خبراء: قادة الأمن يحاولون الحفاظ على استكانة الضفة ونتنياهو يريد الانتفاضة
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
يقول خبراء إن القادة الأمنيين والعسكريين في إسرائيل لا يختلفون مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن قتل الفلسطينيين في شمالي الضفة الغربية ولكنهم يخشون انهيار حالة الاستكانة التي فرضها الاحتلال على هذا الجزء من فلسطين عبر سنوات طويلة من الممارسات الاجتماعية والاقتصادية.
فقد نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" عن القيادة الوسطى أن توسيع العملية العسكرية في الضفة ستفرض مزيدا من الأعباء على الجيش، فضلا عن التحذير من احتمال انفجار الضفة بشكل كامل.
كما نقلت هيئة البث الرسمية عن مسؤولين أمنيين أن البقاء في قطاع غزة يمثل مزيدا من الأعباء العسكرية والاقتصادية على إسرائيل، وهو ما يعتبر انتقادا ضمنيا لخطط نتنياهو.
حفاظ على الوضع القائمورغم أن هذه الانتقادات لا تخلو من المناكفة التي لا تتوقف من جانب الجيش الذي لطالما حاول رئيس الوزراء جعلها تابعة له، فإنها في الوقت نفسه تعكس خوف قادة الأمن من انهيار حالة الاستكانة التي تم فرضها على سكان الضفة من خلال أنماط عيش معينه، كما يقول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي.
وحسب ما قاله الشوبكي خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، فإن الوضع في الضفة الغربية كان في أفضل حالاته الممكنه حيث لم تكن هناك قوة مناوئة لممارسات الاحتلال قبل العملية التي أطلقها نتنياهو مؤخرا.
وفي حين تحمل الانتقادات الأمنية والعسكرية لسلوك نتنياهو في الضفة من طموحات عسكرية لأصحابها إلا إن الواقع العملي يدعم إمكانية دخول الفلسطينيين في مواجهة شاملة مع الاحتلال في حال امتدت العملية إلى مزيد من مناطق شمال الضفة، برأي الشوبكي.
لذلك -يضيف المتحدث- فإن من يطلقون هذه التحذيرات ربما يحاولون النأي بأنفسهم مقدما عن تحمل أي مسؤوليات مستقبلا بعدما علمتهم عملية طوفان الأقصى أن كل الاحتمالات قابلة للتحقق.
ويرى الشوبكي أن الخلاف بين الإسرائيليين على ما يجري في الضفة هو نفسه الخلاف على ما يحدث في غزة لأنه لا يدور بشأن طبيعة ما يقوم به الجيش ضد الفلسطينيين من قتل وتدمير وإنما بشأن طريقة تنفيذه وما يمكن أن تدفعه إسرائيل من أثمان لهذه الطريقة.
ومن هذا المنطلق، فإن التحذيرات الأمنية والعسكرية من توسيع عملية الضفة يحمل الكثير من الأهداف الشخصية والسياسية فضلا عما يحمله من قلق بشأن تحول الأمر إلى انتفاضة في وسط وجنوب الضفة أيضا، كما يقول الشوبكي الذي يرى أن "على الفلسطينيين ألا يعولوا على هذا الخلاف لأن إسرائيل مكونة في النهاية من يمين حاكم وآخر معارض".
نتنياهو يريد توسيع المواجهةأما الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين مع حديث الشوبكي فيعتقد أن نتنياهو مدرك جدا لما يقوله القادة الأمنيون ويعرف جيدا أن وجود الاحتلال يحتم وجود مقاومة وبالتالي هو يدفع باتجاه تصعيد الموقف في الضفة.
ويرى جبارين أن مخاوف القادة الأمنيين والعسكريين في إسرائيل تنطلق من شعورهم بأن نتنياهو لم يعد كما كان قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مضيفا "قبل طوفان الأقصى كان نتنياهو يستمع لقادة الأمن ويأخذ بتحذيراتهم ويخرس إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بينما لم يعد كذلك الآن".
وبناء على هذه المخاوف، فإن المؤسسة العسكرية تحاول تحريك الشارع ضد رئيس الحكومة من خلال رسائل غير مباشرة ترسلها عبر تصريحات إعلامية مبهمة أو من خلال جنرالات سابقين يكتبون مقالات تدفع في نفس الاتجاه.
وقال جبارين إن نتنياهو حاول بشكل دائم كسر حالة الثقة بين المجتمع الإسرائيلي والجيش وإنه تمكن من تحقيق هذا الهدف بشكل كبير بعد الإخفاق الكبير في تحقيق أهداف الحرب على غزة.
هروب للأمامومن ناحية عملياتية، يقول الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن ما تعيشه إسرائيل حاليا يتناقض تماما مع قواعد أمنها الرئيسية التي كانت تتمثل في الردع والإنذار المبكر والحسم السريع، مؤكدا أن جيشها يعيش حالة استنزاف غير مسبوقة في الجنود والآليات والذخيرة في الوقت الراهن.
وعزا حنا كسر هذه القواعد الأمنية التي وضعها ديفيد بن غوريون (أحد مؤسسي إسرائيل) إلى إصرار نتنياهو على تحقيق شيء لا يمكن تحقيقه. وقال إن عملية الضفة في بدايتها وإن رئيس الوزراء سيمارس الابتزاز السياسي من خلال توسيع العملية بزعم القضاء على تهديد محتمل.
كما أشار الخبير العسكري إلى وجود خلاف دائم بين نتنياهو وقادته العسكريين لأنه وضع أهدافا كبيرة لا يمكن تحقيقها وهو يرفض تغيير خططه بما يتماشى من قدرات الجيش لأنه "يتبنى مبدأ تحقيق الربح من خلال عدم الخسارة وهو ما دفعه لفتح 7 جبهات في وقت واحد".
وأشار حنا إلى أن قوات الاحتلال تحاول حاليا عزل جنين تماما كونها قلب المقاومة في الضفة، لافتا إلى أن "هذا الهروب للأمام الذي يمارسه نتنياهو يفرض مزيدا من الأعباء العسكرية على الجيش".
وخلص حنا إلى أن حاجات إسرائيل الأمنية كانت دائما أكبر من إمكانياتها وقال إنها قد تواجه معضلة حقيقية في حال انفتحت جبهة الشمال أو ردت إيران بشكل يدفع لحرب أوسع بينما هي تقاتل في غزة والضفة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إيتمار بن غفير فی الضفة من خلال
إقرأ أيضاً:
محللون: نتنياهو يريد اتفاقا جديدا وهذه خيارات حماس للرد
تباينت آراء محللين سياسيين بشأن قرارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوقف دخول البضائع والإمدادات إلى غزة وإغلاق المعابر معها، وسط إجماع بأن تل أبيب تريد اتفاقا جديدا يفرغ مضمون اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي من مضمونه.
فقد أكد الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن إسرائيل تعاقب الفلسطينيين جماعيا منذ اتفاق وقف إطلاق النار مع تلويحها الدائم بـ"فتح الجحيم على قطاع غزة" ومساعيها لتغيير بنود الاتفاق.
وتستخدم إسرائيل لتحقيق ذلك -وفق حديث مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث"- التهديد والتلويح باستئناف الحرب، إضافة إلى منع إدخال المساعدات الإنسانية التي تساعد السكان على البقاء مثل الخيام والبيوت المتنقلة والمساعدات الطبية.
وتأتي قرارات نتنياهو -التي اعتبرتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) انقلابا على الاتفاق- بعد عرقلته الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، التي كان من المفترض أن تبدأ في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى للاتفاق (3 فبراير/شباط الماضي).
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة قولها إن "وقف إدخال المساعدات إلى غزة جزء من مرحلة أولى للضغط على حماس"، وإن خطوات تصعيدية قد تبدأ الأسبوع المقبل.
إعلان
وبشأن الخلاف بين نتنياهو والأجهزة الأمنية، أكد مصطفى أنه قائم منذ شهور، "فنتنياهو يخشى انهيار حكومته ويريد إكمال ولايتها القانونية حتى أكتوبر/تشرين الأول 2026″، مؤكدا أن هذا سبب سياسي داخلي.
وحسب مصطفى، فإن نتنياهو أيضا لا يقبل بالاتفاق الحالي لأنه لا يحقق أهداف الحرب وهي: نزع سلاح المقاومة وإنهاء حكم حماس وطرد قادتها من القطاع من أجل شطب إخفاق السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويرى داعمو الاتفاق وضع إسرائيل شروطا سياسية -كما يقول مصطفى- مثل نزع سلاح حماس وطرد قادتها غير منطقي، إذ لا يمكن للحركة القبول بها، وموقفها في هذا الإطار عقلاني، وكذلك يرون أن نتنياهو لا يريد نجاح المرحلة الثانية.
وقال إن منطق الاتفاق الحالي يرتكز على أن المرحلة الثانية تحقق مصالح الطرفين، "فإسرائيل تريد استعادة كل أسراها، وحماس ترغب في وقف الحرب"، لكن نتنياهو يريد إطارا تفاوضيا جديدا بتمديد المرحلة الأولى أو الدخول للمرحلة الثانية بشروط سياسية.
التجويع سلاحا
بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن انعكاسات قرارات نتنياهو آنية وسريعة، إذ تعيش غزة جحيما يظهر بوضوح في الشارع الفلسطيني.
ووفق القرا، فإن إسرائيل بقراراتها الجديدة تريد العودة إلى ما بعد نوفمبر/تشرين الثاني 2023 عندما بدأت في تطبيق التجويع سلاحا ضد الغزيين، وتمارس حاليا ضغوطا مشابهة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مقربين لنتنياهو أن رئيس الوزراء يرى أن العودة للقتال لمدة قصيرة ممكنة للضغط على حماس، وأكدوا أنه سيكون هناك تغيير في طبيعة القتال مع رئيس الأركان الجديد إيال زامير.
وحسب هذه المصادر، فإن نتنياهو لا يعتقد أن تطبيق المرحلة الثانية من الصفقة أمر ممكن.
وبشأن خيارات المقاومة لمواجهة نتنياهو، قال القرا إن بعضها يكمن بالتمسك بموقفها بعدم تمديد المرحلة الأولى، إضافة إدارة ملف الأسرى الإسرائيليين في ظل وجود 59 أسيرا، واصفا هذا الملف بـ"ورقة ضغط قوية لدى حماس أمام إسرائيل وجبهتها الداخلية".
إعلانوإضافة إلى ذلك، فإن المقاومة ستحاول الضغط على الوسطاء لوضع حد للمراوغة الإسرائيلية، "فالمرحلة الأولى لم تشهد تطبيقا للبروتوكول الإنساني وانسحابا إسرائيليا واضحا".
ووصف القرا المرحلة الحالية بـ"عض أصابع"، خاصة أن نتنياهو يريد استعادة الأسرى مقابل خطوات محدودة "تفرغ الاتفاق من مضمونه لكي لا ينهار ائتلافه الحكومي".
رفع السقف
من جانبه، أعرب توماس واريك المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط عن قناعته بأن الوقت الحالي يختلف جذريا عن أجواء اتفاق يناير/كانون الثاني، إذ يريد نتنياهو اتفاقا مختلفا، ويأمل في تمديد المرحلة الأولى، مما يشكل تحديا لحماس.
وبينما أقر بأن اتفاق يناير/كانون الثاني لا يدعو إلى وقف المساعدات والمواد الغذائية، زعم واريك أن ما يحصل ليس عقابا جماعيا للغزيين.
وأكد أن الحكومة الإسرائيلية تحاول التفاوض على اتفاق يختلف عن الذي وقعت عليه في يناير/كانون الثاني الماضي، مشيرا إلى أنها ترفع السقف قبل وصول مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف إلى المنطقة.
وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، وتبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ويتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.