تحقيقات أمنية تكشف الأيادي الخفية وراء هجوم القاصرين على سبتة المحتلة
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
أخبارنا المغربية - محمد الحبشاوي
كشفت التحقيقات التي باشرتها السلطات الأمنية بشمال المملكة، خلال الأيام القليلة الماضية، حول المحاولات المتكررة لدخول مدينة سبتة المحتلة من طرف المهاجرين غير النظاميين، عن وجود أيادٍ خفية وراء هذا الهجوم المنظم والمخطط له.
وأشارت التحقيقات حسب مصادر مطلعة، إلى أن مجموعات منظمة تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "تلغرام" و"واتساب"، تعمل على استقطاب القاصرين والشباب، مقابل مبالغ مالية بسيطة.
وحسب المصادر ذاتها، فإن هؤلاء الأطفال والشباب يتلقون توجيهات دقيقة حول كيفية التسلل وتجاوز الحواجز الأمنية، من أجل الوصول إلى الشواطئ القريبة من المعبر الحدودي تاراخال، قبل أن يلقوا بأنفسهم في مياه البحر. وهذا الأمر يجعل من الصعب على السلطات السيطرة على الوضع ومنع هذه المحاولات المتكررة، على غرار المحاولة الجماعية الأخيرة التي اختلط فيها عشرات القاصرين بالمصطافين وسط رمال أحد الشواطئ المطلة على الثغر المحتل.
كما أكدت المصادر ذاتها أن هذه الشبكة المنظمة تعمل بشكل ممنهج، حيث يتم توجيه القاصرين وتجييشهم من مناطق مختلفة في المغرب، وخاصة المناطق الفقيرة، فضلاً عن قاصرين من الجزائر وتونس واليمن، ويتم التنسيق معهم بشكل شبه يومي لتحديد الوقت المناسب لاقتحام السياج الحدودي أو الدخول سباحة عن طريق البحر، سعيًا منهم إلى تشتيت تفكير القوات الأمنية بالفنيدق ونظيرتها الإسبانية.
وفي هذا السياق، كشف الخبير الدولي وأستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي، الدكتور أحمد الدرداري، في تصريح خاص لـ"أخبارنا"، أن تدفق المهاجرين سباحةً نحو المدينة المحتلة يثير قلقًا واسعًا بين السلطات المغربية والإسبانية، كما أنه يكلف جهودًا كبيرة، سواء بالنسبة للحرس المدني الإسباني ودوريات الإنقاذ البحري الإسباني، من حيث التعامل مع الظاهرة، أو بالنسبة للسلطات المحلية بعمالة المضيق الفنيدق، بحكم اختلاط أجناس المهاجرين، لا سيما وأن الهجرة في طور المحاولة غير خاضعة للتجريم، ويتم التعامل معها كظاهرة اجتماعية بتقديم المساعدة وإرجاع المهاجرين إلى بلدهم طبقًا للاتفاقيات الدولية.
وأضاف الخبير الدولي أنه حسب تقارير عمل الدوريات المغربية ودوريات الإنقاذ الإسبانية، فإن العشرات من الأشخاص يركبون البحر سباحة، فمنهم من حاول الاستمرار في السباحة، ومنهم من غرق، ومنهم من حاول الهروب من قوارب الإنقاذ عبر العودة إلى البحر رغم الخطر القاتل الذي يحدق بهم.
وتابع المتحدث أنه بعد المجهودات التي قامت بها السلطات المغربية ونظيرتها الإسبانية، تم إنقاذ العشرات من الأشخاص من الموت المحقق، من بينهم القاصرون الذين وصلوا إلى سبتة ويحملون الجنسية المغربية، وهو ما يقتضي إرجاعهم إلى وطنهم لكونهم أطفالًا غير راشدين.
ومعلوم أن السلطات الأمنية المغربية والوقاية المدنية تمكنت من إيقاف المئات من المهاجرين وانتشالهم من الغرق بشاطئ مدينة الفنيدق القريب من سبتة المحتلة، وذلك أثناء محاولتهم التسلل سباحة إلى سواحل سبتة بأعداد كبيرة. وأشار إلى أن عملية التسلل الجديدة أبانت عن وجود أيادٍ خفية تقف وراء هذه الأفعال الإجرامية التي يعاقب عليها القانون.
وأضاف أستاذ القانون أن المغرب قد أبرم في وقت سابق اتفاقية مع إسبانيا تتعلق بعمليات استقبال المهاجرين القاصرين والبالغين من الجزائر وجنوب الصحراء الكبرى بعد وصولهم إلى سبتة المحتلة، فيما تم الاتفاق على إرجاع المغاربة البالغين إلى نقطة انطلاقهم بالفنيدق.
وفي تصريحه، قال الدكتور الدرداري إن سبتة ومليلية تعتبران من قبل السلطات الإسبانية جزءًا من الاتحاد الأوروبي، بينما يعتبرهما المغرب مدينتين محتلتين من طرف إسبانيا. ويقتضي الأمر اتخاذ تدابير مشتركة إلى حين تسليمهما للمغرب دون تصعيد، بحكم أن الموضوع يتعلق بسيادة المغرب الترابية، وأن الوضع السياسي للمدينتين يجب أن يُدبر مرحليًا بشكل تشاركي أو عبر تجربة الحكم الذاتي.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: سبتة المحتلة
إقرأ أيضاً:
بلدة بورتوفينو الخفية.. أسرار البطاقة البريدية لإيطاليا
بورتوفينو- "روحي تجددت في بورتوفينو وتعلقت بها! من الصعب وصف جاذبية هذه القرية الصغيرة للصيد، المرغوبة للغاية، لكنني أعتقد أن أصالتها الطبيعية واحدة من أسرار ذلك"، تقول لورين وهي المواطنة الإنجليزية، للجزيرة نت، عن تجربتها السياحية، بأحد أشهر الأماكن الإيطالية. هنا من ساحة "ميناء الدلافين"، الترجمة اللاتينية لبورتوفينو، البلدة الصغيرة التي أضحت عنوانا بارزا في البطاقة البريدية لإيطاليا.
الجزيرة نت زارت بورتوفينو في رحلة بحرية، شمال غربي إيطاليا في إقليم ليغوريا، ضمن جولة استطلاعية للمكان وأسراره.
مفتاح الشهرةبعدما كانت قرية فقيرة للصيادين، متوارية عن الأنظار، أضحت بورتوفينو معروفة، قبلة للأغنياء والمشاهير، بفضل ميناءها الطبيعي الصغير، انطلاقا من خمسينيات القرن الماضي، حينما ظهرت خلال مشاهد أفلام أميركية إيطالية بارزة، كـ "لا كونتيسّا سكالتسا" (1954) للمخرج الأميركي جوزيف إلمانكيوتس، ثم مع زيارة أمراء أوروبا لها، كما هو حال أمير موناكو رينيه الثالث رفقة زوجته غريس كيلي في العام 1957.
أمير موناكو رينيه الثالث وزوجته الأميرة غريس كيلي لدى زيارتهما لبورتوفينو في 1957 (صحيفة لافوتشي دي جينوفا)ثم زاد صيت المنطقة باستجمام نجوم عالميين فيها مع مطلع الستينيات مثل إليزابيث تايلور وريتشار بورتون، الثنائي الشهير في عالم هوليود، بطلي فيلم كليوبترا (للمخرج إلمانكيوتس) الذي صورت بعض مشاهده (عام 1962) في المنحدرات الخلابة لبورتوفينو وبساحل الخليج الممتدة عليه، لتصبح البلدة حديث الصحافة الدولية ومحجا للمشاهير والعامة.
إعلان الطريق للمحميةالوصول إلى بورتوفينو يبدأ من مدينة جنوة عبر القطار أو الحافلة عبر رحلتين: الأولى إلى محطة سانتا مارغريتا ليغوري، ومنها رحلة ثانية بالحافلة أو العبَّارة "التراكيتُّو" نحو البلدة.
بورتوفينو، الواقعة جنوب مدينة جنوة (عاصمة إقليم ليغوريا)، تبدو كميناء طبيعي محمي بين خليجين: باراديزو وتيغوليو، فهي محمية بحرية تضم مروجا وكهوفا بحرية مخفية، تجذب هواة الغوص في مياهها الصافية، وما تكتنزه من تكوينات مرجانية وثروة سمكية متنوعة، أبرزها: السمك المتوسطي النهاش، والقاروص، والبركودا والأخطبوط.
بورتوفينو تتميز بميناء طبيعي صغير محاطا ببيوت ملونة تشد إليها الناظرين (الجزيرة)شكل المنطقة هرمي وهي ذات طبيعة خلابة، أغلب أشجارها زيتون وصنوبر: بحري أو حلبي، تتخللها نباتات وأعشاب طبية، أبرزها الزعتر، إكليل الجبل والريحان، كل هذا التنوع النباتي والبحري يقع ضمن "المنتزه الطبيعي الإقليمي بورتوفينو". إنها بلدة معلقة على سفح جبل بولوني الصغير (ارتفاعه 469 متر)، تتعلق بها أفئدة الناس كما هو حال السائحة لورين وآخرين ضمنهم عرب التقتهم "الجزيرة نت".
تبدو جغرافية بوتوفينو، الممتدة على سلسلة جبال أبينِّيني، كطبق عجائن "باستا تروفيي" تغزوه ممرات "البيسطو" (صلصة أساسها الريحان تشتهر بها لغوريا)، مع مرتفعات ومنحدرات حادة مطلة على ساحل مار ليغوري (جزء من البحر الأبيض المتوسط)، تتخلل أراضيها مسارات جبلية تغري المشائين.
بورتوفينو بلدة معلقة على سفح جبل بولوني الصغير (أدوبي ستوك)رغم المساحة الصغيرة لبورتوفينو (2.53 كلم مربع)، فإن ساحتها المقابلة للميناء تبدو كقلب كبير يحتضن السياح زرافات بالآلاف يوميا، على دفعات بحرا عبر اليخوت والعبارات والبواخر، وبرا عبر السيارات، الدراجات أو مشيا.
معالم وتراثأول ما يقابلك في بورتوفينو، عند الوصول مترجلا من العبارة ساحة صغيرة شهيرة يطلق عليها اسم "لابياتسيطّا"، والتي صنفت جمعية المواقع التاريخية في يوليو/تموز 2012 ضمن المواقع التاريخية في إيطاليا، نظرا لقيمتها التاريخية والثقافية، حيث كانت مركزا لتجمع ساكنة المدينة والسياح، وقبلها كانت امتداد للميناء الطبيعي حيث قوارب الصيادين التقليديين ترسو هناك.
تنوع ألوان واجهات المنازل في بورتوفينو يضفي لمسة جمال إضافية على المكان (أدوبي ستوك)"لابيتسيطا" ستتحول منذ منتصف القرن الماضي إلى مكان تؤثثه كراسي المطاعم، تعرض للزوار أشهى الأطباق المحلية، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: طبق تروفيي بالبيسطو الذي تحدثنا عنه ساسقا، والفوكاتشا بالجبن، والأنشوبة المتبلة، تورتا باسكوالينا. وكلها أطباق تتميز بالأصالة والبساطة.
في محيط لابياتسيطّا، والأزقة المتفرعة عنها، تصادف العين محلات فاخرة لماركات عالمية وأخرى تقليدية، تعرض جميل ما صنعت يد الصانع التقليدي البورتوفيني من حرف يدوية محلية أصيلة، نذكر منها "ميرليطُّو"، المعروف عند البعض بـ "الدانتيل"، وهو نسيج شبكي خفيف، مفتوح، مصنوع من خيوط بيضاء في الغالب، يصنع منه الحرفي المحلي فسانين وتنورات طويلة وفسيحة للنساء. ويعتبر اللباس المصنوع من "الدانتيل" في بورتوفينو امتدادا للتقاليد الملكية في إيطاليا.
محلات تجارية فخمة وأخرى تقليدية تعرض ملابس من نسيج الدانتيل المحلي الصنع (الجزيرة)ومما يشد الانتباه في جولة عبر أزقة بورتوفينو هو حسن تواصل القاطنين بها، وقدرتهم على حسن الاستماع لضيوفهم واستقبالهم بابتسامات، تفتح شهية المرء على التقرب منهم والتعرف على ثقافتهم المحلية.
التجول داخل أزقة المدينة يتيح تجربة رائعة للسائح للاطلاع على عمران المكان (أدوبي ستوك) صناعة المكراميةفي هذه الأرض، الناس تمتح ثقافتها من وحي الطبيعة، كما هو شأن "المكرامية"، الذي يحرص بعض السكان المحليين على استمرار صناعته يدويا واستعماله كحمال للمزهريات.
والمكرمية عند البورتوفينيين هي من صلب ثقافتهم البحرية، إنه نسيج يتم صنعه وفقا لتقنية بحرية قديمة بخيوط متشابكة ومعقودة معا، لكن دون استخدام الإبر أو الخطافات، وهو نفس المكرمية المنتشر في عديد من دول البحر الأبيض المتوسط.
صناعة المكرمية يعتمد على صياغة المنسوجات باستخدام العقدة دون اللجوء إلى الإبر أو الخطاف (بيكسابي)من قلب الساحة الصغيرة، تبهرك المنازل الملونة المحيطة بها، وهي مستلقية في الميناء، وصفاء المياه المنعكسة على الجدران، كأنك أمام لوحة انطباعية من توقيع الرسام الفرنسي كلود مونيه.
إعلانميناء بورتوفينو المحدود السعة، جميل المنظر، وإن بدا صغيرا جدا، وهو أشبه بنصف دائرة طبيعية، تحتضنه القرية كطفل صغير، ترسوا به أفخم وأضخم يخوت العالم.
المقاهي والمطاعم تنتشر في ساحة لابيتسيطا الرئيسية في بورتوفينو (شترستوك)هناك تقليد يقوم به الزائرون لأول مرة لبورتوفينو، حيث يمشون داخل شبه الجزيرة طولا نحو المنارة والتي تسمى ألفارو (الجنوب الشرقي)، عبر ممر مرتفع سان جورجو (يرتفع بنحو 1.5 كلم)، لمدة نصف الساعة.
قلعة براونلا يمكن زيارة بورتوفينو دون المرور من القلعة التاريخية "براون" التي بدأ تشيد نواتها الأولى كبرج للمراقبة في القرن الثاني بعد الميلاد، خلال عهد الرومان، ثم استكمل بناء القلعة في القرن العاشر، والتي تعرضت لهجمات بشكل متكرر من لدن "القراصنة المسلمين" للسيطرة عليها، كما توضح ذلك بلدية القرية في لوحة تعريفية بالقلعة.
قلعة براون التاريخية تطل على بورتوفينو وكانت برج يدافع عن المدينة من الهجمات البحرية (شترستوك)ولعشاق الفنون المعمارية، ينصح بالاطلاع على العمارة العتيقة في كل من كنيسة ديفو مارتينو (يعود تاريخ إنشائها إلى 986)، وكنيسة سان جورجيو (1154).
"هنا يمكنك الاستمتاع بالمعالم العمرانية والطبيعية عبر مزيج من الأنشطة، خاصة السباحة في هذه المياه الصافية والشفافة"، يقول للجزيرة نت السائح المغربي امحمد. كما أن السباحة وركوب الدراجات الهوائية والمشي أنشطة تميز المنطقة، التي تعرف تنظيم ترياثلون عالمي سنويا بالمنتزه الطبيعي والبحري.
كنيسة سان جورجيو من معالم بورتوفينو التي تظهر فيها العمارة العتيقة للمنطقة (شترستوك)لذلك ينصح برحلة الإياب مشيا من بورتوفينو لاكتشاف غاباتها من خلال الممرات الجبلية في اتجاه بلدتي سنتا مرغاريتا ليغوري شمالا، أو كاموليي غربا.
الزيارة باليوروالرحلة إلى بورتوفينو ذهابا وإيابا، بالنسبة للفرد، قد تتراوح تكلفتها في الحد المتوسط خلال يوم واحد، ما بين 300 إلى 800 أورو، وتشمل مصاريف التنقل، الإقامة والطعام لثلاث وجبات.
إعلانوأما بالنسبة لعائلة مكونة من أربعة أفراد، فقد تتراوح تكاليف الإقامة ما بين 700 و1200 أورو لليوم الواحد. ويستحسن توفرك على الأورو نقدا لأن بعض المحلات لا تتعامل ببطاقة الائتمان.
جانب من ساحل مار ليغوري الذي تطل عليه بورتوفينو (الجزيرة)وينصح بزيارة المنطقة في الصيف أو الربيع (من مايو/أيار إلى سبتمبر/أيلول)، حيث يكون الطقس معتدلًا ودافئًا.
وأما خارج موسم الذروة (من أكتوبر/تشرين الأول إلى أبريل/نيسان)، فإن هذه الفترة أقل ازدحاما وأسعار الإقامة أقل تكلفة، لكن المنطقة قد تكون باردة بعض الشيء، ومفتقرة لخدمات سياحية لا تتوفر سوى مع الجو الصحو، كالتنزه عبر اليخوت، والألواح المائية التي تبقى تجربة فريدة (كما عاينا ذلك في رحلتنا) لأنها واحدة من أسرار شهرة بورتوفينو المعروفة بمياهها الشفافة التي تعانقها الدلافين، خاصة مع قرب غروب الشمس.