في 1863، خطرَت للجنرال الكونفدرالي الأمريكي روبرت إ. لي فكرة جريئة، أراد أن يتحرك غرباً نحو بنسلفانيا، ويُوهن معنويات قوات الشمال الأمريكية، وربما تسديد ضربةً لواشنطن العاصمة. غير أن هجومه تعثّرَ وصدَّه خصومه في نهاية المطاف في معركة غيتسبرغ التي أمست تُعرَف بـ "ذروة" الكونفدرالية.

القول إن بوتين سينهار وسيلجأ إلى التفاوض مع أوكرانيا محض خيال.

تختلف الحرب الروسية الأوكرانية اختلافاً شاسعاً عن الحرب الأهلية الأمريكية. ولم تكن أوكرانيا تشبه الولايات الكونفدرالية الأمريكية من الناحية الأخلاقية. ولكن لسوء حظ أوكرانيا، فإن توغلها الأخير شمالاً في كورسك يشبه إلى حدٍ كبير محاولة الجنرال لي المشؤومة التي باءت بالفشل، حسب أنتوني ج. كونستانتيني، الزميلال مساهم في مؤسسة "أولويات الدفاع". 
وقال الكاتب في مقال بموقع "ناشونال إنترست": "قبل التوغل، لم تكن الحرب تصبُّ بأي حال من الأحوال في صالح أوكرانيا. ففي حين أن أوكرانيا حققت نجاحات كبيرة في بداية الصراع، وأبرزها معركة كييف، وهجوم خاركيف المضاد في أواخر 2022، شهدت سنة 2023 تحوُّلاً في ميزان الحرب كاد يشبه الجمود".

The National Interest:

➡️ In 1863, Confederate General Robert E. Lee had a daring idea: move into western Pennsylvania, weaken northern morale, and potentially even strike Washington, D.C. But the attack stalled, ultimately being repulsed at the Battle of Gettysburg, which… pic.twitter.com/mPXKYGf4PK

— East_Calling (@East_Calling) August 30, 2024

غير أن سنة 2024 شهدَ تحقيق روسيا لمكاسب محدودة ولكن بثباتٍ وروية. في 2024، كانت تلك المكاسب محدودة، إذ قيست الإنجازات الروسية بالكيلومترات كل مرة، غير أنها كانت تمثل نجاحاً موضوعياً.

تذمر وسخط

ولذلك بدأ الحلفاء الأقوياء في الغرب بمن فيهم الديمقراطيون البارزون المؤيديون لأوكرانيا بشدة، يتذمرون وتعلو أصواتهم سخطاً من الحاجة إلى إقرار السلام، وأعلنوا عن خيبة أملهم بعد غياب بادرة واحدة للمفاوضات بعد.
أسكتَ هجوم كورسك تلك الأصوات الساخطة، إذ بدا أن أوكرانيا أمست في طريقها إلى تحقيق انتصارات، ولن يرفع أي حليف صوته ضدها الآن. ويُزعم أن أوكرانيا تريد استغلال الأراضي التي استولت عليها ورقة مساومة لاستعادة أراضيها.
ويتكهن المحللون بأن أيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربما كانت معدودة. فقد التزم الصمت بعد الهجوم. ويفترض هؤلاء أن شيئاً ما يُحاك في أروقة الكرملين، أو هكذا تفيد الشائعات.


الهجوم لا يضر بوتين

ورغم ذلك، يقول الكاتب، من الصعب قبول فكرة أن الهجوم يضر بوتين بأي شكل من الأشكال. لم تستولِ أوكرانيا على مدينة كورسك، وإنما استولت على بعض البقاع الريفية من تلك المقاطعة. وأكبر بلدة استولت عليها هي بلدة سودزا التي تقطنها ما يزيد قليلاً على 6 آلاف نسمة.

The #Kursk Incursion Might Be #Ukraine’s 'Gettysburg' Offensive. https://t.co/YQzutrbOMC #UkraineWar

— Carles Dijous (AAlb) (@carlesdijous) August 30, 2024

وكانت أكثر البقاع التي استولت عليها حقولاً خاوية. وحتى لو تمكنت من الاستيلاء على كورسك ذاتها، وهو احتمال مُستبعد ، إن لم يكن مستحيلاً، حسب الكاتب، فهي بلدة تقطنها أقل من 500 ألف نسمة، وليست أولوية ضمن خطط الكرملين.


ولذلك لا تمثل هذه الواقعة أي تهديد لبوتين. في 2023، وصل الجنرال المارق يفغيني بريغوجين إلى إقليم موسكو، ولم يتأثر بوتين. ولن يتأثر بهذا الهجوم بكل تأكيد. صحيح أن الهجوم تطوُّر محرج، ولكن  بوتين، لن ينزعج منه. 
وأضاف الكاتب أن القول إن بوتين سينهار وسيلجأ إلى التفاوض مع أوكرانيا محض خيال. فالكرملين في حاجة إلى التروي في هذه الإجراءات. وفي روسيا كثير من الفقراء الذين يمكن تجنيدهم قسراً، في حين أن أوكرانيا كاد معينها من الرجال ينفد. سيتمهل الأوكرانيون ببساطةٍ شديدة، وسيستعيدون أرضهم شبراً شبراً على مهل، ويزجُّون بأكبر عدد ممكن من الجنود في المعركة كلما اقتضى الحال.


وضع أسوأ 

وتابع الكاتب "بعد أن يُسدَل الستار على الحرب، سيبدو الوضع أسوأ لأوكرانيا مما كان عليه في البداية. ستفقد أوكرانيا الرجال واستنفدت السلاح ولم تحقق مكاسب حقيقية. وفي الأثناء، ستواصل روسيا الاستحواذ على مهلٍ على الأراضي الأوكرانية في الجنوب على عادتها دوماً. بدا غزو الجنرال لي للشمال خطوةً عبقرية أيضاً. لو أخبرت الكونفدراليين في أوائل 1863 أن جيشهم سيصل إلى بنسلفانيا في وقت لاحق من تلك السنة، لهللوا. لكن لكان الصمت خيَّم عليهم على الأرجح إذا علموا أن تقدُّمهم هذا هو ذروة ما يستطعيون إنجازه".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية أن أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الأمريكي يتحدث عن شرط جديد لإنهاء الحرب في أوكرانيا

كشف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن رغبة أوكرانيا في إنهاء الصراع مع روسيا ولكنها تضع شرطا لإبرام الاتفاق.

وقال بلينكن في إفادة صحفية بوزارة الخارجية الأمريكية، "أعتقد أن الإدارة القادمة قادرة على إيقاف الصراع في حال أرادت أوكرانيا ذلك واختارت ذلك".

وأضاف، "ستكون الإدارة القادمة قادرة على مساعدة كييف في التفاوض على صفقة جيدة".

وأوضح بلينكين، أنه في حال حصل وقف لإطلاق النار فإن روسيا قد "تحصل على مساحة للتنفس وتشن هجوما جديدا"، مضيفا، "إن الشرط الرئيسي للاتفاق يجب أن يكون التأكد من أن ذلك لن يحدث".



ومن المقرر أن يخلف بلينكن في منصب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي سبق أن صرح بأن إنهاء الصراع الأوكراني يجب أن يكون أحد أولويات السياسة الأمريكية.

وأكد أن تحقيق السلام سيكون عملية معقدة تتطلب "دبلوماسية جريئة".

وأعلن الكرملين الأسبوع أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جاهز للتحاور مع دونالد ترامب دون شروط مسبقة، بعدما أفاد الرئيس الأمريكي المنتخب بأنه يحضر لعقد لقاء لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين إن “الرئيس أعرب مرارا عن انفتاحه على إجراء اتصالات مع قادة العالم بمن فيهم الرئيس الأمريكي، بمن فيهم دونالد ترامب”، مشيدا بـ “استعداد (ترامب) لحل المشكلات من خلال الحوار”.

وتابع بيسكوف “لا توجد شروط مطلوبة، ما هو ضروري هو الرغبة المتبادلة والإرادة السياسية لحل المشاكل من خلال الحوار”، وهو ما قال إن الرئيس الأميركي المنتخب يتحلى به.

وقال إن "دونالد ترامب يظهر رغبته في حل المشاكل من خلال الحوار. ونحن نرحب بذلك… وننطلق من رغبة متبادلة في اللقاء"، مؤكدا عدم وجود أي خطط محددة لإجراء حوار حاليا.

من جانبه، قال ترامب الخميس إنه يحضر للقاء مع فلاديمير بوتين “لإنهاء” النزاع في أوكرانيا.

وسبق أن وعد ترامب خلال حملته الانتخابية بإنهاء النزاع في أوكرانيا خلال 24 ساعة داعيا إلى “وقف فوري لإطلاق النار” وإلى إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب.

وأعرب بوتين عن استعداده للتفاوض بشرط أخذ “الوقائع على الأرض” في الاعتبار في أوكرانيا حيث تحقّق القوات الروسية تقدّما على الجبهة الشرقية وباتت تسيطر على نحو 20 بالمئة من مساحة البلاد. وطالب بوتين باحتفاظ روسيا بالأراضي الأوكرانية التي أعلنت ضمها.

كما دعا بوتين أوكرانيا إلى التخلي عن الرغبة في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.



من جهتها قالت وزارة الخارجية الأوكرانية، إنها “لا ترى أي جديد في تعليقات ترامب حول اجتماع محتمل مع بوتين".

ونقلت وكالة الأنباء الأوكرانية للأنباء عن المتحدث باسم الخارجية جورجي تيخي قوله “نحن جميعا في أوكرانيا نريد إنهاء الحرب بطريقة عادلة بالنسبة لأوكرانيا ونرى أن الرئيس ترامب عازم أيضا على إنهاء الحرب”.

وأفاد بأن كييف تستعد لإجراء محادثات مع المسؤولين الأميركيين “فورا” في غضون عشرة أيام من تولي ترامب منصبه، يشارك فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

مقالات مشابهة

  • فشل الغرب في الحرب التي شغلت العالم
  • سكان موسكو يشكّكون في قدرة ترامب على وقف الحرب الأوكرانية
  • عام مليء بالشكاوى.. أكثر المنتجات التي أثارت استياء الأتراك في 2024
  • روسيا تُعلن سيطرتها على بلدتين جديدتين في أوكرانيا
  • لن يمنح بوتين النصر .. كيف سينهي ترامب الحرب على أوكرانيا؟
  • وزير الخارجية الأمريكي يتحدث عن شرط جديد لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • ألمانيا تتحدى بوتين: سنواصل دعم أوكرانيا
  • أوكرانيا تصد لهجوما روسيا بطائرات مسيرة على كييف ... وتأسر 27 جنديا في كورسك
  • أوكرانيا تستهدف مستودع نفط للجيش الروسي
  • الحرب الروسية الأوكرانية تصل حدود فنلندا.. وموسكو تنفي علاقتها بالطرود المتفجرة