#وراء_الأكمة
د. #هاشم_غرايبه
في حملته الانتخابية، قال “ترامب” جملة خطيرة، تجاوزها الاعلام المخادع تمريرا لها، وسكت عنها أصحاب الشأن، تهربا من واجب التصدي لها.
قال: “عندما أنظر الى خارطة (اسرائيل) أراها صغيرة.. يجب أن تكون أكبر”.
ترى الى أية جهة يريد أن يوسعها؟، الى الغرب بحر والى الجنوب صحراء يباب، والى الشمال لبنان التي اقتطعها المستعمرون الأوروبيون من سوريا لكي تكون دولة مسيحية في العالم الاسلامي، هل بقي من الجهات غير الشرق والذي هو الأردن!؟.
يجب ألا يتجاهل المسؤولون الأمر، ويقولون ان هنالك معاهدة وادي عربة التي تعترف بالأردن كمملكة هاشمية، فقد علمتنا التجارب المريرة الكثيرة أن الالتزام بالمعاهدات هي للدول المستضعفة، أما الأقوياء ومن يتمتعون بدعم الغرب فهم لا يقيمون لها وزنا ولا حتى للقانون الدولي الذي يحتكم إليه في تفسير بنودها.
كما أن تجربة احتلال الكيان اللقيط للضفة الغربية التي هي جزء من المملكة الهاشمية التي تعتبر نفسها أكثر حلفاء أمريكا اخلاصا لها، لكن ذلك لم يدفع أمريكا الى القول بعدم قانونية احتلاله لأراض هي في القانون الدولي أردنية، بل دفع الأردن الى اعلان فك الارتباط الذي يعني قانونيا اسقاط مطالبته بأرضه، وإكمال احتلاله القدس التي هي في القانون الدولي يجب أن تكون السيادة عليها دولية، كل ذلك لم يعره “ترامب” انتباها، بل امعانا في استهتاره بكل ذلك، وبكل صفاقة اعترف بالقدس عاصمة للكيان اللقيط علانية بأن نقل سفارته اليها.
فهل مع كل هذه القرائن الدامغة تؤتمن بوائق الغرب ويركن الى (صداقته!)؟.
هم يأملون أنهم مثلما نجحوا بخداع زعمائنا في المرات السابقة بأن (صداقتهم) مع الغرب ستحمينا، فهم يريدون أن نركن الى الوعود الخادعة، فنستكين ونغفو على وهم أن الغرب لن يسمح للكيان اللقيط متى ما التقط أنفاسه، وتمكن من قضم باقي أجزاء الضفة الغربية، بتنفيذ أطماعه الموثقة بدولة (من الفرات الى النيل)، لكنه كمرحلة أولى، لن يعدم الذريعة لاحتلال الأردن، بعد أن منحته الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر، وستمده بكل ما يحتاجه لتنفيذ ذلك، علما بأن مجتمعه والمجتمعات الأوروبية أيضا تتوجه الى اليمينية المتطرفة بنسق متسارع، وخاصة بعد الفزع الذي ألم بهم جراء معركة الطوفان، والتي تبين منها كيف سقطت كل اجراءات تحصين ودعم الكيان اللقيط، عندما عادت احدى المجتمعات المسلمة الصغيرة الى استثمار عقيدتها، مما دق ناقوس الخطر في الغرب من انفلات الإسلام من رقابتهم اللصيقة، لأنهم يعلمون أن عودته يشكل ماردا لا قبل لهم بصده ولا هزيمته.
لذلك ستشتد المطالبة في الغرب بقطع الطريق على هذه الحالة، خاصة وأنهم يعلمون أن الأردن هو أرض الحشد والرباط التي ستنطلق منها الحشود لتنفيذ الوعد الثاني المؤذن بزوال الكيان اللقيط.
لكل ما سبق، ومن الأهمية الكبرى أن ينتبه المخلصون لهذا الخطر، والإجراء المطلوب يعرفه المؤمنون، فقد بيّنه تعالى لهم في كتابه العزيز: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ”[الأنفال:60].
وقد ثبت عمليا ان ذلك هو الطريق الوحيد للأمان، وتجربة الصامدين في القطاع دليل محسوس ودامغ، فقلة الامكانات والحصار لم تمنعهم من بذل جهدهم في إعداد القوة الممكنة، ورغم أنها لم تصل الى عشر معشار القوة المكافئة لعدوهم، إلا أنها أثبتت فعاليتها، ومرغت بالتراب كرامة المعتدين المغرورين، وجعلتهم يبحثون عن مخرج من مأزقهم.
الأردن لن يكون أقل امكانيات من القطاع، ولا أن يمكن محاصرته كما حوصر، لذا فبإمكانه إعداد القوة وبما يزيد كثيرا عن قدرات المحاصرين، ولا يمكن أن يلومه في ذلك لائم، فمتطرفو الكيان يزدادون سيطرة على صعيد اتخاذ القرار، ومطامعهم القائلة: (للاردن ضفتان الغربية لنا والشرقية أيضا) معلنة صريحة.
لذلك لا بد بداية من قرار بإعادة خدمة العلم المجمدة منذ ثلاثين عاما، وللثلاثين جيلا الذين فاتتهم يجب احياء فكرة الجيش الشعبي لتدريبهم، ولا يوجد أي مبرر لبقاء هذا التجميد، وحتى المعاهدة المشؤومة لا تنص على ذلك، والتذرع بقلة الامكانيات هو أقبح من الذنب ذاته، لقوله تعالى في تكملة الآية: “وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ”. ..اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد. مقالات ذات صلة الفضائيات العربية وهويتها الوطنية في حروب الإبادة الإسرائيلية 2024/08/31
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: وراء الأكمة هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
باحث إسرائيلي: قادة غربيون يسعون لتشويه صورة إسرائيل وكبح جماحها
رغم ما تحظى به دولة الاحتلال من دعم سياسي وعسكري غير مسبوق من المنظومة الغربية، فقد شهدت شهور العدوان الدامي على قطاع غزة تراجعا في الخطاب الدبلوماسي الغربي في نيويورك وباريس وأماكن أخرى، وبات ينظر لدولة الاحتلال باعتبارها مشكلة عالمية، و"عدوانية" بشكل مفرط، بما قد يؤثر على المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة.
ديفيد واينبرغ المدير المشارك بمعهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، زعم أن "هناك دعوات غربية متزايدة تطالب بكبح جماح دولة إسرائيل، والحد من تصرفاتها، وتقييد قدراتها، وفي نهاية المطاف إخضاعها، بهدف تصحيح "عدم التوازن في القوة" المزعوم في الشرق الأوسط. في إشارة للقوة الإسرائيلية المفرطة مقابل نظيرتيها الإيرانية والتركية، وسط تقديرات غربية مفادها أن تحقيق انتصار إسرائيلي كبير سيُلحق الضرر بالمصالح الأمريكية والغربية، وهو ما عبر عنه الرئيس الفرنسي ماكرون حين زعم أن "لإسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها، ولكن بطريقة متناسبة".
وأضاف في مقال نشره موقع "ميدا"، وترجمته "عربي21" أن "مثل هذه المواقف تعني أن اليسار السياسي في الغرب لم يتعلم الدرس من هجمات حماس في السابع من أكتوبر، مما يثير القلق من محاولة إنكار مشروعية العقيدة العسكرية الإسرائيلية المرتكزة على إحباط تهديدات العدو بطريقة وقائية واستباقية، وتشمل الهجوم الجاري ضد حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، ومختلف القوات الجهادية والإيرانية في سوريا، والجيوب المسلحة في يهودا والسامرة، والاحتلال العسكري طويل الأمد خارج الحدود، فضلاً عن مهاجمة إيران نفسها".
وأوضح أن "القناعة السائدة في الغرب اليوم هي أن دولة إسرائيل لا يمكن أن تكون بهذه القوة والهيمنة، لأنها مستفزة جدًا، بل يجب إخضاعها تحت سيطرة الغرب "المسؤول"، وهذا خطاب خطير يحذر من القوة الإسرائيلية المفرطة، ومع مرور الوقت يسعى لتشويه صورتها باعتبارها "قوة مهيمنة" مثيرة للمشاكل في الشرق الأوسط، ولابد من "أخذها في الاعتبار"، عبر ضغط واشنطن عليها لحملها على التراجع، ووضع مصالحها الخاصة جانباً من أجل تحقيق "توازن المصالح" الأمريكي".
وأوضح أن "المواقف السياسية الأخيرة في المنصات الرسمية والمباحثات المغلقة تسعى في مجملها إلى أن استعادة "توازن القوى الصحي" و"توازن القوى" في الشرق الأوسط، يتطلب بشكل خاص الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "وائتلافه اليميني المتطرف"، وإرغامه على التوصل لاتفاقيات تشمل السلطة الفلسطينية، والانسحاب من جميع جبهات القتال، بهدف تحويل الهيمنة العسكرية لترتيبات واتفاقات أكثر استقرارا، رغم الاعتراف الغربي بأن الرد الإسرائيلي على هجوم حماس في أكتوبر 2023 غيّر بشكل جذري ميزان القوى في الشرق الأوسط بطريقة غير مسبوقة منذ حرب 1967.
واستدرك بالقول: "صحيح أن الغرب بمجمله أشاد بالهجوم العسكري الاسرائيلي، وكسره لمحور المقاومة بين حماس وحزب الله، وكشفه عن هشاشة وضعف طهران، وإلحاقه أضرارا كبيرة بالدفاعات الجوية الإيرانية وإنتاج الصواريخ، لكن الغرب ذاته يسارع لتوضيح أن هذه "الهيمنة" الإسرائيلية مُحرِجة، وتتعارض مع المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، وبذلك فإنهم يلقون باللوم على إسرائيل في كل ما هو سيئ يحدث في الشرق الأوسط".
واتهم الكاتب "القادة الغربيين الضاغطين على إسرائيل لكبح جماحها بكراهيتها، بزعم أنهم لا يستطيعون تحمّل وجودها قوية، رغم أنها الحليف الحقيقي الوحيد لأمريكا في الشرق الأوسط، لكنهم يشوّهون سمعتها باعتبارها مثيرة للمشاكل، أو ما هو أسوأ، بل ينحدرون إلى شيطنتها باعتبارها تهديداً، رغم أنها أهم الأصول الغربية في إعادة تشكيل المجال الاستراتيجي والمساعدة في كسب الحرب ضد محور روسيا والصين وإيران".