راشد عبدالقادر
_____
تعقد يدها اليمنى ترسل سبابتها تطرق بها اعلى صدرها الايسر على نافذة القلب طرقات الجيران والاحباب.. طرقات الوسن العابر فى ليل التعابى طرقات غمزات الغمام والهديل وحفيف اوراق الشجر
نسانا حبيبنا العارف ريدنا هولو..
الان تتأنث الاغنيات تصب عطرها وخمرتها والكثير من الصندل وتربط ثوبها فى الخاصرة تربط قلوب الصبايا تربط همسات العاشقين تربط اللوعة البكر والخفقان والنبض المتجمد
فدوة بصوت صهيل فرس جموح تنوب عن الصبيات الوادعات العاشقات الصامتات الضاجات بالحنين بالخجل بالامنيات غير المنطوقة
وحات الريده ما بننسالو عشره
اه يا دنيا لو فى بالو مره
نادر خضر يداعبها يلاغيها يهشتكها يلوليها يكسيها بنطالا وقميصا وربما جاكيت يسبي الحسناوات.
شكوى الشباب الوالهين البكائين المتوكين الغاطسين فى العشق حتى المشاش المكلومين المظلومين المساهرين بطعنات الخواصر اسارى الغيد النوافر المدعين الكبرياء واللامبالاة وسط الاصدقاء
نسانا حبينا الما منظور ينسانا
حليلو سافر ودع ما غشانا..
تخرج من اسكيرت وبلوزه وكاجوال من رحلة غابات وجلسات تحت الكباري وبقرب النهر فى *سنادك* الكيلو وحلوت والسبلوقة ومزارع الحلفايا فى رشاد وهبيلة وجبل مره ووادى هور وتخوم الانقسنا. الاف المرات تعيد اواصر العلاقات الاحباء الراحلين الاصدقاء الغائبين مهرجان الاصوات والذكريات
نسانا حبيبنا وعارف ريدنا هولو
عشانو تمشى قلوبنا وراء رحيلو
يلبسها العطبراوى عمامته وجلبابه ومركوبه بكاء العاشقين الكبار لامهات الخدود المشلخات للمطارق و(الكديس) و(التي) والشفاه الممتلئات بصباغ قاتم وشعر مرسول المساير ..
تغنيها امرأة تلبسها ثوب الزراق والرحط والمهفهف السويسرى لحبيب قديم وجارة قديمة وازمان بكر ..
ماعون الغناء مشرع للعابرين للمغنين للمؤدين للصادحين..
اكاد اجزم اننا الامة الوحيدة التى ما عليك الا ان تختار لمن من الاصوات تريد ان تسمع الاغنيات اغنيات ابوعفان وابراهيم عوض اغنيات زيدان والكاشف اغنيات خوجلى عثمان والكابلى اغنيات الحقيبة والغناء الشعبي كل غناء من اى فئة ولون ستجده هناك فى بستان ممتد غناء للناس للجميع اختار كل اغنية ستجدها مؤداة بعشرات الاصوات رخيمها وغليظها حنينها وباسمها خفيفها وثقيلها ..
لن تجد اغاني غيرنا الا باصوات اصحابها حليم وفيروز وام كلثوم ووديع الصافى وغيرهم حتى فى الغرب الا ما ندر ربما باسباب حقوق الملكيات
نساهر ونشقى لو ينفع شقانا
تسيل دمعاتنا بي شوقا وحنانا
صرخة الصوفى الكبير الباحث عن الرؤيا جوار ود العجوز بمعية البرعى والياقوت على بوابات ام مرحى ودومات همشكوريب
اصحاب الاقداح الممتدة والمواعين الكبرى
اصحاب الخلاوى وحلقات التحفيظ والتقابات النيران المشرعة المسايد الاطعام والاشباع والتعليم ماعون الروايات حفص وورش والدورى بالإمالات والمدود بالقلقلة والغنة
سيد القدح البجر
سيدى الشيخ ود بدر
بلاد حيث ما نظرت ترى ماعونا وايادى
من قديم زمان *مفاطرة* على جريدة وكيس وسندوتشات يقطعها اطفال زغب فى ابتدائية /اساس يشاركون لقماتهم فى فسحة فطور مدرسية الى فتة بوش فى مطعم اوان متوسطة وثانوية الى ناصية دكان فى داخلية وجامعة خليط بصل وطماطم والكثير من الزيت والكثير من الايادى والضحكات والمغارز و الطعمجة
ما عون نفاس جارات محمولات بالمديدة بالسكر والعصير بالافطارات والقهوة والونسات بالسماية بالعزومة بالافراح للجميع..
بالمغنيات المهذبات الماجنات اللعوبات الخجولات اقصى تعابير الامهات (وووب علي) سجمي اصصصصلو ما بسألك
بالصبيان الراكزين الراقصين الموجوعين المتحملين (ششششو) بالطمبور والسنكاب والربابة بالدلوكة والوازا والصفافير والقرون ماعون الاهازيج واللهجات والكلمات واللغات واللحون والايقاعات الكرن والجرارى والدليب والتمتم
ماعون النيل والانهار تسابق الوصول تضع جبينها على صدره الممراح ماعون الدافورى والكونكان والحريق والدومينو..
ماعون النادى والقهوة وركن الحلة ومساطب الاستاد وميادين الرابطة..
كل شي فيه يقوم على مشاركة الجميع وحضور الجميع صينية غداء دائرية قوامها التنوع واساسها وحدة الوجبة ..
ماعون الغابة والصحراء والجبل والبحر .. ماعون التمر والموز والبرتقال والبطيخ ماعون الذهب واليورانيوم والنحاس ماعون البقر والابل والضان والاغنام..
لا يمكن ان ينفرد فيه شيئ دون شيئ ولا يستحوذ فيه احد او جماعة على كل شيئ السودان بنيان الله وصنيعة الانسان..
لا يعرفه من لم يأكل فى مواعينه من لم يفهم تلاواته ويسمع اغنياته
من لم يلجنّه الخالات والعمات ويشمنه الحبوبات ويرسلنه الجارات لغرض عابر او تسأله عجوز انت هول منو؟..
لا يعلمه من لم يطرب لود البدرى ويسمع شارف ويغنى مع خليل اسماعيل يرقص مع صديق احمد من لم يشارك في خته ويدس يده تحت مخدة والدة او طفل طهور او ينحنى ممسكا بخروف يذبحه او يساعد فى ذبحة من لم يشرب قهوته ويجغم الباتيل البيشد الحيل ويستمتع بالانقارا..
هذه الارض ممراح وولود وحبلى بالامنيات والفرص والمحبة..
هذه الارض قامت على الحب على الناس على الجيران على الضرا والفسحات والدواوين على العابرين والمقيمين
على الترحيب والكرم
هذه الارض ماعون الجميع..
لا لمؤسسة ولا حزب ولا جماعة ولا قبيلة من يحاول ان يحوزها فردا يقتل جمالها ويبدد حلاوتها ويضيع رونقها وتصبح اغنياتها نشاز
هذه ارض الناس ووطن الناس وحياة الناس
اعيدوا للناس سلامهم وامنهم اعيدوا الوطن ولا تمنعوا الماعون..
والوطن عارف ريييدنا هولو.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
شكوى لسيدنا الحسين
بقلم : هادي جلو مرعي ..
إهتزت الأرض، وتحولت المباني القديمة الى ركام يشبه ذلك الذي يبدو من السماء في قطاع غزة بفعل القصف المستمر على مدى عام. القصف لم يحول المباني لوحدها الى ركام. كان هناك ملايين البشر من الأطفال والنساء والشيوخ الذي تضرعوا الى الله لينقذهم، وتوسلوا الحكام العرب والأجانب والكتاب والمثقفين والمنظمات الدولية والتجمعات الشعبية ورجال الدين ليساعدوا في وقف جنون نتنياهو الذي لم يتوقف، فنتنياهو مولع بفكرة هرمجدون، وإقامة الهيكل، وهدم الأقصى وقتل العرب، وحروب يوم القيامة، بينما يواجهه نظراؤه العرب بالحفلات الماجنة، ونشر العهر في بلادهم، والسماح لأكبر عدد من النساء بالتعري، وتجويع الناس، والبحث عن المجد دون التفكير بمايخطط لهم العدو الكوني، وبينما يتذمر العرب من المواجهة ويطلبون السلام بلحس حذاء نتنياهو ويبشرون بعودة دونالد ترامب يصر البعض على المواجهة المكلفة، ويراهنون على النصر والصمود، وإنتظار المشيئة لتقف معهم فالقلوب بلغت الحناجر، والجميع ينتظر تدخل السماء، وقرار الإله ليثأر لجياع غزة، وللنائمين في العراء على أرصفة مدن لبنان ينهشهم البرد والإغتراب. حين إهتزت الأرض، وسقطت البنايات القديمة وسط العاصمة الكبيرة هرع الناس الى الشوارع، وإفترشوا الساحات والحدائق، وفي اليوم التالي ذهب البعض منهم الى مركز الشرطة، وإستقبلهم المأمور الذي بعثهم الى كبير الحي الذي نصحهم بالتوجه الى الوزارة، وهناك إستقبلهم السيد وكيل الوزير الذي نصحهم بالتوجه الى مبنى المحافظة حيث إستقبلهم المحافظ الذي طلب منهم العودة الى أماكنهم، وسوف تحل جميع مشاكلهم، ومضى عام كامل، ولم يأت من أحد.سألت المذيعة تلك العجوز التي كانت تروي تفاصيل مابعد الزلزال ماذا فعلتم بعد أن طلب منكم المحافظ العودة الى أماكنكم؟ قالت العجوز: لم يحصل شيء.. وسألتها ثانية: ثم ماذا فعلتم؟ قالت العجوز: رحنا عند سيدنا الحسين ورفعنا شكوى لسيدنا الحسين، ومستنيين الرد !البعض حين لايجد إستجابة يتوجه الى الله، وحين لاتستجيب الحكمة لسبب ما يتوجه الى الأولياء والصالحين، ويقدم النذور ويبكي ويتوسل منتظرا نهاية لعذاباته، وحين ييأس يتشبث بيأسه بوصفه حلا لابديل عنه، وهو أفضل من التمرد والزعل والبكاء حيث يخسر الناس الكثير من الجهد والوقت والعذابات لتصل معاناتهم الى المسؤول الذي يفاضل بين مصلحته ومنصبه المهدد ومكاسبه التي لم يكن ليحلم بها، وبين عذابات الناس، فهولاء يريدون تعبيد شوارع حيهم المتربة وعمل أرصفة ومجاري للمياه والأمطار، وهولاء يريدون تأمين وضع الكهرباء، وغيرهم يريد الماء، وهناك من يحلم بمستوصف، وآخر يتأمل بناء مشفى في الحي الذي يقطنه. وحينها يقرر المسؤول أن يحافظ على منصبه، ويتشبث به ويسعى لنيل رضا حزبه والمنتفعين في قيادة الحزب وإقتصادية الحزب. ويذكرني ذلك ببعض المسؤولين الذين يريدون تسريع بعض العقود ليحصلوا على ( المالات ) قبل الإنتخابات، وتغيير الوزارات، ومنهم من يسأل: متى ستجري الإنتخابات؟ ويتمنى أن لاتكون مبكرة ليستمر في الحصول على المكاسب والإستثمارات وجني الأرباح من المستثمرين وأصحاب الشركات والمتنفذين والأقوياء.
هادي جلومرعي