الاقتصاد الأميركي يقاوم الركود بإنفاق المستهلكين
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
يواصل الاقتصاد الأميركي إظهار قدرة ملحوظة على الصمود، مدفوعًا بقوة الإنفاق الاستهلاكي، حتى في ظل استمرار المخاوف من ركود وشيك.
وتقول وكالة بلومبيرغ إن البيانات الأخيرة تشير إلى معدل نمو سنوي يبلغ 3% في الربع الثاني من عام 2024، بفضل المستهلكين الأميركيين الذين يستمرون في تحفيز الزخم الاقتصادي على الرغم من ارتفاع تكاليف الاقتراض وضغوط التضخم.
يأتي هذا النمو الاستهلاكي في وقت تباطأت فيه معدلات التضخم، في حين يناقش الاحتياطي الفدرالي احتمالية خفض سعر الفائدة في الأشهر القادمة.
ومع ذلك، فإن قوة القطاع الاستهلاكي تترافق مع بعض المخاوف الأساسية على ما قالته فوربس. وعلى الرغم من أن الإنفاق لا يزال قويًا، فإن وتيرة نمو الدخل تباطأت، وسوق العمل أصبح أكثر ليونة، وانخفض معدل الادخار.
هذه العوامل -وفقا لفوربس- أثارت تساؤلات حول استدامة الإنفاق الاستهلاكي كدافع رئيسي للنمو الاقتصادي، خاصة في ظل استمرار عدم اليقين الاقتصادي.
مؤشرات ركود واحتمال تباطؤوعلى الرغم من الأرقام الإيجابية، هناك مؤشرات تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي قد يكون على وشك الركود وفق فوربس.
حيث تشير "قاعدة ساهام"، وهي مؤشر تاريخي موثوق للتنبؤ بالركود، إلى احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي مع ارتفاع البطالة من 3.5% إلى 4.3% خلال العام الماضي.
ويعتبر هذا الارتفاع في البطالة مصدر قلق، حيث إن فقدان الوظائف عادة ما يؤدي إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي، مما قد يؤدي بدوره إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، يشير منحنى العائد، وهو مؤشر معمول به للتنبؤ بالركود، إلى احتمالية حدوث تباطؤ اقتصادي منذ ما يقرب من عامين.
ووفقًا لتحليل الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، هناك حاليًا فرصة بنسبة 50% لحدوث ركود خلال الـ12 شهرًا القادمة وفق ما نقلته فوربس. هذا التحذير المستمر، إلى جانب ارتفاع البطالة، يشير إلى أن الاقتصاد الأميركي قد يواجه تحديات كبيرة في المستقبل القريب.
الاحتياطي الفدرالي وسياستهومع مناقشة الاحتياطي الفدرالي لخطواته التالية، أصبحت احتمالية خفض سعر الفائدة محط اهتمام كبير وهو ما ألمح إليه رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول في حديثه الأخير بجاكسون هول.
وقد يوفر خفض سعر الفائدة دعمًا إضافيًا للإنفاق الاستهلاكي، الذي كان العمود الفقري للنمو الاقتصادي الأخير. ومع ذلك، يحذر بعض المحللين من بلومبيرغ من أنه حتى مع خفض سعر الفائدة، فإن التحديات الاقتصادية الأوسع -بما في ذلك الركود في الدخل وارتفاع البطالة- قد تضعف النظرة الاقتصادية العامة.
ويضيف أداء سوق الأسهم طبقة أخرى من التعقيد للمشهد الاقتصادي وفق فوربس. فبعد تراجع طفيف في أوائل أغسطس/آب، تعافى مؤشر "ستاندرز آند بورز 500" ليقترب من أعلى مستوياته الأخيرة، مما يشير إلى أن الأسواق المالية لم تأخذ في الحسبان بعد حدوث ركود وشيك.
ومع ذلك، سيكون تقرير الوظائف القادم، المقرر في 6 سبتمبر/أيلول، مؤشرًا حاسمًا على صحة الاقتصاد. أي زيادة إضافية في البطالة قد تقوض ثقة المستهلك وربما تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي أكثر وضوحًا.
صمود أم ركود؟ومع تقدم عام 2024، سيكون التفاعل بين الإنفاق الاستهلاكي والسياسة النقدية ومؤشرات الركود أمرًا حاسمًا في تحديد مسار الاقتصاد الأميركي.
وعلى الرغم من أن الاقتصاد قد تحدى حتى الآن توقعات الركود، فإن مخاطر الركود لا يمكن تجاهلها. وستكون قرارات الاحتياطي الفدرالي في الأشهر المقبلة محورية في تشكيل المشهد الاقتصادي المستقبلي، مع تأثيرات كبيرة على كل من المستهلكين والشركات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإنفاق الاستهلاکی الاحتیاطی الفدرالی الاقتصاد الأمیرکی خفض سعر الفائدة ارتفاع البطالة تباطؤ اقتصادی على الرغم من
إقرأ أيضاً:
فوضى التعريفات الجمركية لترامب تغذي انهيارات الأسواق وتثير مخاوف الركود
تراجعت أسواق الأسهم الأميركية بشكل حاد يوم الاثنين وسط مخاوف متزايدة من أن سياسات التعريفات الجمركية التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تدفع أكبر اقتصاد في العالم نحو الركود.
وبعد سنوات من النمو القوي، بدأت حالة التفوق الاقتصادي الأميركي تتعرض للتساؤلات.
خسائر فادحة في الأسواقوأدى القلق من حدوث تباطؤ اقتصادي إلى عمليات بيع واسعة في سوق الأسهم، ما أدى إلى محو 1.7 تريليون دولار من مؤشر إس آند بي 500، الذي يُعد المؤشر الأهم للأسواق العالمية. وتراجع المؤشر بنسبة 2.7%، ليصل إلى انخفاض بنسبة 9% عن أعلى مستوى له في 19 فبراير/شباط الماضي.
كما شهد مؤشر ناسداك 100، الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا، أسوأ يوم له منذ عام 2022، حيث فقد أكثر من تريليون دولار من قيمته، مع تراجع أسهم "السبعة العظماء"، وهي: ألفابيت (غوغل)، أمازون، آبل، مايكروسوفت، ميتا، إنفيديا، وتيسلا.
يأتي هذا الانهيار في الأسواق وسط حالة من القلق بسبب التصريحات المتضاربة لترامب بشأن التعريفات الجمركية، ما أدى إلى فقدان المستثمرين الثقة في استقرار السياسات التجارية الأميركية.
إعلانففي الأسبوع الماضي، أعلن ترامب فرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، كما ضاعف الرسوم على السلع الصينية إلى 20%. لكنه سرعان ما تراجع جزئيًا، معلنًا بعد يومين تأجيل بعض زيادات الرسوم المكسيكية والكندية حتى 2 أبريل/نيسان.
كما هدد ترامب بفرض نظام عالمي من التعريفات المتبادلة، بحيث تخضع كل دولة لنفس الرسوم التي تفرضها على المنتجات الأميركية، وذلك بدءًا من 2 أبريل/نيسان. ومن المقرر أن تدخل رسوم 25% على واردات الصلب والألمنيوم حيز التنفيذ يوم الأربعاء.
التضخم والضغوط على المستهلكينيرى محللون أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى زيادة التضخم، حيث ستنتقل التكاليف الإضافية إلى المستهلكين الأميركيين، ما قد يحدّ من النمو الاقتصادي ويرفع معدلات البطالة.
وفي الوقت نفسه، تسببت التخفيضات المستمرة في الإنفاق العام والتوترات الجيوسياسية في تفاقم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي. وفي مقابلة مع سي إن بي سي، وصف هولغر شميدنغ، كبير الاقتصاديين في بنك بيرنبرغ، ترامب بأنه "عامل فوضى وارتباك".
أما بيتر توكمان، أحد متداولي البورصة، فقال في مقطع فيديو نشره على منصة إكس: "ما يصدر عن المكتب البيضاوي هو مجرد قرارات غير حاسمة ورسائل متضاربة، الأمر الذي أفقد المستثمرين الثقة".
وفي مقابلة مع فوكس نيوز يوم الأحد، قال ترامب إن المخاطر الاقتصادية المحتملة تستحق العناء في سبيل "إحداث تحول اقتصادي كبير".
وأضاف: "نحن نعيد الثروة إلى أميركا، وهذا أمر مهم… قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكنني أعتقد أنه سيكون رائعًا لنا".
وعند سؤاله عن تأثير التعريفات على التضخم، قال: "قد يحدث ذلك، لكن في المقابل، انخفضت أسعار الفائدة".
ردود فعل البيت الأبيضورغم حالة الذعر التي اجتاحت وول ستريت، حاول البيت الأبيض الحفاظ على موقف متفائل، مشيرًا إلى تعهدات استثمارية ضخمة من قبل قادة الشركات الكبرى.
إعلانوقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديزاي، يوم الاثنين إن الرؤساء التنفيذيين استجابوا لأجندة "أميركا أولاً" عبر تقديم تعهدات استثمارية بمليارات الدولارات، مؤكدًا أن هذه الاستثمارات "ستخلق آلاف الوظائف الجديدة".
من جانبه، قلل كيفن هاسيت، رئيس المجلس الاقتصادي الوطني، من أهمية تذبذب الأسواق، ووصفه بأنه مجرد "تقلبات بسيطة في البيانات".
أما هوارد لوتنيك، وزير التجارة، فقال في مقابلة مع إن بي سي: "لن يكون هناك ركود في أميركا… خلال العامين المقبلين، سنشهد أقوى فترة نمو اقتصادي".
وامتدت موجة التراجع في الأسواق الأميركية إلى الأسواق العالمية، حيث تراجعت الأسهم الآسيوية بشكل حاد يوم الثلاثاء، متأثرة بالانخفاضات في وول ستريت.
ففي اليابان، هبط مؤشر نيكاي بنسبة 3%، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر/أيلول. كما انخفض مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 0.8%، بينما سجلت الأسهم الصينية انخفاضًا بنسبة 0.5%. أما في أستراليا، فقد تراجع المؤشر الرئيسي بنسبة 0.8%.
اللجوء إلى الملاذات الآمنةومع تصاعد المخاوف الاقتصادية، اتجه المستثمرون إلى أصول الملاذ الآمن، حيث ارتفع الين الياباني إلى 147.07 مقابل الدولار، وهو أعلى مستوى له في خمسة أشهر، كما تعزز الفرنك السويسري.
وواصل الذهب صعوده، ليصل إلى 2895.75 دولار للأوقية، مقتربًا من أعلى مستوى له على الإطلاق. وارتفع الذهب بنسبة 10% في 2025، بعد ارتفاعه 27% في العام الماضي.
وفي المقابل، انخفضت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، حيث تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 0.65% إلى 68.83 دولارًا للبرميل.
وعلى عكس ولايته الأولى، حيث كان ترامب يتراجع عن بعض سياساته عندما تتعرض الأسواق للاضطرابات، يبدو أنه هذه المرة مصمم على المضي قدمًا في سياسات الحماية التجارية.
وخفض محللو سيتي غروب توصيتهم للأسهم الأميركية إلى "محايدة" بعد أن كانت "متفوقة"، مشيرين إلى أن الاقتصاد الأميركي قد لا يواصل تفوقه على بقية العالم في الأشهر المقبلة.
كما رفع غولدمان ساكس احتمال حدوث ركود في غضون الـ 12 شهرًا القادمة من 15% إلى 20%، بينما رفع جي بي مورغان تشيس النسبة من 30% إلى 40%، مستشهدة بـ "السياسات الأميركية المتطرفة".
إعلانفي الوقت ذاته، انخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين بنسبة 0.05% يوم الاثنين، ليصل إلى أدنى مستوى في خمسة أشهر، مما يعزز التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يضطر إلى خفض أسعار الفائدة.
حاليًا، يبلغ سعر الفائدة القياسي للاحتياطي الفيدرالي حوالي 4.3%، وهو مستوى مرتفع مقارنة بالمعايير التاريخية الحديثة.
ويرى المحللون أن الأسواق "استوعبت الرسالة" بأن إدارة ترامب مصممة على تنفيذ خططها دون تردد، ما قد يجعل الركود احتمالًا لا مفر منه.