عربي21:
2025-03-03@20:12:48 GMT

لماذا أنشئت إسرائيل؟

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

طيلة الوقت كنا نعتقد أن الكيان الصهيوني أنشئ لحراسة المصالح الغربية في بلادنا، وتلك كما يبدو فرية كشفت عنها معركة طوفان الأقصى، يحضرني هنا قول الرئيس الأمريكي جو بايدن: لو لم تكن إسرائيل قائمة لأنشأناها، تلك الفرية أو الفرضية على أحسن تقدير، جرت أكثر من مرة على ألسنة قادة وزعماء غربيين وأمريكان، ويبدو أننا صدقناها، وتفننا فيما بعد في توصيفها، فطفقنا نشتق عبارات عربية بليغة لهذا الأمر، من مثل: إسرائيل قاعدة أمريكية متقدمة (يا للسخرية، هناك إحصاءات تتحدث عن وجود 55 قاعدة أمريكية في بلادنا، ولا يوجد قواعد أمريكية معروفة في الكيان فيما هو معلن!) و: إسرائيل حاملة طائرات أمريكية، والحقيقة أن عدد الطائرات الموجودة في قواعد مقامة في بلاد العرب وفي مياههم الإقليمية يفوق عدد طائرات سلاح الجو لدى العدو، وفي المحصلة، ما حاجة أمريكا لقاعدة عسكرية في إسرائيل، ما دامت أبواب بلاد العرب مفتوحة على مصراعيها لإقامة ما تشاء من قواعد؟

أما حكاية حماية المصالح الغربية، والأمريكية، فأمريكا والغرب يحمون مصالحهم بطريقتين، أكثر جدوى وأقل كلفة مما تكلفهم إسرائيل، الأولى: عبر قواعدهم العسكرية آنفة الذكر، والثانية عبر الأنظمة التي تتمتع بحماية أمريكا وتدور في فلكها تحت بند "إقامة الشراكات الاستراتيجية" و"التعاون الثنائي!" وحكاية الشراكات لا تقل سخرية عن فرية حماية إسرائيل للمصالح الغربية، فأي شراكة بين مستعمِر ومستعمَر، (بكسر الميم الأولى وفتح الثانية).

.

البعض يتحدث عن سبب آخر لإنشاء إسرائيل، وهو شعور الغرب بعقدة الذنب نتيجة ما وجده اليهود في أوروبا، وما يقال عن الإبادة النازية، لذا كان لا بد من قيام وطن قومي لليهود يعوضهم عن "العذابات!" التي وجدوها في الغرب، حسنا، منذ متى تتحرك دول الغرب بدافع "أخلاقي"؟ هذا أولا، وثانيا وثالثا وعاشرا، أليست إسرائيل اليوم المكان الأقل أمانا لليهود من أي بقعة في العالم؟ أين يقتل اليهود؟ فقط في "وطنهم القومي!" يعني تلك فرية متهالكة، لا تصمد أمام حقيقة أن تجميع اليهود في مكان واحد كفلسطين، جلب عليهم شرا مستطيرا من أهل البلاد الأصليين، الذين لم يسلموا (ولن) باستيلاء الأغراب على أرضهم، بالعكس من تلك الفرية، فقد جُمع اليهود في فلسطين لكي يسهل قتلهم، وكأني بهذا الكيان أقيم بوصفه "مؤامرة" على اليهود، أوقعتهم فيها الصهيونية العالمية، والتواطؤ الغربي، وتلك حكاية يطول الحديث فيها، وإن كانت جماعة ناطوري كارتا اليهودية المتدينة المتبرئة من الصهيونية هي العنوان الأبرز لهذه الحكاية، إذ تناصب هذه الجماعة كيان العدو العداء وتدعو اليهود إلى ترك فلسطين لأهلها العرب!

أقيمت "إسرائيل" كي تكون رأس حربة، بل قاعدة لكل الحراب الممكنة، لمشاغلة الأمة، وإنهاكها، ومنع صحوتها بكل الطرق، وعبر كل الوسائل، ابتداء من إقامة حزام سلطوي من الأنظمة الموالية للغرب والمتحابة مع الكيان، وانتهاء بسلسة عمليات تستهدف غسيل دماغ للعقل الجمعي العربي والمسلم، عبر منظومة من الأساليب الجهنميةآخرون يتحدثون عن سبب ديني دفع الغرب لإنشاء "إسرائيل"، وهو ترجمة لإيمان بعض الطوائف النصرانية بضرورة قيام إسرائيل للتعجيل بعودة المسيح، حسنا، هذه عقيدة دينية موجودة لدى بعض القوى المؤثرة في الغرب (المسيحية الصهيونية، أو الإنجيلية) ولكن هنا سؤال: بلاد علمانية تدوس كل يوم على كل القيم المسيحية، هل تقيم وزنا لهذا السبب "الديني" وتخصص له تمويلا يكاد يكون مفتوحا، وتستميت في الدفاع عنه؟ كيف يستقيم هذا الأمر وعقيدة اليهود أصلا تعتبر المسيحيين كفارا، وهم جزء من "الأغيار" الذين خلقهم إله اليهود يهوه كي يكونوا خدما لليهود؟

وفي المقابل يعتبر المسيحيون اليهود هم من قتل المسيح، وقد أفاض الإنجيل في شرح دور اليهود المناهض للمسيح من الإهانة والمضايقة (يوحنا 5:16، مرقص 14:65) إلى المطاردة والاعتقال (يوحنا 20:19) إلى الصلب والقتل (متّى 27:22-26). ويصفهم الإنجيل بأقذع الصفات: منها أنهم قتلة الأنبياء (لوقا 13/34 والرسالة الأولى إلى مؤمني تسالونيكي 2/14-15)، وأبناء قتلة الأنبياء (متى 23/31)، وأنهم "أولاد الأفاعي"، (متَّى 12/34) (متى 23/33 ومرقس 3/7)، وأنهم أهل رياء وفسق (متى 15/7-8 ومرقس 77/6) وأنهم أهل جهل وعمى وضلالة (متى 23/17، 23/19، 23/24، 15/14)، وأنهم عديمو الإحساس بالعدل والرحمة والأمانة (متى 23/23، والرسالة إلى مؤمني روما 10/3).

وفي المحصلة فكلا الطرفين يهودا ومسيحيين لا يلتقون "دينيا" وتصنفهم النصوص الدينية أعداء، وهم كذلك فعلا حين يتعلق الأمر بتضارب مصالحهما، ليس بسبب التناقض الديني فقط، بل بسبب تحكم المصالح البحتة في علاقة كلا الجماعتين، فما الذي جمعهما على هذا الشكل الغريب، الذي يجعل الغرب يستميت في الدفاع عن الكيان ويكرس له كل هذا الدعم غير المحدود المادي والمعنوي والحماية الدولية حتى ولو بلغت حد  مجرد "الإدانة" في مجلس الأمن؟ ما السر الكبير الذي يجعل الكيان ابنا مدللا لأمريكا والاتحاد الأوروبي والغرب عموما، ويحظى بكل هذا الدلال رغم ما يرتكبه يوميا من جرائم يندى لها جبين الإنسانية في فلسطين عموما وغزة على وجه الخصوص؟ ما الذي يجعل صاحب القرار وما يسمى تشكيلات الدولة العميقة في الغرب يغض الطرف عن كل تلك الفواحش ويستمر في ترديد الاسطوانة المشروخة وهي (حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها!) رغم أنها هي المعتدي وهي التي لطخت وجه المدنية الغربية برمتها بالدماء وهشمت صورة الغرب الزائفة بوصفه داعية حقوق إنسان وحريات وديمقراطية؟

صحوة الإسلام هي بداية نهاية الغرب واستفراده في حكم العالم، ولعل وقوف الغرب كله وراء الكيان في عدوانه الشرس على غزة الجهاد، وغزة حفظة القرآن، وغزة الإسلام، هو ما يفضح هذا الأمر.الجواب عن كل تلك الأسئلة، في كلمة واحدة فقط: الإسلام!

نعم، أقيمت "إسرائيل" كي تكون رأس حربة، بل قاعدة لكل الحراب الممكنة، لمشاغلة الأمة، وإنهاكها، ومنع صحوتها بكل الطرق، وعبر كل الوسائل، ابتداء من إقامة حزام سلطوي من الأنظمة الموالية للغرب والمتحابة مع الكيان، وانتهاء بسلسة عمليات تستهدف غسيل دماغ للعقل الجمعي العربي والمسلم، عبر منظومة من الأساليب الجهنمية، عن طريقة العبث بالمناهج، وصناعة التفاهة، وتضليل الوعي، وصناعة "أبطال" بديلين من ورق الفن والرقص والتمثيل، وغير هذا كثير مما لا يتسع المجال لشرحه، ومركز كل هذا والموجه له وتصنيعه هو الكيان، وأذرعه في بلاد العرب والمسلمين، أما لماذا؟ فباختصار شديد: صحوة الإسلام هي بداية نهاية الغرب واستفراده في حكم العالم، ولعل وقوف الغرب كله وراء الكيان في عدوانه الشرس على غزة الجهاد، وغزة حفظة القرآن، وغزة الإسلام، هو ما يفضح هذا الأمر.

وربما، للحديث صلة، إن كان في العمر بقية. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الكيان إسرائيل فلسطين إسرائيل احتلال فلسطين رأي كيان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا الأمر فی بلاد

إقرأ أيضاً:

إندفاع العراق نحو العالم يجعله يستعيد نفوذه

1 مارس، 2025

بغداد/المسلة: ‏محمد حسن الساعدي

‏بعد سقوط نظام صدام عام 2003 تمكن العراق من إعادة ترسيخ وجوده السياسي ومحاولة فرض نفوذه على علاقاته بالمنطقة من خلال شبكة عنكبوتية من العلاقات السياسية والاقتصادية والتبادل التجاري بينه وبين الدول الإقليمية والعالم لذلك ازدادت وتيرة العلاقة والمصالح الاقتصادية بينه وبين الغرب ما يجعلنا نسلط الضوء على المشاركة الغربية المتزايدة في قطاع الطاقة المهم والحيوي في العراق الأمر الذي أدى إلى زيادة التأثير السياسي والاجتماعي والاقتصادي للعراق في عموم القضايا العربية وساعدت في إشعال شرارة التحول الديمقراطي وتأثيره على الوضع الإقليمي والدولي .

‏يمكن القول أن الغرب خسر في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والذي تركز هذه المرة حول غزة وخسر الإسرائيلي لانه في الوقت الحاضر لم تستطيع اسرائيل من اقناع العالم وحلفائها الرئيسيون من إثبات قدرتها على تحقيق نقاط قوة أو على الاقل إعلان نصر أثناء الصراع مع الفلسطينيين أو اللبنانيين وفتح جبهتين في أن واحد، أو أن يكون لواشنطن لها تاثير في الصراع (الروسي-الأوكراني) ويبدو إن الغرب لم يتمكن من فعل شيء في هذه الصراع واللي بعضه يتركز في الشرق الأوسط أو كان خارج منطقة نفوذه والتي ركز فيها على تايوان.

‏لقد أثبتت الإطاحة السريعة والغير متوقعة بالنظام السوري إن الولايات المتحدة وحلفائها ما زالوا قادرين على تغيير الأنظمة وحشد ونشر مجموعة واسعة من الأصول السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستخبارية لإزالة زعيم حكم سوريا لفترة طويلة الأمد ليس من خلال الأدبيات الديمقراطية التي تنادي بها بل من خلال التآمر وحشد القوة الظلامية والخارجة عن القانون كما أنه أظهر أنه قادر على قلب توازن القوة الراسخ منذ فترة طويلة عند الضرورة وهذه دروس بسيطة وقويه يمكن أن تستفيد منها دول كالصين وروسيا وإيران وجميع اللاعبين الرئيسيين الآخرين في الشرق الاوسط.

‏العراق عقد مؤخرا العديد من الاتفاقيات مع الشركات البريطانية وتحديدا مع شركة شل لمناقشة فرص توسيع التعاون بين العراق وشركة الطاقة العملاقة بالإضافة إلى توقيع العراق مع بنك ستاندرد تشارترد البريطاني والمصرف العقاري للتجارة إلى جانبي اتفاقيات أخرى في مجال المياه والبنى التحتية بالإضافة إلى التعاون التعليمي وتبادل البعثات الأكاديمية اتفاقية أخرى مع شركة هاليبرتون لتطوير حقلي نهر ابن عمر وسندبان النفطيين .

‏يعد العراق أعظم جائزة إلى الغرب في الشرق الاوسط بسبب الاحتياطي النفط المهول التي يمتلكها والتي تعد الأرخص في المنطقة وأثبت العراق أنه كنز لا يمكن تفويته من الطاقة سواء الغربي أو الشرق على حد سواء وموقعه الجغرافي المهم الجاذب في قلب الشرق الأوسط.

حالة الانفتاح الذي يمارسها العراق على العالم تعزز فرص نفوذه الى المنطقة وتجعله محطة من محطات التفاهم والحوار بين مختلف الدول الاقليمية والدولية وهذا فعلاً ما تحقق خلال السنوات القليلة الماضية في حلحلة الكثير من الملفات العالقة بين دول المنطقة، وتجعله يأخذ مكانه الطبيعي في تهدئة المنطقة وإبعاد العراق عن ساحة الصراع ليكون نقطة الالتقاء لا ساحة صراع.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • لافروف: الغرب يتلاعب بالمبادئ الدولية ويشعل الصراعات
  • مجلس الأمن يعقد جلسات بشأن اليمن وغزة وسوريا الأسبوع الجارى
  • ماذا تعني المناطق الإسرائيلية في لبنان وسوريا وغزة؟
  • مجلس التعاون يستنكر بشدة الكيان الإسرائيلي المحتل دخول المساعدات إلى قطاع غزة
  • لماذا قررت إسرائيل إيقاف دخول المساعدات الإنسانية لغزة ولماذا تهدد بالحرب؟.
  • شاهد / مسلسل الأطفال الكيان المؤقت (1) - الجزء الثاني
  • لماذا ينتشر الفقر في العالم؟
  • السنة والشيعة .. بانوراما الضد والتوازن !
  • إندفاع العراق نحو العالم يجعله يستعيد نفوذه
  • لماذا أجلت إسرائيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين؟