عربي21:
2025-01-23@05:15:25 GMT

عنف اليمين المتطرف الأوروبي النموذج البريطاني

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

لا تنبني أفكار اليمين المتطرف عموما وفي أوروبا خصوصا على أية أرضيات منطقية أو عقلية؛ الأمر محض انفعالات عاطفية بناء على معلومات مغلوطة وكاذبة ينبني عليها استغلال بعض السياسيين لهذه المشاعر لأغراض نفعية بحتة وغير وطنية، وهو ما انطبق حرفيا على موجة العنف التي ضربت بريطانيا قبل أسابيع بناء على خبر كاذب، وانطلقت من مدينة لأخرى في مشهد مرعب ومثير لا يتناسب مع ديمقراطية أوروبية يُضرب بها المثل في التعايش واندماج المسلمين.



الوضع الحالي في بريطانيا لا يبشر بأي خير بالنسبة للتعايش بين مكونات المجتمع وخاصة المسلمين؛ لعدة أسباب:

أولا، على خلاف ما يظنه البعض، فإن أحوال الدول العربية والإسلامية تنعكس سلبا وإيجابا على الجاليات المسلمة وأوضاعها في الغرب وخاصة بريطانيا. الثورة السورية مثلا تسببت في موجات لجوء كبيرة لبريطانيا، ورغم الفوائد العظمى المطمورة وغير المروج لها لموجات الهجرة تلك، ورغم أنها موجات في معظمها منظمة وقانونية تتم عبر الحكومة، إلا أنها في المناخ العام تُصور على أنها غزو للاجئين الذين جاءوا ليأكلوا خيرات البلاد والعباد. الاستثمار الذي غامرت به حكومات حزب المحافظين المتعاقبة في أصوات اليمين المتطرف؛ نقل الأصوات المتطرفة من الهامش إلى المركز ومن الشوارع الخلفية إلى الميادين الرئيسيةوعلى العكس من ذلك، في 2011 عندما كانت الصورة الوردية هي التي تغلف الثورات العربية، كان الترحيب الرسمي والشعبي بكل ما هو عربي من دول الثورات ملحوظا، ولأن كثيرا من الدول العربية حاليا تئن تحت نير مظالم ومشاكل عدة، فالمناخ العام يرى في رعايا هذه الدول عبئا على المجتمع والدولة حتى ولو كانوا يتبوؤون أعلى المناصب وأفضلها.

وثانيا، فإن الاستثمار الذي غامرت به حكومات حزب المحافظين المتعاقبة في أصوات اليمين المتطرف؛ نقل الأصوات المتطرفة من الهامش إلى المركز ومن الشوارع الخلفية إلى الميادين الرئيسية. كل هذا كان بسبب شهية المحافظين لبعض الأصوات الإضافية من دون أية مسئولية وطنية، ولأن حكومات المحافظين استمرت لأكثر من عقد من الزمان فإن الأثر السيئ الذي تركته لا يمكن محوه بسهولة. وكانت النتيجة تركة ثقيلة لحزب العمال القادم بأجندة تقليدية غير كافية لمواجهة هذا الطوفان الهائل من المشاعر السلبية تجاه المهاجرين واللاجئين وكافة الأقليات.

وثالثا، فإن الوضع الاقتصادي المتدهور دائما تتمخض عنه عادة الرغبة في البحث عن كبش فداء لتحميله المسئولية عما يجري، وبدلا من تركيز الخطاب العام على مراجعة بنود الإنفاق العام وترشيدها، تبحث التيارات المحافظة واليمينية عن شماعة لتعليق فشلها عليها، وليس هناك أكثر ضعفا من كاهل اللاجئين والمهاجرين.

مشكلة مسلمي بريطانيا هي تعبير عن أزمة تاريخية موجودة في بريطانيا مع الأقليات عموما، ولا ينبغي أن تكون مشكلة جالية أو فئة بقدر ما هو مشكلة مجتمع ودولة بأكملها
ولست مع الذين يرمون الكرة في ملعب المهاجرين واللاجئين لتحميلهم مسئولية تفاقم الأمور الذي وصل إلى ما حدث منذ عدة أسابيع، فقد أثبت مسلمو بريطانيا قدرا عال من المسئولية تجاه البلاد والعباد. فعلى الصعيد السياسي استطاعوا في غضون عقود قليلة المشاركة في معظم الأحزاب الرئيسية ودخلوا مجلسي العموم واللوردات والبرلمانات المحلية الأخرى مثل البرلمان الأسكتلندي، ووصل عدد كبير منهم لمناصب وزارية مهمة، فضلا عن مشاركة مهنية ومجتمعية متميزة.

إن مشكلة مسلمي بريطانيا هي تعبير عن أزمة تاريخية موجودة في بريطانيا مع الأقليات عموما، ولا ينبغي أن تكون مشكلة جالية أو فئة بقدر ما هو مشكلة مجتمع ودولة بأكملها. لقد مرت موجة العنف الماضية غير المسبوقة بسلام، ويرجع الفضل أساسا إلى التيارات الشعبية المناهضة للفاشية التي ضاعفت أعداد المتظاهرين المناهضين لليمين المتطرف لتغطي على أصواته. وهو رد فعل اجتماعي محمود لكن ضمان استمراره وبقائه ليس مضمونا، فلا أحد يستثمر في هذه الأصوات، والسياسة والعمل العام في الغرب وفي بريطانيا يعتمد على المصالح والضغوط أكثر من المبادئ والأخلاقيات. وأتمنى أن يكون ناقوس الخطر هذا كافيا لإيقاظ مختلف الجهات لكبح جماح وتجريم الأصوات اليمينية المتطرفة.

x.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمين المتطرف بريطانيا المسلمين المهاجرين بريطانيا مهاجرين المسلمين اليمين المتطرف مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیمین المتطرف فی بریطانیا

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية يلتقى مع رئيس مجموعة المحافظين الإصلاحيين

 التقى د. بدر عبد العاطى، وزير الخارجية والهجرة، اليوم، بالبرلمان الأوروبى في ستراسبورج، مع النائب "نيكولا روكاتشينى" رئيس مجموعة المحافظين الإصلاحيين.

أكد الوزير عبد العاطى على أهمية تعزيز التعاون البرلمانى بين مصر والاتحاد الأوروبى، حيث حرص على استعرض المساعى المصرية لدعم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ومحددات الموقف المصرى من تطور الأوضاع في قطاع غزة وسوريا والسودان.

كما استعرض الوزير عبد العاطى جهود الحكومة المصرية في تنفيذ برامج طموحة للإصلاح الاقتصادي رغم التحديات الإقليمية والدولية المتتالية، معرباً عن التطلع لاستمرار دعم مجموعة المحافظين والإصلاحيين لمصر داخل أروقة البرلمان الأوروبى وبشكل خاص فيما يتعلق بالحزمة المالية.

كما أشار وزير الخارجية إلى الجهود المصرية في مكافحة الهجرة غير الشرعية وتبنى مصر لنهج شامل يقوم على ربط الهجرة بالتنمية ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية، مشيراً إلى  الأعباء الاقتصادية نتيجة استضافة ملايين من الأجانب.

مقالات مشابهة

  • محلل سياسي: الضفة الغربية جزء من أيديولوجية اليمين الإسرائيلي المتطرف
  • شولتس ينتقد ماسك: حرية التعبير ليست مبررًا لدعم اليمين المتطرف
  • ما الخطر الذي يمثله تشقق اليمين الإسرائيلي على الضفة والقدس؟
  • بعد حملة الكراهية.. فرنسا تتودد للجزائر وتصدم اليمين المتطرف
  • هل سيكون 2025 العام الذي نبدأ فيه أخيرًا في فهم الطاقة المظلمة؟
  • Galaxy S25 Slim.. سامسونج تضيف هاتف رفيع لتشكيلتها
  • وزير الخارجية يلتقى مع رئيس مجموعة المحافظين الإصلاحيين
  • بعد التحية النازية..شولتس يحذر ماسك من دعم اليمين المتطرف
  • الأمن العام يضبط السائق الذي دهس 3 فتيات في إربد
  • المجر: رئاسة ترامب ستساعد اليمين الأوروبي على "احتلال" بروكسل