ميلانو (وام)
شكل افتتاح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المعهد الثقافي العربي في جامعة القلب المقدس الكاثوليكية بمدينة ميلانو الإيطالية تحولاً في تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين، حيث يعتبر المعهد مقدمة لإنشاء سلسلة معاهد للثقافة العربية في عواصم المعرفة والإبداع بهدف مد جسور التواصل والحوار، وتعزيز العلاقات الثقافية بين الحضارة العربية والغربية، وإظهار حجم مساهمة العرب في النتاج العلمي والإبداعي الإنساني.


كما سيعمل المعهد على توسيع مهرجان اللغة العربية، الذي ترعاه هيئة الشارقة للكتاب في ميلانو ليشمل أنشطة أكثر تنوعًا مثل قراءات الشعر وورش العمل اللغوية والمناقشات الجماعية، ويخصص جانباً من أنشطته لتنظيم معارض كتب سنوية وفعاليات أدبية وورش عمل وندوات تفاعلية بين الثقافة العربية والأوروبية.
نقطة التقاء 
وأكد أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، في تصريح لـ«وام»، أن افتتاح المعهد الثقافي العربي في جامعة القلب المقدس الكاثوليكية في مدينة ميلانو الإيطالية، الذي دشنه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهو الأول من نوعه على مستوى العالم، سيشكل نقطة التقاء بين الثقافتين العربية والغربية وبين الكتاب والمثقفين العرب، ويستهدف الأجيال الجديدة من الشباب الإيطاليين المحبين للغة العربية والباحثين والدارسين للثقافة العربية وأدباء المهجر، كما سيتيح الفرصة لتعلم فنون الخط العربي والثقافة العربية في إيطاليا وحضور اسم دولة الإمارات في كل مكان.
وقال الدكتور وائل فاروق، مدير المعهد الثقافي العربي أستاذ اللغة والأدب العربي في جامعة القلب المقدس الكاثوليكية في مدينة ميلانو الإيطالية، في تصريح مماثل، إن "المعهد هو ثمرة تعاون بين الجامعة وهيئة الشارقة للكتاب استمر أكثر من 7 أعوام من العمل المشترك استطعنا من خلاله تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية، وصولاً إلى تتويج هذا التعاون بافتتاح المعهد الثقافي العربي والذي سيمثل سفارة دائمة لهيئة الشارقة للكتاب في أوروبا".
وأوضح أن المعهد سينظم من ضمن أعماله ورش عمل وفصولاً دراسية ولقاء شهرياً، إلى جانب المهرجان الدولي الذي ينظم كل شهر مارس من كل عام، حيث استقطب المهرجان الماضي أكثر من 60 مثقفاً وأديباً وأكاديمياً من 19 دولة من دول العالم، لافتاً إلى أن الانضمام للمعهد سيتاح أمام كل محبي اللغة العربية والمهتمين بجمالياتها.
وأشار إلى أن أولى فعاليات المعهد هي ورشة عمل حول الخط العربي بمشاركة 30 شخصاً لتعليم فن الكتابة باللغة العربية، إلى جانب تنظيم ندوة لكتاب الأطفال حيث سيعرض عليهم الحكايات الشعبية العربية لتمثل مرجعية عند الكتابة للأطفال في إصداراتهم المقبلة، موضحاً أن الجامعة تشارك منذ أكثر من 7 أعوام في فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب وفي ندوات ثقافية أخرى كما تتمتع بعلاقات وتعاون مميز مع مجمع اللغة العربية بالشارقة.
فكر عربي مختلف 
من جانبه، قال الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث عضو مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، إن افتتاح المعهد الثقافي العربي في ميلانو يأتي برؤية وبفكر عربي مختلف عن غيره من المعاهد والمراكز العربية المنتشرة في أوروبا، وسيكون واحداً من شبكة المعاهد التي سيتم افتتاحها في دول عديدة في العالم تسعى لتحسين صورة الإنسان العربي أمام الغرب واستقطاب محبي اللغة العربية وثقافتها.
ولفت المسلم إلى أن معهد الشارقة للتراث يستقبل العديد من طلاب اللغة العربية الأجانب في ملتقى الشارقة الدولي للراوي لإعداد رواة أجانب، وسيستقبل الملتقى في دورته المقبلة طلاباً من روما ومدينة تورينو، كما ندعوهم أيضاً لحضور فعالية أيام الشارقة التراثية حيث يطلعون على لوحة بانورامية لتراث الشارقة وللتراث العالمي.

أخبار ذات صلة حاكم الشارقة يفتتح المعهد الثقافي العربي في ميلانو خورفكان.. «أزمة الخامس»

وقال الدكتور سلطان العميمي، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، إن افتتاح المعهد في مدينة ميلانو ذات الحضارة العريقة يمثل منارة جديدة من منارات نشر الثقافة العربية المتصلة على وجه الخصوص باللغة العربية، مضيفاً أن "ما لمسناه، خلال فعاليات الافتتاح، من المؤسسات التعليمية والدينية المتصلة بالبحث العلمي هو رغبة واضحة وكبيرة بأهمية التواصل مع اللغة العربية، ووجود المعهد هو إضافة إلى المراكز التنويرية للثقافة العربية حول العالم، وستظهر نتائج هذا المعهد بعد تخريج الدفعة الأولى من الدارسين، أو من خلال الأبحاث والدراسات المرتبطة باللغة العربية وآدابها".
وقال عيسى يوسف، مدير هيئة الشارقة للآثار، إن افتتاح المعرض صاحبه آخر مصغر ضم 83 قطعة أثرية تمثل الحقب الزمنية التي مرت بها إمارة الشارقة، بدءاً من العصر الحجري القديم والحديث والعصر البرونزي والحديدي وفترة مملكة مليحة والفترة الإسلامية والعصر الأموي والعباسي، إضافة إلى مجموعة من الفخاريات المكتشفة في منطقة الجبيل بالشارقة، وكذلك عرض أحدث التقنيات المستخدمة في مجال الآثار والتعريف بالتراث الثقافي لإمارة الشارقة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: المعهد الثقافي العربي في ميلانو اللغة العربية الشارقة المعهد الثقافی العربی فی الشارقة للکتاب اللغة العربیة فی میلانو

إقرأ أيضاً:

الهوية الوطنية والهوية العربية: جدلية التداخل ومسارات المشروع الثقافي الأردني

#سواليف

#الهوية_الوطنية و #الهوية_العربية: جدلية التداخل ومسارات #المشروع_الثقافي_الأردني
الشاعر #أحمد_طناش_شطناوي
رئيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين/ إربد
لطالما كانت الهوية الوطنية والهوية العربية في علاقة جدلية قائمة على التداخل والتكامل، فلا يمكن تصور هوية وطنية مغلقة دون امتدادها العربي، كما لا يمكن للهوية العربية أن تحقق حضورها دون انصهار مكوناتها الوطنية في مشروع ثقافي جامع، وفي السياق الأردني تتجلى هذه العلاقة بوضوح، حيث لم يكن الأردن يومًا منعزلًا عن قضايا الأمة، بل كان حاضرًا فكريًا وثقافيًا وسياسيًا في مشهدها، وخاصة في القضية الفلسطينية التي شكلت جزءًا من الوجدان الجمعي الأردني، وأسهمت في صياغة مسار الثقافة الوطنية.
وعليه، فإن أي سعي لبناء مشروع ثقافي وطني أردني لا يمكن أن يكون بمنأى عن الفضاء العربي، بل يجب أن يكون امتدادًا له في إطار الخصوصية المحلية، بحيث تتكامل الهوية الأردنية مع الهوية العربية في مشروع ثقافي يعيد الاعتبار للمشتركات الفكرية والتاريخية، ويواجه تحديات العصر بأدوات حديثة تضمن استمرارية الثقافة وتأثيرها في المجال العام.

فقد شكّل الأردن عبر تاريخه نقطة تفاعل بين حضارات متعددة، ما جعله بيئة خصبة للإنتاج الفكري والتبادل الثقافي، فمنذ نشأة الإمارة لعب الأردن دورًا محوريًا في المشهد الثقافي العربي، سواء من خلال حراكه الأدبي، أو عبر مواقفه السياسية والثقافية التي كرّست التزامه بقضايا الأمة، وقد أسهمت مؤسساته الثقافية، مثل وزارة الثقافة ورابطة الكتاب الأردنيين، في دعم الفعل الثقافي، إلا أن هذا الدور لا يزال بحاجة إلى مشروع متكامل يواكب التحديات الراهنة.

وهنا يبرز السؤال المحوري: كيف يمكن تحويل هذه الهوية الثقافية إلى مشروع استراتيجي يحقق حضورًا وتأثيرًا في المشهد العربي؟
للإجابة عن هذا السؤال فإننا بحاجة إلى محاور أساسية للبدء في مشروع ثقافي متكامل، وذلك من خلال:
أولًا: تعزيز الإنتاج الثقافي المرتبط بالهوية الجامعة
إذ لا يمكن الحديث عن مشروع ثقافي دون توفير بيئة حاضنة للإبداع، تدعم الأدباء والمفكرين، وتربط الإنتاج الثقافي بالهوية الجامعة، بحيث لا يكون مجرد انعكاس لحالة محلية معزولة، بل رافدًا للمشروع الثقافي العربي ككل، وهنا لا بد من تطوير سياسات ثقافية تحفّز الإنتاج الأدبي والفني، وتضمن له الانتشار والتأثير في المجالين المحلي والعربي.

مقالات ذات صلة استئناف فعاليات رمضان ٢٠٢٥ في مركز اربد الثقافي 2025/03/15

ثانيًا: ربط الثقافة بالسياسات العامة لتعزيز الوحدة الوطنية
إن الثقافة ليست مجرد نشاط فكري أو فني، بل عنصر رئيس في تشكيل السياسات العامة، سواء من خلال تعزيز الانتماء الوطني، أو دعم الاستقرار الاجتماعي، أو المساهمة في الدبلوماسية الثقافية، لذا فإن بناء مشروع ثقافي وطني يتطلب رؤية حكومية تدرك دور الثقافة في التنمية، عبر دمجها في المناهج التعليمية، ودعم الصناعات الثقافية، وتوسيع دائرة التفاعل بين المثقف وصانع القرار.

ثالثًا: إعادة الاعتبار للموروث الثقافي المشترك بأساليب حديثة
إن الثقافة العربية ليست مجرد تراث جامد، بل مشروع متجدد يجب إعادة قراءته وتقديمه بأساليب حديثة، ويشمل ذلك الاهتمام بترجمة الأعمال الفكرية العربية إلى لغات أجنبية، وتطوير الدراما والسينما والمسرح لتعكس القيم الثقافية العربية، واستثمار التقنيات الحديثة في تقديم التراث بصيغة معاصرة تجعل منه عنصرًا جاذبًا للأجيال الجديدة.

رابعًا: استثمار الإعلام والتكنولوجيا في نشر الثقافة
لم يعد بالإمكان الحديث عن مشروع ثقافي ناجح دون استثمار الإعلام الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، إذ يمكن للأردن أن يكون مركزًا لإنتاج محتوى ثقافي عربي قادر على الوصول إلى شرائح أوسع، سواء عبر المنصات الرقمية، أو من خلال المبادرات الثقافية التفاعلية التي تربط الثقافة بجيل الشباب.

خامسًا: تعزيز الحوارات الثقافية العربية عبر منصات تفاعلية
إن المشروع الثقافي لا يمكن أن يكتمل دون خلق فضاءات للحوار بين المثقفين العرب، تتيح تبادل الأفكار والخبرات، وتساعد في بلورة رؤية ثقافية جامعة، وهنا يمكن للأردن أن يلعب دورًا رياديًا في إطلاق مبادرات ثقافية عربية مشتركة، وإنشاء منتديات ومنصات حوارية تجمع المفكرين والمثقفين في نقاشات معمقة حول قضايا الهوية والتحديث والتحديات الثقافية.

وعلى الرغم من أهمية المشروع الثقافي، إلا أنه يواجه تحديات كبرى تتطلب معالجتها، ومن أبرزها:
ضعف التمويل الثقافي: حيث تعاني المؤسسات الثقافية من نقص الدعم المالي، مما يؤثر على قدرتها في تنفيذ مشاريعها.
تهميش الثقافة لصالح الأولويات السياسية والاقتصادية: حيث لا تزال الثقافة في العديد من الدول العربية تُعامل كعنصر ثانوي في التخطيط الاستراتيجي.
تراجع القراءة والتفاعل مع الإنتاج الثقافي: بسبب انتشار الوسائط الرقمية والترفيه السريع الذي يزاحم المحتوى الثقافي العميق.
التحديات السياسية: حيث تواجه الثقافة العربية ضغوطًا سياسية تحدّ من حرية التعبير وتعيق المبادرات الثقافية المستقلة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن بناء مشروع ثقافي وطني أردني قادر على تحقيق تأثير في المشهد العربي يتطلب إجراءات ملموسة، تتلخص في بعض المقترحات العملية التي يمكن لها ان تتجاوز هذه التحديات إلى حد بعيد:

إنشاء مركز أبحاث ثقافي أردني بالتعاون من الجامعات، يعنى بدراسة التحولات الثقافية العربية، ويقدم توصيات لصانعي القرار حول سياسات الثقافة ودورها في التنمية الوطنية والإقليمية. إطلاق منصات رقمية تفاعلية تهدف إلى تعزيز التفاعل بين المثقفين والجمهور، وتقديم محتوى ثقافي معاصر قادر على جذب الأجيال الجديد، من خلال استثمار المؤثرين وتأهيلهم ليكونوا رافدا أساسيا للمشروع الوطني. إعادة هيكلة الدعم الثقافي من خلال تخصيص ميزانيات أكبر للقطاع الثقافي، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الصناعات الثقافية. دعم مشاريع الترجمة والتبادل الثقافي بين الدول العربية، مما يسهم في تعزيز التواصل الثقافي وتبادل الخبرات بين المثقفين العرب. تنظيم مهرجانات ومنتديات ثقافية عربية في الأردن تستقطب المفكرين والكتاب من مختلف الدول العربية، لتعزيز الحوار الثقافي وتقديم الأردن كنموذج لدمج الهوية الوطنية بالهوية العربية في مشروع ثقافي متكامل.
إن الأردن بحكم موقعه الجغرافي وتاريخه الثقافي، مؤهل ليكون نموذجًا لاندماج الهوية الوطنية في الإطار العربي، بحيث يتحول مشروعه الثقافي من مجرد استجابة للمتغيرات إلى رؤية استباقية تصنع المستقبل، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، وصانعي القرار، والمثقفين، والجمهور، في إطار استراتيجية واضحة تستثمر في الثقافة كقوة ناعمة قادرة على إحداث تغيير حقيقي في المجتمع.

مقالات مشابهة

  • الهوية الوطنية والهوية العربية: جدلية التداخل ومسارات المشروع الثقافي الأردني
  • “الشؤون الإسلامية” تقيم مأدبة إفطار في كلية اللغة العربية للبنات بسريلانكا
  • الشؤون الإسلامية” تقيم مأدبة إفطار في كلية اللغة العربية للبنات بسريلانكا
  • افتتاح مسجد سبل الإحسان بالشارقة
  • افتتاح مسجد سبل الإحسان في الشارقة
  • الصين والدول العربية.. ازدهار التبادلات الثقافية وتعزيز العلاقات الاستراتيجية | تفاصيل
  • افتتاح ليالي رمضان الثقافية بقصر ثقافة القناطر
  • هذا موعد عيد الفطر فلكيا بالدول العربية
  • الاحتفاء بأربعة كُتّاب مصريين في ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي
  • «طنطا للموسيقى العربية» تفتتح ليالي رمضان الثقافية والفنية بالمركز الثقافي