صحيفة صدى:
2024-09-14@19:28:16 GMT

يرقات من الريف

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

يرقات من الريف

سكن الليل وهدأت الأنفاس وتنفست بعمق جريح ، نظرت إلى الجدة إيلين وهي في شخيرها كأنها فاقدة للذاكرة فقد شاخ بها العمر وعادت كالعرجون القديم ، فالعمر يسلبك الجمال والمتعة والنظر والاستقامة ويلبسك السكون والتأمل والصمت ، كأن شخيرها يسرد الأحلام في محيط الكوخ بعد أن شاخ بها التعب فصفير الأنفاس حزين على كل شيء .

وفي الكوخ المجاور ليس ببعيد فيه جون وكاثي وابنتهم لارا بين الآهات والأحلام والصراخ يتقلبون وحائرون من صخب وبكاء طفلتهم وقفت الحيرة ساكنة بينهم تنظر كيف يتصرفون .

كاثي حديثة عهد برعاية الأولاد ، تردد سؤالها في كل مرة بصراخ فيه حشرجة البكاء لجون ماذا أفعل ؟ لا أدري ما بها !

جون مثقل رأسه يريد أن ينام كأنه يقول في نفسه هذي مهمتكم أيتها النساء ، إن بكاء الأطفال مزعج جدا و قد جعل النوم الأحلام تلقي بحبالها في خيال جون وهو في شخير الهدوء عائما فوق سحاب الأحلام . استيقظ جون مغمضا إحدى عينيه ورد بصوت شاحب حسنا سوف أتصرف في الصباح بالذهاب إلى الطبيب اسكتيها الآن يجب أن ننام يالها من ليلة بائسة .

فكان الغطاء والتدثر هو الهروب له من هذا البكاء .

أشرقت الشمس وبدأت العصافير تغرد والشعاع قوالبه مصفوفات جميلة بين الأشجار .

استيقظ الجميع لقد كانت ليلة عيد ميلاد لهنري جميلة ، وزاد من جمالها الأنس والهدايا والأزهار التي كانت تحيط بالجميع في الكوخ من سكان الريف لقد صنع الوهج جمالا في كوخ هايدي .

و الجدة إيلين في كل يوم تقوم من سريرها نشيطة بحركاتها الرياضية الخفيفة لتنفض قشعريرة النوم من جسدها فقد استعادت حيويتها قليلا بعد موت جاك ، اليوم لديها إصابة لم تستطع أن تمارس رياضتها حاولت وهي جالسة وقدمها الملتوية ممددة يثيرها القلق والخوف في تحركها ويؤكدها الألم بتعابير على الوجه مرة تشد على أسنانها التي لم يتبق منها سوى القليل ، ألقت نظرة على هنري في سريره وقد استحكم النوم في عيونه .

وهايدي قد دنت الكلمات المكتوبة في شعور الأنفاس يقظة طوال الليل فقد صاحبها القلق من هذه العبارات .

هناك مشاعر مطموسة أبوابها داخل النفس مغلقة قد يكون سبب إغلاقها رحيل أو انقطاع في الوصال أو هجران او ارتباط جعل الطريق مقفلا ، لقد نفضت ورقة كاري الغبار عن بعض الأقفال ، دغدغت الكلمات مشاعرها ، فتحت الأبواب لترى الإشراق بهذا الجمال في الصباح .

إنها الحياة لابد أن تناغم اللحظات فيها بما يجعل الروح تنبت الورود فطرة .

الجميع سعيد صوت رذاذ المطر خارج الكوخ ، الكلب الصغير منزوِِ في مكانه ، هناك نداء في الخارج إنه جون يريد أن يطمئن على أمه إيلين ألقى التحية على أمه وهايدي . إنها تتماثل للشفاء ويشتكي لها من بكاء طفلتهم لارا طوال الليل .

ذهبت هايدي لتسخن الحليب لتعطي إيلين بعض الدواء .

سمعته وهو يحدث إيلين عن لارا .

أحضرت هايدي معها قاروة فيها ماء وقالت له هذا ماء مفيد للأطفال قد يكون لديها توعك في بطنها فهو جيد .

كان يخفف بعض الآلام لهنري إذا استمر في البكاء .

شكرها جون حسنا إنه جيد بعد أن شم رائحته الزكيّة خرج مودعا الجميع فقد حصل على دواء يسكن الألم للطفلة .

ناولت هايدي الحليب للجدة إيلين مع قليل من الخبز المحمر وقليل من الزبدة .

إيلين يوم جميل يا هايدي وهي تبتسم ، فقد كانت تنظر إلى هايدي وهي تقرأ الورقة كأن شيئا يغازل الأشواق .

تعج الرياح فضاضة بما تحمله من هموم وكدر فتنثر البكاء بعواصفها المبتلة لتغسل الكون الفسيح وتسكن أحزانها ، ويشدو النسيم بهوائه في خيزران الناي صفيرا تتمايل معه الأرواح والأغصان والأشجار ، ويشيد الحب بناءه ويسمو في الأكواخ والحقول والأنهار تتدفق في جداولها من أعالي السفوح .

وتطير هايدي بعد المطر بجناحيها في سماء الحياة وتنفض الأتربة من فوق ريشها لتحلق بين السحاب وألوان الطيف أقواسها تعكس الشعاع في بهجة النفوس لتمتع وتستمتع بهواء الصباح كنحلة تمتص الرحيق وتقطر العسل .

إن للنفس والأنفاس هواء يشتم روائح الأمل مع من يرمم لها إنكسار الحياة .

ان رسالة كاري كانت حجرا فيها شرارة أشعلت اللهب في قش الكوخ وبقايا الهشيم رماها بمداد قلمه فتت أعواده الحزينة لتذروه الرياح رمادا وتجرفه إلى مكان سحيق ، فالظلام العابس يحتاج إلى نور ليعيد للقلوب نبضها وللسعادة وهجها وللأناقة جمالها لقد جرفت الرسالة أكوام رمال الألم بين أضلاعها ، مازالت شابة في وهج شموخها وجمالها تحتاج إلى عناق يذيب جليد التعب لترتخي الأيادي من التعب في العناق .

إنها الغريزة فاتنة الشهاء لتبحر بها إلى حيث تكون شواطىء الحياة الآمنة.

وضوء القمر ساطع في بحار الأعماق والمحيطات وخرير الأمواج موسيقى تأنس فيها الروح وتغني بمعازف الألحان وتشدو مثل العصافير لتسيل الدموع والبرزخ بينها لتتذوق الوجنتان حلاوته وملوحته ، ابتسمت هايدي وودعتها وذهبت إلى الحقل لتجلب الفراولة فالمحصول بدأ في النضوج وتريد أن تنعش روحها مع هذا الصباح الجميل .

لكن في الحقل أمر مريب قد يغير معالم الحياة في كيان هايدي فما هو ..؟

إلى ،،، يرقة أخرى في ريف الاعمى الذي يحلم أن يرى السماء .

ابتسم أيها الأنيق ????

المصدر: صحيفة صدى

إقرأ أيضاً:

الحياة كما يرويها النازحون في الخيام شمال قطاع غزة

غزة- كل الحوائط التي كانت تؤوي الغزي هدّتها إسرائيل، وكدّ عمره تبخّر، وخياراته في النزوح إلى بيوت يألفها صارت معدومة، فلم يبق له إلا غرفة في مركز إيواء أو مدرسة، أو مساحة من أرضها لينصب عليها خيمة.

ورغم أن أهل غزة لا يبحثون عن الاستقرار بقدر ما يرنون إلى الأمان، وإلى مكان لا يقترب فيه الموتُ منهم، ولا تقع عليه قنابل إسرائيل، إلا أن المراكز والمدارس أيضا أصبحت هدفا إسرائيليا. ومع كل هذا لا يبرحها الفلسطينيون، فلا بديل.

تجولت الجزيرة نت بين أزقة خيام إحدى مراكز النزوح شمال قطاع غزة، واستمعت لأصوات أمهات النازحين فيها وهن يحاولن تدبير شؤون حياتهن اليومية، وإلى نظرات الأطفال وكلماتهم بعد أن حرموا من ما يسد رمقهم من طعام، أو من لباس أو أحذية.

خيام تختزل البيوت

في واحد من أكبر مراكز الإيواء في جباليا شمال قطاع غزة، على الجهة اليسرى منه مدرسة جباليا، وفي الجهة المقابلة لها خيام ممتدة بلا حدود بسبب امتلاء المدرسة عن بكرة أبيها، مشيدةٌ بالنايلون الذي مددته حرارة الشمس، وفي أعمق نقطة يقف طابور طويل من النازحين في انتظار دورهم لتعبئة مياه الشرب.

خلال السير في أزقة الخيام، صادفت الجزيرة نت سيدة ممددة على الأرض عند مدخل خيمتها، وقد فتحت في سقفها منفذا ليدخل الهواء منه، وعند سؤالها "كيف حالك يا حجة؟" ردت أم خليل وكأنّ بركانا من القهر انفجر من فمها، وسألت بعد أن عدلت جلستها "هل هذه حياة؟ هل هذه عيشة؟".

مرت 10 شهور والخيمة هي دار إقامتها، مع ابنتها وزوجتَي ابنَيها الأرملتين وأبنائهن، وتقول: "مقهورة، أتيت الآن من طهور ولد ابنتي الذي أنجبته بعد استشهاد والده، تقطّع قلبي عليه وعلى وحدته!".

سيدات يجلسن خارج الخيم هربا من الحرارة الشديدة داخلها (الجزيرة)

وحين الدخول الخيمة يظهر العجب من قدرة الأمهات على اختزال بيت كاملٍ فيها، يبتكرن في زواياها تفصيلا لكل شيء، هنا يكدسن الفِراش والأغطية، وعلى رفوف مثبتة على أخشاب الخيمة يرتبن الملابس، على الناحية الأخرى أوانٍ سوّدتها نيران الحطب وأذابت قاعدتها، وستائر من قماش تنفذ إلى مرحاض أرضي ودلاء ماء للاستحمام.

الحرارة داخل الخيمة لا تحتمل، خرجنا لاستكمال المقابلة بين الأزقة في الخارج، حيث تجلس عدة نساء على كراسٍ أمام خيامهن ويقلن "خنقنا الحَر"، حتى إنهن يكملن مهامهن في الأزقة الفاصلة بين الخيام، فهذه تقطف أوراق الملوخية من سيقانها، وتلك تغسل ثيابها، وأخرى تسرّح شعر ابنتها، وأحاديثهن لا تتوقف ويغلب عليها البؤس والشقاء كقسمات وجوههن، التي طالبت إحداهن بالتحديق فيها، وقالت: "انظري إلى وجوهنا المحروقة، انظري إلى ملامحنا كيف صارت!".

تشكو أم مالك من انتشار القوارض والحشرات في الخيام، وتقول للجزيرة نت: "لا أنام الليل وأنا أقتل الصراصير الطيّارة التي تمشي على أجساد أولادي، وأهشّ البعوض الذي يقرصهم"، كما أن الحساسية والأمراض الجلدية المعدية تتفشى بين الأطفال بكثرة، خاصة مع تكدس النفايات وانتشار المياه العادمة في المناطق المحيطة بالخيام.

طفلة عمرها عام ووزنها 5 كيلوغرامات تعاني من سوء التغذية في ظل المجاعة بشمال القطاع (الجزيرة) لا طعام ولا ملابس

قادنا صراخ طفلة إلى خيمة مجاورة، تحملها أمها وتهدهدها وهي تتلوّى بين يديها رافضةً السكون!، استأذنت الجزيرة نت الأم بالدخول وقبل السؤال قالت "طفلتي جائعة، ترفض أكل المعلبات، انظري لجسدها النحيل، عمرها عام ووزنها 5 كيلوغرامات من سوء التغذية".

تقولها بحنق العاجز: "لا خضار ولا فواكه، لا لحوم أو حتى سيريلاك للأطفال، وإن توفر فلا أملك ثمنه!"، وبدا أن عجز هذه الأم كعجز آلاف الأمهات في غزة، تذوب لحوم أبنائهن أمامهن بدون قدرة على فعل أي شيء.

أما أم حسن التي خسرت من وزنها 24 كيلوغراما من بداية المجاعة، فتقول للجزيرة نت: "منذ سنة ولا شيء يدخل معدتنا سوى المعلبات والدُقّة، لا طاقة لنا حتى على القيام بمهامنا وواجباتنا من قلة التغذية"، أما عن نقص الأدوية والعلاجات اللازمة لهم فتقول: "أنا عندي ضغط وسكر، أدوية الضغط خلصت من البلد، إذا ما متنا من القصف حنموت من المرض".

رضيع في شهوره الأولى ينام بإحدى خيام النازحين في جباليا شمال قطاع غزة (الجزيرة)

تبدو كل عيون الأطفال في هذا المخيم لامعة، تفضحُ رغبتهم في الحديث مع أي زائرٍ يأتيهم من خارجه، اقتربت الجزيرة نت من فرح وسألتها: "الأرض ساخنة، أين حذاؤك يا جميلة؟" ردّت: "ما عندي، مجبورة أمشي حافية"، قاطعتها جدتها لتبرر لنا: "لا مال نشتري فيه أحذية، وإن توفّر فسنشتري فيه طعاما بالتأكيد!".

"هل تحتاجين حذاء؟" سألتها الجزيرة نت، لم تفكر قبل أن تردّ: "أحتاج أن أرى أبي، لم أره منذ بداية الحرب، حُجز في جنوب القطاع ولم يتمكن من العودة"، وانهارت بالبكاء كأن خزانا من الدموع فاض حتى انفجر، احتضنها جدها قائلا: "معلش يا سيدي، قولي حسبي الله ونعم الوكيل" وهي تردد خلفه، وتمسح دموعها التي روت لنا عن حرب مشتعلة داخلها لا يشعر بنارها سواها.

على باب الخيمة أطفال آخرون بملابس مهترئة، جلهم بأقدامٍ حافية، أجاب أحدهم بمجرد النظر إليه: "إلنا شهريين حافيين، بنتوجّع وبنموت واحنا بنمشي ع الأرض السخنة، بس شو بدنا نعمل؟ لازم نمشّي!".

نازحون تدبروا أمرهم بقليل من الماء (الجزيرة)

وفي خيمة مجاورة طفلة صغيرة تلهو مع جديها، يجلسون على حصيرة أرضية، هرولت الطفلة إلينا حين وقفنا على مدخل الخيمة لاستقبالنا، وخلال حديثها مع الجزيرة نت عرفنا أنها الناجية الوحيدة مع شقيقتها الرضيعة من عائلة غنيم، فقد استشهد والديها وإخوتها السبعة وبقيت الطفلتان مع جدهما.

تقول الجدة: "ما ذنب الطفلة لتعيش يتيمة ووحيدة؟ لماذا قتلوا إخوتها وهم أطفال لا يتجاوز كبيرهم الـ10 سنوات؟"، تقولها وهي تتساءل بكل غضب: "أين أمتنا العربية؟ أين المسلمون؟ نائمون؟ لماذا؟"، وتكمل وشفتاها ترتجفان: "فليبيدونا ليستريحوا منّا ولنستريح نحن من هذه الحياة!"، حياة لا يرون فيها مدعاة للبقاء، أو شيئا واحدا جيّدا ليتمسكوا بها من أجله، كما يقولون.

في دائرة الاستهداف

وبحسب المركز الإعلامي الحكومي، فإن أكثر من مليون و700 ألف نازح في قطاع غزة يرزحون في مراكز الإيواء، بينما يتوزع 200 ألف نازح آخرين بشكل منفرد في أماكن منفصلة غير مراكز الإيواء.

وقال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة، في مقابلة مع الجزيرة نت، إن "الاحتلال استهدف بشكل مباشر 178 مركزا للإيواء والنزوح، بينها 158 مدرسة، أغلبها تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)".

وتجاوز عدد الشهداء الذين ارتقوا داخل مراكز الإيواء 1.100 شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء، وفق المصدر ذاته.

مقالات مشابهة

  • إعلامية شهيرة تنهار من البكاء على الهواء- فيديو
  • ‏الشهري: الأهداف التي تلقاها النصر كانت من أخطاء في بناء الهجمة.. فيديو
  • الحياة كما يرويها النازحون في الخيام شمال قطاع غزة
  • ترامب وهاريس ضد الحياة.. بابا الفاتيكان يوصي باختيار الأقل شرا
  • بينما كانت تلقي كلمة عن انتشار السرقة في بلادها.. لص يسرق حقيبة وزيرة الشرطة البريطانية!
  • كانت في طريقها لبيت العريس.. وفاة عروس عربية يوم زفافها
  • عائلة كانت في داخله... العدوّ الإسرائيليّ أطلق النار على منزل في علما الشعب
  • ارتفاع عدد شهداء الريف الشمالي لـ(4) ولا يزال القصف متواصلاً
  • سر مومياء مصري: كيف كانت الصرخة.. رجل أم امرأة؟
  • بعد إهمال دام 21 عاماً.. الحياة تعود مجدداً لبحيرة أثرية في بابل (صور)