التلقيح الاصطناعي.. لماذا يمثل نقطة خلاف حادة بين ترامب والديمقراطيين؟
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
في موقف جاء مفاجئا للكثيرين، أعلن المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، عن اقتراح جديد يتعلق بالتلقيح الاصطناعي، بعد تعهده بضمان تغطية تكاليف هذا الإجراء الطبي، سواء عن طريق الحكومة أو شركات التأمين، في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية.
ويأتي هذا الإعلان في وقت أصبح فيه التلقيح الاصطناعي محور جدل سياسي متصاعد بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، خاصة بعد أن قضت المحكمة العليا بولاية ألاباما، في وقت سابق من هذا العام، بأن الأجنة التي تم إنشاؤها عن طريق التلقيح الاصطناعي تعتبر بشرا، في خطوة دفعت أكبر عيادات الخصوبة في الولاية إلى إيقاف رعاية التلقيح الاصطناعي.
وكان أعضاء في الحزب الديمقراطي قد انتقدوا الجمهوريين بشأن التلقيح الاصطناعي، في الأشهر الأخيرة، معتبرين أن القيود التي يقودها الحزب المنافس على الإجهاض "قد تؤدي إلى فرض قيود على التلقيح الاصطناعي أيضا".
وتظهر استطلاعات رأي أن نحو 6 من كل 10 بالغين أميركيين يدعمون هذا الإجراء الطبي، بما في ذلك أكثر من نصف الجمهوريين، وأن حوالي 1 من كل 10 فقط يعارضونه.
ويشكل نقص التغطية التأمينية الصحية لعلاجات الخصوبة عائقا رئيسياً أمام الراغبين في بدء أو مواصلة العلاجات، وفقا لـ"أسوشيتد برس".
ما هو التلقيح الاصطناعي؟والتلقيح الاصطناعي المعروف أيضا بالـ"تلقيح خارج الجسم" هو سلسلة معقدة من الإجراءات التي يمكن أن تؤدي إلى الحمل.
ويمثل هذا الإجراء الطبي لعلاج العقم، وهي الحالة التي لا يمكن فيها الحمل بعد محاولات لمدة عام على الأقل بالنسبة لمعظم الأزواج.
ويمكن استخدام التلقيح خارج الجسم كوسيلة لتجنب انتقال المشاكل الوراثية إلى الطفل، بحسب موقع "مايو كلينيك".
وخلال عملية التلقيح خارج الجسم، يتم جمع البويضات الناضجة من المبايض وتخصيبها بالحيوانات المنوية في المختبر، ثم يتم إجراء عملية لوضع واحدة أو أكثر من البويضات المخصبة في الرحم، حيث ينمو الجنين.
وتستغرق دورة كاملة من التلقيح خارج الجسم حوالي 2 إلى 3 أسابيع. وأحيانا يتم تقسيم هذه الخطوات إلى أجزاء مختلفة وقد تستغرق العملية وقتا أطول.
ترامب يتعهد بتوفير "تخصيب اصطناعي مجاني" إذا وصل إلى البيت الأبيض أعلن المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، الخميس، أن الحكومة أو شركات التأمين سوف يتكفلون بدفع تكاليف علاجات الخصوبة عن طريق التلقيح الصناعي، وذلك في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية التي سوف تجري في الخامس من نوفمبر القادم.ويبقى التلقيح خارج الجسم، وفقا للمصدر ذاته، أكثر علاجات العقم فعالية، إذ يشمل التعامل مع البويضات أو الأجنة والحيوانات المنوية. وتُسمى هذه المجموعة من العلاجات تقنية المساعدة على الإنجاب.
ويمكن إجراء التلقيح خارج الجسم باستخدام بويضات وحيوانات منوية من الزوجين. أو قد يتضمن بويضات أو حيوانات منوية من متبرع آخر، معروف أو مجهول.
وفي بعض الحالات، قد يتم استخدام أم بديلة، يتم زرع البويضة في رحمها للإنجاب.
وتعتمد فرص إنجاب طفل عن طريق التلقيح الاصطناعي على عوامل كثيرة، مثل العمر وسبب العقم. علاوة على ذلك، يتضمن التلقيح خارج الجسم إجراءات يمكن أن تكون مستهلكة للوقت ومكلفة ماديا.
موقف الحزب الجمهوريوذكر ترامب، الخميس، أنه يؤيد سداد تكاليف التلقيح الاصطناعي حتى يتمكن الأميركيون من إنجاب "مزيد من الأطفال".
وقال الرئيس السابق في مقابلة مع شبكة "أن بي سي نيوز"، إنه في حال انتخابه، فإن إدارته "لن تحمي حق الحصول على التلقيح الاصطناعي فحسب، بل ستجعل الحكومة أو شركات التأمين تغطي تكلفة الخدمة باهظة الثمن للأميركيات اللاتي يحتجن إليها".
واعتبر تقرير لأسوشيتد برس أن تعهد ترامب الأخير، "يتعارض" مع مواقف الكثير من أعضاء حزبه الجمهوري.
وبحسب المصدر ذاته، يعكس إعلان ترامب المفاجئ إدراكه أن مواقف الحزب الجمهوري من الإجهاض والحقوق الإنجابية قد تشكل عائقا كبيرا أمام فرص عودته إلى البيت الأبيض.
ويحاول الرئيس السابق الترويج لفكرة أن الحزب الجمهوري "رائد" في مجال التلقيح الاصطناعي، لكن الديمقراطيين يرفضون هذا التوصيف ويستغلون القضية كبعد آخر للحقوق الإنجابية التي يقولون إنها "مهددة" من قبل الجمهوريين.
من منافسته.. انتقادات لترامب بعد "موقفه الجديد" بشأن الإجهاض وجهت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، انتقادات حادة لدونالد ترامب، الجمعة، إثر تصريحه بأنه سيصوت برفض مشروع قانون يتعلق بالإجهاض في ولاية فلوريدا.وينتقد الديمقراطيون الجمهوريين لادعائهم دعم التلقيح الاصطناعي في حملاتهم الانتخابية، دون دعم ذلك بتصويتهم في الكونغرس.
وقبيل انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في يوليو، أقر الحزب خطة سياسية جديدة تؤيد فكرة منح الأجنة حقوقا قانونية كاملة، تماما مثل باقي المواطنين الأميركيين.
ويريد الحزب تحقيق ذلك من خلال تفسير التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي، وهو التعديل الذي يضمن المساواة في الحماية القانونية لجميع المواطنين. بهذه الطريقة، يسعى الحزب الجمهوري لمنح الأجنة نفس الحقوق القانونية التي يتمتع بها الأشخاص المولودون.
كما تشجع الخطة على دعم التلقيح الاصطناعي ولكنها لا تشرح كيف يخطط الحزب للقيام بذلك مع تشجيع قوانين الشخصية القانونية للأجنة التي من شأنها أن تجعل العلاج غير قانوني.
وبحسب أسوشيتد برس، يواجه الحزب الجمهوري "تناقضا داخليا" بشأن قضية التلقيح الاصطناعي. فمن جهة، يحاول الحزب تقديم نفسه على المستوى الوطني كداعم لهذه التقنية الطبية، ومن جهة أخرى، يجد العديد من أعضاء الحزب أنفسهم في موقف صعب بسبب تعارض هذا الدعم مع القوانين التي سنّها حزبهم نفسه.
وهذه القوانين، التي تمنح الأجنة حقوقا قانونية كاملة، لا تقتصر على حماية الأجنة داخل الرحم فحسب، بل تمتد لتشمل الأجنة المستخدمة في عمليات التلقيح الاصطناعي.
وبما أن هذه العمليات غالبا ما تتضمن إتلاف بعض الأجنة الفائضة، فإن هذه القوانين قد تجعل التلقيح الاصطناعي نفسه غير قانوني.
وقالت ماري روث زيغلر، أستاذة القانون في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا، ديفيس، للوكالة إن "من الصعب على السياسيين الجمهوريين أن يدعموا التلقيح الاصطناعي بشكل واضح. لأنهم إذا فعلوا ذلك، قد يغضبون الكثير من مؤيديهم".
تفاعل الديمقراطيينوبحسب موقع "أكسيوس"، فقد حوّل الحزب الديمقراطي قضية التلقيح الاصطناعي إلى محور رئيسي في حملته الانتخابية الرئاسية، مستغلا هذا الموضوع كوسيلة فعالة لانتقاد دونالد ترامب والحزب الجمهوري.
ويسعى الديمقراطيون إلى ربط ترامب مباشرة بالقيود المفروضة على الرعاية الإنجابية، عبر تذكير الناخبين بدوره في تعيين قضاة المحكمة العليا الذين ساهموا في إلغاء الحماية الدستورية للإجهاض.
ويتهم "الحزب الأزرق" ترامب بأنه يحاول من خلال تعهده الأخير بشأن التلقيح الاصطناعي "صرف الانتباه عن دوره في المساعدة في إلغاء قضية رو ضد وايد في عام 2022"، وفقا لنيويورك تايمز.
ويصور الديمقراطيون ترامب والجمهوريين كتهديد ليس فقط للحق في الإجهاض، بل لمجموعة واسعة من الخيارات الإنجابية، بما في ذلك التلقيح خارج الجسم.
ورد نائب كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسيات، تيم والز، على موقف ترامب الأخير، بسخرية، قائلا "قد نضطر إلى تغيير نقاط حديثنا" في إشارة إلى أن الديمقراطيين قد يحتاجون لتعديل استراتيجيتهم الخطابية بسبب هذا التحول غير المتوقع.
وقال والز في تجمع انتخابي، "انظروا، النساء لا يثقن بهم. هم لا يثقون بالنساء، فلماذا بحق الجحيم ستثق النساء بهم؟ لا أحد يصدق ذلك".
وتحدثت زوجة والز، السيدة الأولى لولاية مينيسوتا، غوين والز، أيضا عن إمكانية الوصول إلى علاجات الخصوبة، قائلة إنه لو كان الأمر بيد ترامب، لما أصبحت أماً أبدا، في إشارة لاستخدامها أيضا لعلاج داخل الرحم، من أجل الإنجاب.
وتصدرت هاريس الجهود المتعلقة بقضية الحقوق الإنجابية، في ظل إدارة بايدن. وتعهدت في بيان، الجمعة، باستعادة الحقوق الإنجابية في حال انتخابها رئيسة للولايات المتحدة.
من جهتها، قالت السناتور إليزابيث وارن، الديمقراطية من ماساتشوستس، متحدثة في لقاء افتراضي نظمته حملة هاريس، إن محاولة ترامب لاستمالة الناخبات هي "خداع وأوهام".
وأضافت: "يعتقد ترامب أن النساء غبيات وأنه يمكن خداعهن".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: التلقیح الاصطناعی الحزب الجمهوری عن طریق فی حال
إقرأ أيضاً:
كيف أثرت السردية الدينية حول نهاية العالم على فوز ترامب؟
تناول مقال نشره موقع "كاونتربانتش" تحت عنوان "خارج الحدود.. ولكننا بحاجة للحديث عن ذلك"، الانتقادات المستحقة للديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، مسلطا الضوء على أثر ما وصفه بالسردية الدينية حول نهاية العالم على نتائج الانتخابات.
وأشار كاتب المقال بوب توبر، إلى دور الصحافة في التطبيع مع سلوك المرشح الجمهوري دونالد ترامب، إلى جانب التحيز الواضح لبعض مؤسسات الأخبار، خاصة قناة "فوكس نيوز" التي اعترفت مؤخرا بتقديم معلومات مضللة للجمهور.
كما سلط الضوء على وسائل الإعلام الرقمية غير المنظمة التي تلاعبت بالرأي العام، ونشرت كما هائلا من المعلومات المضللة. واعتبر الكاتب أن أحد العوامل الحاسمة التي غالبًا ما يتم تجاهلها هو تأثير الدين في السياسة الحديثة.
وشدد على أهمية فهم هذا الدور من خلال النظر إلى الانقسام السياسي في الولايات المتحدة باعتباره صراعا بين الفكر الوضعي والمعتقد المسيحي واسع الانتشار.
ويشير الكاتب في مقاله إلى تعليق المؤلف ويليام بيرنشتاين في كتابه "أوهام الحشود"، مؤكدا أن فهم حالة الاستقطاب الراهنة في المجتمع الأمريكي يتطلب إدراكًا عميقًا للسردية الدينية المتعلقة بـ"نهاية العالم"، التي تتوقع المجيء الثاني للمسيح.
ووفقا لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث، فإن 39% من البالغين الأمريكيين يعتقدون أن البشرية تعيش في زمن "نهاية العالم"، ما يبرز التأثير العميق لهذه الرؤية على توجهات المجتمع والسياسة الأمريكية.
نظرية التدبير الإلهي
يطرح الكاتب فكرة أن نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة يمكن تفسيرها كحالة من الهستيريا الجماعية. ورغم صعوبة قياس مدى تأثير نظرية "التدبير الإلهي" على سير الانتخابات، فإن الهواجس المرتبطة بـ"نهاية العالم" تقدم إجابة مؤلمة على السؤال: لماذا انتخب الشعب الأمريكي رئيسًا يواجه انتقادات حادة من خصومه؟
ويرى الكاتب أن الأصوليين الأمريكيين ينظرون إلى العالم كمعركة أزلية بين الخير والشر، بين الله والشيطان، وبين فضائل الإيمان المسيحي وشرور الليبرالية العقلانية.
في هذا السياق، استغلت خطابات حملة دونالد ترامب هذه المخاوف، مصورة الديمقراطيين كرمز للشر الداخلي. ووفق هذه الرؤية، تتضاءل الانتقادات الموجهة لشخصية ترامب، حيث يُنظر إليه كأداة في يد الرب، مما يجعل عيوبه الشخصية مسألة ثانوية في إطار هذه الدراما الروحية، حسب المقال.
الأصوليين المسيحيين وهوية الجمهوريين
ويشير المقال إلى تحذيرات الجمهوري المحافظ باري غولدووتر عام 1994 بشأن نفوذ الأصوليين المسيحيين داخل الحزب الجمهوري.
وقال غولدووتر آنذاك: "صدقوني، إذا سيطر هؤلاء الوعاظ على الحزب الجمهوري – وهو ما يسعون إليه بكل تأكيد – فستكون هذه مشكلة خطيرة للغاية. بصراحة، هؤلاء الناس يخيفونني. السياسة والحكم يتطلبان التسويات، لكن هؤلاء المسيحيين يعتقدون أنهم يتصرفون باسم الله، لذا فهم غير قادرين على التنازل أو التسوية. أعلم ذلك، لأنني حاولت التعامل معهم."
قبل 25 عاما، بدأ الوعاظ الإنجيليون بالتأثير داخل الحزب الجمهوري، مستهدفين قضايا مثل الإجهاض والعلاقات المثلية.
في البداية، رحب الجمهوريون التقليديون بدعم الإنجيليين دون تبني خطابهم. إلا أن الوضع تغيّر تدريجيًا، حيث بات اليمين المسيحي يهيمن على الحزب، مما طمس القيم المحافظة التي دافع عنها غولدووتر والقيم الأمريكية الأساسية مثل الحرية والمساواة والديمقراطية، وفقا للمقال.
ويرى الكاتب أن مخاوف غولدووتر تحققت بالكامل، حيث أصبح الحزب الجمهوري أشبه بحزب ديني ثيوقراطي متنكر في ثوب الحزب الجمهوري التقليدي.
تحديات الفصل بين الكنيسة والدولة
ويؤكد المقال موقع "كاونتربانش" أن احترام الفصل بين الكنيسة والدولة في الولايات المتحدة، واحترام الخصوصيات الدينية، يظل أمرًا واقعًا. ومع ذلك، أصبح انتقاد المعتقدات الدينية أمرًا محظورًا، خاصة مع تحول أحد الفصائل الدينية إلى حزب سياسي.
ويشير الكاتب إلى أنه لم يعد مقبولًا التكيف مع هذه الظاهرة، خصوصًا عندما تتعارض معتقدات هذا الفصيل مع القيم الأساسية للأمة، مثل الحرية والمساواة والديمقراطية. ويشدد على أن كل مواطن أمريكي ملزم بحماية الدستور والدفاع عنه، بما في ذلك القيم التأسيسية التي يضمنها.
ويضيف أن الدين الذي يهاجم هذه القيم لا ينبغي أن يُستثنى من النقد. وكما يرفض الأمريكيون تطبيق "الشريعة"، يجب عليهم رفض أي نسخة دينية أخرى تهدد النظام القانوني والديمقراطية.
فعندما تجعل المعتقدات الدينية النظام الديمقراطي التمثيلي غير قادر على الحكم، فإن المقاومة تصبح ضرورة.
ويختتم الكاتب بقوله: "بينما لا يمكن الاستهانة بنحو 39% من الأمريكيين الذين يعتقدون أننا نعيش في نهاية العالم، عليهم أن يدركوا أن هذه نهاية العالم مجرد أسطورة. قد يحترمها المسيحيون المؤمنون، لكنها تظل خيالًا، تمامًا كما تقبلوا حقيقة أن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس."