. ثم يفكر في التحول إلى سلسلة قريبة، وهو ما يجعله يشعر بالذنب أيضًا.

 

نكتة عديمة الذوق

إذا كان لدى الشخص نفس الصديق المفضل منذ الصف الأول في المدرسة، على سبيل المثال، وقد تعرفا على بعضهما البعض طوال حياتهما تقريبًا. إنه يحب هذا الصديق وسيفعل أي شيء من أجله. لكنه مؤخرًا حكى نكتة يجدها الشخص مسيئة للغاية. ويضطر أن يضحك مع الجميع، لأنه أفضل صديق له، على الرغم من أنه يشعر بالغثيان لبقية اليوم. وربما يكون شعوره بالذنب نتيجة لأنه اختلق الأعذار لصديقه أو لنفسه.

 

الموعد النهائي الوشيك

يمكن أن يكون الشخص ملتزمًا بموعد نهائي ضيق لكتابة تقرير في العمل، ويخشى ألا يتمكن من الوفاء به. وللوفاء به، يقوم باتخاذ بعض الاختصارات التي لا يتخذها عادةً. وينهي المهمة في الوقت المحدد، لكن جودة العمل ليست هي تلك التي يفخر بها وربما يشعر بالحرج من ذلك. ومن المحتمل أن يواجه صعوبة في النوم تلك الليلة.

أسباب التنافر المعرفي

تتضمن بعض الأسباب الأكثر شيوعًا للتنافر المعرفي ما يلي:

 

1. الحصول على معلومات جديدة: عندما يتلقى الشخص معلومات جديدة تتحدى انتماءاته، مثل معرفة أن صاحب المخبز المحلي لا يُحسن معاملة موظفيه، يمكن أن يحدث الشعور بالتنافر المعرفي.

 

2. الضغوط الاجتماعية: يشير ضغط الأقران إلى الأطفال والمراهقين، ولكن يمكن للبالغين أن يتصرفوا بطريقة تتعارض مع قيمهم بسبب الضغوط الاجتماعية أيضًا. إن الضحك على نكتة مسيئة لأن أحد الأصدقاء هو من أطلقها أو لأن الآخرين يضحكون.

 

3. الامتثال القسري: يمكن أن يؤدي إجبار الشخص على القيام بشيء في الأماكن العامة لا يوافق عليه إلى التنافر المعرفي. على سبيل المثال، يمكن أن يُطلب منه تقديم اعتذار علني أو التراجع عن تصريح سباق له.

 

4. جهد بلا طائل: عندما لا يستحق الجهد النتائج، يعاني الشخص من التنافر المعرفي، فعلى سبيل المثال عندما يبذل جهودًا كبيرة لتحقيق شيء ما مثل الانتظار في طابور طوال الليل للحصول على تذاكر حفل موسيقي، ولكن لا تلبي التجربة التوقعات، عندئذ يمكن أن يشعر بالندم على إهدار الوقت أو الأموال أو الطاقة.

 

علامات التنافر المعرفي

إن التنافر المعرفي هو مجرد نظرية. لا يشعر الجميع بعدم الراحة الموصوف في بعض أمثلة التنافر المعرفي المذكورة أعلاه. يمكن أن يكون بعض الأشخاص على ما يرام مع وجود صراع مؤقت بين انتماءاتهم وأفعالهم. إن الأشخاص الذين يعانون من قلق شديد هم الأكثر عرضة للشعور بعدم الراحة أو الذنب أو الخجل أو التوتر أو القلق في هذه المواقف. يستطيع الكثيرون التعامل مع هذه اللحظات ولا يشعرون بالكثير من التوتر. أما إذا كان الشخص يعاني من التنافر المعرفي، فقد:

 

• يشعر بالقلق أو التوتر.

• يشعر بالذنب أو الخجل أو الندم.

• يبرر لنفسه أو للآخرين سبب قيامه بشيء ما.

• يتجاهل أو يقلل من أهمية نتائج أفعاله لنفسه أو للآخرين.

• يشعر بتوتر جسدي في جسمه، مثل ضيق في رقبته أو ظهره أو كتفيه.

• يشعر بالتوتر أو الصراع في علاقاته إذا كان الموقف يتضمن شخصًا آخر.

كيفية تقليل التنافر المعرفي

تفترض نظرية التنافر المعرفي أن الإنسان يريد افتراضيًا أن يعيش في حالة من التناغم المعرفي. أي أنه يريد أن تكون انتماءاته وأفعاله متناغمة مع بعضها البعض حتى يتمكن من الشعور بالسلام مع نفسه. لتحقيق ذلك، تشير النظرية إلى أن لحظات التنافر المعرفي قد تدفعه إلى القيام بأحد الأمور التالية من أجل العودة إلى مكان الانسجام الداخلي:

 

1. تغيير الانتماءات: يمكن أن يفكر الشخص في مرشح حزبه السياسي أو ناديه الرياضي، الذي يدعم سياسة الحي، التي لا يحبها، أو تخطيط غير مناسب للفريق، الذي يشجعه. للتخلص من ذلك الشعور المزعج الذي ينتاب الشخص بشأن التصويت للمرشح الآخر، ربما يتعين على الشخص البحث واتخاذ القرار لدعم الجانب الذي يتسق مع أولوياته.

 

2. تقليل أهمية الانتماءات: يمكن أن يضطر الشخص إلى إعطاء الأولوية لبضع سمات فقط وتخفيف العبء عن بعض السمات الأخرى إذا كان يرغب في الاستمرار بالشراء من متجر معين.

 

3. إضافة انتماءات أو معلومات جديدة: في بعض حالات التنافر المعرفي، ربما يساعد إضافة معلومات أو انتماءات جديدة في سد الفجوة بين المعلومات المتضاربة والإجراءات.

 

4. تغيير السلوك: في بعض الأحيان، يمكن أن يتسبب التنافر المعرفي في حدوث قدر كبير من التوتر أو القلق مما يجعل الشخص مضطرًا إلى تغيير سلوكه. في بعض الأحيان يكون هذا أمرًا جيدًا، لأن الشخص يمكن أن يتخلص من علاقة سامة، أو أن يدلي بصوته الانتخابي وفقًا لضميره وأولوياته، أو يدافع عن نفسه أو عن شخص آخر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الانزعاج وقت الإدراك الارتباط الحزب دمار الصراع أذهان یمکن أن أن یکون فی بعض

إقرأ أيضاً:

العلماء يقتربون من الإجابة على السؤأل الأصعب: هل للأسماك مشاعر؟

بغداد اليوم - متابعة 

يبدو أن العلماء يقتربون من الإجابة على حقيقة وجود مشاعر لدى الأسماك، بعد أن كشفت دراسات حديثة أن بعض أنواع الأسماك قد تكون قادرة على التعلم، والشعور بالألم، وحتى تكوين علاقات.

وأثارت نتائج دراسة حديثة أجرتها جامعة أوساكا باليابان، جدلا واسعا في الأوساط العلمية عندما كشفت أن سمكة "المنظف" الاستوائية الصغيرة يمكنها اجتياز اختبار التعرف على الذات في المرآة، وهو اختبار معياري وحاسم لإثبات الوعي الذاتي لدى الحيوانات، حسبما أوردت صحيفة "الغارديان".

ويتحدى هذا الاكتشاف، الذي وصفه، كولوم براون، الأستاذ من جامعة ماكواري بأستراليا، بأنه "الأروع على الإطلاق"، المفاهيم السائدة حول ذكاء الأسماك وقدراتها المعرفية.

ورغم أن الدراسة استغرقت خمس سنوات قبل نشرها وواجهت رفضا من بعض العلماء، إلا أنها تسلط الضوء وفقا للصحيفة على التحيز ضد فكرة ذكاء الأسماك وتوفرها على مشاعر وتثير تساؤلات مهمة بشأن كيفية معاملتنا لهذه المخلوقات.

ويقول براون، الذي يدرس سلوك الأسماك، إن الأبحاث الجديدة تظهر أن الأسماك قد تكون قادرة على التعلم والتذكر لفترات طويلة، موضحا أنه حتى أسماك القرش، التي غالبا ما يُساء فهمها، تظهر ذكاء وفضولا مثيرا للاهتمام.

وفي دراسة أخرى، أجرت لين سنيدون في جامعة غوتنبرغ، تجارب على سمك السلمون المرقط الذي أظهر استجابات جسدية وسلوكية تتوافق مع الشعور بالألم.

غير أنه في المقابل، يلفت علماء آخرون إلى عدم التسرع في الاستنتاجات. وفي هذا الصدد، يوضح الأستاذ المشارك نيك لينغ، عالم البيئة السمكية من جامعة وايكاتو، بأن هناك "هناك آلاف الأنواع المختلفة من الأسماك"، مضيفا أن "ما ينطبق على نوع واحد قد لا ينطبق على جميعها".

ويضيف أنه في علم الأحياء، ليست المفاهيم مثل الألم والشعور ثنائية أو بسيطة، مشيرا "هذه الأشياء التي نحاول فهمها في الحيوانات الأخرى، مثل المشاعر والعواطف والوعي والألم هي أشياء معقدة حقا، لأن الحيوان الوحيد الذي نعرف أنه يمر بهذه الأشياء هو أنفسنا".

في المقابل، يوضح براون، أنه "رغم تعقيد النقاشات حول شعور الأسماك وإدراكها للألم، فإن الاستنتاج بسيط. إذا كانت الأسماك قادرة على المعاناة والشعور بالتجارب السلبية، فمن واجبنا الأخلاقي منع ذلك كلما أمكن."

ويختتم براون بدعوة لمعاملة الأسماك باحترام مساوٍ لما نوليه للحيوانات الأخرى، قائلا: "يجب أن نعامل السمكة بنفس اللياقة والاحترام الذي نمنحه لجميع الحيوانات الأخرى.

 

 

مقالات مشابهة

  • الآن مجتمع الجنجويد يمنّي نفسه بقرب إنتهاء الحرب
  • من هو الشخص الذي أثار غضب الشارع اليمني على الفنان الكبير ”أيوب طارش” وما علاقة المليشيات؟
  • العلماء يقتربون من الإجابة على السؤال الأصعب: هل للأسماك مشاعر؟
  • العلماء يقتربون من الإجابة على السؤأل الأصعب: هل للأسماك مشاعر؟
  • هل للأسماك مشاعر؟.. العلماء يقتربون من الإجابة
  • “خليفة العالمية للتعليم المبكر”: دور حيوي للأسرة والمدرسة في بناء المحتوى المعرفي للطفل
  • أحمد الشناوي: لاعبو بيراميدز تعاهدوا لتخطي عقبة الجيش الرواندي
  • مقتل 3 من عناصر الأمن الداخلي بهجوم إرهابي جنوب شرق إيران
  • هاريس وترامب يجوبان الولايات المتأرجحة بحثا عن أصوات ثمينة
  • عنصر إجرامي يتاجر في المخدرات بالسلام.. وهذا قرار النيابة بحقه