لجريدة عمان:
2025-03-05@02:12:27 GMT

عودة الأستاذ... إدوَرد سعيد في الجامعة

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

لم يكن لأحد أن يتوقع عودة إدوَارد سعيد للواجهة بهذه القوة، لكنه عاد وبقوة. فالتلامذة «الخارجون عن المقرر» في جامعة كولومبيا، معقلِه الحصين، نجحوا في بعث حضوره من جديد كمفكر فذٍّ بعيد الرؤية، حيث يمكننا أن نرى اليوم بوضوح، وأكثر من أي وقت مضى، خلاصات نقده الاستشراق الغربي وهو يتجلى في أكثر صوره عنفًا.

فمنذ اندلاع حملة الإبادة الصهيونية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، عقب السابع من أكتوبر الماضي، أي بعد مرور أيام قليلة على الذكرى العشرين لرحيل إدوَارد سعيد عن عالمنا (25 سبتمبر عام 2003) تكرر اسمه «الطباقي» ببروز، ليس في النقاشات الثقافية فحسب، بل قُرِئ في اللافتات المرفوعة خلال المظاهرات الطلابية التي شهدتها ساحة كولومبيا مؤخرًا: «يا جامعة كولومبيا، لماذا تطلبين منّي أن أقرأ للأستاذ إدوَارد سعيد إن كنتِ لا تودين أن أستعمله؟» هكذا كتبت إحدى الطالبات المتظاهرات على لافتتها.

هل نستطيع أن نتخيل إدوارد سعيد مثقفًا بلا جامعة؟ كانت الجامعة بالنسبة لإدوَارد «معقلاً» بالفعل، بكل ما تعنيه الكلمة، وإلا من يتخيل أن أستاذا للأدب الإنجليزي يجلس في مكتب جامعي زجاجه مضاد للرصاص؟! لا شكَّ أن الجامعة العريقة وفَّرت له منبرا عالميا لإذاعة أفكاره، وخاصة خلال السنوات الضارية من معركته الفكرية الشرسة مع المؤسسة الاستشراقية في الغرب ممثلةً بأهم رموزها المعاصرين، المعركة التي لم تتوقف «اشتباكاتها» حتى نهاية حياته. وبالتأكيد فإن الإشارة إلى دور المؤسسة المهم في صناعة المثقف ومركزيتها في بلورة مشروعه مسألة ضرورية عند مراجعة تجربة مفكر مثل إدوَارد سعيد، دون أن يتعارض هذا الاعتبار لدور المؤسسة أو يُنقص شيئا من حقيقة أنه كان مفكرا ألمعيا وعقلاً نقديًّا حرًّا تشكلت ملامح نبوغه في المراحل المبكرة التي سبقت وصوله إلى كولومبيا في ستينيات القرن الماضي وبعد مروره بجامعتي برنستون وهارفارد. والأهم أنه كان شخصية «طِباقية» بامتياز منذ التكوين، لا هي شرقية تماما ولا هي غربيةٌ تماما، بل هوية كونية مفتوحة للتعدد بكل ما يتمتع صاحبها ومطورها من تعدد للأدوار والمواهب والأماكن. فأينما حل ترك تأثيره العميق، سواء كان أستاذا في الجامعة أو متحدثا في البرامج التلفزيونية أو عازفا للبيانو أو سياسيا في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية.

غير أن كل ما سبق لن يمنع ناقديه ومناوئيه - بصورة لا تخلو من الحسد الواضح - من المجادلة بأن «كولومبيا» هي الرافعة التي منحت إدوَارد سعيد كل هذه الشهرة والمكانة العلمية المرموقة والمقروئية الواسعة في الغرب حتى تصديره للشرق، وذلك منذ أن دخل إلى الوظيفة الأكاديمية فيها شابا في نهايات العشرين. لكن المفاجأة أن رئيس الجامعة الأسبق يرجح الحقيقة المعاكسة تماما؛ فقد اجتمع بجوقة من الطلبة اليهود الذين تظاهروا ضد إدوَارد سعيد عام 2000 للمطالبة بفصله من الجامعة بعد أن استفزهم بصورته الشهيرة التي التُقطت له وهو يقذف حجرا على برج المراقبة المهجور عند بوابة فاطمة في الجنوب اللبناني بعد تحريره. همس رئيس الجامعة في الطلبة المتظاهرين ليثنيهم عن موقفهم المتطرف، مُذكرا بأن شهرة جامعتهم والامتيازات التي يتمتعون بها بعد تخرجهم فيها إنما تعود لوجود من وصفوه بأنه «فيلسوف الإرهاب» كعلم من أعلام الهيئة التدريسية بالجامعة. من يؤكد هذه الحادثة هو تلميذه تِمُثي بْرِنَن الذي قدَّم لنا سيرةً غيرية ممتازة عن أستاذه الراحل بعنوان «إدْوَارْد سعيد: أماكن الفكر». علاقة الأستاذ بالجامعة في قصة كهذه لا بدَّ أن تستوقفنا لنتخيَّل، ولو من باب التسلية، كيف سيبدو موقف إدارة كولومبيا من المفكر الكبير لو أن المصرية البريطانية الأمريكية، نعمت شفيق، كانت هي من يرأس الجامعة آن ذاك؟!

ربما يمكننا أن نقول اليوم بأن استقالتها على خلفية المظاهرات الطلابية كانت انتصارا سياسيا لأسطورة إدوَارد سعيد العائدة إلى معقلها التليد. لقد انتصر «السعيديون» على نعمت شفيق إذن، وهو برهان آخر على حضوره القوي بين أجيال متأخرة من طلاب الذين لم يقابلوه يوما، بل منهم من هم طلاب طلابه في الواقع. العبرة في الأمر أن قيمة المؤسسة الجامعية ومكانتها العلمية تتحدد بقيمة أساتذتها. فالاستثمارات الضخمة والمباني العملاقة والمرافق والمختبرات المعدَّة بأحدث الأجهزة والإنفاق الحكومي كلها عوامل مادية تغدو بلا معنى يُذكر لبناء جامعة مرموقة إذا لم تستقطب الجامعة الأساتذة الرائعين، ضامنةً لهم حرية الرأي والفكر، وهم الذين سينجبون بدورهم تلامذة رائعين أوفياء لمعلميهم ومدافعين عنهم بوجه السلطة الجامعية إن استدعى الأمر. فالمدافعون الحقيقيون عن إدوَارد سعيد في الجامعة لم يكونوا سوى طلابه الذين يتسابقون على مقاعد محاضراته. وهو بالفعل النموذج الحقيقي للحياة الجامعية التي يفتقدها الطلاب في جامعاتنا العربية، حيث أساتذتهم ليسوا أكثر من «موظفين» حالهم كحال سائر الموظفين في الدوائر الحكومية البيروقراطية، وهذا بحد ذاته تفسير كاف لتخلُّف الجامعات العربية عن التفاعل السياسي في لحظة تاريخية حاسمة كهذه، بينما تنتفض أهم قلاع الأكاديميا الغربية ضد الإبادة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

سعيد بن مكتوم يتوج الفائزين في «بادل ند الشبا»

 

دبي (الاتحاد)
تَوَّج الشيخ سعيد بن مكتوم بن جمعة آل مكتوم، رئيس اتحاد البادل، الفائزين في منافسات بطولة الاتحاد الدولي للبادل للفئة الذهبية التي أقيمت ضمن فعاليات النسخة الثانية عشرة من «دورة ند الشبا الرياضية»، التي أطلقها ويرعاها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، وتُقام سنوياً، خلال شهر رمضان، في مجمّع ند الشبا الرياضي، بتوجيهات سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي الرياضي، تحت شعار «قدرات لا حدود لها».
حضر مراسم التتويج علي سجواني، العضو المنتدب، المدير العام للعمليات في شركة داماك العقارية الشريك الماسي للدورة، وحسن المزروعي، مدير الدورة، وفاز الثنائي السويدي سايمون فاسكويز، وآدم أكسيلسن بالمركز الأول في الرجال، بعد تغلبهما على الثنائي الفرنسي ماكسيم جوريس، والإسباني جوليم فيجورلا سانتياغو، بمجموعتين دون رد، بنتيجة 7-5 و6-4، كما فاز الثنائي الإسباني باربرا لاس هيراس، وإستير كارنيسيرو ماتين بالمركز الأول في السيدات، بعد تغلبهما على الثنائي الإسباني لورا لوجان رودريجيز، ومارتا أريلانو نافارو، بمجموعتين دون مقابل بنتيجة 7-6 و6-3.
وتنطلق الأربعاء منافسات بطولة الجوجيتسو التي تقام في الصالة الرئيسة بمجمع ند الشبا الرياضي، وتتضمن 5 فئات هي: الرجال 18 سنة فما فوق لحزامي الأزرق والبنفسجي، للأوزان تحت 62 و72 و85 و100 كجم، وحزامي البني والأسود للأوزان تحت 62 و72 و85 و100 كجم، وفئة الأساتذة 30 سنة، فما فوق لحزامي الأزرق والبنفسجي، لأوزان تحت 62 و72 و85 و100 كجم، وحزامي البني والأسود، لأوزان تحت 62 و72 و85 و100 كجم، وفئة السيدات وفئة السيدات 18 سنة فما فوق لحزامي الأزرق والبنفسجي، لأوزان تحت 55 و62 و72 و85 كجم، وحزامي البني والأسود لأوزان 55 و62 و72 و85 كجم، وفئة الناشئين 16-17 سنة لحزامي الأزرق والبنفسجي لأوزان تحت 52 و62 و73 و85 كجم، وفئة الناشئات 16 – 17 سنة، لحزامي الأزرق والبنفسجي، لأوزان تحت 44 و52 و63 و75 كجم.
وتنظم المسابقات بالقرعة بنظام خروج المغلوب، كما هو معتمد في بطولات اتحاد الجوجيتسو، وتقام منافسات الناشئين الثلاثاء، على أن تقام منافسات البالغين الخميس.
وتضم الدورة برنامجاً رياضياً شاملاً، حيث تنطلق بطولة تحدي الموانع الخميس، وتستمر حتى 10 مارس، ويقام سباق الجري السبت المقبل، وتقام بطولة الريشة الطائرة يومي السبت والأحد، وتنطلق بطولة كرة السلة بالكراسي المتحركة يوم 9 مارس، وتستمر حتى 19 مارس، وتقام بطولة الرماية مع الجري (ليزررن) يومي 10 و11 مارس، وتنطلق بطولة شد الحبل يوم 11 مارس، وتستمر حتى 18 مارس، ويقام سباق الدراجات الهوائية يومي 15 و16 مارس، وتنطلق منافسات بطولة الكرة الطائرة يوم 12 مارس، وتستمر حتى 20 مارس.

أخبار ذات صلة 7 دول تخوض «البادل» في «ند الشبا» «اللؤلؤية» تدشن نسختها الـ11 بـ «استعراضية كروية»

مقالات مشابهة

  • جامعة كولومبيا تحت المجهر بسبب اتهامات بـمعاداة السامية
  • بسبب اتهامات بمعادة السامية.. أمريكا تراجع عقود ومنح جامعة كولومبيا
  • رئيس مؤسسة النفط: عودة كبرى الشركات للاستكشاف ستعزز مكانة ليبيا بين الدول النفطية
  • كولومبيا تعلن اعتقال بارون مخدرات مغربي العقل المدبر لكارتيلات أمريكا اللاتينية (فيديو)
  • الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية تقدّم الدعم الفني والاستشاري للإيسيسكو
  • سعيد بن مكتوم يتوج الفائزين في «بادل ند الشبا»
  • أمير الكويت يعزي حميد النعيمي بوفاة سعيد بن راشد النعيمي
  • رئيس الدولي للخماسي الحديث: مصر من أفضل الدول التي تنظم البطولات واللعبة أصبحت أكثر متعة وإثارة بالنظام الجديد
  • أربعينية تخليد ذكرى رمز الاستنارة د. الباقر العفيف مختار
  • تدشين كيان صحافيون من أجل الكرامة