لجريدة عمان:
2024-09-14@20:24:38 GMT

حول إنشاء «منتدى عمان الدولي لبحوث السلام»

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

حول إنشاء «منتدى عمان الدولي لبحوث السلام»

تتسارع حالة الاستقطاب والاضطراب والتجاذب في المنطقة على نحو مقلق سواء في دول الإقليم أو على مستوى المصالح الغربية والأمريكية والصينية والإيرانية، وأخذت بعدا أخطر بعد الحرب المستعرة في غزة. في مقابل ذلك، يبدو الحديث عن السلام وكأنه حلم ساذج أو محض وهم، وسط قعقعة السلاح وفجور مجرمي الحرب وتجار الموت في تل أبيب وغيرها، وحالة التيه العالمي (إن صح التعبير) التي ضربت منظومات القيم والأخلاق والإنسانية في مشهد يعكس حالة فقد البوصلة الأخلاقية والدينية والإنسانية سواء فيما يحدث ضد الغزاويين أو في دول عربية وأجنبية أخرى لا تلقى الاهتمام الإعلامي الراهن أو حتى في الدول الكبرى نفسها التي انكشف زيف قيمها وازدواجية معاييرها وعودتها للاستبداد بكل وجوهه القبيحة واللاإنسانية، حينما يتعلق الأمر بالخضوع المذل لهيمنة اللوبي الصهيوني.

 في ظل هذه الحالة من السعار الدموي في المنطقة ما الذي يمكن أن يقدمه إنشاء «منتدى عمان الدولي لبحوث السلام»؟. أعتقد أننا في عمان نحتاج أن نبحث بجدية إنشاء مثل هذا المنتدى لأسباب وجيهة من شأنها أن تشكل انعطافة تاريخية في جهود عمان الدؤوبة في السعي لإحلال السلام في المنطقة والدفع بثقافة الحوار وتجنب التصعيد العسكري لحل الأزمات التي يبدو أنها قدر هذا الجزء المنكوب من العالم بثرواته ونفطه وصراعات سردياته التاريخية بكل نسخها المتناحرة لامتلاك «الحقيقة» وطموحات اللاعبين الجدد في معاركهم الصغيرة والكبيرة.  

إننا في عمان وبوجود مثل هذا المنتدى، نؤسس لثقافة جديدة تنقل الجهد الدبلوماسي والسياسي العماني لمستوى جديد يضيف أبعادا حضارية وعلمية للقوة الناعمة في عمان القرن الواحد والعشرين، وينطلق من الفلسفة السياسة العمانية الراسخة لتبني نهج السلام والحوار البناء ويدفع نحو  تأسيس منبر لتداول قيم العقلانية والاتزان والحوار المتحضر والتخفيف من لهيب الحروب وويلاتها والتي تغرس راياتها في جبهات جديدة كل يوم، ويستمد مداد لغته من هذه المسيرة المباركة منذ عهد المغفور له السلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ ووصولا إلى العهد المتجدد بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه.

ولا يمكننا في هذا التطواف المختصر إلا أن نعرج على منعطفات تاريخية كبرى وقفت عمان إبانها منارة للسلام والحكمة وصوت العقل في معظم الخلافات العربية /العربية أو الاشتباكات العنيفة في حروب المنطقة باردها وساخنها وتقلباتها الخطيرة في سلاسل الحروب التي لم تتوقف، وسعي الحكومة العمانية المتواصل للتخفيف من حدة التوتر والاحتقان في المنطقة والمشاركة الفعالة في جهود الوساطة على مختلف خرائط الإقليم المضمخة بالدم والعداء والتربص. 

إن وجود مثل هذا المنتدى سيدشن بعدا مختلفا لتداول الأفكار واستضافة النخب وأهل الفكر والسياسة والاقتصاد والأمن في المنطقة وتحويله لمنبر حوار ناضج ومتزن ومستقل لتداول أسئلة السلام وتدارس السبل مع أصحاب القرار لبث إضاءات مشرقة من مسقط السلام إلى العالم حول المعتركات الجيوسياسية والملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية والعسكرية بصورة مستقلة وموضوعية وبحثية وغيرها مما يؤطر للسلام ودعاته، ومن الطبيعي جدا أن يعمل على نشر العديد من التقارير والتغطيات والبحوث والتحليلات في حقول السلام المختلفة إلى جانب المشاركة بهكذا منبر في جهود بناء الثقة في الإقليم واستحداث منصة حضارية عمانية بامتياز لا تتقاطر من أرديتها دماء الأبرياء وسعار سماسرة الحروب والموت.

سيتيح هذا المركز إن لقي استجابة من أهل القول والفعل أن يتحول إلى منبر إقليمي ودولي مهم وفاعل، يصطف بثبات وفخر وثقل مع توجهات الحكومة العمانية الرصينة نحو السلام واستقرار المنطقة وسيتكامل مع تلك المساحات العمانية المشرقة معرفيا وحضاريا وعلميا بكراسي السلطان الراحل قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، في العديد من جامعات العالم المرموقة مثل كرسي سلطان عُمان في العلاقات الدولية بجامعة هارفارد الأمريكية (1999) وكرسي صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد للدراسات العربية المعاصرة بجامعة كمبريدج بالمملكة المتحدة (2005) وكرسي السلطان قابوس للدراسات الشرق أوسطية بجامعـــة طوكيـــو باليابان (2010) وأستاذية السلطان قابوس للديانات الإبراهيمية والقيم المشتركة بجامعة كمبريدج بالمملكة المتحدة (2011م) وأستاذية السلطان قابوس لدراسات الشرق الأوسط بكلية وليام وماري بالولايات المتحدة الأمريكية (2011).

وبالنظر إلى تجربة مثل معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) فسنجد الكثير من الجوانب التي يمكن الاستفادة منها تنظيميا ومعرفيا، ولكن من الأهمية البالغة أن يخرج هذا المركز بفلسفة عمانية مستمدة من هذا الإرث العاطر في السلام ومن السلام ومن الحالة العمانية المتحضرة في تعاطيها مع قضايا العالم وصراعاته وتطوراته.

على ذات الصعيد فإن وجود مؤسسة مثل «منتدى عمان الدولي لبحوث السلام» من شأنه أن يساهم بوضع عمان في مساحة دولية متحضرة على مستوى المجتمع الدولي ويضيف إلى دولة المؤسسات منارة جديدة تليق بعمان القرن الواحد والعشرين ويهيئ الكوادر العمانية من الباحثين والمختصين والكفاءات والنخب في الحقل الدبلوماسي والأكاديمي والأمني والاقتصادي والعسكري من المساهمة بأفكارهم وتصوراتهم لتأصيل وتعميق مشروع السلام وفلسفة السلام العمانية التي أصبحت مدرسة بحد ذاتها في الإقليم ونهجا يحترم، ومن الدول القلائل التي تلقى جهودها لتعزيز السلام والاستقرار قبولا لدى الأطراف المتنازعة وتقديرا واسعا على المستوى الإقليمي والعالمي وما أحوج المنطقة في راهنها المشتعل بالحروب والعنف إلى كل صوت يدعو إلى السلام والحكمة ولغة العقل والحوار يعيد للمنطقة بعض الاستقرار والهدوء.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السلطان قابوس فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

وزير الدولة لمجلس الوزراء الياباني يشيد بخبرات مركز القاهرة الدولي

استقبل السفير أحمد نهاد عبد اللطيف، مدير مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، شوزو كيودو ، وزير الدولة لمجلس الوزراء الياباني، وذلك بحضور أوكا هيروشي، سفير اليابان في القاهرة. 

وتأتي الزيارة بهدف بحث سبل تعزيز التعاون بين المركز والجانب الياباني وذلك في إطار العلاقات المتميزة بين مصر واليابان في مختلف المجالات، والتي تم الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية.

أعرب مدير المركز عن تقديره للشراكة الممتدة لليابان مع المركز ومع منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، والذي يضطلع المركز بمهام السكرتارية الخاصة به. 

وأضاف أن هذه الشراكة كان لها إسهاماً كبيراً في مسيرة عمل المركز المتميزة من أجل بناء قدرات كوادر الدول الإفريقية ومؤسساتها في مجاليَ حفظ وبناء السلام.

 وأوضح أنه في ظل المرحلة الراهنة التي يشهدها العالم بكل ما تموج به من تحديات غير مسبوقة تهدد منظومة السلم والأمن الدوليين، فإنه من الأهمية بمكان تعزيز دور الشراكات من أجل مواجهة تلك التحديات على غرار نموذج الشراكة الناجحة بين المركز واليابان.

وقد استعرض السفير/ عبد اللطيف مجالات عمل المركز والذي يأتي دوره امتداداً لريادة مصر في تسوية النزاعات وتحقيق السلام والاستقرار إقليمياً ودولياً، وهو ما يمثَّل أولوية لكل من مصر واليابان كدولتين محبتين للسلام.

 في ذات السياق، شدّد على حرص المركز على توسيع نطاق مشاركة المسئولين والخبراء اليابانيين في دوراته التدريبية وذلك لتعظيم الاستفادة من خبراتهم ذات الصلة.

وألقى مدير المركز الضوء على برامج عمله بما في ذلك حفظ السلام، بناء السلام، الوقاية من التطرف والتشدد المؤدي إلى الإرهاب، والمرأة والسلم والأمن.

 كما تناول بعض مهامه الدولية التي بات يضطلع بها تقديراً لإسهاماته وخبراته بما في ذلك رئاسته المُشتركة لشبكة الاتحاد الأفريقي لمراكز الفكر العاملة في مجال السلام  NeTT4Peace وسكرتارية الرابطة الدولية لمراكز التدريب على حفظ السلام IAPTC.  

وقد أشار مدير مركز القاهرة الدولي إلى أن مجال حفظ السلام يظل مجال عمل المركز الرئيسي بما يتسق مع الدور المصري الريادي كونها من أكبر الدول المساهمة في هذا المجال.

كما أشار إلى قرار مجلس الأمن رقم 2719 حول تمويل عمليات دعم السلام الأفريقية من خلال ميزانية الأمم المتحدة المُقدرة وما يستتبع ذلك من تعاظم دور عمليات دعم السلام الأفريقية خلال الفترة المُقبلة، ودور المركز في بناء قدرات الكوادر الأفريقية التي ستشارك في هذه العمليات.

من جانبه، ثمن الوزير الياباني جهود مركز القاهرة في التدريب وبناء القدرات في القارة الإفريقية، وأكّد على حرص بلاده على توسيع آفاق التعاون معه، وذلك انطلاقاً من دعم البلدين للعمل متعدد الأطراف والأمن الجماعي وسعيهما لتحقيق السلم والأمن والتنمية في القارة الأفريقية والشرق الأوسط، ومبرزا في هذا الصدد المبادرات التي أطلقتها اليابان تجاه إفريقيا وخاصة مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية (التيكاد).

مقالات مشابهة

  • 6 تصريحات لعباس شومان في المؤتمر الدولي لخريجي الأزهر بإندونسيا
  • من هي الميليشيا التي وصفها الصدر بالوقحة وطردها من جناحه العسكري؟
  • بمناسبة مرور 100 عام على إنشاء مدرسة السلام المتطورة.. محافظ أسيوط يلتقي مجلس مدارس سنودس النيل الإنجيلي
  • وزير الدولة لمجلس الوزراء الياباني يشيد بخبرات مركز القاهرة الدولي
  • وزير التموين يلتقي رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لبحث سُبل التعاون المشترك
  • السعدي يبحث مع رئيس مجلس الأمن الدولي جهود تحقيق السلام في اليمن
  • وزير التموين: التوسع في صناعة الصوامع وزيادة سعتها التخزينية
  • أستاذ إعلام: مصر تدعم السلام والاستقرار في المنطقة بسياسات متوازنة
  • الجيش الإسرائيلي يعلن إنشاء وحدة جديدة في الجولان ويكشف مهامها
  • هوكشتاين سيصل إلى المنطقة.. ما هي الرسالة التي يحملها إلى إسرائيل؟