غزة ولبنان والضفة.. لماذا تخوض إسرائيل الكثير من الحروب؟
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
في الوقت الذي تشنّ فيه إسرائيل حرباً مدمرة مع حركة حماس في قطاع غزة وتجذب أكبر قدر من الاهتمام العالمي، فإن جيشها يقاتل أيضاً منذ شهور على عدة جبهات أخرى، مما يجعل هذه الفترة واحدة من أكثر فترات الصراع تعقيداً في تاريخ البلاد الممتد على مدار 76 عاماً.
ففي الضفة الغربية، يشن الجيش الإسرائيلي غارات على فصائل في عدة مدن فلسطينية، مما أسفر عن مقتل نحو 600 شخص منذ أكتوبر (تشرين الأول)، في أعنف حملة تشهدها الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من عقدين.وبدأت إسرائيل يوم الأربعاء واحدة من أكبر مناوراتها في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة، حيث غزت في الوقت نفسه ثلاث مدن للقبض على المتشددين أو قتلهم.
Contempt for Palestinian Authority in West Bank after deadly Israeli strikes https://t.co/6TrAeOB19E pic.twitter.com/owkzJXY5qT
— Guardian World (@guardianworld) August 30, 2024 حرب الظل وعلى طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، تتبادل إسرائيل إطلاق الصواريخ والقذائف مع حزب الله، في قتال أدى إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص على جانبي الحدود وقتل المئات.وانفجرت حرب الظل الإسرائيلية المستمرة منذ سنوات مع إيران، حيث ضرب كل جانب الآخر مباشرة في أبريل (نيسان)، مما أدى إلى مخاوف من أن الحرب في غزة قد تؤدي في النهاية إلى اندلاع حرب شاملة تشمل إيران ووكلائها العديدين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وحتى الولايات المتحدة.
لهذا يتساءل الكاتب باتريك كينغسلي من القدس، في تقرير بصحيفة "نيويورك تايمز": لماذا تقاتل الجماعات المختلفة إسرائيل؟ ولماذا تستخدم الأخيرة القوة للتعامل معهم؟ ولماذا يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تنتهي هذه الحروب؟
لماذا لا تزال إسرائيل تقاتل في غزة؟ يقول الكاتب إنه على الرغم من تدمير الكثير من البنية التحتية العسكرية لحماس وعشرات الآلاف من القتلى، لا توجد نهاية في الأفق للحرب في غزة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن إسرائيل وضعت لنفسها عتبة عالية للنصر: القضاء على قيادة حماس وإنقاذ ما يقرب من 100 رهينة لا تزال تحتجزهم الحركة.
على النقيض من ذلك، فإن حماس لديها عتبة منخفضة: فهي تسعى إلى البقاء في الحرب، وهو هدف متواضع يسمح لها بالتغلب على مستوى من الدمار الذي ربما تسبب في استسلام مجموعات أخرى.
كما أن شبكة الأنفاق الجوفية الواسعة لحماس تجعل من الصعب على إسرائيل الفوز. ويعتقد أن بعض قادة الجماعة في عمق الأرض، محاطين في بعض الحالات برهائن إسرائيليين، مما يجعل من الصعب على إسرائيل العثور عليهم، ناهيك عن مهاجمتهم دون الإضرار بمواطنيها المختطفين.
Israeli forces rescued a hostage found alone and underground in Gaza, freeing a living captive from Hamas’ vast tunnel network for the first time since the Oct. 7 attack. https://t.co/MuNQ7NNo64
— The Seattle Times (@seattletimes) August 27, 2024 كما أن تكتيكات إسرائيل تجعل الفوز أكثر صعوبة، فقد انسحب جيشها بسرعة من معظم المناطق التي احتلتها، مما سمح في بعض الحالات لحماس بإعادة تجميع صفوفها هناك ومنع الحرب من الانتهاء بالطريقة التي تنتهي بها معظم الحروب، حيث يستولي أحد الجانبين على أراضي الآخر.وثبت أن وقف إطلاق النار بعيد المنال، إذ يرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، لا يريد سوى هدنة مؤقتة، بينما يسعى يحيى السنوار، زعيم حماس، إلى الوقف الكامل للحرب.
لماذا تداهم إسرائيل مدن الضفة الغربية؟ وبينما انسحب الجنود الإسرائيليون من غزة في عام 2005، احتفظ الجيش بوجود واسع في جميع أنحاء الضفة الغربية وذلك بهدف حماية ما يقرب من 500000 إسرائيلي يعيشون في مستوطنات تعتبر غير قانونية من قبل معظم دول العالم.
ويقوم الجيش الإسرائيلي بانتظام بغارات وضرب المدن الفلسطينية في الضفة الغربية لقمع الجماعات الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك حماس، التي تشن هجمات على الإسرائيليين في تلك المستوطنات وفي إسرائيل نفسها.
العديد من الجماعات المسلحة تعارض وجود إسرائيل، حيث أصبحوا أكثر نشاطاً في السنوات الأخيرة مع تزايد ترسخ الوجود الإسرائيلي، مما أدى إلى إنهاء حلم الدولة الفلسطينية وزيادة الاستياء الفلسطيني من الإسرائيليين.
Israel says it ‘eliminated’ local Palestinian commander in West Bank military operation
➡️ https://t.co/AxOe4GEZlN pic.twitter.com/DvGbKUxSKq
ومنذ بدء الحرب في غزة، زادت إسرائيل هجماتها على هذه الجماعات المسلحة، قائلة إنها أصبحت أكثر نشاطاً وسط زيادة في الأسلحة المهربة من إيران.
وتقول إسرائيل أيضاً إن السلطة الفلسطينية، أصبحت أضعف من أن تكبح جماح الجماعات بنفسها. لماذا تضرب إسرائيل لبنان؟ حزب الله وهو ميليشيا متحالفة مع حماس تسيطر على أجزاء كبيرة من جنوب لبنان بدأ إطلاق النار على إسرائيل تضامناً مع حماس بعد فترة وجيزة من هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).
ومنذ ذلك الحين، تتبادل إسرائيل وحزب الله إطلاق الصواريخ عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية، بينما يحاولان تجنب حرب برية شاملة من شأنها أن تدمر البلدين على الأرجح. ويمكن للطائرات المقاتلة الإسرائيلية أن تشل بيروت، العاصمة اللبنانية، بينما يمتلك حزب الله آلاف الصواريخ الموجهة بدقة التي يمكن أن تدمر المدن الإسرائيلية.
???? Watch: Israel and Hezbollah trade blows as threat of all-out war looms.
Dozens of ‘pre-emptive’ air strikes destroy launch sites in Lebanon while terror group fires biggest cross-border missile barrage to date
See the full video at the link ⬇️ https://t.co/zD4m8JrFHg pic.twitter.com/QGTtlFWbzT
ومع عدم وجود نهاية في الأفق في غزة، يبدو أن معركة لبنان ستستمر، مما يزيد من فرص سوء التقدير من قبل أي من الجانبين مما قد يؤدي إلى خروج الصراع عن السيطرة. لماذا تقاتل إسرائيل مع إيران؟ على مدى عقود، قال قادة إيران إنهم يسعون إلى تدمير إسرائيل، حيث هاجم كلا البلدين سراً مصالح بعضهما البعض وقام كلاهما ببناء تحالفات إقليمية متنافسة لردع بعضهما البعض. وتنظر إسرائيل إلى جهود إيران لبناء سلاح نووي على أنها تهديد وجودي، وقد حاولت في كثير من الأحيان تخريب البرنامج.
حتى الحرب في غزة، حاول الجانبان الحفاظ على الإنكار المعقول لهجماتهما، وذلك أساساً لتجنب المواجهة المباشرة التي يمكن أن تتصاعد إلى حرب شاملة.
Israel remains under threat from Iran and its proxy groups, the Pentagon said as officials from Tehran both stood firm on its right to attack the Jewish state while emphasizing that it would support any ceasefire deal Hamas agreed to.@tovahlazaroff https://t.co/MVgT85XuU2
— The Jerusalem Post (@Jerusalem_Post) August 26, 2024 ولم تعلن إسرائيل أبداً مسؤوليتها عن اغتيال مسؤولين إيرانيين، بينما تجنبت إيران الاستفزازات العلنية الكبرى الخاصة بها، وشجعت وكلاءها مثل حماس وحزب الله والحوثيين في اليمن، وكذلك الجماعات الفلسطينية في الضفة الغربية، على مهاجمة إسرائيل.يقول الكاتب: "أغرت حدة الصراع في غزة وطوله كلا الجانبين بأن يكونا أكثر صراحة، مما أدى إلى فتح حرب الظل بينهما. وفي أبريل (نيسان)، ضربت إسرائيل مجمعاً دبلوماسياً إيرانياً في سوريا، مما أسفر عن مقتل عدد من كبار القادة الإيرانيين".
وردت إيران بإطلاق واحدة من أكبر وابل من صواريخ كروز والصواريخ الباليستية في التاريخ العسكري في أول ضربة مباشرة على إسرائيل من إيران، مما أثار شبح حرب كاملة، لكنه تسبب في النهاية في أضرار طفيفة.
وعندما زار زعيم حماس السياسي، إسماعيل هنية، إيران في يوليو (تموز)، خاطرت إسرائيل بقتله على الأراضي الإيرانية، مما دفع إيران إلى الوعد بضربة مباشرة أخرى على إسرائيل. كيف تفسر إسرائيل استخدام القوة؟ وتقول إسرائيل إنه لم يتبق لها خيار سوى الدفاع عن نفسها ضد تحالف إقليمي تقوده إيران لا يهدف فقط إلى إنهاء الوجود الإسرائيلي في فلسطين، ولكن لتدمير إسرائيل نفسها.
ويسلط المسؤولون الإسرائيليون الضوء على كيف هاجمت حماس وحزب الله إسرائيل أولاً، مما أجبر إسرائيل على الرد، ويقولون إن دعم إيران لحماس وحزب الله يجعل من الضروري لإسرائيل مهاجمة إيران وأصولها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل حزب الله إيران الحرب في غزة غزة وإسرائيل إسرائيل حزب الله إيران الضفة الغربیة إطلاق النار على إسرائیل وحزب الله حزب الله أدى إلى فی غزة
إقرأ أيضاً:
لا إيران تنهي الحزب ولا إسرائيل تنهي الحرب
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": هناك أفخاخ عدة زرعها بنيامين نتنياهو في صلب الورقة التي يعمل هوكشتاين على تسويقها، وأبرزها على الإطلاق شرط احتفاظ إسرائيل ب »حقّها » فيرصد أجواء لبنان بالطيران الحربي والمسيّرات، وبأن تكون لها صلاحية تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، في أي لحظة، إذا اكتشفت أنّ«حزب الله » أو أي طرف آخر يقوم مجدداً بالتسلح أو الانتظام عسكرياً.طبعاً،المفاوض اللبناني هرب من هذا البند باعتماد صيغة «حق كل من الطرفين في الدفاع عن النفس »، إذا اكتشف أنّ الطرف الآخر يخرق الاتفاق. ووفق الصيغة المتداولة، يتقدّم الطرف المشتكي باعتراضه إلى الهيئة المعنية بمراقبة الاتفاق،التي يرئسها جنرال أميركي، وهي تتولّى المعالجة. ولكن السؤال هو: ماذا لواعتبر الطرف الشاكي أنّ المعالجة لم تتمّ كما يجب؟ هل سيحصّل حقه بيده؟ أيهل يلجأ إلى القوة في التعاطي مع الطرف الآخر؟ هذه الصيغة التي طرحها لبنان، كبديل من النص القاسي الذي كان قد صاغه الإسرائيليون، تبقى أيضاً قاسية، وهي عملياً تخدم المصلحة الإسرائيلية في التنفيذ. فإسرائيل لا تحتاج إلى خرق القرار 1701 لتحافظ على قوة ردعها. وأما «حزب الله » فمضطر للحصول على السلاح من الخارج وتخزينه من أجل البقاء كقوة عسكرية، وإّ لّافإنّه سيصبح حزباً سياسياً لا أكثر. وكذلك، الإسرائيليون مؤهلون أكثر من«الحزب » لإقناع أركان الهيئة بوجهة نظرهم. فهي برئاسة أميركي وتضمّ دولاً أطلسية، بعضها يعتبر الجناح العسكري ل »الحزب » منظمة إرهابية، ما يعني أنّ احتمال تحرّك الهيئة ضدّ«الحزب » يفوق بكثير احتمال تحركها ضدّ إسرائيل. وللتذكير أيضاً، إسرائيل تمتلك قدرة عملانية كبيرة على ضرب أهداف لـ «الحزب » في لبنان، إذا قرّرت ذلك، فيما قدراته على القيام بالمثل ضدّها هي اليوم محدودة، وستكون محدودة أكثر بعد تنفيذ الاتفاق وتوقفه عن التزود بالسلاح.
في أي حال، ربما تكون صيغة «الدفاع عن النفس » هي أفضل ما استطاع المفاوض اللبناني تحقيقه، كبديل من الطرح الإسرائيلي القاضي بالتدخّل العسكري، في أي لحظة، علماً أنّ إيراده ضمن ملحق خاص بينهم وبين الأميركيين يشكّل إلزاماً إضافياً لواشنطن. والتدقيق في هذا الشرط يكشف أبعاداً بالغة الخطورة حاول المفاوض اللبناني تجنّبها .
في أي حال، قرار لبنان الرسمي ليس عنده. والمفاوض الفعلي هو إيران. فهل ستترك لإسرائيل أن تهزم «الحزب » نهائياً؟ وهل تعتبر أنّ «الحزب » في موقع ضعف في لبنان يفرض عليها الاستسلام؟ المطلعون على أجواء «الحزب » يقولون إنّ إيران لن توافق في أي شكل على انكسار «الحزب » أمام إسرائيل في لبنان، كما لم توافق على انكسار «حماس » في غزة، وستقاتل حتى النهاية سعياً إلى تدارك الخسارة. وهي تراهن على أنّ إسرائيل قد تتعب وتدفعها الظروف الدولية إلى تسوية أكثر توازناً تسمح ل «الحزب » بأن يحتفظ بقوته، وأن يبقى لها نفوذ من خلاله على حدود إسرائيل وشاطئ المتوسط. ففي الواقع،لن توافق طهران بأي ثمن على نهاية «حزب الله ». وفي الموازاة، لن توافق إسرائيل على نهاية الحرب الدائرة حالياً. ولذلك، سيراوح هوكشتاين طويلاً في الدوامة باحثاً عن تسوية. وسيناور بنيامين نتنياهو وشركاؤه في حكومة اليمين واليمين المتطرف ويرفضون أي تسوية حتى يبلغوا أهدافهم المرسومة، في المراحل المقبلة من الحرب. وهذه الأهداف ستؤدي على الأرجح إلى إحداث تحولات جديدة في لبنان والمنطقة كلها.