سودانايل:
2025-04-10@04:40:31 GMT

مذكرات مغترب في دول الخليج العربي ( ٣ )

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

خُلاصةُ الأمْرِ أنَّ إجْرَاءاتِ تعَاقُدِنا قد اكتملتْ واسْتَلَمنا تذاكِرَ السَّفرِ وقدْ تحَدَّدَ بِها تارِيخُه ومطارُ الوصُولِ الأقْربُ لِكلِّ مُتعاقدٍ مِن خِرِّيجي كُليَّة التَربِية ۱۹۸۲ ومَنطِقَتُه التعليمية المُوَجَّه إليها . ولمْ يَبْقَ مِمّنْ لمْ يتعاقَدْ إلا قِلَّةٌ تُعَدُّ على أصَابِعِ اليَدَيْن .


بدأ اغْترِابي - بَلْ قُلْ هِجْرَتي التي امْتدَّتْ سِنينَ عَدَدا - في تاريخ ٣ / ٩ / ۱۹۸۲ . ألا ترى - يا رعاكَ اللهُ - أنَّ سَفَرنا قدْ تَمَّ سَرِيعاً ولمْ تَبلُغ المُدَّةُ بَينَ تَخرُّجِنا وسَفرِنا أكثرَ مِن ثَلاثةِ أشْهُرٍ وثلاثَة عَشَر يَوماً ؟ وهَكذا كانَ حِرصُ السُّلطاتِ السّعُودِية على الالْتِزامِ ورَاحَة المُعَلِّم وبِدايةِ العامِ الدِّرَاسي كبيراً وعظيماً في ذلك الزَّمَانِ .
غادَرنا مَطارَ الخُرْطوم في ٣ / ٩ / ۱۹۸۲ على مَتْنِ طائِرةِ الخُطوطِ الجَوِّيَة السَّعودية إلى مطارِ المَلك عبد العزيز الدولي بمدينة جَدَّة .كان معي نفرٌ من الزُمَلاءِ تَفَرَّقُوا جَمِيعاً عِندَ وصُولِنا المَطار حيثُ كانتْ وجْهاتُهُم مُخْتلِفةً وكانَ لِكُلِّ واحدٍ منهم رِحلةٌ أخْرَى إلى مَطارِ المَنطِقة التي سيعملُ فيها .
دخلتُ مدينةَ جَدَّة وكانَ بِرفقَتي مُعلِّمٌ خِرِّيج كُلِّيةِ الآدابِ جامعةِ الخُرْطُوم قِسم الجُغرَافيا مِن أبْناءِ رُفَاعَة . نَزَلنا في أحَدِ الفَنادِق الرَّخِيصةِ في وسطِ البَلدةِ لِمُدةِ يَومَين . تعَرَّفْنَا في هذين اليومينِ عَلَى أسْواقِ جَدة العامِرة ومَطاعِمِها المُتَعدِّدة . غَادَرْنَا إلى مَطارِ بِيشَة على رِحْلتِنا المُحَدَّدة بعد يومين . عندَ هُبُوطِنا وَجَدْنا مَندُوباً مِن إدارَة التَّعليمِ في اسْتِقبالِنا . وبعدَ التَّحِيَّة والتَّرحَاب الحَار قادَنا إلى أحَدِ الفَنادِق التي لا تبْعُد كثيراً عن إدارةِ التَّعلِيم . عَرَفتُ فيما بعد أنَّ الرَّجُلَ كانَ المُحاسِبَ الأوَّل في إدارةِ تَعليم بِيشة وانَّ الفُندقَ كانَ مِلكاً له . الطَّريفُ في الأمرِ أنَّ أُجْرةَ الفُندق لِثلاثَةِ أيَّام مع الوَجبَاتِ لمْ نُحاسِبْ عليها إدارةَ الفُندُق بَلْ تفَضَّل المالِك بإرجَائنا حتى نَصرِفَ بَدَل السَّكَن، والأطْرَف مِن ذَلك أنَّنا اسْتَلمْنا بَدلَ السَّكن وبَدلَ تأثِيث وبَدلَ نَقلٍ عند مُراجَعَتِنا الإدَارة العامَّة للتعليم في بيشة في اليومِ الثالثِ مِن أجْلِ استلامِ خِطابِ التَّوجيه - اسْتلَمنا عَشرةَ آلافِ ريالٍ كاملةً عدَّا نقداً مِن فِئة المِئة رِيال وكانتْ في ذلك الوقتِ ورقةً زرقاءَ كبيرةً أطْلقَنا عليها " أضَان دَحََش " . وهَلَّتْ علينا الفَرحةُ ولمُ نَكُنْ قد بَدأنا العَمَلَ بعد !!! افْتَرَقنا - زميلي وأنا - بعد أنْ تمَّ تَوزِيعُه إلى بلدةٍ قريبةٍ مِن مَدٍينةٍ بيشة . وكانَ حَظَّي :
" كَدَقيقٍ فوقَ شَوكٍ نَثَرُوهُ
ثُم قالُوا لِحُفاةٍ يومَ رِيحٍ اجْمَعُوهُ
صَعُبَ الأمْرُ عَليهِم قُلتُ يا قُومُ اتْرُكُوهُ
إنَّ مَنْ اشَقاهُ رَبِّي كيْفَ أنْتُم تُسعِدُوه " .
( كما قال شاعِرُنا المرموق إدريس جَمَّاع ) . تَمَّ تَوجِيهي إلى قَرية " تَثْلِيث " ومدرسةِ تثليث المتوسطة والثانوية . وهي من القُرى التي قُلتُ لكُم آنِفاً عَنْها " حَدِّثْ ولا حَرَج " ! وسوف - الآن بلا حرج - أحَدِّثُكُم عنها . وللتَّثليثِ في اللُّغةِ العَرَبية عِدةُ مَعَانٍ مِنها : الاعْتِقادُ - لدَى المسيحيين - بأنَّ طَبيعةَ اللهِ في ثلاثةِ أقانيم مُتساوِية : اللهُ الأبُ ، اللهُ الابْنُ ، اللهُ الرُّوحُ القُدُس ( أقانيم جمعُ أُقْنُوم بِضَمِّ الهمزة وتَسكِينِ القَاف وضَّمِّ النُّون وهو الجَوهَر والشَّخصُ والأصْلُ )
قبْلَ هذا وذاك ، وقبلَ خُرُوجي مًن الفُندق زارَني الأخُ العَزيز الأسْتاذ جَمال يَعقوب - له الرَّحْمةُ والمَغفِرة - وهو خِرِّيج تربية لُغة إنجليزية 81 ويُقيم في بيشة - أنذاك - وقد سَبَقنا إليها بِعامٍ دِراسيٍ كامٍل . وكانَ قد عَلمَ بِوصُولِنا ومَكانِ إقامَتنا. وقد أخذني معه إلى حيثُ يُقيم في شُقَّة هو وشَيخٌ معه مُعَلِّم للتَّربيةِ الإسلامية. وقد اقمتُ معه بِضعةَ أيَّام قبل أنْ أُغادِر إلى المَدْعُوَّةٍ تثليث .
لمْ تَكُن هُنالِك مُواصَلات بين بيشة وتثليث ، فأسْلَمَني الأستاذ جمال إلى سَائق سَيَّارة البَرِيد الحُكُومِيِّة الصَّفراء التي سوف تُقِلُّني إلى تثليث ، وقد أوصَى ساعي البرِيد أنْ يُسَلِّمَني إلى مَنْ يَعرِفْ مِن السُّودًانيين هناك . وقد كانْ .

محمد الشريف  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

دهوك العراقي يتعادل مع القادسية الكويتي في نهائي كأس الخليج للأندية

دهوك العراقي يتعادل مع القادسية الكويتي في نهائي كأس الخليج للأندية

مقالات مشابهة

  • السوداني يرعى مراسم توقيع 3 مذكرات تفاهم في مجال الكهرباء وبين غرفتي التجارة العراقية والأمريكية
  • الفنان إسماعيل عبد الله: نتطلع لدورة جديدة من مهرجان المسرح العربي نزهو بها في مصر العراقة والإبداع
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: الشبكة التي نتخبط فيها
  • المقالات التي تعمل على تعزيز السلام والأمن على أرض السودان
  • دهوك العراقي يتعادل مع القادسية الكويتي في نهائي كأس الخليج للأندية
  • الحرس الثوري يوقف ناقلة نفط في الخليج مع 6 كانوا على متنها
  • تصعيد إسرائيلي في لبنان والجيش يدعوه للانسحاب من المناطق التي يحتلّها
  • استجابةً للتحديات التي تواجه صناعتها... إطلاق تجمّع منتجي الدراما في لبنان
  • محمد بن راشد: 32 مليون طالب من 50 دولة شاركوا في «تحدي القراءة العربي» بدورته التاسعة
  • بكمين محكم لشعبة المعلومات.. توقيف مطلوب بـ8 مذكرات قضائية