المنتديات الثقافية.. فضاءات تثري المشهد الثقافي
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
فاطمة عطفة (أبوظبي)
لم يعد الحراك الثقافي والإبداعي مقتصراً على أمسيات الكتاب والفنانين في المراكز الثقافية أو المؤسسات المعنية بالأنشطة الأدبية والفكرية، ولكن ثمة منصات ومجالس ومنتديات انتشرت في البيوت والمجالس الخاصة، وذلك بفضل اتساع دائرة الاهتمام بمعارض الكتاب والقراءة وجهود الأدباء والفنانين الذين أقاموا في بيوتهم مجالس أسبوعية أو شهرية لمتابعة القراءة والمعارض الفنية ومناقشة كل جديد، وتضم هذه المنتديات أدباء من أجيال مختلفة.
بداية يتحدث د. عارف الشيخ، مستشار الأمور الأسرية بمحاكم دبي، حول تحويل بيته إلى فضاء ثقافي ومدى تأثير هذا النشاط على المجتمع وخاصة الشباب، قائلاً: تحويل البيت إلى فضاء ثقافي ليس نتيجة يوم وليلة، والمكان يستمد ظهوره من المكين. فأنا بحكم أنني من أسرة علمية، وعشت محباً للمجتمع بكل أطيافه، وأتقمص شخصية أكثر من كائن إنساني، أعتبر نفسي استثنائياً.
ويتابع د. الشيخ موضحاً أنه رجل شريعة، ورجل قانون، وشاعر وأديب، ورجل تربية، وإمام وخطيب جامع، ومأذون شرعي، وكاتب صحفي، وباحث في التاريخ المحلي. وصدر له حتى اليوم أكثر من 86 مؤلفاً في مختلف الفنون، إضافة إلى أن له مشاركات وإسهامات أدبية واجتماعية وإعلامية، وفي مجالسه يستقبل فئات التربويين والمفكرين والأدباء والشعراء، ورجال الأعمال والخير.
ويضيف قائلاً: تعلمت على أيدي المشايخ في الحلقات وفي المدارس والجامعات النظامية، ومن خلال أمهات الكتب وليس الأشرطة والمواقع الإلكترونية، وما زلت أشجع على قراءة الكتب لأن القراءة في الكتب لها متعة ما بعدها متعة، والقراءة في الكتب تعطيك اطمئناناً بأن تلك المعلومة تأخذها من مصدرها. لكن ليس كل كتاب بنافع، وليس كل نافع بصالح، وقديماً قالوا:
ما حوى العلم جميعاً أحد .. لا ولو دارسه ألف سنة
إنما العلم بعيد غوره .. فخذوا من كل شيء أحسنه
ويتوجه د. الشيخ إلى الشباب، مرشداً بقوله: ونصيحتي دائماً للشباب أن يحسنوا الاختيار، لأن ما يقرؤونه ينعكس على المجتمع سلباً أو إيجاباً، والأمانة مطلوبة. وإذا سلمنا بأن القراءة تثقف المجتمع، فإنه من المعلوم أيضاً أن الثقافة هي نافذة وبوابة التعارف والعلاقات بين جيل وجيل أو شعب وشعب، ولولا الثقافة لما تعرفت الشعوب إلى بعضها في عاداتهم ولغاتهم وتقاليدهم، ولولا القراءة لما وصل خبر الأولين إلى الآخرين.
تعزيز مكانة الشعر
من جهته، يقول الشاعر سعيد بن سبيل الظنحاني، مؤسس منصة «الشاعر الإماراتي»: «هدف المنصة تعزيز مكانة الشعر الإماراتي والثقافة على المستوى العربي والعالمي، نحن نحتضن المواهب الشعرية ونحاول تطوير أصحاب هذه المواهب وتوجيههم التوجيه الصحيح ورعايتهم في الملتقيات والأمسيات والندوات، وكذلك فتح المجال للشعراء العرب الموجودين في دولة الإمارات والذين ينظمون القصيد الشعبي الإماراتي، مؤكداً أنهم يحاولون أن يحافظوا على الهوية الإماراتية للشعر الشعبي.
وعن تأثير هذا النشاط الثقافي على المجتمع من خلال حضور الفعاليات الثقافية التي تنظم في المنصة، يوضح الظنحاني أن المنصة تضيف قيمة ثقافية للمجتمع من خلال المحافظة على الفنون والأغراض المتعددة للشعر الإماراتي، من خلال القصيدة أو التغرودة والونة والشيلات والفنون الغنائية مثل الرزفة الحربية، حيث يقومون بتوجيه الشعراء لتناول هذه الأغراض، كما يرعون المواهب الشعرية التي بحاجة إلى توجيه وعناية في كتابة الشعر. أما من ناحية الحضور، فيقول الظنحاني إن الإقبال كبير من الشعراء ومن الجمهور، مشيراً إلى أنهم أقاموا أمسيات عديدة حضرها جمهور كبير. ولما فتحوا المجال للشعراء العرب الموجودين على أرض الإمارات، وجدوا تسابقاً كبيراً.
فضاء ثقافي
الشاعر والكاتب أحمد العسم صاحب منتدى «المستطيل»، يتحدث عن كيفية تحول بيت الشاعر إلى فضاء ثقافي، وماذا يضيف لمسيرة الكاتب وكيف تمت هذه الخطوة: «جاءت هذه الفكرة بعد تردد، ولم أكن أتصور أنها يمكن أن تضيف لي أو لغيري الكثير، بل كنت أفكر أن أنزوي لأني صدمت في بعض الأحيان بأشياء مريرة، كما واجهت أشياء جميلة أيضاً. وبعد أن تقاسمنا أنا وأخي بيت الوالد القديم، قمت بتحويل القسم الخاص بي إلى صالون أدبي، وأشعر بسعادة كبيرة فيه. من هنا تطورت الفكرة إلى أن أصبحت اللقاءات تضم كتاباً وفنانين ورياضيين، أجتمع معهم وأناقشهم وأستمع إلى آرائهم وتجاربهم، وعندما يقول لي الرياضي أركض على رمل البحر وأنا حافٍ، ولما يأتي الصياد من البحر ويقول لي إنه اصطاد ويعلمني التفاصيل اليومية التي يقوم بها، يفتح أمامي آفاقاً جديدة.
ويتابع الشاعر العسم مبيناً أن صالون «المستطيل» أصبح متنوع الثقافات، وتبادل الحديث فيه يتم عن بيئات مختلفة، وكثير من هذه البيئات كانت غائبة عني. وهذا أهم شيء في المنتديات الثقافية لأنها تفتح أمامنا أبواباً جديدة في المعرفة ونطلع على تجارب متعددة. وأرى أنني استفدت الآن كثيراً لما عشتها من خلال القصص التي تسرد في اجتماعاتنا التي أنتجت شعراً جديداً ومختلفاً، ومنه مجموعة شعرية بعنوان «أمينة»، لما سئلت: من هي أمينة؟ قلت: هي كثير من الأشياء، من الممكن أن تكون عروساً من البحر أو نخلة في بستان أو حجراً في وادٍ أو وردة، وهذا التأثير يكون من خلال الجلسات الثقافية التي تتم في «المستطيل»، حيث نتبادل الأفكار والمعلومات ويستفيد الجميع.
وحول اختيار اسم «المستطيل»، أوضح الشاعر أحمد العسم أن ابن اخته، وهو مخرج سينمائي، اختار الاسم، مبيناً أن «الجلسات الثقافية لها تأثير بتشجيع الشباب على الحضور، ولها تأثير ثقافي وجمالي على الجميع، وأنا نفسياً سعيد بما يدور من حوارات أدبية وقراءات شعرية بين مختلف المشاركين».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الكتاب القراءة الشعر الشباب الإمارات من خلال
إقرأ أيضاً:
“مجموعة السودان الحديث”: ما تقوله العمارة عن فضاءات السينما
يَفتَتح الباحث والمعماري السوداني عبد الرحمن البشير المؤتمر بورقة عنوانُها “مساحة العرض صعود وسقوط التصنيف”، مستكشفاً صعود وزوال ثقافة العرض ومادّيته المكانية في السودان خلال القرن العشرين..
التغيير: وكالات
تُنظّم “مجموعة السودان الحديث” المُتخصِّصة في شؤون العمارة مؤتمرَها الثاني، السبت المُقبل، والذي يُقام افتراضياً بمشاركة عربية وأجنبية، بدءاً من التاسعة صباحاً، تحت عنوان “أحاديث الحداثة: السينما”. يتناول المؤتمر موضوعة عمارة السينما، انطلاقاً من سؤال: كيف تُساهِم هذه العمارة في تسجيل تصوُّرنا للمدينة؟ ويقترح المشاركون فيه 26 مداخلة وورقة بحثية تتوزّع على تسعة محاور، هي: “تاريخ السينما”، و”محادثات نقدية حول السينما”، و”العمارة/ الفضاء في السينما”، و”استديوهات الأفلام”، و”السينما كمنهج تعليمي للعمارة”، و”السينما كمقال مرئي”، و”السينما كمنهج بحث”، و”مشاريع تصميمية لإحياء السينما”، و”التقييم السينمائي لأفلام العمارة”.
يَفتَتح الباحث والمعماري السوداني عبد الرحمن البشير المؤتمر بورقة عنوانُها “مساحة العرض صعود وسقوط التصنيف”، مستكشفاً صعود وزوال ثقافة العرض ومادّيته المكانية في السودان خلال القرن العشرين، مُشيراً إلى دَور دُور السينما كفضاءات عامّة متكاملة ضمن سياقها الحضري. أمّا علي محمد شمّو فيستعرض “تاريخ السينما المتنقّلة” ويبحث في خصائص السينما السودانية وبنوع مُحدّد منها: “المتنقّلة”، وكيف ساهم هذا النوع من خلق تفاعل اجتماعي خارج الحيّز المعماري الثابت.
“تجلّي الحداثة: دور السينما والتحوّلات العمرانية في دمشق” عنوان الورقة المشتركة لأحمد صلاح وميرما الورع، وفيها يعرضان تاريخ العاصمة السورية مع السينما التي عرفتها لأول مرّة عام 1912، عندما نظّم التاجر حبيب الشمّاس أول عرض في أحد مقاهي المدينة المسرحية الفاخرة بساحة المرجة، ومنذ تلك اللحظة صارت السينما حاضرة حضوراً مُهمّاً في عمران المدينة. كذلك يستقرئ كلٌّ من غيثا واسيني والحبيب المومني في مداخلتهما “شظايا من الذاكرة: السينما المغربية كعدسة للتاريخ”، واقع دُور العرض المغربية بُعيد لحظة الاستقلال عام 1956 حيث شهدت هذه الفترة نشاطاً ثقافياً مكثّفاً، ويُضيئان منهجيات استخدام الموارد السينمائية لتحدي السرديات التاريخية المهيمنة في مجال العمارة.
يتضمّن 26 ورقة بحثية عن التاريخ وتصميم الأمكنة والاستديوهات
بدورها تبحث علياء يونس في ورقتها “فلسطين ليست نقطة تفتيش: الفيلم الفلسطيني كسِجلٍّ للمناظر الطبيعية والعمارة والذاكرة الجماعية” حضور السينما كفضاء ناشط قبل نكبة 1948، التي لم تمنع تطوّر الفيلم الفلسطيني رغم سياسات الاقتلاع والتهجير، فضلاً عن تدمير دُور العرض، بل تحوّلت السينما الفلسطينية إلى شكل من أشكال المقاومة الثقافية للاحتلال.
من عناوين الأوراق التي يتضمّنها المؤتمر أيضاً: “احتلال بغداد: الخيالات السينمائية والعنف الاستعماري” لأمين السادن، و”قصة السينما السودانية: أكثر من مئة عام من الحنين” لـ سوزانا ميرغني، و”السينما كحافز للحداثة في إيران: دراسة لثلاث دور سينما شهيرة في طهران” لـ نيغار منصوري، و”بيوت الثقافة كمولّدات للحياة الاجتماعية والهوية المحلّية” لـ هنريتا مورافسيكوفا، و”المسرح العربي واللغة المعمارية المستخدمة في صناعة النماذج” لآلاء يونس، و”العمارة والسينما: تخصّصات مترابطة” لمارك لامستر.
نقلا عن العربي الجديد
الوسومالسودان السينما العمارة