سنشد عضدك بأخيك، سنشد: سنقويك ونعينك.. عضدك: العضد هو ما بين المرفق إلى الكتف كما أن العضد هو الناصر والمعين، شد العضد: كناية عن التقوية له، لأن اليد تشتد وتقوى، بشدة العضد وقوته.
لم يختر الله من الأقارب لشد العضد إلا الأخ، لن تجد بالدنيا شخص يشد عضدك مثل أخيك، الأخ هو سند المرء في حياته كلها، في صغره وهو يلعب، وإلى مدرسته وهو يذهب، وعند كبره حين يتعب، الأخ هبة رب العالمين، وقوة بعد الله على أعباء الدنيا به نستعين، فالغالب أن يقضي المرء وقتًا أطول في صحبة أخيه من صحبة والده، لذا تجده يعرف عنه الكثير، فيكون مستودع أسراره، ورفيق ذكرياته، وعونه في النكبات.
قيل في حب الأخ: هو ذلك الجبل الذي أسند عليـه نفسي عند الشدائد، وكيف لا أُحبه وربُّ الكون قال فيه: «سَنشدُّ عضدك بأخيك».
في اليابان، أثناء الحرب كان هناك ولد يحمل أخاه الميّت على ظهره ليدفنه، لاحظه جندي وطلب منه أن يرمي هذا الطّفل الميّت حتّى لا يتعب، ردّ عليه: هو ليس ثقيلا، هذا أخي، فهم الجندي وأجهش بالبكاء، منذ ذلك الوقت أصبحت هذه الصّورة رمز الوحدة في اليابان، ليته يصبح شعارنا: «ليس ثقيلا إنّه أخي.. .إنّها أختي»، إذا وقع ارفعْه، وإذا تعِب اساعدْه، وإذا ضعُف أسندْه، وإذا أخطأ أسامحه، وإذا تخلى العالم عنه أحمله فوق ظهري فهو ليس ثقيلًا إنه أخي.
ولكن في الآونة الأخيرة بدأت ظاهرة اجتماعية في الظهور على السطح بشكل مقلق وهي «تأزم العلاقات بين الإخوان والأخوات».
الأخوة ليست علاقات صداقة تنهيها حين يغدر بك الصديق ويخون، بل هي دم يجري في عروقك، فمن يقيسون عطاء الأخوة بقانون الأخذ والعطاء لن يحصدوا سوى جفاف المشاعر وتصخر الأحاسيس وتباعد المسافات، إن زرتني زرتك، وإن أعطيتني أعطيتك، وإن أحسنت إلي أحسنت إليك.
من الضروري أن تضع خطوطاً حمراء لكل من يحاول قطع رحمك والبعد عنهم، لأنك سترى المشهد نفسه يتكرر بين أبنائك والقطيعة تدب بينهم وأنت تتحسر عليهم، روعة الأخوة أن تشعر أختك أو أخاك بقيمته في حياتك باشتياقك له، بأن أمره وهمومه ومشكلاته تعنيك، بأن دموعه تنحدر من عينيك قبل عينيه، أن تسنده قبل أن يسقط، أن تكون عكازه قبل أن يطلب منك ذلك.
الأخوة ليست أسماء مرصوصة في بطاقة رسمية، ولا أوراقاً مرسومة في شجرة العائلة، ولا أرقاماً هاتفية مسجلة في هاتفك، أنتم إخوة، حملكم نفس الرحم، وأرضعتكم نفس الأم، وعشتم في البيت نفسه، وأكلتم من الصحن نفسه، وشربتم من الكأس نفسه، واحتفظتم بالذكريات نفسها، ولذلك لن تستطيع أن تمحو كل ذلك، وحتى لو حاولت ستشعر في نهاية كل يوم بتأنيب الضمير فالدم الذي يسري في عروقك سيشعرك بالحنين لإخوة يقاسمونك كريات دمك نفسها.
إياك ثم إياك أن تفرط بأخوتك من أجل أي شئ في هذه الدنيا فكل شيئ يمكن تعويضه.. الزوج يأتي بداله زوج آخر وكذلك الزوجة، والأبناء يأتي غيرهم من الأبناء، المال ياتي غيره مال ولكن إخوتك إن ذهبوا فلن يأتي غيرهم، فإن جميع الديانات تهتم بقوة الروابط بين الأخوة فهنيئاً لكل واصل رحم.
أيها الآباء! الزموا العدل والقسط بين الأبناء، وأحرصوا على تقريب القلوب بين الأبناء، وربوا أبناءكم على أن يفرح الأخ لنجاح وسعادة شقيقه، وأن ينعكس نجاح أحد الأبناء بالسعادة والسرور على باقي الأسرة، تشجيعاً للمقصر لينجح، ودفعاً للمفرط للتفوق، واحذروا اللوم الكثير، فإنها أساليب قد تضر أكثر مما تنفع. ويحرص الشقيق على شقيقه، فلا تزيد الأيام العلاقة بينهما إلا قوة، ولا تنفصم الرابطة الإيمانية والأسرية بينهما لأسباب تافهة، كأن تفرق بينهما امرأة (زوجة أحدهما مثلاً)، أو دنيا زائلة، أو وشاية مغرضة، أو خبر كاذب.. .إلخ.
تمسكوا بإخوانكم وأخواتكم اهتموا بهم فلا يوجد اجمل من الإخوة والأخوات بعد الوالدين، أسأل الله أن يبارك لنا في الأهل والولد والمال، وأن يصلح لنا ذريتنا، إنه سميع مجيب.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مقالات الاسبوع سنشد عضدك بأخيك
إقرأ أيضاً:
دور الأب في حياة الأسرة وتأثير غيابه على الأبناء: رؤية نفسية من د. محمد المهدي
أكد الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، على أهمية دور الأب في البناء النفسي والتربوي للأبناء، مشددًا على أن التركيز المفرط على جمع المال وشراء الكماليات قد يؤدي إلى خلل عاطفي وتربوي خطير في الأسرة.
جاء ذلك خلال حديثه مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج "الحكاية" المذاع على قناة "MBC مصر".
خطورة تحويل الأب إلى مصدر إنفاق فقطأوضح د. المهدي أن الأب الذي يُركز على العمل لجمع المال من أجل توفير حياة مادية مرفهة لأبنائه، مثل شراء السيارات أو تعليمهم في مدارس أجنبية، يُعتبر مقصرًا في الجانب التربوي.
وأشار إلى أن غياب الأب عن حياة أبنائه يحوّله إلى "ماكينة إنفاق" فقط، مما يؤدي إلى فقدان الأطفال شعورهم بالولاء والوفاء تجاهه.
دور الأب في التوازن النفسي للأطفالأكد الدكتور المهدي أن الحضور العاطفي والفعلي للأب في حياة أطفاله له دور جوهري في بناء وعيهم وشخصياتهم.
وتجاهل الأب لهذا الدور لصالح جمع المال يُعتبر من الأخطاء التربوية الجسيمة التي تُهدد استقرار الأسرة.
رسالة للآباء: الأولوية للتواجد مع الأسرةدعا د. المهدي الآباء إلى إعادة النظر في أولوياتهم وإعطاء الاهتمام الكافي لتواجدهم في المنزل ومشاركتهم في تفاصيل حياة أبنائهم، فالعلاقة العاطفية القوية بين الأب وأبنائه تُعزز من استقرارهم النفسي وتُساهم في بناء شخصيات سوية.