الجزائر- يعتقد مرشح حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف للانتخابات الرئاسية في الجزائر أنّ "جهود السلطات لمحاربة الفساد غير كافية، حيث ما تزال جيوبه وعصبه (أطرافه وجهاته) قائمة وهي تتوالد باستمرار". وقال -في حوار مع الجزيرة نت- إن مقاربة المعركة ضد الفساد ينبغي أن تكون "مستمرة وجادة، وفق مخطط مدروس تجنبا للتصفيات الانتقامية".

وينتقد مرشح التيار الإسلامي معالجة البطالة، معتبرا أن الحكومات المتعاقبة لم تستطع بسبب القرارات الظرفية، وعدم وجود رؤية إستراتيجية متكاملة، لذلك يقدم برنامجه "نظرة جديدة" للملف. وتعهد بتوسيع البنية التحتية لتجارة العبور الدولي، مع ترقية التبادلات التجارية المغاربية والأفريقية، وبعث المنطقة العربية للتبادل الحر.

وفي جانب العلاقات الدوليّة، يمنح برنامج حساني شريف الأفضلية لتحسين العلاقات مع دول الجوار ومعالجة الخلافات وتحجيم أثرها. ويشترط رفض التطبيع مع إسرائيل حتى تستعيد العلاقات طبيعتها مع المغرب.

وفيما يلي نص الحوار:

يجري الاستحقاق الرئاسي تحت إشراف السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات، هل لديكم الثقة الكاملة في شفافية العملية، خاصة في ظل ما وقفتم عليه منذ بداية المسار حتى الآن؟

لقد طالبنا منذ 20 سنة بضرورة تشكيل هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات وحياد الإدارة والقضاء لتجاوز ظاهرة التزوير التي رافقت العملية الانتخابية وأنتجت حالة عزوف كبيرة عن المشاركة في الانتخابات. وجاء الحراك الشعبي سنة 2019 ليدفع بهذا المطلب إلى الواجهة حيث تم تعديل قانون الانتخابات وتأسيس هيئة مستقلة عن وزارة الداخلية.

ونَظمت الانتخابات (الرئاسية والتشريعية والمحلية والاستفتاء على الدستور) أكبر نسبة عزوف، لكنها أثبتت محدوديتها التنظيمية والسياسية، لأنها ما تزال تُعيّن من طرف رئيس الجمهورية ولا تخضع لانتخاب أعضائها.

ورغم ذلك قبلنا بقواعد اللعبة السياسية وقررنا المشاركة بهدف بناء حالة انتخابية ذات مصداقية تساهم في بناء ديمقراطية تعددية تحتكم إلى السيادة الشعبية، وتتجاوز الممارسات السابقة التي تشوه العملية السياسية وتؤجل تطلعات الجزائريين نحو التغيير والإصلاح، وهي اليوم أمام امتحان جديد في التزام الجميع بالقوانين.

وقد رفعنا إليها احتجاجاتنا التي حدثت في مرحلة التوقيعات والأسبوع الأول من الحملة الانتخابية، واتخذت قرارات مهمة ألزمت فيها الإعلام العمومي بضمان تكافؤ الفرص بين المرشحين الثلاثة في التغطية الإعلامية، ولكنها لم تتمكن من فرض ذلك على القنوات الخاصة التي تناقض هذه القرارات بالانحياز المفضوح.

تخوض السلطات القضائية والسياسية معركة كبيرة ضد الفساد منذ 2020، هل ترون أنها آتت ثمارها؟ وهل هناك أي تحفظات أو مقترحات لتصويبها؟

المعركة ضد الفساد ينبغي أن تكون مستمرة وجادة وفق مخطط مدروس من خلال تحيين بعض القوانين وضمان استقلالية القضاء تجنبا للتصفيات الانتقامية، وعدم التضييق على الإعلام أو منعه من الكشف عن ملفات الفساد. ونعتقد أن ما قامت به السلطات غير كافٍ لمحاربة الفساد، حيث ما تزال جيوبه وعصبه قائمة وهي تتوالد باستمرار وتتطلب مقاربة جديدة يقترحها برنامجنا "فرصة".

وقد ورد في التعهد رقم 18 مقاربة متكاملة لمكافحة الفساد، من خلال تطوير آليات الوقاية من الفساد والإفساد، وتشديد العقوبة في الجرائم المتعلقة بنهب المال العام، والمخدرات والسلاح والاختطاف والاتجار بالبشر، وتوسيع صلاحيات المدرسة العليا للقضاء إلى مجال الرصد والتقييم والاستشراف.

حقق الجزائريون مكاسب اجتماعية مهمة خلال السنوات الأخيرة برفع الأجور وإقرار منح للبطالة مقابل تراجع كبير للقدرة الشرائية. كيف سيحل برنامجكم هذه المعادلة المتناقضة؟

نحن نقترح نظرة جديدة لحل هذه الإشكاليات الدورية التي لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من حلها، لأن القرارات المتخذة بشأنها كانت ظرفية بسبب عدم وجود رؤية إستراتيجية متكاملة، مما أنتج المزيد من الإنفاق، مقابل أثر ضعيف على القدرة الشرائية.

برنامج "فرصة" يقترح حلاّ لمشكلة البطالة يمكّن الشباب وطلاب الجامعات المتخرجين من العمل وليس تسيير البطالة الذي عمّقها أكثر، حيث أصبح الشباب الذين استفادوا مثلا من وكالة تشغيلهم عاطلين ومتابَعين قضائيا لأنهم لم يتمكنوا من الوفاء بالقروض التي مُنحت لهم.

كما سيثبّت المكتسبات الاجتماعية التي حصل عليها الشباب كالمنح والتعويضات، لكنه يتعهد بتطويرها وترقيتها لتساهم في ضمان كرامتهم وبناء حياتهم المستقبلية. والشيء نفسه يقال عن الأجور الزهيدة التي يتقاضاها العمال والموظفون والأساتذة، حيث يتعهد البرنامج برفعها بالتدريج، بالتوازي مع حلّ إشكالية التنمية التي تسير فقط بـ3 محركات، مقابل ركود 11 قطاعا حيويا.

من أكبر عوائق الإصلاح الاقتصادي -برأي الخبراء- تضخم كتلة الاقتصاد الموازي حيث تقدرها جهات رسمية بـ90 مليار دولار، فما الحل؟

القطاع الموازي في الجزائر مرهِق لميزانية الدولة، لاسيما عندما تصرح الرئاسة بمبلغ فلكي لم تتمكن من استيعابه في الكتلة النقدية الوطنية.

"فرصة" يقترح حلولا عملية لمعالجة هذه الظاهرة، من خلال إعادة تنظيم السوق ومراجعة القاعدة الضريبية وتسهيل الممارسة التجارية وتخفيف إجراءاتها وتبسيط عمليات التوطين البنكي وتعديل قانون القرض والنقد، بما يسهل عمل البنوك الإسلامية التي ستساهم في استيعاب الكتلة النقدية خارج البنوك.

يكثر الحديث عن تحفيز الاستثمارات بينما لا يزال مجرد مشاريع مسجلة وأرقام استشرافيّة، ما التسهيلات التي يقدمها برنامجكم للمتعاملين الجزائريين والأجانب؟

يُعتبر برنامجنا فرصة كبيرة لحفز الاستثمار وجذب المستثمرين، من خلال التعهد بتهيئة بيئة أعمال جاذبة، حيث سنعمل على متابعة وتحسين مؤشرات مناخ الأعمال، وتكريس استقرار وملاءمة التشريعات، وحصر "قاعدة 49/51" في القطاعات الإستراتيجية، وتعزيز مسؤولية الهيئات ذات الصلة في مرافقة الاستثمار.

وسنعتمد قاعدة بيانات وطنية محينة لفرص الاستثمار، وتيسير إجراءات الحصول على العقار، ومعالجة توازي القطاع الاقتصادي (نظامي ومواز) بمقاربة اقتصادية اجتماعية، ومراجعة منظومة ضبط الأسعار، توخيا للتوازن والعدالة والاستقرار.

كما سنعمل على توسيع البنية التحتية لتجارة العبور الدولي، وتطوير أدوات حماية المنتوج الوطني وآليات تطبيق الأفضلية الوطنية، وتعزيز دور الأسواق المحلية واستيعاب النشاط الموازي، مع وضع نظام يقظة لرصد ومتابعة الأسواق العالمية، وترقية التبادلات التجارية المغاربية والعربية والأفريقية، وبعث المنطقة العربية للتبادل الحر، وإنشاء مناطق حرة متخصصة عبر التراب الوطني.

راهنت الحكومة -مؤخرا- على اقتحام السوق الأفريقية خاصة مع استحداث منطقة التجارة الحرة القاريّة، ما مقترحاتكم لتأهيل الإنتاج ورفع الصادرات خارج المحروقات؟

هدفنا المركزي في التنمية الاقتصادية لبناء جزائر صاعدة هو تحريك آلة الإنتاج الوطني بحشد كل الطاقات والإمكانيات، للخروج من التبعية للمحروقات، حيث نعتبر ذلك أولوية قصوى، بإرساء:

مقاربة جديدة غير ريعية لاقتصاد المحروقات، حيث لن نسمح -بموجب قانون واضح وصريح- بتصدير الخامات الجزائرية، بل سنعمل على بناء نسيج صناعي متنوع من خلال رفع عدد المؤسسات الصغيرة إلى مليون مؤسسة، وعدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في النشاطات التحويلية إلى 10%. اعتماد منظومة وطنية لتطوير آليات التسيير في القطاع الاقتصادي العمومي، وإدماج كبرى الشركات ومنظمات أرباب العمل في مرافقة صغار المستثمرين. رفع مساهمة الصناعة الوطنية في الناتج الداخلي الخام إلى 12%. تشجيع الشراكات النوعية المحولة للتكنولوجيا. حساني شريف أبرز منافسي الرئيس الحالي تبون بحسب مراقبين (الجزيرة) كان الإسلاميون من أكبر المناضلين لأجل التعريب بالإدارة والمدرسة والجامعة، لكنهم -حاليا- يدعمون استبدال الفرنسية بالإنجليزية، هل ستبعثون مجددا مشروع "التعريب الشامل"؟

نحن متعهدون بتعميم استعمال العربية في كل المجالات ورفع التجميد عن قانون تعميم استعمالها، على اعتبار أن برنامج "فرصة" يؤكد أن استخدام هذه اللغة المرسمة في الدستور جزء من السيادة ولا تنمية ولا تقدم نحو الجزائر الصاعدة إلا بلغة الشعب.

ولن يبقى ذلك مجرد خطاب، بل سنمكّن للطاقات الحية في الجزائر وللمؤسسات التي تضطلع بترقية العربية لتكون مستوعبة للتكنولوجيات الحديثة ورافعة لمشروع التنمية الذي يقترحه برنامجنا.

في حال وصولكم الحكم، كيف ستتعاملون مع القوانين الوضعية التي تتنافى مع المرجعية الإسلامية للحزب؟

الدستور الجزائري واضح في مثل هذه القضايا بمادته الثانية التي تنص على أن "الإسلام دين الدولة" ويعتبر كذلك أن التمتع بالخلق الإسلامي واجب من الواجبات المواطنية، وأغلب القوانين الجزائرية لا تتصادم مع روح الشريعة الإسلامية، بل تعتبرها مصدرا من مصادر التشريع، خاصة القوانين الناظمة للحياة الاجتماعية، وعلى رأسها قانون الأسرة.

ووفق هذا المنظور سنقوم بدسترة كل القوانين لتصبح متناغمة مع هوية المجتمع ومشروعه الحضاري المبني على تثبيت الثوابت والانفتاح على ما تنتجه الإنسانية من أفكار ومقاربات، باعتبار الحكمة ضالتنا فأنّا وجدناها فنحن أحق بها.

هناك حالة قطيعة دبلوماسية حاليا مع المغرب، هل لديكم تصور واقعي لإنهاء الأزمة؟

أعتقد أن قرار التطبيع مع الكيان الصهيوني كان سببا مباشرا في توتر العلاقات الجزائرية المغربية التي كان الحوار مفتوحا بشأنها، ولكن التهديد الجدي -الذي يمثله هذا القرار وما تبعه من تداعيات- ساهم في تعقد العلاقات وأجّل كل رغبة في التقارب رغم حضور بعض الاتصالات المتواضعة.

وما نعرضه من مسارات لاستعادة العلاقات نحو طبيعتها يقوم على أساس رفض التطبيع ومواجهة الأطماع الجديدة للمستعمر القديم في المنطقة وتصفية الاستعمار وتثبيت حق الشعوب في تقرير المصير.

ويعمل برنامجنا على تكريس الأفضلية المغاربية والعربية والإسلامية والأفريقية، وبناء مجالات التعاون وفق قاعدة الربح للجميع، وتحسين العلاقات مع دول الجوار والعالم ومعالجة الخلافات، وتحجيم أثر الخلافات المزمنة والمستعصية.

لا تزال فرنسا تماطل في معالجة قضية الذاكرة الوطنية مع الجزائريين بالهروب من الاعتراف والاعتذار والتعويض، هل ترون التقدم بعلاقات البلدين ممكنا مستقبلا دون تسوية نهائية للملف؟

لا أعتقد أن تقدما سيحدث في العلاقات بين فرنسا والجزائر دون فتح نقاش جدي وعاجل ومتكافئ يبحث كل القضايا العالقة بعيدا عن مقاربة اللجان التي لا ينتهي عملها، ولا أفق فيها لاعتراف المستعمر القديم بجرائمه وتعويض الضحايا والخروج من ذهنية الاستخفاف بالعلاقات الثنائية ووضعها دوما في ميزان الابتزاز.

كثيرا ما صرح الرسميون بعدم توازن العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الاتحاد الأوروبي، هل تنوون مراجعة بنودها؟ وأي شروط تضعونها لشراكة متوازنة؟

برنامجنا ملتزم بالوفاء للاتفاقيات التي تبرمها الجزائر مع شركائها، غير أننا ننظر إلى العلاقات والاتفاقيات بمقاربة جديدة قائمة على رعاية المصالح الجزائرية العليا، واستنفاذ كل الأساليب بعدم تعريض سيادتنا للابتزاز والعمل على تنويع العلاقات والاتجاه شرقا على قاعدة الندية ومبدأ رابح رابح.

وسنراجع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بما يجعله منصفا وفعالا بالاتجاهين وليس في اتجاه واحد كما كان سابقا، حيث سنحدد مصالحنا بخبرة جزائرية تتحرى المصالح العليا، وستكون لنا الجرأة لإلغاء أو تجميد الاتفاق في حالات التنافي مع المصلحة الوطنية الراجحة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حسانی شریف من خلال

إقرأ أيضاً:

القضاء التونسي يرفض الإفراج عن المرشح الرئاسي العياشي زمال

رفض القضاء التونسي جميع مطالب الإفراج عن المرشح للانتخابات الرئاسية، العياشي زمال، وقرّر إبقاءه في حالة إيقاف مع تأجيل النظر في القضية.

وأجلت المحكمة الابتدائية في جندوبة، الأربعاء، النظر في قضية زمال إلى 18 سبتمبر الجاري.

وكانت النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية في جندوبة، قد أوقفت زمال، الأسبوع الماضي، بتهمة تزوير التزكيات الخاصة بالترشح للانتخابات الرئاسية.

يذكر أن زمال يحاكم بنفس التهمة في أكثر من محكمة. وكانت هيئة الدفاع عنه قد أفادت في بيان سابق، بأن موكلها صدرت في حقه تبعات أخرى بنفس التهمة في محافظات منوبة وسليانة.

أساتذة قانون في تونس يحذرون: الانتخابات الرئاسية قد تفقد شرعيتها حذر عشرات من أساتذة القانون البارزين وعمداء كليات الحقوق التونسية في بيان، الخميس، من أن الانتخابات الرئاسية مهددة بفقدان شرعيتها ومصداقيتها إذا لم تعد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ثلاثة مرشحين إلى السباق تنفيذا لقرار المحكمة الإدارية.

واتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" هيئة الانتخابات التونسية بـ"تمهيد الطريق" لولاية ثانية للرئيس قيس سعيّد.

وقالت المنظمة، الأربعاء، إن الهيئة وافقت هذا الأسبوع على 3 مرشحين فقط للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر، من بينهم الرئيس الحالي ومرشح محتجز، متجاهلة الأحكام القضائية المهمة التي سمحت لـ3 منافسين آخرين بالعودة للترشح في الانتخابات.

وسعيد، الذي انتخب ديمقراطيا عام 2019، أحكم قبضته على جميع السلطات، وبدأ في الحكم بالمراسيم عام 2021، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها "انقلاب". وقال العام الماضي إنه "لن يسلم تونس إلى غير الوطنيين".

مقالات مشابهة

  • الليلة.. ديربي عربي قوي في ذهاب دور الـ 32 بالكونفيدرالية
  • مرشح لمنصب عمدة في البرازيل: أتمنى أن أجعل مدينتي مثل دبي
  • برلماني عراقي يكشف للجزيرة نت تفاصيل سرقة القرن وشبكة جوحي
  • أبرز العلاقات التي أثارت الجدل في الوسط الفني (تقرير)
  • غوتيريش للجزيرة: المزاعم ضد الأونروا زائفة ونرفض أي ضم للضفة
  • القضاء التونسي يرفض الإفراج عن المرشح الرئاسي العياشي زمال
  • صدمة حضارية.. شريف عامر يحكي تجربته مع السبلايز خارج مصر
  • ماكرون يتودّد إلى الرئيس تبّون لأجل العفو الدبلوماسي
  • مناورة جديدة ضد المغرب..الإعلام الجزائري يحشو رسالة ماكرون لتبون بالمغالطات والأكاذيب
  • جامعة أسيوط تناقش أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد