القطاع الخاص يقود مبادرة تسويق النهضة العمرانية
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
المعارض الخارجية «محل دراسة».. وتعاقدات النصف الأول «الضخمة» تعكس جاذبية السوق المصريةطارق شكرى: تنمية المجتمعات العمرانية «مخاطرة» تتطلب تواجد الدولة فى البداية
يبدو أن القطاع الخاص قرر أخذ زمام المبادرة لتسويق النهضة العمرانية المحققة فى مصر، حيث تعكف غرفة صناعة التطوير العقارى باتحاد الصناعات المصرية لعقد مؤتمر دولى لعرض جيل من المدن الجديدة وما يحويه من فرص استثمارية مغرية لرؤوس الأموال الأجنبية فى ظل مناخ تشريعى وإجرائى مرحب ومشجع للاستثمارات الأجنبية فى مصر.
وتخطط الغرفة لدعوة كبار المستثمرين العقاريين فى المنطقة والعالم لحضور فعاليات المؤتمر الدولى المرتقب للتعرف عن قرب على المزايا الاستثمارية التى يتميز بها السوق العقارى المصرى فى الوقت الراهن، وكذلك دعوة وسائل إعلامية متخصصة ومرموقة لنقل هذه المزايا للعالم.
ويمكن القول بأن هذا المؤتمر الدولى الذى سيحظى بطبيعة الحال بدعم الحكومة المصرية سيواكب عقد فعاليات دولية للترويج للاستثمار فى السوق العقارى المصرى فى عدة دول بهدف استقطاب رؤوس الأموال سواء للاستثمار أو لاقتناء وحدات سكنية تحقق أهداف متنوعة سواء كانت فى مناطق ساحلية أو ضمن إطار جيل المدن الجديدة.
وضمن هذا الإطار قال المهندس طارق شكرى، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب رئيس غرفة صناعة التطوير العقارى باتحاد الصناعات المصرية رئيس شعبة الاستثمار العقارى باتحاد الغرف التجارية، إن المؤتمر سيعرض تجارب المستثمر المصرى الناجحة على أساس أن نجاح المستثمر المصرى هو البداية المنطقية لجذب المستثمر الأجنبى، مشيرا إلى أنه من المخطط عرض التجارب الناجحة للمستثمرين الأجانب بحضور الجهات الرسمية، كمجلس الوزراء ووزارة الإسكان، ووزارة الصناعة والتجارة، والهيئة العامة للاستثمار، ومسئولى شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، وكبار المطورين والمسئولين العقاريين، ومسئولى جهات التمويل الأجنبية ومنها الصناديق العقارية.
ورأى «شكرى» أن التعاقدات الكبيرة التى تمت خلال النصف الأول من العام الجارى تعكس نجاح الاستثمار بالسوق العقارى المصرى، لافتا إلى أن العقود الاستثمارية الضخمة التى تم توقيعها خلال النصف الأول من العام الجارى تعد رسالة حقيقية لجدوى الاستثمار بالسوق العقارى المصرى.
وتناقش غرفة التطوير العقارى تطبيق التيسيرات الحكومية للشركات العقارية لامتصاص آثار المتغيرات الاقتصادية العالمية، إضافة لبحث الوضع الحالى للشركات المتوسطة والصغيرة وبحث سبل استفادتها من التيسيرات الممنوحة.
وشدد على أهمية العاصمة الإدارية الجديدة باعتبارها مشروعا قوميا رائدا يأتى فى مقدمة مشروعات الجمهورية الجديدة، ويجب الحفاظ على تهيئة مناخ استثمارى قوى وجاذب يمكن الشركات العاملة فى العاصمة من استمرار التنفيذ فى المشروعات المختلفة، وخاصة مع وجود عدد كبير من الشركات العاملة بالعاصمة الإدارية، والتى يضمن استمرار عملها واستمرار معدل التنمية والتعمير بالعاصمة الإدارية بالكامل.
وقد التقى رئيس غرفة التطوير العقارى ممثلى جهاز المنافسة ومنع ممارسات الاحتكار ضمن عملية الحوار المجتمعى لمناقشة وثيقة ملكية الدولة ومنافسة الدولة للقطاع الخاص فى السوق العقارى، حيث تمت مناقشة آليات وفرص عمل الدولة فى المشروعات المختلفة وطبيعة الدور الذى يجب أن تقوم به مقابل توفير مساحة أكبر للقطاع الخاص، حيث أكد على أن تنمية أى مجتمع عمرانى جديد أو مدينة جديدة يتطلب تواجد الدولة لاتخاذ المخاطرة وتنفيذ بنية تحتية تشجع المستثمر على التوجه لهذه المدينة وتنفيذ مشروعات مختلفة، على أن تنسحب الدولة بالتدريج ليقوم القطاع الخاص باستكمال باقى التنمية فى هذه المدينة الجديدة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العاصمة الادارية مجلس الوزراء وزارة الاسكان وزارة الصناعة والتجارة الهيئة العامة للاستثمار
إقرأ أيضاً:
منافسة الحكومة للقطاع الخاص
مدرين المكتومية
قبل يومين وأثناء انهماكي في العمل الصحفي، وصلني اتصال من إحدى موظفات قسم التسويق بإحدى مؤسسات القطاع الخاص، وكانت تشكو لي وتخبرني بأنَّها توجَّهت لتقديم فكرة لإحدى الدوائر الحكومية على أمل أن ينخرطوا في شراكة ثنائية من أجل تنظيم حدثٍ ما؛ حيث لاقت في البداية الترحاب والقبول؛ نظرًا لأهمية الموضوع، ووعدوها بالرد لاحقًا بعد عرض الفكرة على بعض المسؤولين.
ما حدث بعد ذلك أنها استمرت في التَّواصل معهم لمعرفة المستجدات، ولم تجد منهم سوى المُمَطالة والتسويف، إلى أن فوجئت قبل أسبوعين فقط بأنَّ المقترح الذي قدمته والفعالية التي كانت ترغب في تنظيمها، تم الإعلان عنها بتنظيم من هذه الجهة فقط دون أي شراكة معها؛ حيث قررت هذه الجهة الحكومية تنفيذ الفكرة بكل تفاصيلها بما فيها من رؤى عميقة وأفكار إبداعية وحتى المستهدفين من الرعاة!! الأمر الذي أصابها بالإحباط، وغرس فيها نوعًا من عدم الثقة في الآخر، فضلًا عن الخسارة المعنوية والمادية.
هذه للأسف واحدةً من قصص عديدة بنفس التفاصيل تقريبًا؛ حيث لا يكف القطاع الحكومي (وزارات وهيئات وشركات) عن منافسة القطاع الخاص في سوقه المحدود أصلًا، وهو ما يضع القطاع الخاص أمام معضلة حقيقية وأزمة عنيفة تُهدد بتلاشيه رويدًا رويدًا.
لقد سادت أفكار لدى بعض الوزارات في السنوات الأخيرة بضرورة تحقيق أرباح مالية من خلال تنظيم فعاليات أو مؤتمرات تحشد فيها رعايات مالية من الشركات الكبرى في القطاع الخاص تحقق لها أرباحًا مجزية، وذلك في منافسة غير عادلة ضد شركات القطاع الخاص المتخصصة في إدارة الفعاليات.
لا يجب أبدًا أن يكون هدف أي مؤسسة حكومية تحقيق الأرباح، لأنها في الأساس لم تُنشأ لهذا الغرض؛ بل إن المؤسسات الحكومية مؤسسات غير ربحية في الأساس، وإذا رغبت في جني أي إيرادات مالية فتكفيها الرسوم والضرائب المفروضة والتي ترتفع كل فترة وحين.
فهل يعقل أن يقوم مسؤول كبير في وزارة معينة بالاتصال برئيس تنفيذي لشركة كبرى بالقطاع الخاص ليطلب منه تقديم رعاية مالية لحفل ستقيمه وزارته؟! أو لدعم تنظيم حدث يخُص إنجازات الوزارة؟! الغريب في الأمر أنَّ مثل هذه الفعاليات لها مخصصات مالية وميزانيات داخلية في كل جهة حكومية، وزارة كانت أو هيئة، ومن الواجبات الوطنية على هذه المؤسسات الحكومية أن لا تُنافس القطاع الخاص، لا سيما وأن المسؤولين عن الشأن الاقتصادي دائمًا ما يؤكدون الحرص على توفير كل سبل النجاح للقطاع الخاص وليس محاربته في قوته ومصدر رزقه، وهو ما يُحتِّم على المؤسسات الحكومية أن تلتزم بهذه التوجهات المنطقية، وعدم التفكير بطريقة البائع والمشتري، وكأنَّ الوزارة تحولت إلى "سوبرماركت"!
الملاحظ أن هناك خلط كبير جدًا؛ إذ إن ممارسات حكومية خاطئة في السنوات الأخيرة، تسببت في إضعاف القطاع الخاص بشكل كبير وخروج العديد من الشركات من السوق، وتسريح الآلاف من الشباب العُماني. ولا ريب أن التضييق على القطاع الخاص ليس من صالح الحكومة في شيء؛ لأن هذه الشركات تساهم في التوظيف ودفع الضرائب ورفع الناتج المحلي، وفي الوقت الذي تواجه البلاد فيه أزمة في التوظيف على الحكومة أن تعمل على عدم منافسة القطاع الخاص؛ بل والواجب عليها تحفيزه حتى يستطيع القيام بالدور المأمول منه.
ولا أدل على هذه المنافسة غير العادلة، ولن أبالغ إن قلت إنها منافسة ظالمة للغاية، بدأت مؤسسات حكومية في ممارسة نفس أعمال القطاع الخاص؛ حيث إن عددًا منها يستعين في البداية بالقطاع الخاص ويطلب منه تقديم أفكار ومقترحات وتصورات لازمة لإنجاح الفعالية، وبعد أشهر من العمل المضني من قبل القطاع الخاص، دون أي مقابل على كل هذه الجهود، تكون الصدمة والمفاجأة المدوية، تبدأ بردود باردة وتسويف وتجاهل وهروب من اللقاءات المباشرة، وفي النهاية يكون الرد: "هذه الأفكار يمكن تنفيذها من خلال الوزارة ولا نحتاج إلى شركة متخصصة للقيام بها"!! دون أن تشعر هذه المؤسسة أو الوزارة- ولو للحظة- أن هناك فريق عمل متكامل، عكف ليل نهار على إعداد مثل هذه التصورات، والتي تأتي في نطاق اختصاصه ومصدر رزقه الوحيد. وهذا يدفعنا إلى اتهام هذه الوزارات الحكومية بسرقة الأفكار الإبداعية وعدم الاعتداد بحقوق الملكية الفكرية حتى وإن كانت ما تزال فكرة على الورق أو في رأس صاحبها، فأيُّ دور نأمله للقطاع الخاص في مسيرة التنمية؟ وأي شراكات بين القطاعين يمكن أن نشهدها؟!
أيضًا البعض من هذه المؤسسات يطلب انتداب موظفين من شركات بعينها بهدف التدوير الوظيفي وزيادة الخبرات ورفع كفاءة عمل القطاع الحكومي، لكن فجأة تجد هذا الانتداب يتحول لدى البعض إلى مهمة عمل "تسويقية"، من خلال تركيز عملهم على تقديم أفكار تسويقية كانوا يعملون عليها في القطاع الخاص الذي ينتمون له، ويكون الهدف الرئيسي هو الربح وجني المكاسب، وهذا بالتأكيد سوء استخدام وليس خدمة للأهداف الأصيلة. كل هذا يحدث يوميًا أمام أعيننا في بيئة غير صحية لممارسة الأعمال التجارية، دون أدنى اعتبار لأهمية دور القطاع الخاص وضرورة عدم منافسة القطاع الحكومي له، بل بناء الشراكات والتعاون المُثمر.
يجب على الجهات الحكومية، وبصفة خاصة الوزارات، أن تعي أن هدفها الأساسي يتمثل في خدمة المجتمع بالدرجة الأولى، والنهوض بالقطاع الخاص وتمكينه، وهذا الهدف في مرحلة سابقة كان هدفًا ساميًا، عملت المؤسسات الحكومية يدًا بيدٍ مع القطاع الخاص من أجل تحقيق غاياتها التنموية وتقديم خدماتها بصورة مميزة، لكن خلال السنوات الأخيرة الماضية لوحظ أنها أصبحت تخوض منافسة ظالمة مع القطاع الخاص، وتسعى لسحب الأرباح منه، والبحث عن المكسب لا سواه، وهذا بالطبع أمر غير صحي ولا يدخل ضمن دورها الأساسي والمرجو منها.
وختامًا.. إنني أتوجه بالدعوة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء الموقر، بضرورة توجيه الوزارات والجهات الحكومية، نحو تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص، وعدم مزاحمته في مصدر رزقه، وأن تتفادى الحكومة تمامًا القيام بأعمال القطاع الخاص الهادفة للربح، فهذا حق أصيل للقطاع الخاص لكي يُواصل دوره الإنتاجي والتنموي ويُسهم في نمو الاقتصاد، لأنَّ غير ذلك سيُفضي إلى نتائج سلبية للغاية وانعكاسات ضارة جدًا باقتصادنا الوطني، ولن نجد أي دور حقيقي للقطاع الخاص، طالما قررت الجهات الحكومية الاستحواذ على ما يتبقى للقطاع الخاص (لا سيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) من أعمال قد تُدر ربحًا يُساعده على الوفاء بالتزاماته.
رابط مختصر