ورقة "الجبس بورد"!
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"الجامعة العربية: للإنصاف لها موقف كبير، يسع أكثر من مائة سيارة أمام المبنى" جلال عامر.
*******
يحكي لي أحد الأصدقاء قصة طريفة حدثت معه أثناء بناء منزله، مع أحد مسؤولي الشركات المختصة بالبناء وتجهيزات التشطيب، إذ يقول إنه أضطر للتعامل مع إحدى الشركات الكبيرة والتي تتمتع ببيروقراطية تعيسة، وكان خلال مراجعته للشركة للإفراج عن إحدى الطلبات، يمر بتوقيعات متعددة أقل ما يُقال عنها إنها دورة مستندية مُرهقة لا داعي لها، لكن يبدو واضحًا تأثير جهابذة البيروقراطية على إدارتها المتعبة !
وأثناء إحدى المراجعات لأحد مسؤولي الشركة حتى يتكرم حضرته بالتوقيع، حدث ما يلي: عندما طلب من السكرتير الدخول على المسرول قال له السكرتير ما الذي عندك؟ قال: عندي هذه الورقة تحتاج توقيع سيادة المدير المُبجل، فقال له خلاص أترك الورقة في البريد عندي ليتسنى عرضها على سيادته حتى يتكرَّم بتوقيعه الكريم (في الواقع لا توقيع ينفع ولا شيء من هذا القبيل، بل سيُوقع لعرضها على المخازن وهذا يأخذ وقت عشرة أيام على الأقل كما تجري العادة!)، ثم ألحَّ صديقي على السكرتير بأن يأذن له بالدخول لعل وعسى يرزقه الله بتوقيع يختصر ماتبقى من مراجعات، رأف السكرتير لحال صديقي وسمح له بالتشرف بمقابلة حضرة المدير، فلما دخل عليه كان المدير منشغلاً بمكالمة هاتفيه، فأشر إليه بيده للجلوس، وكان صديقي يناظر المكتب وجدرانه وأثاثه أثناء مكالمة الأخ الكريم، فطرأت عليه فكرة حضرت بسرعة، فلما انتهى حضرة المدير من المكالمة توجه بكلامه وبلا سلام على صديقي مخاطباً إياه: خير ماذا تأمر؟ قال سلامتك عندي مُعاملة تحتاج توقيع من حضرتكم، قال هات الورقة، وأثناء نظره للورقة، سأله صديقي: لو سمحت أحتاج أسألك عن الجبس بورد الموجود بجدران مكتبك بصراحة عجبني ولفت نظري يبدو أن ذوقك رفيع!
هنا وكأن صديقي ضغط الزر على مشاعر المدير الفياضة، فسعد المدير بكلام صديقي، ويبدو أنه نسي الورقة والتدقيق عليها، وبحماس أخذ يحدثه عن أهمية وجود الجبس بورد وفوائده وبأنَّه حتى في منزله استعان ببعض الجبس بورد، وتشكر من صديقي على إشادته، وسبحان اللطيف الخبير أصبح المدير وكأنَّه صديق حميم لصديقي، وطلب له القهوة والشاي، وأعتقد لو كانت عنده حلويات وسندويشات لطلب له أيضا! (ما سبق يُبيِّن أنَّ الأمور تجري بمزاج ولا تحدثني عن عمل مرتب وخطط ونظم وغيرها!).
أثناء متعة المدير بالإشادة، سأل صديقي: نسيت.. ما الذي تُريد؟ قال له صديقي فقط هذا التوقيع، قال له بسيطة يا رجل وسبحان الخالق الجبار، اختصر له بتوقيعه عدة أيام، وبسبب ماذا؟ الجبس بورد!
يا سلام على نباهة صديقي ويا سلام على جمال الجبس بورد وفوائده التي بالتأكيد لن يتمتع بها صديقي لأنه ببساطة لا توجد في خططه التجهيزية للمنزل الاستعانة بالجبس بورد، وإن أصبحت له ذكرى لا تنسى وبفضله بعد الله تسهلت أوراقه.
عمومًا.. المغزى مما سبق هو مُعاناة الناس مع تصعيب المعاملات؛ سواء في القطاع العام أم الخاص، الوقت تغير، والظروف التقنية تبدلت، أصبح الموظف الواحد بإمكانه عبر جهاز الكمبيوتر الشخصي أن يخلص أصعب المعاملات وأدقها بتوقيع واحد، أو حتى بالاستعانة بما يسمى التوقيع الإلكتروني، ولا داعي أبدا للمرور بين المكاتب لتوقيعات ما أنزل الله بها من سلطان، فقط تصعيب وتعطيل وإجهاد غير مقبول.
الحياة تتقدم، العلم يتطور، النَّاس تعدت مرحلة الحكومة الإلكترونية وتعايش تقنيات الحكومة الذكية، أصبح منظر المراجعين أمام أبواب المسؤولين غير لائق، و لولا الاحترام للمراجعين لقلت إنه منظر مضحك.
أيها القياديون ويا مسؤولين ارحموا من في الأرض يرحمكم من السماء، سهلوها على النَّاس، والمعاملة غير المكتملة للشروط واللوائح ستكتشفها تقنيات الحكومة الذكية ولن تُمرَّر، أي لا تخشون ذلك؛ بل قد تكون مراجعة المعاملات أدق من توقيعاتكم الكريمة عليها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ملتقى البحوث التربوية يستعرض أفضل استراتيجيات تحسين جودة التعليم
العُمانية: بحث ملتقى البحوث التربوية في نسخته الثانية الذي بدأت أعماله اليوم بمسقط إلى عرض أفضل استراتيجيات التعليم والتعلم الفعَّالة، وتعزيز التنمية المهنية للمعلمين من خلال الأبحاث التربوية.
ويهدف الملتقى الذي أقيم برعاية معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم، إلى فتح آفاق معرفية جديدة أمام الباحث التربوي، من خلال تسليط الضوء على أحدث التطبيقات والابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي واستخداماتها في تحسين جودة التعليم، وتوظيف مهارات المستقبل في التعليم.
ويسعى الملتقى بمشاركة منظمات دولية وباحثين من مختلف الجهات إلى تبادل الخبرات وتطوير المعرفة التربوية وتعزيز مشاركة المنظمات الدولية والمؤسسات المحلية والجامعات الحكومية والخاصة، والاستفادة من البحوث الإجرائية التي ينتجها منتسبو المعهد التخصصي على مستوى البرامج التدريبية.
وقالت الدكتورة انتصار بنت عبدالله أمبوسعيدية المديرة العامة للمعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين: إنَّ الملتقى يعكس التزام سلطنة عُمان بالاستثمار في البحث العلمي التربوي، كوسيلة لتطوير التعليم، وتحقيق أهداف رؤية "عمان 2040". إيمانًا بالتعليم كركيزة أساسية التي تقود التنمية، والبحث العلمي هو الوقود والمحرك نحو الابتكار والتقدم.
وأضافت أن المعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين يولي البحث الإجرائي اهتمامًا كبيرًا باعتباره عنصرًا أساسيًّا في جميع برامجه الاستراتيجية، وأداةً فعالة تُتيحُ للمعلمين والممارسين التربويينَ فهماً أعمق للتحديات اليومية في البيئة التعليميةِ، مبيّنة أن البحث الإجرائي يُمكِّن المعلم من أنْ يكون باحثًا في فصله الدراسي ومدرسته، ودارسًا فاحصًا في الواقع التعليمي.
من جانبها قدمت الدكتورة ميليسا موثان من منظمة التعاون الاقتصادي OECD، والتنمية ورقة عمل بعنوان "المحادثات المستندة إلى الأدلة بين المعلمين: أبحاث منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول محادثات التعلم" تناول مصطلح "محادثات التعلم المهنية" وهو وصف شكل معين من المحادثة المبنية على الأدلة، وتم استخدامه في العديد من الدول والسياقات المدرسية المختلفة حول العالم.
وقدم الأستاذ الدكتور فينج تشون مياو رئيس وحدة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التعليم (منظمة اليونسكو) ورقة عمل بشأن استراتيجيات توظيف الذكاء الاصطناعي، من خلال التركيز على السياسيات المنظمة لتوظيفه في التعليم، والكفاءات التي يحتاجها المعلمون والطلبة في توظيف الذكاء الاصطناعي.
وتطرق الدكتور الهاشمي بن الحبيب عرضاوي مستشار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو" في ورقة العمل بعنوان "تعزيز مهنة التدريس ضمن رؤية تحويل التعليم بالدول العربية" بالحديث حول التغييرات الديموغرافية والمناخية والاجتماعية والاقتصادية والتحولات المعرفية والتكنولوجية الكبرى والأزمات الكثيرة الطارئة، والتي توجد كثيرا من التحديات والصعوبات، مشيرا إلى ضرورة إعادت التفكير في التعليم وتعمقه من حيث فلسفته وغاياته ضمن رؤية للمستقبل.
وتحدث الدكتور زيد محمد حسن أبو شمعة خبير في قطاع التربية بمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" في ورقة العمل بعنوان "التربية الإعلامية: استراتيجيةٌ معاصرة للتعليم والتعلم"، تطرق خلالها إلى تعزيز التربية الإعلامية كمنهج عمل تشاركي يقوم على تمكين، وتطوير مهارات المجتمعات والأفراد أثناء تفاعلهم مع المحيط الاتصالي من حولهم، وذلك عبر تكوين الجيل تواصليًّا بشكل منهجي وعلمي، ودمج هذه العملية في المناهج التعليمية بمراحلها المختلفة، بما يمكِّن الأفراد من امتلاك مهارة التعامل الواعي مع الإعلام ووسائل التواصل.
وقدم الدكتور مجدل بن عبدالله القحطاني أستاذ مساعد قسم الهندسة الصناعية بجامعة الملك سعود ورقة عمل عن "مستقبل التعليم مع الذكاء الاصطناعي التوليدي.. تطلعات وتحديات" استعرض فيها الإمكانات الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين جودة العملية التعليمية، وسلط الضوء على الدور المحوري لهذه التكنولوجيا في تخصيص التجارب التعليمية، وتطوير محتوى تعليمي تفاعلي يعتمد على تحليل أنماط التعلم الفردية بدقة غير مسبوقة.
ويأتي الملتقى بتنظيم من وزارة التربية والتعليم ممثلة بالمعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين، واللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم بمشاركة عدد من المنظمات دولية ومكتب التربية العربي لدول الخليج، وعدد من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة.
واشتمل الملتقى على تقديم عدد من الحلقات العمل بعنوان "توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي" وحلقة بعنوان "تنظيم وتحليل البيانات الدولية"، إضافة إلى حلقة العمل بعنوان "البحوث المزجية".