سواليف:
2024-09-14@19:36:04 GMT

وراء الأكمة

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

#وراء_الأكمة

د. #هاشم_غرايبه

في حملته الانتخابية، قال “ترامب” جملة خطيرة، تجاوزها الاعلام المخادع تمريرا لها، وسكت عنها أصحاب الشأن، تهربا من واجب التصدي لها.
قال: “عندما أنظر الى خارطة (اسرائيل) أراها صغيرة.. يجب أن تكون أكبر”.
ترى الى أية جهة يريد أن يوسعها؟، الى الغرب بحر والى الجنوب صحراء يباب، والى الشمال لبنان التي اقتطعها المستعمرون الأوروبيون من سوريا لكي تكون دولة مسيحية في العالم الاسلامي، هل بقي من الجهات غير الشرق والذي هو الأردن!؟.


يجب ألا يتجاهل المسؤولون الأمر، ويقولون ان هنالك معاهدة وادي عربة التي تعترف بالأردن كمملكة هاشمية، فقد علمتنا التجارب المريرة الكثيرة أن الالتزام بالمعاهدات هي للدول المستضعفة، أما الأقوياء ومن يتمتعون بدعم الغرب فهم لا يقيمون لها وزنا ولا حتى للقانون الدولي الذي يحتكم إليه في تفسير بنودها.
كما أن تجربة احتلال الكيان اللقيط للضفة الغربية التي هي جزء من المملكة الهاشمية التي تعتبر نفسها أكثر حلفاء أمريكا اخلاصا لها، لكن ذلك لم يدفع أمريكا الى القول بعدم قانونية احتلاله لأراض هي في القانون الدولي أردنية، بل دفع الأردن الى اعلان فك الارتباط الذي يعني قانونيا اسقاط مطالبته بأرضه، وإكمال احتلاله القدس التي هي في القانون الدولي يجب أن تكون السيادة عليها دولية، كل ذلك لم يعره “ترامب” انتباها، بل امعانا في استهتاره بكل ذلك، وبكل صفاقة اعترف بالقدس عاصمة للكيان اللقيط علانية بأن نقل سفارته اليها.
فهل مع كل هذه القرائن الدامغة تؤتمن بوائق الغرب ويركن الى (صداقته!)؟.
هم يأملون أنهم مثلما نجحوا بخداع زعمائنا في المرات السابقة بأن (صداقتهم) مع الغرب ستحمينا، فهم يريدون أن نركن الى الوعود الخادعة، فنستكين ونغفو على وهم أن الغرب لن يسمح للكيان اللقيط متى ما التقط أنفاسه، وتمكن من قضم باقي أجزاء الضفة الغربية، بتنفيذ أطماعه الموثقة بدولة (من الفرات الى النيل)، لكنه كمرحلة أولى، لن يعدم الذريعة لاحتلال الأردن، بعد أن منحته الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر، وستمده بكل ما يحتاجه لتنفيذ ذلك، علما بأن مجتمعه والمجتمعات الأوروبية أيضا تتوجه الى اليمينية المتطرفة بنسق متسارع، وخاصة بعد الفزع الذي ألم بهم جراء معركة الطوفان، والتي تبين منها كيف سقطت كل اجراءات تحصين ودعم الكيان اللقيط، عندما عادت احدى المجتمعات المسلمة الصغيرة الى استثمار عقيدتها، مما دق ناقوس الخطر في الغرب من انفلات الإسلام من رقابتهم اللصيقة، لأنهم يعلمون أن عودته يشكل ماردا لا قبل لهم بصده ولا هزيمته.
لذلك ستشتد المطالبة في الغرب بقطع الطريق على هذه الحالة، خاصة وأنهم يعلمون أن الأردن هو أرض الحشد والرباط التي ستنطلق منها الحشود لتنفيذ الوعد الثاني المؤذن بزوال الكيان اللقيط.
لكل ما سبق، ومن الأهمية الكبرى أن ينتبه المخلصون لهذا الخطر، والإجراء المطلوب يعرفه المؤمنون، فقد بيّنه تعالى لهم في كتابه العزيز: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ”[الأنفال:60].
وقد ثبت عمليا ان ذلك هو الطريق الوحيد للأمان، وتجربة الصامدين في القطاع دليل محسوس ودامغ، فقلة الامكانات والحصار لم تمنعهم من بذل جهدهم في إعداد القوة الممكنة، ورغم أنها لم تصل الى عشر معشار القوة المكافئة لعدوهم، إلا أنها أثبتت فعاليتها، ومرغت بالتراب كرامة المعتدين المغرورين، وجعلتهم يبحثون عن مخرج من مأزقهم.
الأردن لن يكون أقل امكانيات من القطاع، ولا أن يمكن محاصرته كما حوصر، لذا فبإمكانه إعداد القوة وبما يزيد كثيرا عن قدرات المحاصرين، ولا يمكن أن يلومه في ذلك لائم، فمتطرفو الكيان يزدادون سيطرة على صعيد اتخاذ القرار، ومطامعهم القائلة: (للاردن ضفتان الغربية لنا والشرقية أيضا) معلنة صريحة.
لذلك لا بد بداية من قرار بإعادة خدمة العلم المجمدة منذ ثلاثين عاما، وللثلاثين جيلا الذين فاتتهم يجب احياء فكرة الجيش الشعبي لتدريبهم، ولا يوجد أي مبرر لبقاء هذا التجميد، وحتى المعاهدة المشؤومة لا تنص على ذلك، والتذرع بقلة الامكانيات هو أقبح من الذنب ذاته، لقوله تعالى في تكملة الآية: “وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ”. ..اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.

مقالات ذات صلة الفضائيات العربية وهويتها الوطنية في حروب الإبادة الإسرائيلية 2024/08/31

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: وراء الأكمة هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

مفهوم الفكر الواقعى المعاصر

يمكننا إن جاز لنا أن نقدم تعريفا للفكر الواقعى المعاصر بأنه المعايشة للواقع بكل متغيراته ومستجداته معايشة حقيقية عن طريق فهمه فهما صحيحا وتعمقه تعمقا دقيقا واحتوائه بكل ما فيه على ما فيه، لا فهما سحطيا هامشيا، لماذا ؟!.
بغية الانطلاق إلى الأمام، أصحابه استشعروا الخطر الذى يداهمهم، أدركوا أن ثم ثورة علمية تعتمد على المنهجية التجريبة التى قوامها خطوات البحث العلمى المنظم، الذى يحدد الظاهرة محل الدراسة ثم تصنيف هذه الظواهر، وجمع المعلومات عنها، وفرض الفروض والتحقق من صحة الفروض إلى أن نصل إلى القانون العام الذى تبنى عليه دعائم النظرية العلمية التى تثرى واقعنا المعيش.
فالمفكر المعاصر هو الذى يسعى سعيا حثيثا إلى إثبات شخصيته البحثية على كافة المستويات.
المفكر الواقعى نصير الواقعية الحقة هو الذى يكون مهموما بقضايا مجتمعه يمد يده إلى تراث أجداده، ويغوص فى بطون هذا التراث ليوظفه لخدمة واقعه الذى يحياه.
المفكر الواقعى هو الذى لا يتقوقع حول النص ويقول قال فلان، وقال فلان، لا، يقول ها أنا ذا، هذا هو رأيى أقوله فى هذه القضية، قد أخطأ مرات عديدة، وأصحح خطأى مسترشدا مستنيرا بما تعلمته من أساتذتى دونما تقمص وتقليد أعمى لهذا الأستاذ.
المفكر الواقعى هو الذى ينبغى عليه أن يكون متسلحا بأدواته المعرفية التى تقيه من الوقوع فى الزلل والخطأ.
المفكر الواقعى هو الذى يبحث وينقب عن كل ما يفيد حياته ومجتمعه.
إن نهضة الأمة أى أمة لا تكون عن طريق التقليد الأعمى والتبعية، إن نهضة الأمم تبنى وتقوم على عقول مفكريها.
إن النهضة الشاملة والتنمية المستدامة التى هى حديث العصر، لا تتحقق إلا من خلال النظرة المستقبلية واستشراف المستقبل.
وهذا ما يتم الآن فى بلدنا الحبيب مصر ووطننا العربى، الانفتاح على ثقافات الغرب، ليس الغرب وحسب بل كل الثقافات من أجل ماذا؟!، من أجل إتاحة الفرص لبناء دولة مدنية عصرية تواكب التقدم التقنى والعلمى والذكاء الاصطناعى، دونما إفراط بمعنى انغماس كلى فى مادية مسرفة وأنانية مفرطة، ولا تفريط فى قيمنا ومقدراتنا.
وإنما عن طريق وسط عدل محمود لا يحيد ولا يميد عن بغيته وهدفه وهو فك رموز هذه الشفيرة، كيف نحقق المعاصرة دون إهدار لأصالتنا.

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان
 

مقالات مشابهة

  • رئيسة المركزي الروسي تحدد الأسباب التي تقف وراء هبوط أسعار النفط
  • سياسي بريطاني يحذر من التهديدات التي سيواجهها الغرب إن سمح لكييف بضرب الأراضي الروسية
  • علوم‭ ‬مصر‭ ‬المنهوبة
  • مفهوم الفكر الواقعى المعاصر
  • أرتيتا يكشف سبب تجديد عقده مع آرسنال
  • الكشف عن السبب الصادم وراء اقتحام مدرسة بنات في همدان
  • من يقف وراء استهداف الحسابات البنكية للمغاربة؟
  • لافروف: الغرب يسمح لأوكرانيا بشن عمليات إرهابية ضد روسيا
  • ما وراء عرض جيبوتي منفذا بحريا لإثيوبيا؟
  • ما وراء نقل ”هاشميين” اموال من صنعاء الى دول الخليج وماليزيا أوروبا ؟