جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-15@07:34:27 GMT

من المسؤول عن العمالة السائبة؟

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

من المسؤول عن العمالة السائبة؟

 

 

سالم بن نجيم البادي

 

قُدِّرَ لي أن أكون حاضرًا لجلسات مُحاكمة عمال وافدين في إحدى المحاكم، وكانت كل الجلسات في ذلك اليوم مُخصصة للعمال الوافدين فيما يبدو، وكانت التهم الموجهة لهم تغيير محل إقامتهم من مُحافظة لأخرى، والعمل في مهن غير مُصرّح لهم بالعمل فيها.

شاهدت هؤلاء العمال وهُم في قفص الاتهام وأمام هيبة القاضي والمكان والحضور، وعلى وجوههم سيماء الذل والمسكنة والخجل والخوف والقلق، وقد نكّسوا رؤوسهم، وكانت الكلمات تخرج من أفواههم بصعوبة بالغة، وهم ينظرون إلى المترجم تارة وإلى القاضي تارة أخرى بعيون بائسة.

لم استطع إخفاء تعاطفي مع هؤلاء، ولقد تخيلت وأنا في موقف المُتفرِّج، البلاد التي جاؤوا منها طلبًا للرزق؛ إذ لا شك أن الحاجة والفقر والرغبة في تغيير حالهم وحال أسرهم إلى الأفضل، من بين أسباب مغادرة أوطانهم ومفارقة زوجاتهم وأطفالهم وأسرهم، فالغُربة مُوجعة، والسفر من أجل العمل عذاب، والبُعد عن الأحباب همٌّ وغمٌّ.

وهذا يقودنا إلى السؤال عن سبب هروب العامل الوافد من كفيله المواطن، وعن أسباب تنقُّله من مكان لآخر، والعمل في مهن مختلفة، مع معرفته أنَّ ذلك مخالف للقانون، وقد يُعرِّضه للسجن أو الإبعاد من البلد، وهو يعيش في خوف دائم وترقب، يخاف من الشرطة ومن فرق التفتيش ومن الكفيل ومن الوشاة! ومعروف عن الإنسان حاجته إلى الأمن والأمان والميل إلى الاستقرار، ومع ذلك يُجازف هؤلاء بالعمل بعيدًا عن الكفيل صاحب العمل.

هنا لا أحاول تبرير هروب هذا العامل ولا أرحب بوجود العمالة الوافدة السائبة، لكنني أطرح القضية من ناحية إنسانية بحتة للبحث عن الأسباب وإيجاد الحلول المناسبة لحلها. لقد كانت أعدادهم كبيرة والتهمة واحدة: تغيير مكان الإقامة والعمل في مهن غير مصرح لهم العمل بها، وهذا يدل على أن هناك مشكلة ما!

هل نلوم المواطن الذي جلب هذا العامل وهو لا ينوي تشغيله في المهنة التي أحضره لشغلها وكان هدفه فقط الحصول على مبلغ زهيد من المال مُقابِل الكفالة وعادة ما يكون 20 ريالًا في نهاية كل شهر، بعد أن يتركه سائبًا يبحث عن عمل.

ومع افتراض أن المواطن الكفيل أحضر هذا العامل ليشغل مهنة مُعينة، فهل هيّأ له الظروف المناسبة وبيئة العمل التي تليق بإنسانيته؟ وهل أعطاه الراتب المعقول؟ وهل حظي هذا العامل بمعاملة إنسانية لائقة؟ وهل حصل على سكن مناسب؟

علينا الاعتراف بأنَّ بعضنا ينظر إلى العامل الوافد نظرة دونية، وفيها تعالٍ وقلة احترام، لا نُريد دائمًا أن نُزكّي أنفسنا، ونضع كل اللوم على العامل الوافد، ولا أن نُزكّي كل العمال الذين يهربون من الكفيل، فمنهم من يتمرد ويتطلع إلى الكسب السريع والكثير، حتى وإن كان بطرق مُخالفة للقانون، ولو كان حاصلًا على حقوقه كاملة ويجد المعاملة الكريمة من صاحب العمل.

إننا نحتاج إلى وقفات صادقة وصريحة وشفافة وبعيدًا عن المثالية وتزكية النفس، حتى نعرف الأسباب الحقيقية التي تجعل العامل الوافد يسلك طريق الشتات الشائك، وهو يبحث عن لقمة العيش لتلك الأفواه الجائعة ربما والتي تركها في بلده.

إن أولئك العمال والذين رأيتهم في قفص الاتهام في تلك المحكمة وأمثالهم يستحقون مَنَّا البحث عن الأسباب العميقة التي أوصلتهم إلى ذلك الموقف الصعب.

هنا أتحدث عن الإنسان والإنسانية، ولا أتحدث عن القانون ولا أتدخل في أحكام القضاء، لقد ظلت تلك الوجوه البائسة التي رأيتها في المحكمة، تَظهر لي كُلما شاهدت عاملًا وافدًا، وكأنَّ كل الوجوه تُخفي الكثير من الحكايات والأمنيات وعذابات الغربة والأشواق والخوف من المجهول والتفكير في احتمالية العودة إلى بلدانهم صفر اليدين، بعدما كانت لديهم آمال عريضة ووعود مشرقة قطعهوها على أنفسهم لأفراد أسرهم.. إنها مشاعر الإنسان تجاه أخيه الإنسان، هي التي تجعلنا نتضامن مع الإنسان لأنه إنسان.. وكفى!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بمشاركة ممثلي العمال وأصحاب العمل.. التنسيقية تعقد جلسة حول "قانون العمل"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، جلسة نقاشية حول مشروع قانون العمل الجديد، عبر سبيس على منصة “أكس” بعنوان: " "قانون العمل المصري بين الحقوق والواجبات تحديات وفرص".

وجه عبدالمنعم الجمل رئيس اتحاد عمال مصر، الشكر للتنسيقية، على موقفها الجيد في المواد التي اعترض عليها اتحاد عمال مصر، مؤكدا أنهم دائماً يبحثون عن علاقات عمل متوازنة بها التزام واحترام للحقوق، مشيرا إلى أن هذا القانون على مدار ١٤ عاماً عمل عليه، تم التوافق عليه من خلال مناقشات وحوارات شارك فيها كل أصحاب المصلحة، معربا عن تمنياته أن ينفذ القانون فور صدوره بدون تعطيل.

وأضاف رئيس اتحاد عمال مصر: "تمت المناقشات بين جميع أصحاب المصلحة و الأعمال بكامل الشفافية، والكل يدفع في اتجاه واحد لتوفير بيئة جيدة للعامل و للمستثمر صاحب العمل، والمهم هو المراقبة والمتابعة لتهيئة مناخ صحي لتطبيق القانون".
وأشار إلى أن دور النقابات محوري في حفاظ حقوق العمال وضمان تطبيق القانون نشارك في وضع السياسات والتشريعات التي تتعلق بالعمل، فمن خلال تحسين ظروف العمل يتم تحسين الإنتاج، مؤكدا أن النقابات العمالية شريك أساسي في تحقيق التنمية المستدامة.

من جانبه قال أحمد الدبيكي نقيب العلوم الصحية وعضو مجلس إدارة اتحاد العمال، إنهم لا يزايدون على قوانين سابقة للعمل لكن هناك تطورات تحدث حولنا، لافتا إلى أن التطورات المتلاحقة كان يجب أن يحدث تطوير تشريعي بشكل معين وقانون العمل يمس المجتمع بشكل عام، موضحا أن أول بند كان سيئاً في القانون القديم هو الخاص باستمارة 6، مشيراً إلى أن القانون القديم لم يكن به أي شكل من أشكال حماية العمالة غير المنتظمة، كما أن هناك جديد في سوق العمل يفرض تشريعات جديدة

وقال وائل فرغلي، إن قانون العمل الجديد من القوانين الجيدة التي حاولت تحقيق توازن بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، موضحا أن ما ينقص القانون هو ثلاث نقاط تشمل إنشاء جهة معينة نستطيع من خلالها كقطاع خاص الاستفسار عن أي من الأمور، مطالبا أن يشمل تطبيق أنظمة إلكترونية جديدة لسهولة التطبيق، مشيرا إلى أن القانون الجديد أغفل بند الحصول على بيانات من جهات أخرى.

وقالت النائبة نشوى الشريف عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن قانون العمل الجديد هو دستور العامل المصري، مشيرة إلى أن سوق العمل المصري أصبح الأغلبية به من القطاع الخاص، ولم تكن هناك رقابة كبيرة أو محددات للعلاقة داخل القطاع الخاص.

وأكدت “الشريف” أن قانون العمل الجديد يحتوى على العديد من مكتسبات ومزايا للعامل المصري، مشيرة إلى أن القطاع الخاص كان لديه إشكالية كبرى في عدد ساعات العمل وقانون العمل الجديد حددها بـ ٨ ساعات في اليوم، لافتة إلى أن شكل من أشكال تأمين العامل كان في وجود ٤ عقود ونسخ من تعاقد العامل مع صاحب العامل، على أن تكون نسخة مع صاحب العمل ونسخة مع العامل ونسخة مع التأمينات ونسخة مع الجهة الإدارية.

وأشارت إلى أن المرأة حصلت على حقوق كبيره جداً ومكتسبات كبيرة في القانون الجديد، لاسيما وأن العمل في القطاع الخاص كان به فوضى كبيرة وكان يحتاج إلى القانون الجديد، مؤكدة أن القانون لا يقف في صف العامل ضد صاحب العمل بل يضمن حقوق الطرفين، مضيفة: "نحن دائماً نتعاطف مع العامل المصري لأنه الحلقة الأضعف".

أدار الجلسة، كل من النائب محمد عبد العزيز عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، ومحمد الصوفي عضو التنسيقية، وشارك فيها كل من عبد المنعم الجمل رئيس اتحاد عمال مصر، و النائبة نشوي الشريف عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وأحمد الدبيكي نقيب العلوم الصحية وعضو مجلس ادارة اتحاد العمال.
 

مقالات مشابهة

  • ظاهرة نقص العمالة الماهرة في أوروبا.. كيف يمكن الاستجابة لهذه المعضلة؟
  • بمشاركة جميع المعنيين .. التنسيقية تعقد جلسة عن قانون العمل
  • بمشاركة ممثلي العمال وأصحاب العمل.. التنسيقية تعقد جلسة حول "قانون العمل"
  • مجلس جديد للتخطيط لوظائف المستقبل وتشغيل العمالة بالداخل والخارج.. تفاصيل
  • وزير العمل: 800 ألف عامل أجنبي في العراق والسوريون غير مشمولين بالقرارات
  • العمالة السورية تدخل العراق عبر التهريب
  • وزير العمل العراقي: العمالة السورية وجودها غير قانوني في البلاد
  • العقد ينتهي بإنجاز العمل.. ما ضوابط تجديده؟
  • نصيحة قانونية مهمة لأصحاب المنازل بشأن العمالة المنزلية
  • دون تعويض.. ضوابط إنهاء عقد العامل بعد خمس سنوات