أظهرت أرقام جديدة مرتبطة بقطاع التأمين في لبنان أن هناك أكثر من 40 شركة تقدم خدمات تشمل تأمينات على الصحة، الممتلكات، الحياة وغيرها من الخدمات.   وتبين أن قيمة قطاع التأمين في لبنان قبل الأزمة المالية عام 2019 كانت تُقدر بـ1 مليار و200 مليون دولار، لكن هذا الرقم تراجع حالياً إلى نحو 900 مليار دولار، وذلك وفق ما كشفه تقريرٌ لشبكة "بلينكس" الإماراتية.

  وفي السياق، قال رئيس مصلحة هيئات الضمان نبيل سرور إن "سبب تراجع قطاع التأمين سببه انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين بسبب الأزمة المالية".   يلفتُ سرور إلى أنّ "أولويات المواطنين حالياً لم تعد مرتبطة بدفع تكاليف سنوية لشركات التأمين، بقدر ما هي مرتبطة بتسديد تكاليف الحياة اليومية، خاصة أن التضخم الاقتصادي كبير جدا بفعل الأزمة".

من ناحيته، يقول الخبير الاقتصادي، نسيب غبريل إن "الانكماش الاقتصادي ووقف التسليفات المصرفية هما من أبرز العوامل التي أثرت سلبا على قطاع التأمين"، موضحاً أنه "في المرحلة الأخيرة، بدأت شركات التأمين تتقاضى أموالها بالدولار النقدي حصراً".

ما هو واقع "التأمين على الحياة" في لبنان؟   بالنسبة للجنة مراقبة هيئات الضمان، يعتبر العمر وطبيعة العمل والوضع الصحي من الأساسيات التي يتم على أساسها تسعير عقود التأمين على الحياة.

وأظهر تقريرٌ اقتصادي صادر عن مجموعة "بنك بيبلوس" اللبنانية خلال شهر نيسان الماضي إن "التأمين على الحياة يأتي عبر أكثر من 25 شركة تأمين في السوق اللبنانية"، مشيراً إلى أنَّ "إجمالي أقساط التأمين على الحياة في عام 2023 بلغ 94.75 مليون دولار بعدما كان 249.8 مليون دولار في العام 2022، ما يمثل انخفاضا بنسبة 62.1%". بدوره، يقول الخبير الإحصائي في الشركة الدولية للمعلومات المعنية بالدراسات، محمد شمس الدين، إن أقساط التأمين على الحياة تمثل نسبة 10% من إجمالي أقساط التأمين.

ماذا عن أسعار بوالص التأمين على الحياة؟ هنا، يكشف يحيى طبولة، من لجنة مراقبة هيئات الضمان أنه "لا يمكن تحديد سعر تقريبي لهذه الخدمات، وذلك بسبب المعايير التي تحكم عملية التسعير والمرتبطة بعمر الشخص وعمله ووضعه الصحي وغيرها من الأمور".   طبولة لفت إلى أن "هناك منافسة بين الشركات على صعيد التسعير"، مشيراً إلى أنه "لا طلبات جديدة على صعيد التأمين على الحياة وهي متوقفة بشكل كامل".

من ناحيته، يقول غبريل إن أغلب الذين يحصلون على تأمين للحياة هم من الذين لديهم أموال نقدية موضوعة جانبا ولا يتم استثمارها، موضحاً أن "شركات التأمين تحفز هذه الفئة على ضخ الأموال في الاستثمارات لقاء حصولها على تأمين للحياة، وهناك شروط لذلك".

على صعيد التأمين على الممتلكات، فيقول طبولة إن الملكية، وتقدير الشركات والكشف الفني على الممتلكات، كلها تمثل المعايير الأساسية لتسعير عقود ضمان المنازل أو الممتلكات.

وبالنسبة للجهة التي تشرف على مسألة تسعير بوالص التأمين على الممتلكات، يوضح طبولة أنّ "لبنان من بين الدول التي تعتمد الاقتصاد الحر، وبالتالي فإن عملية التسعير ترتكز على المنافسة بين الشركات وبشكل طبيعي معايير الاكتتاب التي تحدد أسعار العقود". وذكر طبولة أيضاً أنه "لا يمكن تحديد سعر تقريبي للتأمين على الممتلكات، وذلك بسبب المعايير التي تحكم عملية التسعير المرتبطة بكل نوع من الممتلكات".

وعلى صعيد الأرقام، فإن "العدد الإجمالي للأشخاص الذين لديهم عقود تأمين على الممتلكات في لبنان يصل إلى 450 ألفا في العام 2024، فيما تبين أنه منذ العام 2019 ولغاية العام الحالي 2024، تراجع عدد عقود التأمين على الممتلكات بنسبة 30%.    كيف أثرت الحرب على التأمين وأسعاره في لبنان؟   يشرح طبولة تفاصيل الأمر فيقول إنّ "أغلب التأمينات تأثرت وارتفعت قيمتها بنسبة 30 إلى 50%"، وتابع: "نتيجة للحرب الدائرة في غزة والتوتر العسكري في جنوب لبنان، ارتفعت كلفة التأمينات برمتها نتيجة لارتفاع كلفة إعادة التأمين وعدم رغبة شركات معنية بهذا الأمر (إعادة التأمين)، بتقديم خدماتها في الشرق الأوسط".   كذلك، أوضح أن "بعض شركات إعادة التأمين بادر إلى إلغاء تغطية المخاطر السياسية في لبنان ومناطق التوتر القريبة"، وقال: "هناك شركات أوقفت ما يسمى بتأمينات "تغطيات الحرب"، بينما هناك شركات أخرى رفعت قيمتها إلى حد كبير نظرا للمخاطر الكبيرة".

وللتوضيح، بحسب طبولة، فإن شركات إعادة التأمين هي مؤسسات تقوم بشراء مخاطر من شركات التأمين العادية، علما أن الأخيرة تلجأ إلى شركات الإعادة لتوزيع وتخفيف المخاطر وتحسين إدارتها.

كذلك، يقول طبولة إنه "في بداية العام 2024، بدأت الكثير من الشركات العمل على خدمات جديدة تأخرت بسبب الحرب على غزة التي بدأت يوم 7 تشرين الأول الماضي، ومن المفترض أن تُبصر النور قريبا".

من ناحيته، يعلّق سرور، رئيس مصلحة شؤون هيئات الضمان، على التقديمات التي تطرحها بعض الشركات بشأن أضرار ناجمة عن حروب أو أحداث عسكرية، ويقول: "هناك بنود غير منطقية بشأن الضمانات المرتبطة بالحروب، خاصة أن تكاليف التعويض ستكون كبيرة في حال حصول أي طارئ".   وذكر أن "النزاعات بين شركات التأمين وعملائها ستكون كثيرة جدا حينما يرتبط الأمر بقيمة التعويض عن أضرار الحرب"، وأردف: "في الأصل، فإن التأمينات المرتبطة بالنزاعات أو بالصراعات لم تثمر عن نتائج مرضية، خاصة أن تقييمات الحوادث وتكاليفها كبيرة جداً". 

الخبير الاقتصادي نسيب غبريل يشرح بدوره يقول إنّ "الحرب أصابت اقتصاد لبنان بصدمة كبيرة، والأمر ذاته طال شركات التأمين التي تعتبر جزءا من هذا الاقتصاد"، وأردف: "قد يكون هناك إقبال لحيازة بوليصة تأمين على الحياة أو الممتلكات، لكن هذا الأمر لا يعني أنه سيساهم في انتعاش القطاع التأميني، علما أن المواطنين قد لا يفكرون بذلك".   وتابع: "كان من المتوقع حصول نمو بنسبة 2% عام 2023 على صعيد اقتصاد لبنان بشكل عام، بالإضافة إلى انتعاشة إضافية على مستوى قطاع التأمين بشكل خاص، لكن الحرب خلطت الأوراق وجمدت كل شيء، والمنافسة الشرسة الآن قائمة بين شركات التأمين على فرعي الصحة والسيارات بشكل أساسي، وذلك من أجل ضمان استمراريتها". (بلينكس - blinx)

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: التأمین على الحیاة تأمین على الحیاة شرکات التأمین إعادة التأمین قطاع التأمین فی لبنان تأمین فی على صعید إلى أن

إقرأ أيضاً:

تقرير :مع اشتداد الحصار الإنساني .. سكان غزة يكافحون لإيجاد كسرة خبز

النصيرات (الاراضي الفلسطينية) "أ ف ب": في قطاع غزة المحاصر والمدمر جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من 18 شهرا، أصبح الطحين عملة نادرة تتشارك العائلات الكميات القليلة المتوافرة منه للاستمرار فيما الجوع يتربص بها.

تجلس فلسطينيات على الأرض ويخلطن بتأن كميات الطحين القليلة.

وتقول أم محمد عيسى، وهي متطوعة تساعد في صنع الخبز بما توافر من موارد "لأن المعابر مغلقة، لم يعد هناك غاز، ولا طحين، ولا حتى حطب يدخل إلى القطاع".

منذ الثاني من مارس، تمنع إسرائيل بشكل تام إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المنكوب، متهمةً حركة حماس بالاستيلاء على هذه الإمدادات التي كانت تصل أثناء الهدنة المبرمة في 19 من يناير.

وقد استأنفت إسرائيل في منتصف مارس عملياتها العسكرية في القطاع.

وتحذر الأمم المتحدة من أزمة إنسانية متفاقمة في القطاع جراء توقف المساعدات لسكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.

وتفتقر المنظمات الإنسانية العاملة في غزة إلى السلع الأساسية من غذاء ودواء.

وتقول أم محمد عيسى إن المتطوعين لجأوا إلى حرق قطع الكرتون لإعداد خبز الصاج.

وتؤكد "ستحل المجاعة. سنصل إلى مرحلة لا نستطيع فيها إطعام أطفالنا". وسبق لمنظمات إغاثة دولية أن حذرت من مجاعة وشيكة خلال الحرب المتواصلة منذ 18 شهرا.

"الخبز ثمين جدا"

حتى نهاية مارس، كان سكان القطاع يقفون في طوابير كل صباح أمام مخابز قليلة كانت لا تزال تعمل، على أمل الحصول على بعض الخبز.

لكن، بدأت الأفران الواحدة تلو الأخرى توقف عملها مع نفاد مكونات الخبز الأساسية من طحين وماء وملح وخميرة.

حتى المخابز الصناعية الكبيرة الأساسية لعمليات برنامج الأغذية العالمي، أغلقت أبوابها بسبب نقص الطحين والوقود اللازم لتشغيل المولدات.

وقالت منظمة "المطبخ المركزي العالمي" الخيرية الأربعاء إن الأزمة الإنسانية تتفاقم يوما بعد يوم. وكتبت عبر منصة اكس "الخبز ثمين جدا، وغالبًا ما يحل محل وجبات الطعام العادية حيث توقف الطهي".

ومخبز هذه المنظمة الخيرية هو الوحيد الذي لا يزال يعمل في قطاع غزة وينتج 87 ألف رغيف في اليوم.

يقول رب العائلة بكر ديب البالغ 35 عاماً من بيت لاهيا في شمال القطاع "بنيت فرناً من الطين لأخبز فيه الخبز وأبيعه". وعلى غرار معظم سكان القطاع نزح ديب بسبب الحرب، وهو الآن في مدينة غزة.

لكنه يقول "هناك نقص حاد في الطحين الآن" مضيفا "هذا فاقم أزمة الخبز أكثر".

"مليء بالديدان"

توقف بيع الطعام في بسطات على جوانب الطرق فيما الأسعار في ارتفاع مستمر يجعل غالبية السكان غير قادرين على شراء السلع.

ظنت فداء أبو عميرة أنها عقدت صفقة رابحة عندما اشترت كيسا كبيرا من الطحين في مقابل مئة دولار في مخيم الشاطئ للاجئين في شمال القطاع.

لكنها تقول بحسرة "ليتني لم أشتره. كان مليئاً بالعفن والديدان. وكان طعم الخبز مقززاً". قبل الحرب، كان الكيس نفسه، زنة 25 كيلوغراماً، يُباع بأقل من 11 دولارا.

تقول تسنيم أبو مطر من مدينة غزة "نحن نموت حرفياً من الجوع". وأضافت، وهي تبلغ من العمر 50 عاماً "نحسب ونقيس كل ما يأكله أطفالنا، ونقسم الخبز ليكفي لأيام" مؤكدة "يكفي! فقد وصلت القلوب الحناجر".

ويبحث أشخاص بين الأنقاض عما يسدّ جوعهم، بينما يسير آخرون مسافة كيلومترات إلى نقاط توزيع المساعدات أملاً في الحصول على القوت لعائلاتهم.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن أكثر من 250 مركز إيواء في غزة افتقر الشهر الماضي إلى الطعام الكافي أو لم يتوافر لديه أي طعام على الإطلاق.

وتتهم حماس التي أشعل هجومها غير المسبوق في 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل فتيل الحرب، الدولة العبرية باستخدام التجويع كسلاح في الحرب.

وقد طوّر سكان غزة قدرتهم على الصمود خلال هذه الحرب وعلى مر مواجهات سابقة مع إسرائيل، لكنهم يقولون في مقابلاتهم مع فرانس برس، إنهم غالبا ما يشعرون بأن هذه الطرق المبتكرة للتكيّف تعيدهم قرونا إلى الوراء.

مقالات مشابهة

  • شركات غذاء عالمية تحذر من ارتفاع الأسعار بسبب الحرب التجارية
  • ملعب جويّ فوق لبنان.. إقرأوا آخر تقرير إسرائيليّ
  • ماذا سيفعل نزع سلاح حزب الله؟ الإجابة في تقرير
  • كيف حُوصر حزب الله؟ تقريرٌ إسرائيليّ يتحدّث
  • تقرير: ليلة الآليات المحترقة .. حين تُقصف الأذرع التي تساعد غزة على النجاة
  • تقرير يكشف كارثة في غزة.. انتشار واسع للجوع واليأس مع نفاد الطعام والدواء
  • وثائقي جديد يكشف عن التهديدات التي تواجهها تايلور سويفت
  • واقع مرير خلَّفته الحرب في كهرباء السودان
  • تقرير :مع اشتداد الحصار الإنساني .. سكان غزة يكافحون لإيجاد كسرة خبز
  • عطش غزة.. كارثة مائية تُفاقم جراح الحرب وتُهدد الحياة