موقع 24:
2024-09-14@22:51:59 GMT

قلق إثيوبي من الوجود المصري في الصومال

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

قلق إثيوبي من الوجود المصري في الصومال

لم تهدأ الآلة الإعلامية في إثيوبيا عن توجيه انتقادات للقاهرة منذ الإعلان عن هبوط طائرتين مصريتين محملتين بأسلحة وذخائر في مطار مقديشو الثلاثاء الماضي، وتصاعد الأمر مع دخول وزارة الخارجية الإثيوبية على الخط وإصدار بيانات تنتقد التحرك المصري، تلميحاً أو تصريحاً، وتعاملت معه كتصرف هجومي وموجه ضد أديس أبابا وليس لتطوير العلاقات بين بلدين آخرين وتعزيزها.


حاولت الحكومة الإثيوبية إخفاء قلقها من مقدمات التواجد المصري في الصومال من خلال تحدّيه وإعلان تعيين سفير لها في "جمهورية أرض الصومال"، غير المعترف بها دولياً، والتي كانت سبباً في توتر جديد بين مصر وإثيوبيا عندما وقّعت اتفاقاً مبدئياً للحصول على قاعدة عسكرية، وتسهيلات لوجستية وتجارية تقودها إلى البحر الأحمر من الجنوب لمدة خمسين عاماً، وهو ما تعاطت معه القاهرة مبكراً باعتباره تهديداً لمصالحها الإستراتيجية، ووقفت بجوار حكومة الصومال في رفض الخطوة، ثم وقّعت القاهرة مع مقديشو بروتوكولاً للتعاون العسكري وملحقاته.
دعّمت مصر البروتوكول بعزمها المشاركة بنحو خمسة آلاف جندي في مهمة حفظ السلام الأفريقية التي سوف تبدأ في الصومال يناير المقبل، وخمسة آلاف جندي آخرين لدعم الأمن في بعض المفاصل الرئيسية بالدولة، بعد أن أعلن الصومال إنهاء مهمة عشرة آلاف جندي إثيوبي في أراضيه. ولذلك فهمت خطوات دخول قوات مصرية وتقديم أنواع مختلفة من الأسلحة والذخائر وتوقيع اتفاق عسكري مع الصومال على أنها موجهة ضد إثيوبيا، والتي أعلنت قبل أيام الانتهاء من بناء وتشغيل سد النهضة مع نهاية العام الجاري بلا اتفاق مع مصر.
يبدو سد النهضة الإثيوبي المفتاح أو اللغز الذي يساعد على فهم التصرفات المصرية تجاه الصومال، وهو الذي جعل القاهرة تتخلى عن تصوراتها الناعمة في علاقتها مع أديس أبابا، حيث أمضت نحو 12 عاماً من المفاوضات عبر جولات عدة لحل أزمته بالتفاهم والتوقيع على اتفاق ملزم، لكن بلا جدوى.

ربطت إثيوبيا التوجهات المصرية الجديدة إزاء الصومال بهذا الملف، وبالغت في غضبها من القاهرة التي باتت على مقربة من حدودها لأول مرة، في وقت تعاني فيه إثيوبيا من أزمات داخلية هيكلية، ومن دون أن تعبأ بوجود قوات وقواعد عسكرية لقوى إقليمية ودولية في دول مجاورة لها، بينها الصومال، حيث تملك تركيا على أراضيه أكبر قاعدة عسكرية خارج حدودها منذ عام 2017، ولم تبد أديس أبابا قلقا منها، بينما انزعجت من بروتوكول للتعاون العسكري بين مصر والصومال، لأنها فهمت رسالته وأنه موجه إليها بصورة رئيسية، والتي تعني في المجمل أن القاهرة صكت نمطاً يميل إلى ممارسة ضغوط قوية ومباشرة في علاقتها مع أديس أبابا.
ظهرت ملامح هذا الاتجاه منذ سنوت قليلة، بما يشير إلى أنه ليس محصوراً في الصومال، إذ وقّعت القاهرة اتفاقيات وتفاهمات عسكرية مع بوروندي، وأوغندا، وكينيا، وجنوب السودان، ولم تبد إثيوبيا خوفاً منها، كما هو الحال مع الصومال، والتي كانت تعد رجل القرن الأفريقي المريض، والفناء الخلفي المريح لأديس أبابا لأنه منشغل بهمومه الداخلية، والذي ربما يؤدي استقراره واسترداد عافيته إلى تفجير أزمات تاريخية مع إثيوبيا سيكون اتفاقها مع أرض الصومال هامشياً بالنسبة إليها.
أكد توقيع مذكرة تفاهم للتعاون الاستخباراتي والعسكري بين مصر ونيجيريا بعد أيام قليلة من الاتفاق مع الصومال أن الهدف أكبر من سد النهضة، لأن نيجيريا ليست دولة مجاورة لإثيوبيا ستقوم القاهرة بممارسة ضغوط من خلالها.
علاوة على المخاوف المترتبة على امتداد النزاعات والصراعات والتهديدات بطول قارة أفريقيا وعرضها، ما يؤثر على مصالح مصر، التي انتبهت للمخاطر التي تنطوي عليها التوترات في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن بعد هجمات جماعة الحوثي في اليمن، وتعد الصومال بوابة رئيسية فيهما، ناهيك عن تصاعد دور الجماعات الإرهابية الحالي والمحتمل في كل الدول التي تم توقيع اتفاقيات عسكرية معها.
وجدت مصر في سياسة التوسع في عقد مذكرات تفاهم عسكري أداة جيدة لتفعيل علاقاتها الخارجية، فكل الدول تواجه تهديدات خارجية أو تعاني من نزاعات داخلية، وعليها أن تبحث عن الجهة أو الجهات التي تساعدها لحفظ الأمن، ولدى القاهرة خبرة طويلة في محاربة الإرهاب يمكن الاستفادة منها.
كما تمهد هذه التصرفات لتعويض غياب مصر عن القارة سنوات طويلة، ما أظهرها وكأنها عازفة أو "متكبرة" أو غير معنية بأفريقيا، ما أفضى إلى تكبد خسائر جمة، تحاول تعويضها عبر إصلاح علاقاتها مع دول عدة، وبدا مدخل التعاون العسكري مناسبا للكثير من الدول التي تمر بتحديات صعبة على صعيد تماسكها الداخلي.
تكمن مشكلة اللجوء إلى هذا الطريق في ما ينطوي عليه من إيحاء بأن مصر قررت التخلي عن السلام في حل خلافاتها مع أيّ دولة، وأن الخشونة سلاحها الفترة المقبلة، ما يدخلها في أزمات جديدة عليها الاستعداد لها جيداً، كما هو حاصل مع إثيوبيا، وما يحمله من دلالات بشأن تخلي مصر عن حذرها في التعاطي مع الأزمات وعزوفها عن التدخل فيها، حيث تشير مذكرات التفاهم والاتفاقيات ذات المكونات العسكرية إلى توجه نحو استخدام الخشونة والحد من منهجي المفاوضات والتسويات الرضائية.

تولدت القناعة الأخيرة من كثافة الصراعات والتوترات التي لا تنتهي وتحيط بمصر من جميع الاتجاهات الإستراتيجية دون أدوات لوقفها أو تحركات من قبل المجتمع الدولي لإيجاد حلول ناجعة لها، في غزة، وليبيا، والسودان، وتخشى القاهرة أن يتحوّل جنوب البحر الأحمر إلى أزمة تستمر وقتاً، ويُفرض على الجميع التعايش معها.
اللافت أن إثيوبيا تعترض على قيام مصر بتوقيع اتفاق في العلن مع الصومال، وهو دولة مستقلة، ولا تقبل انتقادات لخطوتها بشأن توقيعها لاتفاق مع أرض الصومال، وهو دولة غير معترف بها رسمياً، ما يعني أنها تريد دمغ التواجد المصري "بأنه محرّم" ويستهدفها، وبالتالي تسعى لتفريغه من مضامينه العسكرية والسياسية، وتجييره في استمرار "الفزاعة" التي تقول إن مصر رفضت مشروع سد النهضة بزعم أنها لا تريد تنمية في إثيوبيا، والآن تريد خوض معركة مباشرة، وهو تصوير مخل، لأنه لم يتم رفض المشروع، بدليل التوقيع على اتفاق مبادئ بين مصر وإثيوبيا والسودان بالخرطوم في مارس 2015، لكن تم تجاهل ضوابطه الفنية والقانونية والعصف به.
تصميم إثيوبيا ورئيس وزرائها آبي أحمد على تحويل مصر إلى منافس وخصم أو "عدوّ" سوف يضر أكثر بمصالح البلدين والمنطقة، لأن كل طرف يسعى إلى توظيف ما يمتلكه من أوراق لمضايقة الآخر، بشكل مباشر أو بالوكالة، ما يعني الدخول في حلقات عديدة من الخلافات والتوترات، قد تعتقد الحكومة في إثيوبيا أن الأمر وسيلة لتوحيد شعوبها المتقاتلة، لكنها يمكن أن تنقلب إلى خطر يفجر أزمات إقليمية بسبب التشابكات الاجتماعية في دول القرن الأفريقي، في خضم تهديدات وعرة تمثلها تنظيمات إرهابية في المنطقة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية مصر أدیس أبابا فی الصومال مع الصومال سد النهضة بین مصر

إقرأ أيضاً:

الخارجية الصومالية: لن نتورط في مسار تفاوضي عقيم مع إثيوبيا

اكد وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، أن إثيوبيا ترفض التحكيم وفق قانون البحار التابع للأمم المتحدة، وتطالب بتواجد مستدام ومستمر في المياه الصومالية، مؤكدا أنه إذا فشلت الجولة المقبلة من المفاوضات، فإن الصومال ستتخذ قرارًا بعدم إضاعة مزيد من الوقت في مسار تفاوضي عقيم.

وأشار إلى أن تركيا تأمل في تحقيق اختراق في الجولة القادمة من المحادثات، لكن حتى الآن لا ندرك إمكانية حدوث ذلك.

وأكد وزير الخارجية الصومالي أن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، طلب عقد محادثات مباشرة مع الرئيس الصومالي خلال قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي، لكن الأخير رفض ذلك.

وكشف أن إثيوبيا طلبت وساطات من قطر، والسعودية، وكينيا، ودول أخرى، رغم استمرار مسار أنقرة، وهو ما يعكس غياب رؤية واضحة لدى إثيوبيا بشأن هذا الملف.

وأشاد بموقف الشعب الصومالي تجاه الأزمة الراهنة، قائلاً: “لم يخذل دولته في القضية الراهنة مع إثيوبيا”.

وفيما يتعلق بتواجد القوات الإثيوبية في البلاد، قال: “يجب على القوات الإثيوبية مغادرة الأراضي الصومالية بنهاية تفويضها هذا العام ضمن قوات حفظ السلام الأفريقية”، مشددًا على أن “بقاءها بعد ذلك سيُعتبر احتلالًا عسكريًا وسنتعامل معه بكل إمكاناتنا المتاحة”.

وأشار إلى أن إثيوبيا لا تسعى للحصول على موانئ فقط، بل تريد السيطرة على الأراضي وضمها إلى سيادتها، مضيفا أن الأصوات الداخلية التي تبدو معارضة لسياسة الدولة ضد أديس أبابا لا تمثل الشارع الصومالي الحقيقي.

واتهم إثيوبيا بأنها لم تساهم في تحقيق الأمن في المناطق التي تتواجد فيها عسكريًا داخل الصومال في أربع محافظات، وهي هيران، باي، بكول، وجدو، بل تلعب سياسة الاحتواء وخلق مناطق معزولة ومتفككة.

وفيما يخص ملف أرض الصومال، ذكر أن زعيم المنطقة الانفصالية موسى بيحي لا يملك نسخة من مذكرة التفاهم الموقعة مع إثيوبيا، مؤكدا  أن التعاون مع الجبهات الانفصالية المسلحة داخل إثيوبيا يظل خيارًا مفتوحًا أمام الصومال إذا استمرت أديس أبابا في تعنتها ونهجها العدواني ضد سيادة الصومال وتدخلاتها الداخلية في شؤون البلاد.

وأشار إلى أن مقديشو لا تفكر حاليًا في هذا الخيار، وأن انهيار الدولة الإثيوبية ليس في مصلحة منطقة القرن الأفريقي.

وتطرق إلى العلاقات مع دولة الإمارات، واصفًا إياها بأنها “دولة حليفة للصومال”، مضيفًا: “كانت الإمارات في صلب قرارات الجامعة العربية التي رفضت خطوات إثيوبيا، ولا توجد أدلة على تورطها في الموقف الإثيوبي العدواني تجاه مقديشو”.

وكشف وزير الخارجية الصومالي أن طائرات مسيرة إماراتية تشارك بقوة في الضربات الجوية ضد حركة الشباب.

وفيما يتعلق بالاعتماد على تدخل خارجي في حال اندلاع حرب، أكد أن “الدفاع عن التراب الوطني واجب على الصوماليين أنفسهم، وليس على جنسيات أخرى، ولكن سنتحالف مع كل من يساعدنا في الدفاع عن سيادتنا”.

من ناحية أخرى، كشف فقي أن الصومال قررت رفع مستوى العلاقات مع مصر إلى أعلى المستويات الممكنة في كافة الأصعدة.

وأشار إلى أن هناك خمسة آلاف طالب صومالي يدرسون في الجامعات المصرية، وأن القاهرة مستعدة لتوفير مزيد من المنح الدراسية الجديدة.

ونفى مزاعم نقل صراع سد النهضة إلى الصومال، واصفًا ذلك بأنه “ادعاء فارغ ونكاية سياسية لموقفنا، ولا طائل وراءها” تدفعه أطراف إثيوبية.

مقالات مشابهة

  • الصومال : الإمارات حليفتنا ولا دليل على تورطها مع إثيوبيا
  • الصومال يحتج على دعم إثيوبيا الانفصاليين
  • الصومال يحتج على أديس أبابا ويهدد بدعم متمردي إثيوبيا
  • مقديشو تهدد بدعم الانفصاليين في إثيوبيا
  • خارجية الصومال: إثيوبيا ترفض التحكيم وفق قانون البحار وتطالب بالوجود في مياهنا
  • «القاهرة الإخبارية»: الرئيس الصومالي رفض طلب إثيوبي لعقد مباحثات مباشرة
  • الخارجية الصومالية: لن نتورط في مسار تفاوضي عقيم مع إثيوبيا
  • إثيوبيا تمنع القوات المصرية من الوصول إلى الصومال بتصعيد مفاجئ
  • اميركا تفرج عن مساعدات عسكرية لمصر بـ 1,3 مليار دولار
  • شجار وضرب في برلمان إثيوبيا.. ما حقيقة الفيديو؟