يصادف اليوم 30 أغسطس 2024، ذكري يوم عزيز على شعوب العالم، وهو اليوم العالمي لضحايا الإختفاء القسري، الذى إعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة ((الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري))، بموجب القرار 133/47، المؤرّخ 18 ديسمبر 1992، بوصفه مجموعة مباديء واجبة التطبيق على جميع الدول.
يأتى هذه اليوم التاريخي العظيم، وبلادنا تعاني أكثر من أيّ وقتٍ مضى، من ويلات الحرب الكارثية التى انطلقت فى قلب عاصمة البلاد الخرطوم، فى 15 أبريل 2023، واتسعت رقعتها فى البلاد، دون أدنى إكتراث من طرفى النزاع المسلح، لإحترام القانون الدولي الإنساني، الذى يحرّم ويجرّم استهداف المدنيين، والأعيان المدنية.

كما يعتبر ممارسة الإختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية.
مع مرور 503 يوم على هذه الحرب الكارثية، يتّضح – يوماً بعد يوم – حجم ونوع إنتهاكات حقوق الإنسان الأكثر خطورة ، وبصورة أكثر دقّة، إنتهاكات القانون الدولي الإنساني، وبصورة مروعة، وغير مسبوقة فى البلاد، إذ يواصل طرفا الحرب إحتجاز الآلاف من المواطنين والمواطنات السودانيين، ويتم تغييبهم/ن فى معتقلات "الإستخبارات العسكرية" التابعة للجيش السوداني، ومعتقلات "الدعم السريع" فى ظروف سريّة أوغير معروفة، وفى ظروف مجهولة تماماً، حيث تتعرض النساء والأطفال والشابات الشباب بصورة خاصة، لإنتهاكات جسيمة، منها التعذيب والعنف الجنسي، ومن قبل ومن بعد الحرمان من الحرية الشخصية "الإختفاء القسري".
يتعرض ضحايا الإختفاء القسري فى السودان، للحرمان من حريتهم/ن الشخصية، بصورة متزايدة، ويرفض طرفا النزاع المسلح "الدعم السريع" و"الجيش" الكشف عن مصير الأشخاص المخفيين قسراً، أو عن أماكن وجودهم/ن، وهذا ما يجرّدهم/ن من حماية القانون، ويعرضهم/ن للمزيد من الإنتهاكات.
صحفيون لحقوق الإنسان – جهر – السودان، تؤكّد أن (الإختفاء القسري) أصبح واحد من أخطر الأسلحة المستخدمة فى الحرب الكارثية فى السودان، وهذا يجعلنا نشعر – فى جهر - بالقلق على مصير آلاف المخفيين والمخفيات قسرياً فى السودان، ونشير بوجه خاص إلى استمرار وازدياد حملات المضايقات التى يتعرّض لها المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان فى السودان، بما فى ذلك، الصحفيين والصحفيات "المدافعين/ات"، فى مناطق النزاع المسلّح، بين طرفى الحرب الكارثية، وفى المناطق التى تقع تحت سيطرة أيٍّ من الطرفين، ونشير بصورة خاصة إلى المضايقات والتهديدات التى يتعرّض لها الصحفيون والصحفيات، مما يجعلهم /ن يعملون فى ظروف غير مواتية للقيام بمهامهم/ن الصحفية، بصورة مهنية وإحترافية عالية، وبالرغم من كل ذلك، فإنّ الصحفيين والصحفيات فى السودان، يقومون بتضحيات كبيرة فى سبيل القيام بمهامهم/ن الصحفية، كما نشير كذلك، للمضايقات التى تتعرض لها الكوادر الطبية والصحية، وعمال وعاملات الإغاثة، ولجان "التكايا"، ولجان المقاومة، ولجان الخدمات الذين يبذلون كل الجهود الممكنة فى سبيل تقديم الخدمات الضرورية للمتضررين من الحرب، والأوضاع الماساوية التى خلقتها فى كل الوطن السوداني، مضافاً إلى ذلك، صعوبة – بل، استحالة - تقديم الخدمات الضرورية لضحايا الحرب وضحايا الكوارث الإنسانية، والسيول والأمطار التى دمّرت آلاف المنازل فى مناطق عديدة من السودان فى الولاية الشمالية وولاية البحر الأحمر وولايات دارفور، وغيرها، بسبب التهديدات والمضايقات التى يتعرضون لها مقدّموا الخدمات الإنسانية، بما فى ذلك، الإعتقال والتعذيب، والإختفاء القسري .
نؤكّد نحن فى (جهر) أنّ مضايقة الصحفيين/ ات، مُهدّد حقيقي وخطير لسلامتهم/ن، كما نؤّكد أنّ السيطرة من طرفي الحرب فى السودان، على الإتصالات، والإنترنيت، مُعيق للعملية الصحفية، ويُشكّل انتهاكاً للحق فى التعبير والصحافة. ومعلوم أنّ الدعم السريع يهيمن على خدمة الإنترنيت فى مناطق سيطرته، عبر إمتلاك عناصرها لأجهزة "ستار لينك"، بل يجعلون منها سلعة غالية الثمن، ويتم استخدامها تحت المراقبة اللصيقة، بما يمنع حرية التعبير والكلام لمستخدميها، ويحرمهم/ن من الخصوصية، والأمان الشخصي، وتتم ذات السيطرة على الصحافة والإعلام فى مناطق سيطرة الجيش، من قِبل الإستخبارات العسكرية.
فى اليوم العالمي لضحايا الإختفاء القسري، نطالب طرفي النزاع المسلح فى السودان، بالكشف عن المحتجزين والمحتجزات قسرياً، ومن قبل ومن بعد، نطالبهم بوقف هذا الإنتهاك الفظيع الذى يشكّل جريمة ضد الإنسانية، وفق القانون الدولي الإنساني، وجريمة وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان.
نطالب ونشجّع اللجنة الدولية للصليب الأحمرلمواصلة جهودها المبذولة للوصول لأماكن احتجاز وإعتقال المخفيين والمخفيات قسرياً، فى السودان، ونطالب المجتمع الدولي، بوضع قضية الإختفاء القسري، فى مقدمة أجندة المفاوضات مع طرفي الحرب فى السودان.
نحن فى (صحفيون لحقوق الإنسان – جهر – السودان، نؤكّد ونُجدّد تضامننا غير المحدود مع ضحايا الإختفاء القسري، وعائلاتهم/ن وأسرهم/ن، ونتعهّد بالتعاون والتنسيق مع كل الجهات المعنية بقضايا الإختفاء القسري، كما نتعهد بالقيام بدورنا الصحفي، فى تسليط الضوء لقضايا المختفين والمختفيات قسرياً فى السودان، كما نتعهّد ببذل كل الجهود الصحفية فى التضامن مع ضحايا الإختفاء القسري، وأسرهم، والمطالبة بإنصافهم/ن.
#أوقفوا_الإخفاء_القسري
صحفيون لحقوق الإنسان – جهر – السودان
30 أغسطس 2024

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإختفاء القسری القانون الدولی الحرب الکارثیة لحقوق الإنسان فى السودان فى مناطق

إقرأ أيضاً:

حيرة العرب بين «الفيل» و«الحمار»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يذكرنى بعض العرب فى السلطة وخارجها، ممن ينتظرون بلهفة نتائج الانتخابات الأمريكية التى تجرى بين الديمقراطية «كامالا هاريس» والجمهورى «دونالد ترامب» آملاً فى أن تحمل تلك النتائج بعض أوجه التغيير فى منطقتنا المنكوبة بالحروب والكوارث والمآسى، بالمثل الشعبى القائل «يامستنى السمنة من بطن النملة لا أنت طابخ ولا قالى». وبرغم التحذير الذى ينطوى عليه المثل لمن يبالغون فى توقعاتهم، وينتظرون شيئاً سوف يأتى، لكنه لا ياتى وغير قابل أصلاً للمجئ، وأيضاً السخرية من جهلهم بخصائص النملة وطبيعتها، فالمثل يتضمن كذلك استهانة بعناصرالقوة التى يمتلكها هذا الكائن الضئيل والهش.

بدأت «كمالا هاريس» مرشحة الحزب الديمقراطى، الذى يتخذ منذ نهاية القرن التاسع عشر من الحمار رمزاً له، حملتها الانتخابية، التى قادتها الصدف لخوضها، بإبداء التعاطف مع الفلسطينيين فى غزة والدعوة لوقف الحرب. ثم ما لبثت أن تراجعت ورفعت الشعار المجرم الذى يقول بمناسبة وبغيرها، إن من حق إسرائيل الدفاع عن النفس. وكان بايدن قد اتخذ هو وإدارته الصهيونية، من هذا الشعار،  مبرراً لمنح إسرائيل الضوء الأخضر لشن حرب إبادة جماعية وتهجير قسرى ضد الشعب الفلسطينى. بالإضافة لتشجعيها على تجاهل كل القوانين والمؤسسات الدولية، التى تحمى سيادة الدول وتؤمن أعرافاً وقوانين لإدارة الحروب، بالحرب المستمرة على لبنان. ولولا الدعم العسكرى واللوجستى والمخابراتى غير المسبوق فى تاريخ العلاقات بين الطرفين، الذى عزز هوس نتنياهو كمجرم حرب تطارده العدالة الجنائية، بسفك الدماء، لتوقفت الحرب .

والتضارب فى التصريحات والتقلب فى المواقف هى من طبيعة الانتخابات التنافسية. وبطبيعة الحال تسعى «هاريس» لكسب أصوات اليهود، حيث يبلغ عددهم نحو 6 ملايين من بين تعداد السكان البالغ 337 ملايين نسمة بنسبة تصويت تصل إلى 2.4%من أعداد المصوتين الذين يصل عددهم إلى 186 مليون ناخب.. وبرغم أنها نسبة تبدو ضئيلة، إلا أن قوتها لا تكمن فى عددها، بل فى تنظيمها كقوة ضغط توجهها وتديرها لجنة الشئون العامة الأمريكية -الإسرائيلية المعروفة إعلاميا باسم «أيباك». هذا فضلاً عن أن عدداً كبيراً من المراقبين للسباق الانتخابى بين الديمقراطيين والجمهوريين، يؤكدون أن السياسة الخارجية لا تشغل بال الناخبين، بقدر اهتمامهم بالقضايا الاقتصادية والداخلية، لاسيما قضايا الهجرة والحق فى الإجهاض، التى تلقى بظلالها على الحياة اليومية لمعظم الشعب الأمريكى وتتحكم فى مسارها وتساهم فى تأرجحها بين الجودة والرداءة .

لكن هذا التوجه سوف يصطدم بحقيقة تلعب دوراً مهماً فى النتائج التى ستسفر عنها الانتخابات،  وهى أن 49% ممن يصوتون هم من الشباب الذى قاد أعداد  منهم، لا يستهان بها مظاهرات عارمة فى كبرى الجامعات الأمريكية ضد موقف إدارة بايدن من غزة، وللمطالبة بوقف الحرب .

فى خطابه للجاليات الأمريكية من أصل عربى التى يبلغ عددها نحو 3.7 ملايين مواطن، تعهد المرشح الجمهورى دونالد ترامب بوقف الحرب فى الشرق الأوسط، لكنه فى بداية الحملة،  وربما تيمناً برمز الفيل الضخم الذى يتخذه الجمهوريون شعاراً لهم، قال نصاً «إن مساحة إسرائيل تبدو على الخريطة صغيرة،  ولطالما فكرت  كيف يمكن توسيعها». وكما بات معروفاً فقد كان هو من أمر بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعتبر الجولان السورية المحتلة جزءاً من دولة إسرائيل .

خلاصة القول إن الفروق تبدو طفيفة فى الموقف من قضايا المنطقة بين المرشحين الجمهورى والديمقرطى. فكلا المرشحين يدعمان تسيد إسرائيل على دول الشرق الأوسط بالقوة وبالبلطجة بإعانتها بكل عناصر القوة والتفوق، وبمحاولات إضعاف محيطها العربى، حتى لو كان ذلك ضد رغبة حكامها وشعوبها، وحتى بتجاهل الاعتراضات المتصاعدة فى المجتمع الأمريكى على الدور الذى باتت إسرائيل تلعبه فى السياسة الخارجية الأمريكية. وعلينا أن ندرك أنه لا سمنة سوف تأتى من بطن النملة، ولا حلول خارجية منتظرة لمشاكل المنطقة،  ما لم تتشكل إرادة سياسية تسعى عبرها دولها، لتغيير موازين القوى لصالحها، والعمل  الجاد والشاق للبحث الجماعى عن حلول لتلك المشاكل من داخلها .

وإذا كان لنا أن نستخلص بعض حكمة النمل،  فهو يمتلك تنظيماً أسطورياً لصفوفه وحنكة لتوجيهها نحو أهدافها، يفتقد إليها أحيانا بعض البشر، فقد عجزت الجاليات العربية فى الولايات المتحدة أن تستلهم تلك الخبرة بحثاً عن نفوذ لها فى المجتمع الذى استوطنت به.. والنمل  برغم هشاشته وعدم استطاعة رؤيته بالعين المجردة، يمتلك قدرة عالية على الإيذاء حين تلسع لدغاته وتؤرق من تستهدفه. وهو استطاع بفطنته أن يتحاشى دهس جنود النبى سليمان كما أرشدنا العلى القدير بقوله تعالى «وحين أتوا على واد النمل،  قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم، لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون».

وبدلاً من انتظار «سمنة» من نتائج الانتخابات الأمريكية، استحضروا الإرادة الجماعية الغائبة، وتأملوا حكمة النمل وقدرته على تنظيم صفوفه وسعيه الذكى  لتحاشى الأذى .

مقالات مشابهة

  • حيرة العرب بين «الفيل» و«الحمار»
  • برهان في المنتدى الحضري العالمي: أهمية التعاون الدولي لإعادة إعمار السودان
  • جابر: الإمارات تزود التمرد بالسلاح علنًا وتؤجج الحرب في السودان
  • عمرو درويش يطالب البرلمان بالوقوف ضد محاولات أهل الش للتشكيك في قانون الإجراءات الجنائية
  • سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (1)
  • وزير المالية: البنك الدولي خصص 300 مليون دولار لدعم السودان
  • في اليوم الـ394.. حصيلة جديدة لضحايا الحرب في غزة
  • اليوم.. مؤتمر صحفي مشترك لرئيس الوزراء ومديرة صندوق النقد الدولي
  • على الفاتح يكتب: «الزلزال»..!  
  • المطران عطاالله حنا: أوقفوا المحرقة لشعبنا في غزة ولبنان