قال مهندسان في ميناء الحريقة الليبي (شمال شرق البلاد) لوكالة رويترز للأنباء اليوم السبت إن الميناء متوقف الآن عن العمل والتصدير بسبب عدم ضخ النفط الخام وسط خلاف بين حكومتين في شرق وغرب البلاد أسفر عن إغلاق معظم الحقول. ونبهت المؤسسة الوطنية للنفط، بأنّ "الإقفالات المتكررة تؤدي إلى فقدان جزء كبير من الإنتاج النفطي وتتسبب في تدهور البنية التحتية للقطاع وتبدد الجهود المبذولة لتحقيق خطة زيادة الإنتاج".

وتهدد أزمة تأججت الأسبوع الماضي بشأن السيطرة على مصرف ليبيا المركزي بموجة جديدة من عدم الاستقرار في بلد من كبار منتجي النفط منقسم بين فصائل في الشرق والغرب.

وتطالب الإدارة التي تتخذ من شرق البلاد مقرا وتسيطر على حقول تشكل إنتاج ليبيا النفطي بالكامل تقريبا، السلطات في الغرب، بالتراجع عن قرار تغيير محافظ المصرف المركزي، وهو منصب مهم في دولة تمثل فيها السيطرة على إيرادات النفط مغنما كبيرا لأي فصيل.

وقال المهندسان اليوم إن الصادرات عبر ميناء الحريقة توقفت بعد تخفيض الإنتاج وشبه الإيقاف الكامل لحقل السرير، وهو مصدر الإمدادات الرئيسي للميناء.

وأضافا "الخزانات شبة فارغة. آخر شحنه خرجت بالأمس من الميناء".

ينتج حقل السرير (الذي يصدر إنتاجه عبر ميناء الحريقة) عادة نحو 209 آلاف برميل يوميا.

يأتي ذلك بعد أنباء عن إصدار الحكومة المتمركزة في الشرق أمرا بوقف عمليات تحميل النفط في موانئ البريقة والسدرة وراس لانوف والزويتينة والحريقة، وفقا لما أوردته وكالة بلومبيرغ عن أشخاص مطّلعين على الأمر ورفضوا الكشف عن هوياتهم لأن المعلومات خاصة.

وانخفض إنتاج النفط بأكثر من النصف هذا الأسبوع إلى أقل من 450 ألف برميل يوميا منذ أعلنت السلطات الشرقية في 26 أغسطس/آب الجاري أنها ستوقف كل الإنتاج والصادرات. وتأثرت الإمدادات إلى المحطات بما في ذلك السدرة -أكبر موانئ البلاد- وراس لانوف. واستمرت بعض الصادرات بعد الأمر، حيث كان تحميل النفط جاريا بالفعل.

وضخت ليبيا ما متوسطه نحو 1.18 مليون برميل يوميا في يوليو/تموز.

تحتوي المنطقة الشرقية على غالبية الحقول النفطية (رويترز) النفط العمود الفقري للاقتصاد

وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا في بيان أمس الجمعة إن إغلاق حقول نفطية في الآونة الأخيرة تسبب في فَقْد 63% تقريبا من الإنتاج الكلي للنفط في البلاد. يأتي ذلك بعد 5 أيام من إعلان الحكومة المسيطرة على شرق ليبيا والمكلفة من البرلمان حالة "القوة القاهرة" على قطاع النفط بالكامل وتوقف الإنتاج والتصدير.

ونبهت المؤسسة الوطنية للنفط بأن "قطاع النفط يعد صمام الأمان لليبيا حيث يمثل العاملون فيه كافة أنحاء البلاد من شرقها وغربها وجنوبها، هذا القطاع يجسد وحدة ليبيا ويُعد العمود الفقري لاقتصادها ومستقبل أجيالها القادمة".

وأكدت المؤسسة أن "الإقفالات المتكررة تؤدي إلى فقدان جزء كبير من الإنتاج النفطي وتتسبب في تدهور البنية التحتية للقطاع وتبدد الجهود المبذولة لتحقيق خطة زيادة الإنتاج".

وذكرت أن "إعادة تشغيل الحقول المتوقفة ستتطلب تكاليف باهظة وجهودا تقنية مضاعفة ما يزيد من الأعباء على المؤسسة وعلى الاقتصاد الوطني".

وأوضحت المؤسسة أن فرقها "تقوم حاليا بالعمل على تقليل الأضرار قدر الإمكان وتخفيف وطأتها على المواطنين وتقييم الخسائر الناتجة عن الإقفالات".

وأعربت عن توقعاتها بـ"حدوث انفراجة قريبة للأزمة".

وحتى الأربعاء الماضي بلغت خسائر إغلاق النفط والغاز في ليبيا أكثر من "120 مليون دولار خلال 3 أيام، وفق بيان لمؤسسة النفط، الخميس، بينت فيه تراجع معدلات الإنتاج الطبيعي من النفط من مليون و279 ألفا و386 برميلا الاثنين الماضي (يوم بداية الإغلاق) إلى 591 ألفا و24 برميلًا الأربعاء الماضي.

وتعتمد ليبيا على إيرادات تصدير النفط بنسبة 90%.

ومنذ منتصف أغسطس/آب الجاري، تعيش ليبيا توترات على خلفية أزمة إصدار المجلس الرئاسي قرارا بعزل محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير (رفض التسليم) وتعيين محمد الشكري، مكانه، وهو الإجراء الذي رفضه مجلسا النواب والدولة لصدوره من جهة "غير مختصة".

وإلى جانب أزمة المصرف المركزي الأخيرة، تعيش ليبيا أزمة أخرى منذ 3 سنوات متمثلة في صراع بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، التي تدير منها كامل غرب البلاد، وتحظى باعتراف دولي وأممي، والثانية حكومة أسامة حماد، ومقرها بنغازي، وتدير كامل شرق البلاد ومدنا بالجنوب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات میناء الحریقة

إقرأ أيضاً:

الميليشيات والصراعات المسلحة.. تهديدات تواجه الانتخابات البلدية في ليبيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تجري السبت ١٦ نوفمبر ٢٠٢٤، انتخابات بلدية في نحو ٥٨ بلدية ليبية، في سياق سياسي معقد يتسم بالتوتر والصراعات المستمرة. تأتي هذه الخطوة وسط جمود في العملية السياسية، وسوابق تأجيلات لعمليات اقتراع حظيت بدفع دولي.

وتُعد الانتخابات خطوة مهمة نحو تعزيز الديمقراطية المحلية، إلا أن الوضع السياسي المترنح في ليبيا يجعلها تحمل أكثر من مجرد طابع محلي، بل هي بمثابة اختبار حقيقي للإرادة الشعبية وسط الأزمات المستمرة التي تمر بها البلاد.
وتعيش ليبيا على وقع انقسام حكومي وأمني منذ عام ٢٠١١، وتتقاسم إدارة البلاد حكومتان: الأولى الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد، التي يترأسها أسامة حماد، المدعومة من البرلمان.
وهذا الانقسام السياسي تسبب في حالة من الجمود على جميع الأصعدة، بما في ذلك العملية الانتخابية، إضافة إلى ذلك، تعيش بعض المناطق في ليبيا تحت سيطرة جماعات مسلحة، وهو ما يخلق بيئة غير آمنة تؤثر على قدرة المواطنين على المشاركة في الانتخابات بحرية وأمان.
فالخلافات العسكرية بين الفرقاء السياسيين قد تؤدي إلى اندلاع اشتباكات في بعض الأحيان، مما يعقد إجراء أي استحقاق انتخابي في ظل غياب الاستقرار الأمني.
على الرغم من هذه التحديات، دعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات البلدية؛ مُشددًا على أن الأجهزة الأمنية مستعدة لتأمين الانتخابات وضمان سيرها بنجاح.
وحث «الدبيبة» الليبيين في تصريحاته على اختيار الأفضل لإدارة شئون بلدياتهم؛ مُعتبرًا أن الانتخابات خطوة نحو تقوية الروابط المحلية وتحسين الخدمات الأساسية.
لكن في ظل الصراعات المستمرة على السلطة والتوترات الأمنية التي تعيشها البلاد، يبدو أن هذه الدعوات قد تواجه تحديات كبيرة.
وتعد الانتخابات البلدية التي أجريت السبت خطوة أولى من أصل ١٤٣ بلدية في البلاد، بينما ستجرى انتخابات المرحلة الثانية في ٥٩ بلدية أخرى مطلع العام المقبل.
ورغم ذلك، يبقى التساؤل حول ما إذا كانت هذه الانتخابات ستشهد إقبالًا جماهيريًا كبيرًا أم أن العزوف الشعبي سيستمر، خاصةً في المناطق التي تعاني من أزمات أمنية أو في تلك التي شهدت اشتباكات مسلحة.
لطالما كانت ليبيا تشهد عزوفًا شعبيًا عن المشاركة في الانتخابات، وهو أمر تفاقم بسبب الشعور بعدم الاستقرار السياسي.
وتوجد ١٤٣ بلدية في عموم ليبيا، وفق مسئولي المفوضية الوطنية العليا، إلا أن الانتخابات لن تعقد إلا في ١٠٦ منها، مما انتهت مدة مجالسها الانتخابية.
ويري خبراء في الشأن الليبي، أن هناك مخاوف من عزوف الليبيين عن المشاركة؛ موضحين أن الشعب قد تعود على عدم المشاركة في الانتخابات لفترة طويلة، وهذا يتجسد في الاستفتاء على الدستور أو الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تأجلت مرارًا، أنه رغم العزوف المحتمل، أي مشاركة ستكون أفضل من السابق إذا كانت فاعلة في بعض البلديات.
ويرى البعض أن غياب الخيارات الفاعلة والمرشحين الأكفاء من شأنه أن يساهم في تفشي العزوف الشعبي، مما يعكس فقدان الثقة في النظام السياسي القائم.
وتعتبر هذه الانتخابات البلدية بمثابة اختبار مصغر لاستعداد الشعب الليبي لخوض الانتخابات العامة، التي تأجلت عدة مرات بسبب الخلافات السياسية والميدانية بين الأطراف المتنازعة.
ولا شك أن هذه الانتخابات قد تكون بمثابة بروفة حقيقية للعملية الانتخابية الأوسع التي يتطلع الليبيون إلى إجرائها.
وتُعد الأوضاع الأمنية من أبرز العوامل التي قد تؤثر على سير الانتخابات، ففي العديد من المناطق، لا يزال وجود الميليشيات المسلحة يُشكل تهديدًا حقيقيًا، حيث تسعى بعض الجماعات إلى فرض نفوذها على العملية السياسية، سواء من خلال تهديد المرشحين أو التأثير على نتائج الانتخابات.
فهذا الوضع يثير قلق المواطنين ويزيد من عزوفهم عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، خصوصًا في المناطق التي تشهد توترات مسلحة بين الفصائل المتنافسة.
يُضاف إلى ذلك غياب السلطة المركزية القوية التي تضمن الأمن في جميع أنحاء البلاد، مما يجعل بعض المواطنين يتجنبون المشاركة في الانتخابات خوفًا من التعرض للعنف أو التهديدات من قبل الجماعات المسلحة.
وفي حال استمرت هذه الصراعات في التأثير على العملية الانتخابية، فإن الاستحقاق الانتخابي قد يفشل في تحقيق أهدافه المنشودة، مما يزيد من تعقيد الأزمة الليبية.
ورغم الصراعات والتوترات الأمنية، يرى البعض أن إجراء الانتخابات البلدية في هذا الوقت يمكن أن يشكل شرارة لعودة الأمل في العملية السياسية، فهذه الانتخابات قد تكون بمثابة اختبار للقوى السياسية والمواطنين على حد سواء في قدرتهم على تجاوز الأزمات، ومنح فرصة للتغيير على المستوى المحلي.

مقالات مشابهة

  • ورشة عمل حول مؤشرات الأداء الرئيسية للطاقة في صناعة النفط والغاز
  • فرحات بن قدارة يشدد خلال اجتماع مع مجلس إدارة مؤسسة النفط على ضرورة تنفيذ خطة زيادة الإنتاج
  • “بن قدارة” يشدد على ضرورة تنفيذ خطة زيادة الإنتاج قبل نهاية العام
  • بن قدارة: لابد من تنفيذ خطة زيادة إنتاج النفط قبل نهاية العام
  • «بن قدارة» يشدد على ضرورة تنفيذ خطة زيادة الإنتاج قبل نهاية العام
  • الميليشيات والصراعات المسلحة.. تهديدات تواجه الانتخابات البلدية في ليبيا
  • ديوان المحاسبة يستعرض نتائج الميزانية الاستثنائية لمؤسسة النفط
  • إنيرجي كابتل آند باور: بهذه الطريقة.. تسعى ليبيا لإنتاج مليوني برميل نفط يوميًا
  • ارتفاع طفيف في أسعار النفط مع توقف الإنتاج في حقول نفطية رئيسية
  • مئات المواطنين في غزة ينتظرون لشراء الخبز وسط تفاقم أزمة الطحين.. فيديو