عربي21:
2024-09-15@00:09:35 GMT

عنف اليمين المتطرف الأوروبي النموذج البريطاني

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

لا تنبني أفكار اليمين المتطرف عموما وفي أوروبا خصوصا على أية أرضيات منطقية أو عقلية؛ الأمر محض انفعالات عاطفية بناء على معلومات مغلوطة وكاذبة ينبني عليها استغلال بعض السياسيين لهذه المشاعر لأغراض نفعية بحتة وغير وطنية، وهو ما انطبق حرفيا على موجة العنف التي ضربت بريطانيا قبل أسابيع بناء على خبر كاذب، وانطلقت من مدينة لأخرى في مشهد مرعب ومثير لا يتناسب مع ديمقراطية أوروبية يُضرب بها المثل في التعايش واندماج المسلمين.



الوضع الحالي في بريطانيا لا يبشر بأي خير بالنسبة للتعايش بين مكونات المجتمع وخاصة المسلمين؛ لعدة أسباب:

أولا، على خلاف ما يظنه البعض، فإن أحوال الدول العربية والإسلامية تنعكس سلبا وإيجابا على الجاليات المسلمة وأوضاعها في الغرب وخاصة بريطانيا. الثورة السورية مثلا تسببت في موجات لجوء كبيرة لبريطانيا، ورغم الفوائد العظمى المطمورة وغير المروج لها لموجات الهجرة تلك، ورغم أنها موجات في معظمها منظمة وقانونية تتم عبر الحكومة، إلا أنها في المناخ العام تُصور على أنها غزو للاجئين الذين جاءوا ليأكلوا خيرات البلاد والعباد. الاستثمار الذي غامرت به حكومات حزب المحافظين المتعاقبة في أصوات اليمين المتطرف؛ نقل الأصوات المتطرفة من الهامش إلى المركز ومن الشوارع الخلفية إلى الميادين الرئيسيةوعلى العكس من ذلك، في 2011 عندما كانت الصورة الوردية هي التي تغلف الثورات العربية، كان الترحيب الرسمي والشعبي بكل ما هو عربي من دول الثورات ملحوظا، ولأن كثيرا من الدول العربية حاليا تئن تحت نير مظالم ومشاكل عدة، فالمناخ العام يرى في رعايا هذه الدول عبئا على المجتمع والدولة حتى ولو كانوا يتبوؤون أعلى المناصب وأفضلها.

وثانيا، فإن الاستثمار الذي غامرت به حكومات حزب المحافظين المتعاقبة في أصوات اليمين المتطرف؛ نقل الأصوات المتطرفة من الهامش إلى المركز ومن الشوارع الخلفية إلى الميادين الرئيسية. كل هذا كان بسبب شهية المحافظين لبعض الأصوات الإضافية من دون أية مسئولية وطنية، ولأن حكومات المحافظين استمرت لأكثر من عقد من الزمان فإن الأثر السيئ الذي تركته لا يمكن محوه بسهولة. وكانت النتيجة تركة ثقيلة لحزب العمال القادم بأجندة تقليدية غير كافية لمواجهة هذا الطوفان الهائل من المشاعر السلبية تجاه المهاجرين واللاجئين وكافة الأقليات.

وثالثا، فإن الوضع الاقتصادي المتدهور دائما تتمخض عنه عادة الرغبة في البحث عن كبش فداء لتحميله المسئولية عما يجري، وبدلا من تركيز الخطاب العام على مراجعة بنود الإنفاق العام وترشيدها، تبحث التيارات المحافظة واليمينية عن شماعة لتعليق فشلها عليها، وليس هناك أكثر ضعفا من كاهل اللاجئين والمهاجرين.

مشكلة مسلمي بريطانيا هي تعبير عن أزمة تاريخية موجودة في بريطانيا مع الأقليات عموما، ولا ينبغي أن تكون مشكلة جالية أو فئة بقدر ما هو مشكلة مجتمع ودولة بأكملها
ولست مع الذين يرمون الكرة في ملعب المهاجرين واللاجئين لتحميلهم مسئولية تفاقم الأمور الذي وصل إلى ما حدث منذ عدة أسابيع، فقد أثبت مسلمو بريطانيا قدرا عال من المسئولية تجاه البلاد والعباد. فعلى الصعيد السياسي استطاعوا في غضون عقود قليلة المشاركة في معظم الأحزاب الرئيسية ودخلوا مجلسي العموم واللوردات والبرلمانات المحلية الأخرى مثل البرلمان الأسكتلندي، ووصل عدد كبير منهم لمناصب وزارية مهمة، فضلا عن مشاركة مهنية ومجتمعية متميزة.

إن مشكلة مسلمي بريطانيا هي تعبير عن أزمة تاريخية موجودة في بريطانيا مع الأقليات عموما، ولا ينبغي أن تكون مشكلة جالية أو فئة بقدر ما هو مشكلة مجتمع ودولة بأكملها. لقد مرت موجة العنف الماضية غير المسبوقة بسلام، ويرجع الفضل أساسا إلى التيارات الشعبية المناهضة للفاشية التي ضاعفت أعداد المتظاهرين المناهضين لليمين المتطرف لتغطي على أصواته. وهو رد فعل اجتماعي محمود لكن ضمان استمراره وبقائه ليس مضمونا، فلا أحد يستثمر في هذه الأصوات، والسياسة والعمل العام في الغرب وفي بريطانيا يعتمد على المصالح والضغوط أكثر من المبادئ والأخلاقيات. وأتمنى أن يكون ناقوس الخطر هذا كافيا لإيقاظ مختلف الجهات لكبح جماح وتجريم الأصوات اليمينية المتطرفة.

x.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمين المتطرف بريطانيا المسلمين المهاجرين بريطانيا مهاجرين المسلمين اليمين المتطرف مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیمین المتطرف فی بریطانیا

إقرأ أيضاً:

“تلغراف”: تحول مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح يؤثر على تسليم هدايا عيد الميلاد في بريطانيا

الجديد برس:

قالت صحيفة الـ”تلغراف” البريطانية، إنه تم تقديم طلبات البضائع المستوردة لموسم عيد الميلاد في المملكة المتحدة قبل مجيء الموسم بسبب تحويلات مسار السفن المتجهة إلى بريطانيا حول رأس الرجاء الصالح، مشيرة إلى أن التحركات العسكرية الأمريكية والبريطانية والأوروبية لم تكن كافية لاستعادة الحركة في البحر الأحمر، وأن السفن الحربية ليست الحل الحقيقي للتعامل مع هجمات قوات صنعاء.

ونشرت الصحيفة، يوم الخميس، تقريراً ترجمه موقع “يمن إيكو”، جاء فيه أنه “يتم شحن تسعين بالمائة من كل شيء عن طريق البحر، سواء كان ذلك الكرسي الذي تجلس عليه، أو الهاتف الذي تقرأ عليه هذه السطور أو الوقود الذي يبقي أضواء منزلك مضاءة، ويميل الشحن إلى العمل في أوقات زمنية طويلة، مما يعني أن الكثير من هدايا عيد الميلاد هذا العام يتم شحنها عن طريق البحر”.

وأضاف: “باعتبارنا دولة جزرية ومستوردة صافية، فإننا نحن البريطانيين نعتمد بشكل كبير على التجارة العالمية المستمرة للمنتجات والطاقة والمعلومات عن طريق البحر، وإذا قطعنا هذا التدفق فسوف نهلك، وإذا عطلناه فسوف ترتفع الأسعار وسوف تحدث تأخيرات، وهذا ما يحدث في البحر الأحمر منذ أواخر العام الماضي”.

وتابع: “يتعين على شركات الشحن أن تدفع المزيد من المال في التأمين أو الوقود أو غير ذلك، ولا يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن ينتهي بنا المطاف لدفع هذه الفاتورة، نحن المستهلكين”.

وبحسب التقرير فإن “الرحلة الأطول لا تسبب مشاكل الازدحام فحسب، بل إنها تزيد من ساعات عمل المحرك، وتقلل من عمر هيكل السفينة وتزيد من الانبعاثات، كما أنها أكثر خطورة، وخاصة في هذا الوقت من العام، فقد كان رأس الرجاء الصالح يُعرف في الأصل باسم رأس العواصف، وكان اسمه جيداً، وفي يوليو، فقدت سفينة (بنجامين فرانكلين) 44 حاوية على جانبها أثناء عاصفة هناك، وأي شخص لديه رؤية معقولة طويلة الأجل لكل هذا سيقول إن الشحن يحتاج في مرحلة ما إلى العودة عبر البحر الأحمر”.

وأكد التقرير أن “من الواضح من إحصاءات العبور أن العمليات الحربية الدفاعية مثل عملية (حارس الازدهار) التي تقودها الولايات المتحدة ونظيرتها الأوروبية (أسبيدس)، إلى جانب مجموعة من الضربات المضادة، ليست مطمئنة للشحن”.

وقال: “إن السفن الحربية، كما هي الحال الآن، ليست الحل، إنها جزء أساسي من الحل، ونحن جميعاً بحاجة إلى المزيد منها، ولكن إذا طُلب منها القيام بذلك بمفردها، فإنها تصبح مجرد ضمادة مؤقتة عالية المخاطر وعالية التكلفة”.

وأضاف: “بالنسبة لنا في المملكة المتحدة، علينا أن نكون قد كتبنا رسائلنا إلى سانتا كلوز في وقت مبكر من هذا العام، حيث أن السفن المحملة بكل الأشياء التي نريدها منه تتجه إلينا بالفعل تحسباً لشهر نوفمبر وديسمبر، إذ يحرك الشحن الأشياء قبل أشهر عديدة، وهنا مثال جيد على تزامن ذروة الطلب مع ذروة الاضطراب”، في إشارة إلى تقديم موعد الطلبات على سلع موسم عيد الميلاد بشكل مبكر لتجنب التأخيرات الناجمة عن الوضع في البحر الأحمر.

واختتم بالقول: “إذا لم نوصل لعبة السفينة الحربية الخاصة بك في الوقت المناسب لعيد الميلاد هذا العام، فذلك لعدة أسباب، لكن أحدها هو أننا لا نملك ما يكفي من السفن الحربية الحقيقية”، في إشارة إلى احتمال تأخر وصول سلع موسم عيد الميلاد، نتيجة استمرار تحويل مسارات السفن وفشل البحرية الأمريكية والبريطانية في وقف ذلك.

مقالات مشابهة

  • زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي تدعو لاجراء انتخابات برلمانية جديدة
  • توقعات بتراجع محصول الذرة الصفراء في الاتحاد الأوروبي هذا العام
  • اليمين الفرنسي المتطرف يطالب بحل البرلمان.. هذا ما نعرفه عن الأمر
  • اليمين الفرنسي المتطرف يطالب بحل البرلمان.. نخبرك القصة كاملة
  • الديوان العام للمحاسبة ومكتب المراجعة الوطني البريطاني يبحثان أوجه التعاون المشترك
  • “تلغراف”: تحول مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح يؤثر على تسليم هدايا عيد الميلاد في بريطانيا
  • المالية وضعت التقرير الذي أعدّه الخليل حول المالية العامة ومشروع الموازنة بتصرف المعنيين
  • البنك المركزي الأوروبي: نتوقع بلوغ التضخم 2.5% في المتوسط هذا العام
  • “بوليتيكو”: الساسة الأوروبيون يشككون في رغبة ستارمر في إعادة تعامل بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي
  • انتظروا قرارات صعبة.. ما الذي سيفعله كير ستارمر لإنقاذ الاقتصاد البريطاني؟