لمحة عن زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي إلى الصين
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
تشو شيوان **
اختتم مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك سوليفان زيارته إلى الصين والتي استمرت لمدة 3 أيام؛ إذ شارك في جولة جديدة من الاتصالات الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وخلال زيارته هذه المرة، التقى به كلٌ من وانغ يي عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومدير مكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية؛ وتشانغ يو شيا نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية، والرئيس الصيني شي جين بينغ.
لا شك أنَّ اللقاء بين الرئيس شي وسوليفان يجذب أنظار العالم كثيرًا؛ حيث أكد الرئيس شي أنَّ سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة مُتسقة للغاية، قائلًا إنه رغم التغيرات الكبيرة التي حدثت في العلاقات الصينية الأمريكية، فإنَّ التزام الصين بهدف إقامة علاقات مستقرة وصحية ومستدامة بين البلدين لم يتغير، ولم يتغير مبدأ الصين المتمثل في التعامل مع العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المُربح للجانبين، ولم يتغير موقف الصين المتمثل في الحماية الصارمة لسيادة البلاد وأمنها ومصالحها التنموية، ولم تتغير جهودها في المضي قدمًا بالصداقة التقليدية بين الشعبين الصيني والأمريكي.
كما أعرب الرئيس شي عن أمله في أن تعمل الولايات المتحدة مع الصين في الاتجاه نفسه، وأن تنظر إلى الصين وتنميتها بنظرة إيجابية وعقلانية، وأن ترى التنمية لدى كلا الدولتين باعتبارها فرصة للدولة الأخرى وليست تحديًا، وأن تعمل مع الصين على إيجاد طريقة صحيحة تُمكِّن الدولتين- وهما دولتان لهما حضارتان ونظامان ومساران مختلفان- من التعايش في سلام وتحقيق التنمية المشتركة على هذا الكوكب، وأن تعمل على الحفاظ على استقرار العلاقات الصينية الأمريكية، وعلى هذا الأساس، يتم تحسين العلاقات ودفعها إلى الأمام.
إذا عُدنا إلى عملية التواصل بين الصين والولايات المتحدة، فيمكننا القول إنها حققت تقدمًا إيجابيًا إلى حدٍ ما، وخاصة بعد اللقاء بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي خلال العامين الماضيين، وبعد ذلك شهدنا زيارات كبار المسؤولين الأمريكييين إلى الصين بما فيهم وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي الأمريكي جايك سوليفان، وغيرهم من المسؤولين الآخرين، وكل ذلك تطبيقا للتوافق الذي توصل رئيسا الدولتين الصيني الأمريكي، ويساهم في استعادة الاتصالات الإستراتيجية بين البلدين لتعزيز الثقة المتبادلة وتجنب سوء التفاهم.
وعلاوة على ذلك، توصل الجانبان أيضًا إلى بعض التوافقات المحددة، بما في ذلك: الحفاظ على التبادلات والاتصالات رفيعة المستوى على جميع المستويات، ومواصلة التعاون في مجالات مثل مكافحة المخدرات، وإنفاذ القانون، وإعادة المهاجرين غير الشرعيين، ومعالجة تغير المناخ، وإجراء مكالمات فيديو بين الجيشين، إضافة إلى الحفاظ على التواصل بشأن القضايا الدولية والإقليمية الساخنة مثل الشرق الأوسط وأوكرانيا وشبه الجزيرة الكورية.
لكن لا يُمكننا المبالغة في أهمية زيارة سوليفان هذه المرة؛ حيث نعرف أن هذه الزيارة تهدف إلى خلق ظروف مواتية لإجراء الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، وفي هذا الصدد، الزيارة لا تسعى إلى حل المشاكل بين البلدين، بل تعمل على إدارة الخلافات بين البلدين. كما نعرف أن الولايات المتحدة دائمًا ترى الصين منافسًا إستراتيجيًا لها، وتهدف إلى احتواء التنمية الصينية وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والعلمية والتكنولوجية وغيرها من المجالات الأخرى. ويمكن القول إن إعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى مسارها الطبيعي لا يحتاج إلى الجهود الصينية فحسب؛ بل يحتاج إلى الجهود الأمريكية أيضاً، وقد أظهرت الصين رغبتها الخالصة لتحسين العلاقات الثنائية، والآن جاء دور الجانب الأمريكي.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية-العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"دراسات الحدود الصينية المعاصرة".. نقاشات حول علم الحدود الصيني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صدر حديثًا عن بيت الحكمة للثقافة، كتاب "دراسات الحدود الصينية المعاصرة (1949-2019)"، من تحرير الكاتب الصيني ما داتشنغ، وترجمة محمد عبد الحميد.
ويدور الكتاب حول دراسات الحدود الصينية المعاصرة، التي تشمل كلاً من الحدود البرية والبحرية، وتاريخها وحاضرها، عبر خمسة آلاف عام، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، حيث ترتبط حدود الصين ارتباطًا وثيقًا بالصين الداخلية الموحدة متعددة القوميات، وهي “علاقةٌ لا انفصام فيها”؛ كما يؤكد الناشر.
وتتميّز دراسات الحدود الصينية بثرائها وتنوّعها، فهي تتناول الجوانب الكلية والجزئية، وتبحث في القضايا الساخنة والمواضيع المتخصّصة. وقد بدأ تزايد الاهتمام بدراسات الحدود الصينية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، وما زال هذا الاهتمام مستمرا لمدة سبعين عامًا، حتى الآن.
ويتكوّن الكتاب من أربعة أجزاءٍ وأحد عشر فصلًا؛ يتضمّن الجزء التمهيدي فصلين، يُقدّمان لمحةً عامّةً عن الصين الموحدة متعددة القوميات وحدودها، بالإضافة إلى تراكم دراسات الحدود الصينية على مدى ألف عام وجهود البحث على مدى قرن. أمّا الجزء الثاني، فيتكوّن من أربعة فصول، يتناول تطوّر الحدود الصينية على مدى 70 عامًا من منظورٍ تاريخيّ، ويناقش أيضًا استمرارية وتغيّر دراسات الحدود في منطقة تايوان في النصف الثاني من القرن العشرين.
وكان الجزء الثالث مُقسّمًا في الأصل إلى تسعة فصول، ولكن تمّ اختصارها إلى فصلين لتقليل حجم الكتاب، وهما يُلخّصان بحوث تاريخ دراسات الحدود الصينية، بالإضافة إلى نتائج تنظيم وبحث موادّ مسح "الحزام الأساسي لطريق الحرير - منطقة شينجيانج الصينية".
أمّا الجزء الرابع، فيتكوّن من ثلاثة فصول، حيث يركّز على التطوّر المُبتَكَر لدراسات الحدود الصينية في القرن الجديد، ويُبيّن أنّ بناء "علم الحدود الصينية "أصبح اتجاهًا حتميًّا لتطوّر هذا المجال، وسيكون نقطة انطلاقٍ جديدة لدراسات الحدود الصينية.