يمانيون:
2024-09-14@21:26:06 GMT

التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل

عبدالرحمن مراد

كل الثورات التي حدثت في التاريخ دفعت فسادا وظلت غاياتها وأهدافها موضوع نقاش، ولذلك فكل ثورة جوهرها نبل المنطلق وهي قابلة للتجدد إذا حدث الانحراف في مسارها، ففي التاريخ الإسلامي وفي القرن الأول الهجري، يجمع الكل من عرب وعجم على نبل الثورة الثقافية التي قادها الرسول الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام، لكن حالات الانحراف التي بدلت في الجوهر تظل محل نقاش، ولو نلاحظ هو نقاش مستمر منذ القرن الأول الهجري إلى اليوم .

وثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت تدفع فسادا وقد نجحت في ذلك من خلال أثرها في الفكر وفي المسار الاجتماعي والسياسي والثقافي الإنساني، وليس من خلال النتائج العسكرية الظاهرة التي أفضت إلى خذلان الناس للحق بالركون إلى الباطل ومناصرته، أو من خلال استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، ذلك أن دم الحسين عليه السلام ظل ثورة متقدة عبر العصور وعلى مر الزمان وسيظل كذلك، وكان تأثير الثورة الحسينية على السفيانيين تأثيرا كبيرا فقد أحدثت تغييرا في القناعات ، وماجت الأرض من تحت أقدام آل أبي سفيان ولم تستقر إلا بعد أمد عند المروانيين، وفي كل ذلك الزمن الذي حكموا فيه بنو أمية ظلت الثورة متقدة الأوار ولم تخمد جمرتها .

فالثورة – كما سلف القول – ضرورة اجتماعية لكن غايتها تظل محل خلاف ونقاش، ولو حملت مشروعا سياسيا ناهضا، ذلك أن الطبيعة البشرية ذات نزوع إلى الأمجاد والمصالح، وفي طبائع العرب نزوع دوما إلى التمحور حول الذات، فالغاية عند العرب في مدى الأثر الذي تتركه الثورة على مناصريها وليس على جموع الناس، ومثل ذلك قناعة ثقافية عمل الإسلام على تشذيبها لكنها ظلت دائمة الحضور في تفاصيل التفاعل اليومي للثورات التي قامت في الديار الإسلامية عبر حقب التاريخ .

فالحسين عليه السلام لم يثر من أجل دنيا أو منافع أو مصالح بل ثار من أجل تعديل مسار كان يجب أن يعدل قبل أن يصبح ضرره كبيرا وأثره غير قابل للتعديل، وثورة الحسين عليه السلام تعلمنا روح التضحية من أجل الغايات الكبرى والأهداف العظيمة للأمة وهو المسار نفسه الذي رأينا عليه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، فقد بذل نفسه من أجل غايات كبرى ولم ينتظر غرضا من الدنيا زائل وكان بمقدوره أن يتفاوض عليه ويناله، وقد عرض عليه يومذاك .

ومن هنا يمكن القول إن أي انحراف يحدث في المسار العام لا يخدش نبل الهدف الذي قامت على أسسه الثورة اليمنية المعاصرة، فالقضية نسبية وهي خاضعة للاجتهاد، وحتى نستعيد وعينا بذاتنا وبالقيم الثورية الحسينية نحن مطالبون بالتقييم المستمر للتفاعل اليومي مع مفردات الواقع قبل أن يجرفنا تيار المصالح إلى مهاوي سحيقة .

ومن باب التواصي بالحق – الذي يؤكد عليه قائد المسيرة القرآنية قائد الثورة – لا بد لنا من الوقوف أمام الظواهر ومعالجتها فور وقوعها حتى نحد من أثر الانحراف في المسار الثوري، ولنا في تاريخ الثورات عبرة إن أردنا لثورتنا نجاحاً .

فالتاريخ العربي يختلف عن غيره لأنه يخضع لمنطق مختلف ومتغاير عما سواه، ولذلك نقول باستحالة نقل التجارب الغربية أو غيرها فالتاريخ لا يُستورد كما نستورد السلع، والوعي بضرورة الإصلاح لا يعني بالضرورة الرجوع إلى صدر الإسلام كما تذهب بعض الفرق فذلك مستحيل وفي المقابل لا يعني نقل تجارب الغرب المتحضر فذلك مستحيل أيضا باعتبار الحداثة ليست تحديثا ولكنها نسق فكري ثقافي حضاري تقدمي تقدم عليه أمة أو جماعة لإنجازه بخطاب وتقنيات ومعطيات قادرة على التفاعل وفرض طابعها الخاص الذي تتسم به المرحلة أو يتسم به المستوى الحضاري الحديث.

فالحياة في تطور مستمر والجمود هلاك وتحلل وتأسن وهو حالة غير لائقة بالتمدن البشري في كل مراحل التاريخ، وفي المقابل الوقوف عند نقاط مضيئة في الماضي لا يعني تطورا وثورة بل يعني الاستسلام والهزيمة لشروط الواقع وأيضا فهما قاصرا للحدث وتموجاته وإرهاصاته، فقدرة أي حدث تقاس من خلال الأثر الذي تركه في البناءات وليس من خلال الموقف الوجداني والانفعالي منه .

وكل حركة ثورية حقيقية تطمح إلى تحول تاريخي عميق يجعل منها مركزا مهما في حركة التاريخ ويمكنها مع غيرها من صنع القرار والمبادرة والإسهام في الحضارة الكونية كند وليس كتابع، وهذا ما كانت عليه حركات التحرر في القرن الماضي قبل أن تصاب بالثبات والجمود وقبل أن تتعرض للمؤامرات والاستهداف كالناصرية مثلا، وهي تجربة يمكن الاستفادة من تفاعلها مع حركة التاريخ في زمنها ومثل ذلك من تمام الحكمة والعقل، إذ لكل تجربة مراكز قوة ومراكز ضعف وقراءة التجارب تجعلنا أكثر تمكنا من التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الحسین علیه السلام من خلال من أجل

إقرأ أيضاً:

باحث سياسي: عملية كورسك جزء من التحضيرات لخطة السلام بين موسكو وكييف

قال الدكتور ميكولا باستون، أكاديمي وباحث سياسي، إن أوكرانيا تحتاج إلى الإذن والسماح لها بضرب الأراضي الروسية بأسلحة بعيدة المدى، مشيرًا إلى أن كييف تهاب من الغارات التي تشنها موسكو عليها.

روسيا تستخدم صواريخ مجنحة خلال قصفها أوكرانيا

أضاف «باستون» خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن روسيا تستخدم خلال قصفها على أوكرانيا صواريخ مجنحة، يتم إطلاقها من الطائرات، فضلا عن الصواريخ البالستية التي يتم قذفها باستمرار.

وأوضح أن أوكرانيا لو كانت تمتلك الإمكانات التي تؤهلها لضرب الأعماق والقواعد الروسية والمنشآت العسكرية الروسية، التي تبعد عنها لفعلت، لافتًا إلى أن أوكرانيا مقيدة اليدين ولا تستطيع الرد على موسكو إلا باستخدام الطائرات المسيرة بدون طيار.

الغرب متردد في ضرب أوكرانيا للأعماق الروسية

أكد أن الجانب الغربي يتردد في منح الإذن لأوكرانيا، بضرب الأعماق الروسية، إلى جانب أن هناك أسباب أخرى منها الخوف من تصعيد الحرب، متابعًا أنه يمكن القول إن كورسك جزء من التحضيرات لخطة السلام، وأنها تعد ورقة يمكن الضغط بها، فضلا عن أن العمليات العسكرية على كورسك لعبت دورًا في الضغط على روسيا إذ أنها اضطرت إلى نقل قواتها.

مقالات مشابهة

  • باحث سياسي: عملية كورسك جزء من التحضيرات لخطة السلام بين موسكو وكييف
  • أحاديث عن التاريخ وزوابعه!
  • قائد الثورة : أكثر من 700 غارة وقصف بحري لم تفد الأمريكي في الحد من عملياتنا
  • الأمن العام : ألقينا القبض على المقنع الذي أطلق النار بأحد المقار الانتخابية في محافظة معان
  • وفاة الأسير الفلسطيني توفيق شوفالي بعد 40 عاما داخل سجون النمسا
  • بوانو: السياسة في المغرب لازالت رهينة لـ "التحكم" بأدوات وطرق غير مباشرة
  • شاهد بالفيديو.. عريس سوداني “يغرق” داخل أموال طائلة من “النقطة” التي رماها عليه أصدقائه “الجلابة” في ليلة زفافه والجمهور يصنفها بأنها أعلى “نقطة” حديث في التاريخ (مليارات وقروش زي الرز)
  • أستاذ إعلام: مصر تدعم السلام والاستقرار في المنطقة بسياسات متوازنة
  • انتظروا قرارات صعبة.. ما الذي سيفعله كير ستارمر لإنقاذ الاقتصاد البريطاني؟
  • أسخن 24 ساعة.. معلومات عن المنخفض السطحي الذي يضرب مصر خلال ساعات