الخليل– بعد أقل من 48 ساعة على هجوم مزدوج نفذه فلسطينيان وسط مجمع عتصيون الاستيطاني في شمال الخليل جنوبي الضفة الغربية، جاءت عملية إطلاق النار على بُعد بضعة كيلومترات في شارع استيطاني معزز بأحدث أدوات التتبع، قرب معبر ترقوميا غربي المدينة.

وأدت عملية اليوم إلى مقتل 3 من عناصر الشرطة الإسرائيلية، وجاءت في أوج استنفار أذرع الاحتلال الأمنية والعسكرية بعد عملية عتصيون، ووسط حالة تأهب تعيشها مدن الضفة الغربية كافة منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فضلا عن إجراءات وإغلاقات استبقت هذا التاريخ.

وتطرح عمليتا الخليل تساؤلات عما إذا كانت منظمة من فصائل فلسطينية أم فردية، ولماذا لم تنجح سلطات الاحتلال في منعهما قبل وقوعهما، خاصة مع سجل كبير لعمليات الشوارع الاستيطانية في الضفة منذ الانتفاضة الأولى عام 1987.

ووفق معطيات مركز المعلومات الفلسطيني "معطى"، وقعت في الضفة الغربية 4012 عملية إطلاق نار استهدف جنود الاحتلال ومستوطنيه منذ عام 2018.

الخليل جنوبي الضفة الغربية شهدت عمليتين للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال خلال 48 ساعة (الجزيرة) استنزاف وفشل استخباراتي

يرى مدير مركز يبوس للبحوث والدراسات في رام الله سليمان بشارات أن ما يجري يشير إلى أن إسرائيل الآن على أعتاب مرحلة استنزاف أفقي على مستوى الضفة الغربية؛ بعد انتقال العمليات المقاومة من مناطق شمال الضفة والأغوار إلى مناطق الجنوب.

وأضاف أن هذا الانتقال بحد ذاته يشكل حالة فشل في السياسات الإسرائيلية التي حاولت حصر العمل المقاوم في شمال الضفة والخروج بعملية عسكرية لمحاصرة هذا النموذج دون انتقاله إلى مناطق أخرى.

وعن شكل التطور وطبيعته في منطقة جنوب الضفة، قال بشارات "إذا ما ربطنا بين تنفيذ عملية تفجير السيارتين ومن ثم عملية إطلاق النار في منطقة الخليل اليوم، فهذا يبعد فرضية العمل الفردي ويشير إلى أن هناك بنية تنظيمية تستند إلى الإعداد والتخطيط والتنفيذ".

ومن ثم، "فنحن الآن على أبواب مرحلة أخرى في شكل وطبيعة العمل المقاوم بالضفة الذي قد يؤسس لاتساع حالة المواجهة في ظل الاستمرار الإسرائيلي بالحرب على قطاع غزة، وأيضا في ظل تصاعد الممارسات من قبل المستوطنين والجيش الإسرائيلي بالضفة"، كما يضيف الباحث الفلسطيني.

ويشير بشارات إلى أمر آخر هو أن الاحتلال الإسرائيلي بات يعاني من حالة فشل مركب على المستوى الاستخباراتي، "فمن غير المعقول أن تنطلق كل هذه العمليات العسكرية بمناطق حساسة وفي ذروة الإجراءات الأمنية المشددة وتنجح في إيقاع هذا العدد من القتلى والإصابات، دون أن يكون ذلك مؤشرا على حالة ارتباك بالمنظومة الأمنية الإسرائيلية".

ولم يستبعد أن يكون السبب في هذا الفشل حالة التباين بين رؤية المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية وبين الاندفاعة التي يحاول أن يفرضها المستوى السياسي لإقرار واقع جديد أو لحسم الصراع مع الفلسطينيين.

إرادة متجددة

في المقابل، يتابع مدير مركز يبوس "من الصعب أن نغفل أنه لولا وجود إرادة فلسطينية للمواجهة وحاضنة شعبية وبيئة ترفض استمرار الاحتلال وممارساته لا يمكن أن تنجح أو تستمر أعمال المقاومة التي هي ليست وليدة لحظة زمانية، بل على مدار الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 وحالة النضال الفلسطيني مستمرة".

وأضاف أن عمليات المقاومة قد تشهد انحسارا في مراحل معينة، لكنها سرعان ما تعود للواجهة كاستجابة حقيقية لممارسات الاحتلال بحق الفلسطينيين، فقد "بات واضحا في الأيام الأخيرة أنه لم تعد هناك خيارات لدى الفلسطينيين سوى الدفاع عن أنفسهم في ظل فشل المنظومة القانونية والحقوقية والسياسية الدولية في توفير أبسط مقومات الحماية للفلسطينيين، بل بالعكس في ظل دعم أميركي غربي واضح للاحتلال".

من جهته، يقول أستاذ الإعلام في جامعة الخليل والمحلل السياسي سعيد شاهين إن نجاح عمليتي الخليل بفارق زمني قصير جدا "يؤكد فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية".

ويوضح أن استمرار العمليات يأتي "رغم محاولات كيّ الوعي الوطني وترويضه على امتداد العقدين الماضيين، واعتماد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية سياسة العصا والجزرة لثني الفلسطينيين عن دعم الأهل في غزة في مواجهة حرب الإبادة".

وأضاف أن الأسئلة الثقيلة التي تؤنب ضمير الفلسطيني إزاء الحالة في غزة جعلته يتحرك بالأدوات البسيطة لمواجهة مخططات الاحتلال الاستيطانية الرامية إلى قتل الحلم ووأد الفكرة في المقاومة والتحرر.

موقع إطلاق النار في عملية ترقوميا (مواقع التواصل) إرباك أمني

وتابع أستاذ الإعلام أن "عملية اليوم وعمليات الأمس مؤشر على أن هناك خلايا مسلحة ومقاومة تعمل بآلية منظمة وبتخطيط دقيق، وأن ذلك سيمثل تحديا كبيرا للمنظومة الأمنية الإسرائيلية وسيجعلها تعيد حساباتها للتعامل بطريقة أخرى لا تقوم على النظر إلى الفلسطيني في جنوب الضفة على أنه خانع وقابل لكل العقوبات الجماعية بأشكالها المختلفة".

وأشار إلى أن عقوبات الاحتلال حولت الحياة إلى شبه مستحيلة، "خصوصا إذا ما أخذنا بالاعتبار الإغلاق المستمر وتقطيع أوصال الضفة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إلى جانب أن بعض الحواجز لا تزال تغلق بعض البلدات منذ عملية السور الواقي التي جاءت في أعقاب انتفاضة الأقصى 2000″.

وبرأي الأكاديمي الفلسطيني، فإن إسرائيل تعجز عن مواجهة هذه العمليات كون أغلبها يأتي بقرار فردي أو ضمن خلايا منظمة صغيرة جدا، وذلك ما يربك المستوى الأمني داخل دولة الاحتلال.

وخلص إلى أن الفلسطيني لا يقبل الاستسلام والخنوع على الرغم من سياسة القبضة الحديدية والفظائع والجرائم التي ينفذها بحق الشعب الفلسطيني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأمنیة الإسرائیلیة الضفة الغربیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

شباب عائلات وعشائر الخليل يرفضون ما ورد في اجتماع الأجهزة الأمنية

الخليل - صفا

أعلن، يوم السبت، شباب عائلات وعشائر الخليل، رفضهم لما ورد في اجتماع الأجهزة الأمنية مع شخصيات من المدينة، من إساءة للمقاومة والشهداء الذين قدّموا أرواحهم فداءً لفلسطين.

وأفاد بيان شباب العشائر بأن ما طرح في الاجتماع يتنافى مع قيم أهل الخليل وتقاليدهم، ولا يعكس إرادة المجتمع العشائري، مؤكدين على دعم المقاومة والنضال ضد الاحتلال.

وجاء في البيان، " نؤكد أن أية تلميحات تهدف إلى التقليل من شأن المقاومة، أو التشكيك في مكانة الشهداء وتضحياتهم، هي مرفوضة ولا تمثل إلا من أطلقها. ونحن أبناء الخليل نعتز بتضحيات شعبنا في كافة المحافظات الفلسطينية، ونعتبر أن دماء الشهداء هي التي رسمت معالم كرامتنا الوطنية وحقنا في التحرير".

ودعى البيان "إلى توحيد الصفوف لمجابهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني وقضيته، والتوقف عن إطلاق تصريحات تهدف إلى بث الفتنة وزعزعة وحدة الشعب الفلسطيني".

وأصدرت رابطة شباب عائلة أبو سنينة بياناً، تؤكد فيه رفضها شيطنة المقاومة والإنجرار خلف مصالح خاصة وعلاقات مع الاحتلال.

وأوضح البيان "أن عائلة أبو سنينة تفخر بشهدائها ولا تخجل من وضع النقاط على الحروف، في وقت أراد البعض تغييب مفاهيم الوطنية والدوس على دماء الشهداء وتضحياتهم، من أجل بقاء علاقاته المشبوهة مع الإدارة المدنية، أو الاختباء والتستر تحت عباءة الوجاهة المزعومة".

وطالب شباب العائلة السلطة الفلسطينية ومحافظ الخليل، ببحث أسباب الفلتان الأمني وملاحقة الخارجين عن القانون، بدلاً من التصدي للمقاومين.

كما أكدت العائلة الأيوبية رفضها واستنكارها لما ورد في بعض المداخلات خلال الاجتماع، من عبارات وإشارات مسيئة للمقاومة.

وأشارت العائلة في بيانها إلى أن برنامج اللقاء لم يتضمن نقاشاً لأي موضوع يتعلق بالمقاومة، وكان يهدف إلى مناقشة التحديات الأمنية التي تواجه المدينة، بحسب الدعوة المقدمة للعائلة من قبل وزير الداخلية زياد هب الريح.

وأكدت العائلة على أن "مدينة الخليل كانت وستبقى دائماً سنداً للمشروع الوطني الفلسطيني، وقدمت العديد من التضحيات في سبيله".

مقالات مشابهة

  • "الأحرار" تثمن رفض أبناء الخليل لتلميحات الأجهزة الأمنية بالتقليل من شأن المقاومة وتضحيات الشهداء
  • شباب عائلات وعشائر الخليل يرفضون ما ورد في اجتماع الأجهزة الأمنية
  • اقتحامات واعتقالات بالضفة وواشنطن تطالب بوقف اعتداءات المستوطنين
  • شجرة الزيتون رمز الصمود الفلسطيني.. لماذا تستهدفها إسرائيل؟
  • سرايا القدس تنعى 5 من مقاتليها وتحذير إسرائيلي من انفجار وشيك بالضفة
  • اقتحامات واسعة تنفذها قوات الاحتلال في مدن وبلدات الضفة
  • الاحتلال يعتقل 5 مواطنين خلال مداهمات بالضفة
  • 4 شهداء وعملية نوعية للمقاومة واقتحامات متواصلة لبلدات الضفة الغربية
  • الاحتلال يعتقل 40 بالضفة والخارجية الفلسطينية تندد باقتحام نتنياهو الأغوار
  • القوات الإسرائيلية تعتقل 40 فلسطينياً في الضفة الغربية