لجريدة عمان:
2025-02-19@20:43:22 GMT

عامٌ دراسي جديد: توقعات جديدة

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

يشتد الرهان عامًا بعد آخر على استحقاقات النظام التعليمي وأدواره؛ نظير مجموعة من المتغيرات التي تفرض ذاتها سواء في سياقها العالمي أو المحلي

يستهل حقل التعليم عامًا دراسيًا جديدًا، ينتظر فيه - كما كل عام - أن يضيف رصيدًا تنمويًا من خلال عملياته إلى التأسيس الجيد للقدرات البشرية، والمحافظة على الهوية والمحددات الأخلاقية والقيمية للمجتمع، والمساهمة في حشد التفاعل مع القضايا المعاصرة؛ سواء على مستوى المعارف، أو التقانات، أو متطلبات التنمية الملقاة على عاتق الأطراف النشطة في العملية التعليمية من قيادات تربوية، ومعلمين وطلبة، وأسر متفاعلة مع النظام التعليمي.

وفي الواقع يشتد الرهان عامًا بعد آخر على استحقاقات النظام التعليمي وأدواره؛ نظير مجموعة من المتغيرات التي تفرض ذاتها سواء في سياقها العالمي أو المحلي.

على المستوى المحلي تطرح على النظام التعليمي 5 أسئلة أساسية: أولها - وككل الأنظمة التعليمية - سؤال استدامة الجودة في التعليم ككل في مقابل الحاجة إلى تطوير جزئيات نوعية ضمن مفهوم جودة التعليم، بما في ذلك بيئات التعلم وكفاءة المناهج وأساليب تطوير قدرات المعلمين. السؤال الآخر هو سؤال موقع النظام التعليمي من الانتقال التقني الهائل بما في ذلك ما تضيفه تطبيقات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي هذا الصدد نسأل: هل هناك أطر واضحة وتطبيقية لإدماج هذه التقنيات بشكل مباشر وشامل في العملية التعليمية بحيث تستوعب الأدوار الجديدة لثلاثية (المعلم - الطالب - التقانة)؟ إن هذا السؤال أساس ومحوري لأنه يضعنا أمام أسئلة أخرى: هل يجب أن يتوجه تركيز التعليم اليوم على تنمية المعرفة أم تنمية طرائق التفكير؟ هل يجب أن يوضع الطالب على محك اختبار كفاءة المعرفة والفهم أم على مستوى النقد والربط والتفكيك للمادة المعرفية؟ كيف سيتعامل جيل قادم من المعلمين والمتعلمين مع أنماط مفتوحة المصدر من المعرفة والتحقق من صحتها وواقعيتها وبناء معرفة مقاربة لها؟

السؤال الثالث هو سؤال تغير الطلب على مخرجات التعليم، ومحدودية الفرص، وهو سؤال يرتبط أيضًا في جزء منه بمسارات التعلم التقني والمهني، ويرتبط بإعادة التفكير في منهجيات التقويم التربوي ليتواكب مع فرز هذه المخرجات معرفيًا ومهاريًا بشكل يتوافق مع متغيرات واحتياجات السوق والمستقبل. أما السؤال الرابع فيرتبط بالتغيرات في شخصية المتعلمين، وهذه التغيرات تتماشي مع ضرورة دراسة التغيرات في أنماط الجيل من ناحية (القيم والمعتقدات - التطلعات والتوقعات - تغير أنماط التنشئة والأدوار الأسرية - النظرة إلى العالم). وتغيرات الجيل تطرح أسئلة قد تكون طرحت في أنظمة تعليمية أخرى من ناحية: العبء الدراسي، حدود عملية التعلم بين المدرسة والمنزل، آلية تحقيق التوازن بين التعلم في الصف الدراسي واكتساب المهارات الحياتية في مؤسسات مجتمعية أخرى.

أما السؤال الخامس فيرتبط بالدور القيمي والأخلاقي للنظم التعليمية في إعادة توجيه الجيل نحو المرغوب من القيم والأخلاق، وتحييد المؤثرات المتصاعدة؛ سواء فيما يروج له عبر الاتجاهات العالمية من نشر قيم هدامة، أو ما يفرزه تباين الأجيال من صراع قيم على مستوى المجتمع، أو ما ينتجه عصر الشبكات المفتوحة من قيم وأفكار غير مفرزة وعصية على الضبط والسيطرة.

في مقالة نشرت في المجلة العلمية «العمل والشيوخة والتقاعد» بعنوان «القاعدة الدليلية للاختلافات بين الأجيال: إلى أين نتجه من هنا؟»، يشير البحث الذي تستند إليه إلى أن « الجيل - يميل إلى تفضيل التعلم التجريبي - التعلم من خلال الممارسة - على التعليم التقليدي. ويميلون إلى بيئات التعلم التعاوني، حيث يمكنهم التواصل مع الأقران وتطبيق المعرفة في بيئات عملية. وتشير الدراسات إلى أن هذه التحولات ترجع جزئيًا إلى التطور المعرفي الذي تشكله تفاعلهم مع التكنولوجيا الرقمية منذ سن مبكرة». وهذا يقودنا إلى القول بأن تغيير طرق وأساليب التعلم تعتبر جزءا لا يتجزأ من عملية جعل التعلم حيًا وحيويًا ومتفاعلًا مع حاضره؛ فالأمر لا يتعلق اليوم بمحتوى (ما يدرّس) فحسب؛ بل يتعلق بالطريقة التي يدرس بها، والبيئة التي تقدم فيها المادة المعرفية، وتشكل هذه العناصر في مجملها عناصر ديمومة الكفاءة والجودة في النظام التعليمي، كما تتحكم بانتماء المتعلمين إلى هذا النظام وتفاعلهم الجيد معه. وفي هذا الصدد يحدد الباحث في مستقبل التعليم إد ماثيوز خمسة عناصر تتحكم في أساليب وطرق التعليم خلال السنوات الراهنة وهي أن الذكاء الاصطناعي سيصبح أكثر طبيعية وإدماجًا في عملية التعليم والتقييم، وأن التطورات التقنية ستمكن المعلمين من استخدام مواد التعلم التكيفية والمخصصة حسب اتجاهات وطبيعة كل طالب، وكما سيشيع التحول نحو التقييمات القائمة على الكفاءة أكثر من التقييمات التقليدية، ارتفاع التعلم الممتع والقائم على التلعيب، بالإضافة إلى الاعتماد بشكل أكبر على نموذج الفصل الدراسي المقلوب؛ والذي يركز على اطلاع المتعلم على مصادر التعلم خارج الصف مع إتاحة الوقت في الصف للنقاش والتفكير وتنمية الحوار.

وفي المجمل فإن المدخلات والمتغيرات التي تحيط بأنظمة التعلم لا تنتهي؛ كون أن العملية التعليمية تتفاعل مع 3 عناصر متغيرة في ذاتها: الفرد (أيما كان موقعه في العملية التعليمية أو المجتمع)، المعرفة (التي تتسم بطبيعتها المتغيرة وتوالدها النووي)، المجتمع (الذي تتبدل أحواله وتتغير على ضوءها توقعاته ويعيش ديناميكية ثقافية واقتصادية واجتماعية وتقانية وسياسية متغيرة). ولذلك الرهان اليوم على تفعيل حقل أبحاث التعليم، وحقل أبحاث مستقبل التعليم، وربط هذين الحقلين بمنظومة صنع القرار ورسم السياسات التعليمية، وهو ما اعتنت به بعض الدول وأرقته إلى مستوى كيانات مستقبل لأبحاث التعليم، أو دراسات تنمية التعليم، فنجد تجربة كوريا الجنوبية على سبيل المثال في إنشاء معهد التنمية التعليمية الكورية، والذي يركز في مهامه على تطوير نظام تعليمي مبتكر لمواجهة تحديات التعليم الكوري، بالإضافة إلى إجراء أبحاث شاملة وعلمية حول القضايا الحالية المتعلقة بالتعليم الكوري. وكذا الحال مع المعهد الألماني للبحوث التربوية الدولية في ألمانيا، والمعهد الوطني للتعليم في سنغافورة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العملیة التعلیمیة النظام التعلیمی عملیة التعلیم

إقرأ أيضاً:

التخطيط التعليمي بالذكاء الاصطناعي

 

 

 

د. عمرو عبد العظيم

 

في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم، أصبح التخطيط التعليمي أداة حاسمة لضمان جودة التعليم وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية، ومع التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي، بات بالإمكان إعادة صياغة مفهوم التخطيط التعليمي ليصبح أكثر دقة ومرونة، حيث يمكن توظيفه في جميع جوانب التخطيط، بدءًا من تصميم الخطط الدراسية، ووضع استراتيجيات تطوير المناهج، وإدارة المدارس بكفاءة، وصولًا إلى تحسين العمليات التعليمية برمتها.

الذكاء الاصطناعي في الخطط الدراسية

تعد الخطط الدراسية من أهم العناصر التي تحدد جودة التعليم ومخرجاته، حيث تمثل الإطار المرجعي الذي يوجه المعلمين والطلاب في العملية التعليمية، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين هذه الخطط من خلال تحليل البيانات الضخمة المتعلقة بأداء الطلاب، والتنبؤ بالمهارات المطلوبة في المستقبل، وتصميم مناهج تتكيف مع احتياجات الأفراد وسوق العمل.

على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أداء الطلاب في المواد المختلفة وتحديد نقاط القوة والضعف لديهم، مما يتيح تصميم خطط دراسية مخصصة لكل طالب،  فبدلًا من اتباع منهج موحد، يمكن إنشاء مسارات تعليمية مرنة تتكيف مع مستوى الطالب وطريقة تعلمه، مما يعزز من كفاءة التعلم ويزيد من معدلات النجاح، كما يمكنه التنبؤ بالمهارات المطلوبة في المستقبل وتحديث الخطط الدراسية وفقًا للاتجاهات العالمية، بحيث يتم دمج موضوعات مثل الذكاء الاصطناعي نفسه، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، وغيرها من المجالات الناشئة التي تتطلبها الأسواق الحديثة.

التخطيط لتطوير المناهج واستراتيجيات التعلم

التطوير المستمر للمناهج يعد أحد التحديات الرئيسية التي تواجه النظم التعليمية، والذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون شريكًا فاعلًا في هذه العملية من خلال تحليل بيانات التفاعل الطلابي مع المواد التعليمية، وتقديم اقتراحات دقيقة حول كيفية تحسين المناهج وجعلها أكثر فاعلية.

ويمكن- على سبيل المثال- تحليل بيانات الامتحانات والتقييمات والأنشطة الصفية لاكتشاف المواضيع التي يواجه الطلاب صعوبة فيها، ثم اقتراح تعديلات في طرق التدريس أو إضافة وسائل تعليمية تفاعلية مثل المحاكاة الافتراضية أو الألعاب التعليمية لتعزيز الفهم، كما يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل محتوى الكتب المدرسية والمقررات الرقمية، واكتشاف أي فجوات معرفية أو تكرار غير ضروري، مما يساعد في تحسين جودة المحتوى التعليمي وجعله أكثر تماسكًا وترابطًا.

التخطيط لإدارة المدرسة وتحسين العمليات التعليمية

إدارة المدارس تعتمد على التخطيط الدقيق لجميع العمليات التعليمية والإدارية؛ بدءًا من توزيع الموارد، وجدولة الحصص الدراسية، وتعيين المعلمين، وحتى متابعة الأداء الأكاديمي للطلاب؛ حيث يمكنه أن يسهم في تحسين هذه العمليات من خلال تقديم تحليلات ذكية تساعد في اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية.

إذ يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تتنبأ بمعدل الحضور والغياب للطلاب والمعلمين، مما يساعد في اتخاذ تدابير استباقية لمعالجة أي مشاكل قد تؤثر على سير العملية التعليمية، كما يمكنه تحليل أداء المعلمين واقتراح خطط تدريبية مخصصة لكل معلم بناءً على احتياجاته الفعلية، مما يعزز من جودة التدريس.

التخطيط العام للعمليات التعليمية

ويشمل التخطيط التعليمي أيضًا الجوانب اللوجستية والمالية والإدارية، مثل إدارة الميزانيات، وتوزيع الموارد، وتحسين كفاءة البنية التحتية التعليمية، والذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تحسين هذه العمليات من خلال تحليل البيانات المالية وتقديم توقعات دقيقة حول احتياجات المدارس من الموارد المختلفة، مما يساعد في تخصيص الميزانيات بفعالية وضمان استدامة العملية التعليمية.

علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة الطلاب من خلال تطوير بيئات تعليمية ذكية تعتمد على تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز، مما يجعل التعلم أكثر تفاعلية ومتعة، كما يمكنه تسهيل التواصل بين الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور من خلال منصات تعليمية ذكية تقدم تقارير فورية حول أداء الطلاب وتقترح استراتيجيات لتحسين تعلمهم.

تحديات التخطيط التعليمي بالذكاء الاصطناعي

وعلى الرغم من المزايا الهائلة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في مجال التخطيط التعليمي، إلّا أن هناك مجموعة من التحديات التي قد تعيق تطبيقه بشكل فعّال، من أبرز هذه التحديات هو نقص البنية التحتية التكنولوجية في بعض المدارس والجامعات، حيث تتطلب أنظمة الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من البيانات ومعالجة متقدمة تحتاج إلى تقنيات حديثة قد لا تكون متاحة في جميع المؤسسات التعليمية.

إضافة إلى ذلك، هناك تحديات تتعلق بحماية البيانات والخصوصية، إذ إن استخدام الذكاء الاصطناعي يتطلب جمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات الشخصية للطلاب والمعلمين، مما يثير مخاوف حول كيفية تأمين هذه البيانات وضمان عدم إساءة استخدامها.

كما إن هناك مقاومة للتغيير من قبل بعض المعلمين والإداريين الذين قد يرون في الذكاء الاصطناعي تهديدًا لدورهم التقليدي في العملية التعليمية، في حين أنه يجب النظر إليه كأداة مساعدة تعزز من دور المعلم وتتيح له التركيز على الجوانب الإبداعية والتوجيهية بدلًا من المهام الروتينية.

مستقبل التخطيط التعليمي بالذكاء الاصطناعي

مع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، ستزداد قدرته على تحسين التخطيط التعليمي في مختلف المستويات، من تصميم المناهج، وإدارة المدارس، إلى تحسين تجربة التعلم الفردي لكل طالب، ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر في كيفية دمج هذه التقنيات بشكل متوازن يحافظ على الطابع الإنساني للتعليم، مع ضمان أن تبقى القرارات النهائية في يد التربويين وصناع القرار.

بذلك يمكننا القول إنَّ الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية؛ بل إنه شريك استراتيجي يمكن أن يساعد في إعادة تعريف مستقبل التعليم والتخطيط له، وتحقيق نظم تعليمية أكثر ذكاءً وكفاءة لتواكب التغيرات الرقمية المتسارعة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • التخطيط التعليمي بالذكاء الاصطناعي
  • النظام الغذائي و«صحة الأمعاء».. ما «الأطعمة» التي يجب تناولها وتجنبها؟
  • ضمن مبادرة حماة تنبض من جديد.. إزالة الحواجز الإسمنتية التي وضعها النظام البائد أمام مبنى الأمن العسكري سابقاً على طريق حمص حماة
  • لرفع كفاءة المنظومة.. محافظ الغربية يجري حركة تنقلات جديدة في الإدارات التعليمية
  • محافظ الغربية يعتمد حركة تنقلات جديدة في الإدارات التعليمية
  • لرفع كفاءة المنظومة.. محافظ الغربية يعتمد حركة تنقلات جديدة في الإدارات التعليمية
  • «التعليم العالي»: الاستثمار في العقول الشابة ركيزة أساسية لبناء مجتمع المعرفة
  • وزير التعليم العالي: نعمل على تعزيز التعاون بين الجامعات ومجتمع الصناعة والأعمال
  • مدير التعليم ببورسعيد يتفقد مدرستين ويشيد بانتظام العملية التعليمية
  • وكيل وزارة التعليم ببني سويف تواصل جولاتها لمتابعة سير المنظومة التعليمية بمدارس ناصر