الأسبوع:
2025-11-18@06:43:20 GMT

سنشد عضدك بأخيك

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

سنشد عضدك بأخيك

سنشد عضدك بأخيك، سنشد: سنقويك ونعينك.. عضدك: العضد هو ما بين المرفق إلى الكتف كما أن العضد هو الناصر والمعين، شد العضد: كناية عن التقوية له، لأن اليد تشتد وتقوى، بشدة العضد وقوته.

لم يختر الله من الأقارب لشد العضد إلا الأخ، لن تجد بالدنيا شخص يشد عضدك مثل أخيك، الأخ هو سند المرء في حياته كلها، في صغره وهو يلعب، وإلى مدرسته وهو يذهب، وعند كبره حين يتعب، الأخ هبة رب العالمين، وقوة بعد الله على أعباء الدنيا به نستعين، فالغالب أن يقضي المرء وقتًا أطول في صحبة أخيه من صحبة والده، لذا تجده يعرف عنه الكثير، فيكون مستودع أسراره، ورفيق ذكرياته، وعونه في النكبات.

قيل في حب الأخ: هو ذلك الجبل الذي أسند عليـه نفسي عند الشدائد، وكيف لا أُحبه وربُّ الكون قال فيه: «سَنشدُّ عضدك بأخيك».

في اليابان، أثناء الحرب كان هناك ولد يحمل أخاه الميّت على ظهره ليدفنه، لاحظه جندي وطلب منه أن يرمي هذا الطّفل الميّت حتّى لا يتعب، ردّ عليه: هو ليس ثقيلا، هذا أخي، فهم الجندي وأجهش بالبكاء، منذ ذلك الوقت أصبحت هذه الصّورة رمز الوحدة في اليابان، ليته يصبح شعارنا: «ليس ثقيلا إنّه أخي.. .إنّها أختي»، إذا وقع ارفعْه، وإذا تعِب اساعدْه، وإذا ضعُف أسندْه، وإذا أخطأ أسامحه، وإذا تخلى العالم عنه أحمله فوق ظهري فهو ليس ثقيلًا إنه أخي.

ولكن في الآونة الأخيرة بدأت ظاهرة اجتماعية في الظهور على السطح بشكل مقلق وهي «تأزم العلاقات بين الإخوان والأخوات».

الأخوة ليست علاقات صداقة تنهيها حين يغدر بك الصديق ويخون، بل هي دم يجري في عروقك، فمن يقيسون عطاء الأخوة بقانون الأخذ والعطاء لن يحصدوا سوى جفاف المشاعر وتصخر الأحاسيس وتباعد المسافات، إن زرتني زرتك، وإن أعطيتني أعطيتك، وإن أحسنت إلي أحسنت إليك.

من الضروري أن تضع خطوطاً حمراء لكل من يحاول قطع رحمك والبعد عنهم، لأنك سترى المشهد نفسه يتكرر بين أبنائك والقطيعة تدب بينهم وأنت تتحسر عليهم، روعة الأخوة أن تشعر أختك أو أخاك بقيمته في حياتك باشتياقك له، بأن أمره وهمومه ومشكلاته تعنيك، بأن دموعه تنحدر من عينيك قبل عينيه، أن تسنده قبل أن يسقط، أن تكون عكازه قبل أن يطلب منك ذلك.

الأخوة ليست أسماء مرصوصة في بطاقة رسمية، ولا أوراقاً مرسومة في شجرة العائلة، ولا أرقاماً هاتفية مسجلة في هاتفك، أنتم إخوة، حملكم نفس الرحم، وأرضعتكم نفس الأم، وعشتم في البيت نفسه، وأكلتم من الصحن نفسه، وشربتم من الكأس نفسه، واحتفظتم بالذكريات نفسها، ولذلك لن تستطيع أن تمحو كل ذلك، وحتى لو حاولت ستشعر في نهاية كل يوم بتأنيب الضمير فالدم الذي يسري في عروقك سيشعرك بالحنين لإخوة يقاسمونك كريات دمك نفسها.

إياك ثم إياك أن تفرط بأخوتك من أجل أي شئ في هذه الدنيا فكل شيئ يمكن تعويضه.. الزوج يأتي بداله زوج آخر وكذلك الزوجة، والأبناء يأتي غيرهم من الأبناء، المال ياتي غيره مال ولكن إخوتك إن ذهبوا فلن يأتي غيرهم، فإن جميع الديانات تهتم بقوة الروابط بين الأخوة فهنيئاً لكل واصل رحم.

أيها الآباء! الزموا العدل والقسط بين الأبناء، وأحرصوا على تقريب القلوب بين الأبناء، وربوا أبناءكم على أن يفرح الأخ لنجاح وسعادة شقيقه، وأن ينعكس نجاح أحد الأبناء بالسعادة والسرور على باقي الأسرة، تشجيعاً للمقصر لينجح، ودفعاً للمفرط للتفوق، واحذروا اللوم الكثير، فإنها أساليب قد تضر أكثر مما تنفع. ويحرص الشقيق على شقيقه، فلا تزيد الأيام العلاقة بينهما إلا قوة، ولا تنفصم الرابطة الإيمانية والأسرية بينهما لأسباب تافهة، كأن تفرق بينهما امرأة (زوجة أحدهما مثلاً)، أو دنيا زائلة، أو وشاية مغرضة، أو خبر كاذب.. .إلخ.

تمسكوا بإخوانكم وأخواتكم اهتموا بهم فلا يوجد اجمل من الإخوة والأخوات بعد الوالدين، أسأل الله أن يبارك لنا في الأهل والولد والمال، وأن يصلح لنا ذريتنا، إنه سميع مجيب.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مقالات الاسبوع سنشد عضدك بأخيك

إقرأ أيضاً:

و"يطل الصباح من وراء القرون"

 

 

 

حمد الصبحي

عن ماذا يمكن للمرء أن يكتب اليوم؟ عن زمنٍ مضى ولم يترك خلفه إلا غبار الخطى؟ عن نقد الأمل الذي صرنا نعلّقه كتعويذة، مع أننا نعرف أنه هشّ كقشرة بيضة؟ عن انكسار العمر حين يتشقق مثل فخّارٍ سقط من رفّ الذاكرة؟ أم عن ما تبقّى من العمر نفسه، ذلك الجزء الضئيل الذي يبدو كفتات أيامٍ تقع من يد الزمن فلا يلتقطها؟

لا شيء يمكن قوله أمام هذا الزحف الهائل، زحف العمر وتشظّيه كمرآة انكسرت في يد الحقيقة.

الكتابة، رغم كل ما تدّعيه من قوة، تنكسر هي الأخرى عندما تصطدم بفعل الواقع القاسي. تتراجع إلى الخلف كأنها كلمة مرتعشة في مخزن كبير للكذب، سنوات عمرنا تبدو فجأة كأنها كانت تُباع في أسواق رخيصة، تُفصَّل حسب رغباتنا في غرف الأمل المزينة بالأهازيج، كنّا نحيك حول أنفسنا أزمنة مستهلكة، نضعها في علب محكمة، لا تختلف كثيرًا عن علب السردين، تنتهي صلاحيتها أسرع مما نتخيل.

هذا الصباح استيقظتُ مذعورًا، وكأن العالم تذكّر فجأة قدرته على سحق الإنسان بضغطة زر، فكرة واحدة، مجرد خاطر عابر، كانت كافية لتوقظ كل الخواء داخلي: الراتب لم ينزل.

عندها فهمت أن الإنسان لا يحتاج إلى كارثة كبرى ليسقط في هاويته؛ يكفي تأخّر تحويل شهري صغير ليكشف هشاشته، ليقول له: أنت واقف على خيطٍ رقيق، وكل شيء حولك قابل للانهيار.

تساءلت طويلًا عن أولئك الذين يعيشون هذه اللحظة كل يوم: المعطّلون عن العمل، المسرّحون الذين طُردوا من نظام لا يعترف بوجودهم، الباحثون عن وظيفة كأنهم يبحثون عن معنى لحياتهم لا عن مصدر رزق.

كيف ينهض هؤلاء بلا راتب؟ بأي طاقة؟ بأي عزاء؟ كيف يقنعون أنفسهم أن الغد يستحق الانتظار وأن نهارًا آخر قادر على حملهم؟

اكتشفت يومها أن الراتب ليس ملاذًا، بل خداعٌ رحيم، يربّت على كتفك ليذكّرك بأنك ما تزال داخل اللعبة. وما إن ينقطع حتى تنكشف الحقيقة: العالم لا يدين لك بشيء، والصباح نفسه ليس وعدًا؛ بل سخرية جديدة من القدر.

رمضان يقترب، والناس منشغلون بزينة الأمل، يلمّعون قلوبهم بالأمنيات، يتحدّثون عن العيد القادم كأنه خلاصٌ صغير.

وأنا أرى في كل هذا احتفالًا يحمل مرثية خفية للفقر، كأن البشر يحاولون ستر قلقهم بالأضواء، يخفون عجزهم تحت قماش الفرح.

ما أقسى أن تستيقظ وأنت تعلم أن النهار لم يعد وعدًا بالعيش؛ بل تكرار للعجز نفسه.

إن البطالة ليست غياب العمل؛ بل حضور فراغٍ يجلس في أعماقك، يُحدّق فيك كل صباح ويسألك ذلك السؤال الأبدي الذي لا يريد أحد سماعه:

ما جدوى أن أستيقظ؟

ونتذكر سيوران في نقده للصباح؛ بأنه بداية مأساة جديدة، وكأن "الصباح يطل من وراء القرون".

مقالات مشابهة

  • اليوم.. «تريندز» يبدأ جولة بحثية مكثفة في كندا
  • فتاوى| هل السحر له حقيقة ويتسبب فى أمراض أم مجرد شعوذة وتخييل؟.. كيف نرسخ عبودية الله في قلوب الأبناء؟.. هل أحصل على ثواب قيام الليل حال أدائه قبل الفجر بدقائق؟
  • كيف نرسخ عبودية الله في قلوب الأبناء؟.. الأزهر يوضح
  • الملائكة تدعو لك.. عالم وزارة الأوقاف: 3 مكتسبات ربانية بعد زيارة المريض
  • كيف يفكر المواطن بوطنه؟
  • عندما يأتي المساء
  • و"يطل الصباح من وراء القرون"
  • شاب يطلق النار على نفسه في مخيم البقعة
  • المحامي محمد الصبيحي .. اذا كتبت فضحت وإذا سكت إنسطحت
  • سايحي يُؤكد حرص الجزائر على تعزيز أواصر الأخوة والتعاون مع قطر