في الوقت الذي تشنّ فيه إسرائيل حرباً مدمرة مع حركة حماس في قطاع غزة وتجذب أكبر قدر من الاهتمام العالمي، فإن جيشها يقاتل أيضاً منذ شهور على عدة جبهات أخرى، مما يجعل هذه الفترة واحدة من أكثر فترات الصراع تعقيداً في تاريخ البلاد الممتد على مدار 76 عاماً.

ففي الضفة الغربية، يشن الجيش الإسرائيلي غارات على فصائل في عدة مدن فلسطينية، مما أسفر عن مقتل نحو 600 شخص منذ أكتوبر (تشرين الأول)، في أعنف حملة تشهدها الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من عقدين.


وبدأت إسرائيل يوم الأربعاء واحدة من أكبر مناوراتها في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة، حيث غزت في الوقت نفسه ثلاث مدن للقبض على المتشددين أو قتلهم.

Contempt for Palestinian Authority in West Bank after deadly Israeli strikes https://t.co/6TrAeOB19E pic.twitter.com/owkzJXY5qT

— Guardian World (@guardianworld) August 30, 2024 حرب الظل وعلى طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، تتبادل إسرائيل إطلاق الصواريخ والقذائف مع حزب الله، في قتال أدى إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص على جانبي الحدود وقتل المئات.
وانفجرت حرب الظل الإسرائيلية المستمرة منذ سنوات مع إيران، حيث ضرب كل جانب الآخر مباشرة في أبريل (نيسان)، مما أدى إلى مخاوف من أن الحرب في غزة قد تؤدي في النهاية إلى اندلاع حرب شاملة تشمل إيران ووكلائها العديدين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وحتى الولايات المتحدة.
لهذا يتساءل الكاتب باتريك كينغسلي من القدس، في تقرير بصحيفة "نيويورك تايمز": لماذا تقاتل الجماعات المختلفة إسرائيل؟ ولماذا تستخدم الأخيرة القوة للتعامل معهم؟ ولماذا يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تنتهي هذه الحروب؟
لماذا لا تزال إسرائيل تقاتل في غزة؟ يقول الكاتب إنه على الرغم من تدمير الكثير من البنية التحتية العسكرية لحماس وعشرات الآلاف من القتلى، لا توجد نهاية في الأفق للحرب في غزة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن إسرائيل وضعت لنفسها عتبة عالية للنصر: القضاء على قيادة حماس وإنقاذ ما يقرب من 100 رهينة لا تزال تحتجزهم الحركة.
على النقيض من ذلك، فإن حماس لديها عتبة منخفضة: فهي تسعى إلى البقاء في الحرب، وهو هدف متواضع يسمح لها بالتغلب على مستوى من الدمار الذي ربما تسبب في استسلام مجموعات أخرى.
كما أن شبكة الأنفاق الجوفية الواسعة لحماس تجعل من الصعب على إسرائيل الفوز. ويعتقد أن بعض قادة الجماعة في عمق الأرض، محاطين في بعض الحالات برهائن إسرائيليين، مما يجعل من الصعب على إسرائيل العثور عليهم، ناهيك عن مهاجمتهم دون الإضرار بمواطنيها المختطفين.

Israeli forces rescued a hostage found alone and underground in Gaza, freeing a living captive from Hamas’ vast tunnel network for the first time since the Oct. 7 attack. https://t.co/MuNQ7NNo64

— The Seattle Times (@seattletimes) August 27, 2024 كما أن تكتيكات إسرائيل تجعل الفوز أكثر صعوبة، فقد انسحب جيشها بسرعة من معظم المناطق التي احتلتها، مما سمح في بعض الحالات لحماس بإعادة تجميع صفوفها هناك ومنع الحرب من الانتهاء بالطريقة التي تنتهي بها معظم الحروب، حيث يستولي أحد الجانبين على أراضي الآخر.
وثبت أن وقف إطلاق النار بعيد المنال، إذ يرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، لا يريد سوى هدنة مؤقتة، بينما يسعى يحيى السنوار، زعيم حماس، إلى الوقف الكامل للحرب.
لماذا تداهم إسرائيل مدن الضفة الغربية؟ وبينما انسحب الجنود الإسرائيليون من غزة في عام 2005، احتفظ الجيش بوجود واسع في جميع أنحاء الضفة الغربية وذلك بهدف حماية ما يقرب من 500000 إسرائيلي يعيشون في مستوطنات تعتبر غير قانونية من قبل معظم دول العالم.
ويقوم الجيش الإسرائيلي بانتظام بغارات وضرب المدن الفلسطينية في الضفة الغربية لقمع الجماعات الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك حماس، التي تشن هجمات على الإسرائيليين في تلك المستوطنات وفي إسرائيل نفسها.
العديد من الجماعات المسلحة تعارض وجود إسرائيل، حيث أصبحوا أكثر نشاطاً في السنوات الأخيرة مع تزايد ترسخ الوجود الإسرائيلي، مما أدى إلى إنهاء حلم الدولة الفلسطينية وزيادة الاستياء الفلسطيني من الإسرائيليين.

Israel says it ‘eliminated’ local Palestinian commander in West Bank military operation
➡️ https://t.co/AxOe4GEZlN pic.twitter.com/DvGbKUxSKq

— FRANCE 24 English (@France24_en) August 29, 2024 كما استشهدت الجماعات الفلسطينية بتزايد العنف الذي يمارسه المستوطنون المتطرفون ضد المدنيين الفلسطينيين، إلى جانب الشعور بتزايد إفلات هؤلاء المتطرفين من العقاب وتوسيع مستوطناتهم، لتبرير تشددهم، بحسب الصحيفة.
ومنذ بدء الحرب في غزة، زادت إسرائيل هجماتها على هذه الجماعات المسلحة، قائلة إنها أصبحت أكثر نشاطاً وسط زيادة في الأسلحة المهربة من إيران.
وتقول إسرائيل أيضاً إن السلطة الفلسطينية، أصبحت أضعف من أن تكبح جماح الجماعات بنفسها. لماذا تضرب إسرائيل لبنان؟ حزب الله وهو ميليشيا متحالفة مع حماس تسيطر على أجزاء كبيرة من جنوب لبنان بدأ إطلاق النار على إسرائيل تضامناً مع حماس بعد فترة وجيزة من هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).
ومنذ ذلك الحين، تتبادل إسرائيل وحزب الله إطلاق الصواريخ عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية، بينما يحاولان تجنب حرب برية شاملة من شأنها أن تدمر البلدين على الأرجح. ويمكن للطائرات المقاتلة الإسرائيلية أن تشل بيروت، العاصمة اللبنانية، بينما يمتلك حزب الله آلاف الصواريخ الموجهة بدقة التي يمكن أن تدمر المدن الإسرائيلية.

???? Watch: Israel and Hezbollah trade blows as threat of all-out war looms.

Dozens of ‘pre-emptive’ air strikes destroy launch sites in Lebanon while terror group fires biggest cross-border missile barrage to date

See the full video at the link ⬇️ https://t.co/zD4m8JrFHg pic.twitter.com/QGTtlFWbzT

— The Telegraph (@Telegraph) August 25, 2024 وقالت إسرائيل إنها لن تتوقف عن استهداف أصول وعناصر حزب الله حتى تصبح آمنة لسكان شمال إسرائيل، الذين نزح حوالي 60,000 منهم بسبب القتال، للعودة إلى ديارهم. لكن هذا احتمال بعيد لأن حزب الله تعهد بدوره بمواصلة إطلاق النار حتى تنفيذ وقف دائم لإطلاق النار في غزة، كما يقول الكاتب.
ومع عدم وجود نهاية في الأفق في غزة، يبدو أن معركة لبنان ستستمر، مما يزيد من فرص سوء التقدير من قبل أي من الجانبين مما قد يؤدي إلى خروج الصراع عن السيطرة. لماذا تقاتل إسرائيل مع إيران؟ على مدى عقود، قال قادة إيران إنهم يسعون إلى تدمير إسرائيل، حيث هاجم كلا البلدين سراً مصالح بعضهما البعض وقام كلاهما ببناء تحالفات إقليمية متنافسة لردع بعضهما البعض. وتنظر إسرائيل إلى جهود إيران لبناء سلاح نووي على أنها تهديد وجودي، وقد حاولت في كثير من الأحيان تخريب البرنامج.
حتى الحرب في غزة، حاول الجانبان الحفاظ على الإنكار المعقول لهجماتهما، وذلك أساساً لتجنب المواجهة المباشرة التي يمكن أن تتصاعد إلى حرب شاملة.

Israel remains under threat from Iran and its proxy groups, the Pentagon said as officials from Tehran both stood firm on its right to attack the Jewish state while emphasizing that it would support any ceasefire deal Hamas agreed to.@tovahlazaroff https://t.co/MVgT85XuU2

— The Jerusalem Post (@Jerusalem_Post) August 26, 2024 ولم تعلن إسرائيل أبداً مسؤوليتها عن اغتيال مسؤولين إيرانيين، بينما تجنبت إيران الاستفزازات العلنية الكبرى الخاصة بها، وشجعت وكلاءها مثل حماس وحزب الله والحوثيين في اليمن، وكذلك الجماعات الفلسطينية في الضفة الغربية، على مهاجمة إسرائيل.
يقول الكاتب: "أغرت حدة الصراع في غزة وطوله كلا الجانبين بأن يكونا أكثر صراحة، مما أدى إلى فتح حرب الظل بينهما. وفي أبريل (نيسان)، ضربت إسرائيل مجمعاً دبلوماسياً إيرانياً في سوريا، مما أسفر عن مقتل عدد من كبار القادة الإيرانيين".
وردت إيران بإطلاق واحدة من أكبر وابل من صواريخ كروز والصواريخ الباليستية في التاريخ العسكري في أول ضربة مباشرة على إسرائيل من إيران، مما أثار شبح حرب كاملة، لكنه تسبب في النهاية في أضرار طفيفة.
وعندما زار زعيم حماس السياسي، إسماعيل هنية، إيران في يوليو (تموز)، خاطرت إسرائيل بقتله على الأراضي الإيرانية، مما دفع إيران إلى الوعد بضربة مباشرة أخرى على إسرائيل. كيف تفسر إسرائيل استخدام القوة؟ وتقول إسرائيل إنه لم يتبق لها خيار سوى الدفاع عن نفسها ضد تحالف إقليمي تقوده إيران لا يهدف فقط إلى إنهاء الوجود الإسرائيلي في فلسطين، ولكن لتدمير إسرائيل نفسها.
ويسلط المسؤولون الإسرائيليون الضوء على كيف هاجمت حماس وحزب الله إسرائيل أولاً، مما أجبر إسرائيل على الرد، ويقولون إن دعم إيران لحماس وحزب الله يجعل من الضروري لإسرائيل مهاجمة إيران وأصولها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل حزب الله إيران الحرب في غزة غزة وإسرائيل إسرائيل حزب الله إيران الضفة الغربیة إطلاق النار على إسرائیل وحزب الله حزب الله أدى إلى فی غزة

إقرأ أيضاً:

تقرير: خبراء صواريخ روس توجهوا إلى إيران خلال مواجهة إسرائيل

تشير مراجعة رويترز لسجلات سفر وبيانات توظيف إلى أن عددا من كبار خبراء الصواريخ الروس زاروا إيران خلال العام المنصرم وسط تعزيز طهران تعاونها الدفاعي مع موسكو.

السجلات أظهرت أن جميع الروس لديهم خلفيات عسكرية رفيعة المستوى يشملون خبراء في الدفاع الجوي والصواريخ والمدفعية الرحلات الجوية جاءت وسط ضربات متبادلة بين إسرائيل وإيران

وحسب لتقرير جديد من رويترز، تم حجز السفر لخبراء الأسلحة السبعة من موسكو إلى طهران على متن رحلتين في 24 أبريل و17 سبتمبر من العام الماضي، وفق وثائق تحوي تفاصيل الحجزين الجماعيين بالإضافة إلى بيان الركاب للرحلة الثانية.

وأظهر مرسوم نشرته الحكومة الروسية ووثيقة على موقع وزارة الخارجية الروسية على الإنترنت أن سجلات الحجز تتضمن أرقام جوازات سفر الرجال، حيث يحمل ستة من السبعة الرقم "20" في بداية رقم الجواز.

ويشير ذلك إلى أن جواز السفر يُستخدم في أعمال رسمية للدولة، ويصدر لمسؤولين حكوميين في رحلات عمل خارجية وعسكريين يعملون انطلاقا من الخارج. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما كان يفعله السبعة في إيران.

وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الإيرانية إن خبراء الصواريخ الروس قاموا بزيارات متعددة لمواقع إنتاج الصواريخ الإيرانية العام الماضي، ومنها منشأتان تحت الأرض، وبعض الزيارات جرت في سبتمبر.

ولم يحدد المسؤول الموقع، طالبا عدم الكشف عن هويته لتتسنى له مناقشة المسائل الأمنية.

وقال مسؤول دفاعي غربي، يراقب التعاون الدفاعي الإيراني مع روسيا وطلب عدم الكشف عن هويته أيضا، إن عددا غير محدد من خبراء الصواريخ الروس زاروا قاعدة صواريخ إيرانية، على بعد 15 كيلومترا تقريبا غرب ميناء أمير آباد على الساحل الإيراني على بحر قزوين في سبتمبر.

ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان الزوار الذين أشار إليهم المسؤولون يشملون الروس في الرحلتين.

وأفادت مراجعة لقواعد البيانات الروسية التي تحتوي على معلومات عن وظائف المواطنين أو أماكن عملهم، ومنها الخاصة بسجلات الضرائب والهواتف والسيارات، بأن الروس السبعة الذين حددتهم رويترز لديهم جميعا خلفيات عسكرية رفيعة المستوى، منهم اثنان برتبة كولونيل وآخران برتبة لفتنانت كولونيل.

وأظهرت السجلات أن اثنين من الخبراء في أنظمة صواريخ الدفاع الجوي، وأن ثلاثة متخصصون في المدفعية والصواريخ، بينما يتمتع أحدهم بخلفية في تطوير الأسلحة المتقدمة وعمل آخر في ميدان لاختبار الصواريخ. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان الجميع لا يزالون يقومون بتلك الأدوار، إذ تراوحت بيانات التوظيف من 2021 إلى 2024.

جاءت رحلاتهم إلى طهران في وقت حرج بالنسبة لإيران، التي وجدت نفسها منجرة إلى معركة انتقامية مع عدوها اللدود إسرائيل، تبادل فيها الجانبان شن ضربات عسكرية في أبريل وأكتوبر.

واتصلت رويترز بجميع الرجال عبر الهاتف. ونفى 5 منهم أنهم ذهبوا إلى إيران أو أنهم عملوا لصالح الجيش أو كلا الأمرين، بينما رفض أحدهم التعليق وأغلق آخر الهاتف.

ورفضت وزارتا الدفاع والخارجية الإيرانيتان التعليق على ذلك، وأيضا مكتب العلاقات العامة في الحرس الثوري، وهو قوة النخبة التي تشرف على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب التعليق.

وقد أثر التعاون بين البلدين بالفعل على حرب روسيا على أوكرانيا، مع نشر أعداد كبيرة من طائرات شاهد المسيرة الإيرانية في ساحة المعركة. ووقعت موسكو وطهران اتفاقية عسكرية مدتها 20 عاما في العاصمة الروسية في يناير.

مقالات مشابهة

  • لماذا غضبت إسرائيل من محادثات إدارة ترامب المباشرة مع حماس؟
  • كاتس: القدرة على الدفاع عن أمن إسرائيل تتطلب الكثير
  • القمة العربية تؤكد التزامها بحشد الضغوط الدولية لانسحاب إسرائيل من سوريا ولبنان
  • أول تعليق من حماس على التوصية بنشر قوات دولية في غزة والضفة
  • خطأ سيُكلّف إسرائيل الكثير في لبنان... تقرير يتحدث عنه
  • السعودية ولبنان تدعوان لانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية
  • الإعلام العبري يكشف عن أساليب تجنيد إيران للجواسيس في إسرائيل
  • تقرير: خبراء صواريخ روس زاروا إيران وسط الاشتباكات مع إسرائيل
  • تقرير: خبراء صواريخ روس توجهوا إلى إيران خلال مواجهة إسرائيل
  • بطول 425 كم.. إسرائيل تنوي بناء جدار يفصلها عن الأردن والضفة الغربية