عن عبدالعزيز بن محمد الرواس وزير الاعلام العمانى الراحل اكتب.
اشهر وزراء الاعلام العرب تقديرا وحبا فى مصر وشعبها، الصديق المقرب والمحبب من معظم الصحفيين والاعلاميين المصريين والعرب، مؤسس المنظومة الاعلامية العمانية على مدى 40عاما، معبرا خير تعبير عن ما كان يجول بخاطر بانى عمان الحديثة السلطان الراحل قابوس بن سعيد طيب الله ثراه .
اكتب عنه عن فترة تواجدى بالسلطنة قرابة خمس سنوات ونصف(1982- 1987م)، ومتابعا لمسيرة الاعالم العمانى المنضبط المحايد المحافظ على حسن الجوار مع الاصدقاء، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للغير، اعلاما فرض احتراما ووقارا على الكل.
لم تنقطع صلتى الاعلامية بالسلطنة لليوم، اصدقائي الاعلاميين والاكاديميين والدبلوماسيين والمواطنين فى تزايد، وبعد مغادرتي العمل بالسلطنة عام 1987م، تلقيت 4 دعوات من وزارة الاعلام لحضور مناسبات وطنية بالسلطنة منها افتتاح مجلس عمان، والاحتفال باليوم الوطنى العمانى.
فترة الثمانينيات شهدت قطيعة عربية لمصر قادها الاحمق صدام حسين وسارت فى ركابة 5 دول اطلقت على نفسها دول الصمود والتصدى، بينما رفضت سلطنة عمان والسودان والصومال الاستجابة لقطيعة مصر بقطع العلاقات الدبلوماسية، ونقل منظمات العمل العربي وعلى رأسها خارج مصر، حيث وزعت الغنائم على تونس ودول الصمود وتصدى.
كانت لعمان وباصرار وتوجيه من حاكمها قابوس بن سعيد علي موقفها، لها رؤية خاصة اثبتت فيما بعد صحتها، وظلت هذه العلاقات قوية وراسخة ، ووجهت مصر كل قواها الناعمة للاستجابة لطلبات السلطنة من كافة التخصصات وخاصة الاعلام( الصحافة والاذاعة والتليفزيون) الذين اعطوا عن حب خبراتهم وجهدهم للمشاركة فى نهضة عمان ونمائها.
وكان الراحل عبد العزيز الرواس خير معبر عن آمال وطموحات ورؤى السلطان قابوس، واقام جسرا عمانيا ومصريا للاعلام ، وهو صاحب مقولة (ان العلاقات المصرية العمانية نموذج يحتذى به)، وشكل مع صديقيه (صفوت الشريف وزير الاعلام المصري آنذاك، ومع الرحل طارق عبدالرحمن المؤيد وزير الاعلام البحرينى ثلاثي اضواء الاعلام العربي.
كنت اتابع عن بعد وعن قرب الزيارات واللقاءات المصرية العمانية فى كافة المجالات وخاصة الاعلامية، وقد اقتربت من الرجل فى امرين اثبت خلالها دماثة خلقة وفهمه وتمكنه من متابعة الاعلام الدولى، وتقديره للجهود البحثية لتطوير وتحديث الاعلام العمانى.
فى احد اللقاءات حدثته عن انجازى لاول دراسة تؤرخ للصحافة العمانية فى السلطنة، وباب عن الصحافةالعمانية فى شرق افريقيا حيث استوطنها العمانيون من القرن السابع عشر الميلادى، فوجئ ودهش من الفكرة، وقال اراك غدا فى الوزارة.
صدق وعده وطلبنى مدير مكتبه فى ذلك الوقت دمث الخلق الهادئ (حمد الراشدى) الذي تولى بعده مهمة وزارة الاعلام، تناقشنا فى الدراسة وبعد ابدى تقديره طلبت منه ان تتولى الوزارة طباعتها، وارسل نسخة من الدراسة الى جامعة السلطان قابوس.. ولنا حلقة تاليه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رؤية اليوم
إقرأ أيضاً:
الدبلوماسية العمانية والمفاوضات النووية
كمراقب للشأن الوطني والإقليمي والدولي منذ عقود يمكن القول بأن الدبلوماسية العمانية ارتكزت على محددات أساسية منذ فجر نهضتها الحديثة التي قادها السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- يوم ٢٣ يوليو ١٩٧٠، حيث إن تحديد الأسس لأي سياسة خارجية ينتج عنه سلوك محدد واضح لا يتغير إلا في إطار الآليات التي تفرضها الأحداث ومع ذلك تبقى الثوابت راسخة وهو الأمر الذي أكد عليه السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في خطابه الأول عند تسلمه مقاليد الحكم في البلاد في الحادي عشر من يناير 2020. ومن هنا فإن ثبات مرتكزات السياسة الخارجية لسلطنة عمان على مدى ٥٥ عامًا أعطى للمجتمع الدولي ثقة كبيرة في نزاهة ومصداقية تلك السياسة التي تقوم على آليات الحوار والمصداقية وعدم التدخل في شؤون الآخرين ومناصرة القضايا العادلة.
وخلال أكثر من خمسة عقود كانت هناك اختبارات حقيقية للسياسة الخارجية العمانية على الصعيد العربي والإقليمي والدولي وكمراقبين وصحفيين لسياسة بلادنا الخارجية، ومن خلال عشرات الحوارات مع القيادات السياسية من القارات الخمس هناك إجماع بأن السياسة الخارجية لسلطنة عمان هي الأعلى مصداقية وثباتًا، وهناك شعور بالارتياح للأطراف والفرقاء عندما لا تكون الدبلوماسية العمانية حاضرة لمساعدة الآخرين.
هذه المقدمة ضرورية والعالم شرقه وغربه تابع انطلاق المفاوضات الأمريكية الإيرانية في الثاني عشر من أبريل، حيث انطلاق الجولة الأولى في عاصمة السلام مسقط وبعدها الجولة الثانية في العاصمة الإيطالية روما وتحديدًا في مقر السفارة العمانية، وكانت الجولة الثالثة المهمة في مسقط، حيث دخلت المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن مرحلة حاسمة من خلال الفرق الفنية والدخول مباشرة إلى قضايا أساسية في البرنامج النووي الإيراني علاوة على الموضوع الأساسي الذي يهم إيران وهو رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران وهي عقوبات قاسية منذ عقود، وكان لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد الإيراني.
إنَّ جهود سلطنة عمان من خلال الدبلوماسية والحوار وتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن ليست جديدة بل تعود إلى عام ٢٠٠٨ خلال وجود الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد وتطورت الجهود الدبلوماسية العمانية حتى انطلاق المفاوضات السرية في مسقط وبعد ذلك علنية في عدد من العواصم الدولية ومنها الجولة قبل الأخيرة في مسقط التي تبعها توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة القوى الدولية وهي الدول الخمس في مجلس الأمن الدولي وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا الاتحادية، والصين، وكانت جولة مسقط التي شهدنا أحداثها، حيث الحوار الأمريكي الإيراني وبقية الوفود ونجاح الدبلوماسية العمانية في خفض التصعيد وإنقاذ المنطقة من نشوب حرب كارثية، وعلى ضوء ذلك نشهد مجددًا عودة الجهود الدبلوماسية العمانية من خلال العودة إلى المفاوضات الأمريكية الإيرانية بهدف الوصول إلى اتفاق شامل وملزم بحيث يبقى الاتفاق ملزمًا لكلا الطرفين بغض النظر عن تغيير القيادات خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث انسحبت إدارة ترامب عام ٢٠١٨ من الاتفاق النووي الإيراني رغم التصديق عليه بقرار من مجلس الأمن الدولي ومن خلال تأييد المجتمع الدولي لإنهاء التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.
لقد تابع العالم انطلاق الجولة الأولى في مسقط وهو يترقب نتائج تلك الجولة الحاسمة لأن مسار أي مفاوضات يتحدد إيجابا أو سلبا من خلال الساعات الأولى لتلك المفاوضات وعند صدور البيانات الرسمية من مسقط وطهران وواشنطن جاء الارتياح الدولي من أن هناك فرصة تاريخية للاتفاق بين طهران وواشنطن وهو الأمر الذي دفع بالجولات الثانية والثالثة إلى تحقيق اختراق سياسي مهم.
كان للجهود الدبلوماسية لسلطنة عمان بقيادة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه - دور محوري في التوصل إلى النتائج الإيجابية من خلال الجهود المقدرة لمعالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، حيث تصدرت جهود سلطنة عمان نشرات الأخبار العالمية ووكالات الأنباء والصحافة العالمية والسبب يعود إلى خطورة الملف النووي الإيراني والتهديدات الخطيرة من قبل الرئيس الأمريكي ترامب والتحريض المتواصل من قبل نتنياهو وحكومته المتطرفة في الكيان الصهيوني، وعلى ضوء ذلك تنفس العالم الصعداء من خلال البيانات الرسمية العمانية والأمريكية والإيرانية التي تصدر بعد انتهاء كل جولة من جولات المفاوضات وكانت تلك البيانات تتحدث عن تقدم إيجابي ومسار المفاوضات يسير بشكل مشجع بحيث ينتهي إلى التوافق والتوقيع على الاتفاق النووي الإيراني وإخراج المنطقة من جو التوتر والتهديدات إلى مناخ أكثر هدوءًا، وأن الحوار والمفاوضات هي الآلية الصحيحة للوصول إلى حلول سياسية واقعية.
الملف النووي الإيراني من الملفات المعقدة والصعبة، كما أن الخلاف وعدم الثقة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية هو خلاف وعداء متواصل منذ قيام الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني عام ١٩٧٩ كما أن الكيان الصهيوني يصب الزيت على النار، ويسعى إلى إشعال حرب إقليمية كبرى قد تتدحرج إلى حرب عالمية تفتك بالملايين من البشر وتخلق حالة من العداء والكراهية بين الشرق والغرب.
إنَّ المفاوضات الأمريكية الإيرانية تسجل تقدمًا إيجابيًا ولعل ذلك يعود إلى عوامل موضوعية منها أن سلطنة عمان أوجدت المناخ المناسب عند عقد أي مفاوضات صعبة علاوة على أن الطرفين الإيراني والأمريكي لديهم ثقة كاملة بمصداقية وتوازن وموضوعية الموقف العماني، حيث تتحرك جهود الدبلوماسية العمانية بكل صدق ونزاهة لمساعدة الطرفين للوصول إلى حل لكل الخلافات والصراعات بينهما على مدى عقود.
إنَّ الدبلوماسية العمانية تسجل نجاحات متواصلة ليس للدعاية الإعلامية ولكن لإنقاذ المنطقة وشعوبها ومقدراتها وأيضا ترسيخ مبدأ السلام وإيجاد الحوار البناء، الذي يتم من خلاله حل الإشكالات والخلافات، خاصة وأن الخيار العسكري ومن خلال تجارب عديدة لن ينجح، وهناك نماذج عديدة في أفغانستان والعراق وفلسطين وحتى في اليمن وهذا يقودنا إلى أهمية استخدام القوة الناعمة في إيجاد الحلول السلمية، حيث إن القوة الصلبة لا تساعد في حل الخلافات كما هو الحال الآن بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويبدو لي أن هناك قناعات مشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بأن الوصول إلى اتفاق هو الأفضل وأن إيجاد قواسم مشتركة والتطلع إلى إقامة علاقات طبيعية هو في مصلحة البلدين والشعبين وأيضا في صالح المنطقة والعالم.