موقع النيلين:
2024-09-14@20:04:00 GMT

أول حرب تعم السودان كله

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

إتفاق سلام تقليدي لن يوقف هذه الحرب، هذه الحرب فريدة من نوعها، فهي أول حرب تعم السودان كله، ويمارس فيها الطرف المتمرد جل حربه على الشعب بشتى الفظائع، قتلا ونهبا واغتصابا، لم تكن هناك حرب مشابهة او عدو مماثل من قبل (فيما عدا حرب دارفور محدودة النطاق والمجرم واحد)..

كل تمرد على الدولة سابقاً كان تمرداً فيه الحد الأدنى من الإلتزام بقوانين الحرب وشرف القتال.

. نذكر كيف كان جون قرنق محبوباً عند كثير من الشماليين رغم قيادته لحرب استمرت أكثر من عقدين من الزمان وخلفت من الضحايا ما خلفت، وكيف دخلت قوات خليل ابراهيم الخرطوم ولم تمس مدنياً بسوء ولا يذكرها مدني بِشر، يمكن لاتفاق أن يحقق السلام العسكري، لكن السلام الاجتماعي لا أظن انه سوف يتحقق، سيذر اي اتفاق تقليدي الرماد على جمر يومض من ثارات ومظالم قابل للاشتعال في أي وقت.

الآن أفكر، كيف يمكن لاتفاق أن يطبع علاقتك مع محتل منزلك وناهب شقى عمرك وقاتل الضعفاء من أهلك ومغتصب نسائك، هل يمكن أن تتحمل رؤية حميدتي او شقيقه في التلفاز مرة أخرى يخاطبك بوصفه مسؤولاً، او أن ترى قواته في الشوارع تتجول معك آمنة مستأمنة بعد ما اقترفته، او حتى ترى حواضنه الاجتماعية التي خانت جيرانها تعيش معك مجددا في نفس الحي، هل ستترك بابك مفتوحاً لها كما كان..

الاتفاق الذي يمكن أن يوقف هذا الصراع يحتاج إلى رؤية جديدة تناسب هذه الحرب الفريدة، لا أظن ان هذا الإتفاق يوجد في تصور أحد او سبقت كتابته في يوم من الأيام، إلى حين وجود ذلك الاتفاق الفريد فهذه حرب لا ينفع معها (حصل خير) بل دواؤها هو (العين بالعين والسن بالسن)..

Osman Abdelhalem

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

تاريخ السودان في مزادات البيع

 

تاريخ السودان في مزادات البيع

فيصل محمد صالح

تناقلت الأخبار في الأسبوع الماضي معلومات مزعجة عن سرقة ونهب آثار السودان من متحف السودان القومي، وعرضها للبيع في بعض دول الجوار وفي مواقع المزادات الافتراضية.

أثار الخبر انزعاجاً كبيراً بين علماء وخبراء تاريخ وحضارات السودان القديمة، والمهتمين بالشأن العام من كل الاتجاهات، فالأمر هنا ليس جدالاً سياسياً قد تختلف فيه الآراء والمواقف، لكنه إرث وحضارة بلد عريق قد تتعرض للضياع في هوجة الحرب التي تضيع فيها كل يوم أرواح السودانيين ومواردهم.

توالت الاتصالات والمتابعات مع المهتمين وخبراء وعلماء الآثار والتاريخ ومسؤولين سابقين وحاليين في هذا المجال لاستجلاء الأمر، وبحث ما يمكن عمله لحماية آثار السودان وسبل استعادة ما يمكن أن يكون قد تم سرقته وبيعه.

أجمع معظم المتخصصين والخبراء الذين بحثوا ودققوا في الصور التي رافقت الخبر في عدد من الأجهزة الإعلامية والمواقع الإخبارية، وقيل إنها لآثار معروضة للبيع في بعض المواقع، على أنها ليست من مقتنيات متحف السودان القومي، وربما لا تكون من الآثار السودانية المحفوظة في أي مكان.

لكن بالطبع فإن نفي أن تكون الصور محل التعليق صحيحة لا ينفي إمكانية حدوث عملية السلب والنهب، فمتحف السودان يقع في إحدى مناطق الحرب التي اشتعلت منذ اليوم الأول، وهي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، ولهذه القوات سجل كبير في عمليات السلب والنهب والتدمير للممتلكات الخاصة والعامة، ومن ثم فإن احتمالية وقوع الحدث كبيرة، وإن كانت تحتاج لمزيد من التدقيق والبحث حتى لا يقع الناس أسرى الحرب الإعلامية والمعنوية بين الطرفين المتقاتلين.

قالت الأخبار مثلا إن هناك صوراً بالأقمار الاصطناعية لشاحنات محملة بهذه الآثار متجهة لبعض دول الجوار، ومنها دولة جنوب السودان، وهو ما قالته مسؤولة هيئة المتاحف والآثار الحالية. لكن لم تقدم أي من الأجهزة الإعلامية الداخلية والخارجية أي صور تثبت حدوث الأمر، كما أن الخبراء الذين تواصلوا مع هيئة اليونيسكو لم يجدوا منها تأكيداً على ذلك.

واستعاد الناس صوراً ومقاطع فيديو سابقة نشرت في العام الماضي لجنود من الدعم السريع وهم يبحثون في مخازن المتحف القومي ويقلبون الآثار والمومياوات الموجودة بعدم معرفة واهتمام بقيمتها.

متحف السودان القومي بدأ بوصفه جزءاً من مباني جامعة الخرطوم، ثم انتقل لمكانه الحالي عام 1971، بعد أن استمر العمل فيه لسنوات طويلة وتم نقل بعض آثار منطقة الشمال النوبي التي غرقت بعد قيام السد العالي. ويضم المتحف مقتنيات لا تقدر بثمن من آثار العصور القديمة والممالك السودانية النوبية القديمة، كرمة ومروي، ثم ممالك العصر المسيحي نبتة وعلوة والمقرة وصولاً للمالك الإسلامية. وتمت إعادة بناء المعابد التي نقلت من منطقة بحيرة السد العالي، بجانب وجود عدد من التماثيل التي تجسد مراحل تاريخ السودان القديم، ومنها تمثال الملك السوداني العظيم تهراقا.

سواء أوقعت حادثة سرقة ونهب مقتنيات المتحف القومي أم لم تحدث بالطريقة التي تم عرضها في إطار الصراع السياسي، فإن المهتمين بتاريخ السودان يجب ألا ينتظروا أكثر من ذلك، ويجب عليهم القيام بخطوات استباقية يستندون فيها لقوانين وقرارات دولية سابقة يمكن الرجوع إليها واعتمادها مرجعيةً لقفل الطريق أمام تسويق وبيع أي آثار ومقتنيات سودانية. من هذه المراجع اتفاقية اليونيسكو لعام 1970 لمنع الاتجار غير المشروع في الآثار والمقتنيات المسروقة التي وقعت عليها أكثر من 140 دولة، والآليات والقرارات الملحقة بها مثل القائمة الحمراء للممتلكات الثقافية المعرّضة للخطر الصادرة عن المجلس الدولي للمتاحف، وقاعدة بيانات الإنتربول للأعمال الفنية المسروقة. وهناك كذلك سابقة دولية مهمة متعلقة بالعراق وسوريا، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2199 لعام 2015 بمنع الاتجار في آثار هذين البلدين اللذين تعرضا لنهب وسرقة المتاحف بعد احتلال العراق واندلاع الحرب الأهلية في سوريا. وقد تجاوبت دول كثيرة مع القرار وأوقفت عمليات بيع كبيرة وصادرت المقتنيات وأعادتها للدول المعنية. ويمكن مخاطبة اليونيسكو والمجتمع الدولي لاتخاذ قرارات مماثلة، وهذا عمل وطني لا يستوجب أن يكون للشخص موقع أو وظيفة معينة.

ربما يكون حاضر السودان، حتى قبل الحرب، لا يسرّ، بلد تحاصره الأزمات والتقلبات السياسية والنزاعات المسلحة والاشتباكات القبلية، مع وضع اقتصادي منهار، هذا ما أورثناه للأجيال الجديدة، لكن كان العزاء أننا سنحافظ على ماضٍ عظيم يكون مرجعاً لهم، ونافذة أمل في أن ما كان من حضارات عظيمة قبل آلاف السنين في هذا البلد يمكن أن يعود، فإن فقدنا حتى هذا الأمل فماذا بقي لنا؟

 

الوسومآثار السودان فيصل محمد صالح

مقالات مشابهة

  • تاريخ السودان في مزادات البيع
  • أمين عام الناتو: يمكن إجراء حوار مع روسيا في مرحلة معينة لإنهاء الحرب
  • بابكر حمدين حاكم إقليم دارفور المكلف: لا يمكن للمليشيا الاستيلاء علي حكم البلاد بفوهة البندقية وجلب المرتزقة وتحشيد القبائل
  • الحربُ في السودان تتسبّب في نهب المتاحف والآثار
  • مفاوضات السلام في نيروبي: دعوات للتوصل إلى اتفاق سلام جديد أو تمديد الاتفاق في جنوب السودان
  • الفئات الأكثر تضررا من الحرب في السودان
  • من أكبر مخططات العدو من الحرب فصل دارفور عن السودان
  • حملة وقف الحرب تطلق «صرخة المجاعة في السودان»
  • طريقة تحضير طاجن الدجاج بالزيتون والليمون| طبق مغربي تقليدي بنكهة مميزة
  • هل يمكن منع مذكرات الاعتقال الدولية بحق نتنياهو وغالانت؟