معهد الشرق الأوسط: الكبير حافظ على ثروة ليبيا السيادية طيلة 12 عامًا ولا يزال يسيطر على المصرف
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
سلط معهد الشرق الأوسط الأمريكي للدراسات الضوء على الأزمة التي يمر بها المصرف المركزي الليبي، محذرًا من أن الوضع يشكل خطرًا واضحًا وحاضرًا على البلاد بأكملها، ويهدد سلامتها وأمنها فضلاً عن اقتصادها.
وذكر معهد الدراسات الأمريكي، في تقرير حديث له، ترجمته “الساعة 24″، أنه إذا لم يتم حل الصراع، فإن ملايين الليبيين الذين يعتمدون على مصرف ليبيا المركزي لضمان دفع رواتبهم وخطابات الاعتماد الضرورية لتزويدهم بمليارات الدولارات سنويًا من الوقود المستورد وزيت الطهي والغذاء سوف يواجهون نقصًا فوريًا.
وأوضح التقرير أن الصديق الكبير، الذي نجا على مدى 12 عامًا من وجوده في منصبه، قد نجا من الحكومات المنقسمة ومساعي البعض المتكررة لاستبداله بأشخاص يمكن السيطرة عليهم بسهولة أكبر.
واعتبر المعهد الأمريكي أن الكبير، خلال هذه الضغوط، تمكن من الحفاظ على استقلال البنك المركزي شبه الكامل عن السياسة الليبية، وحافظ على ثروة ليبيا السيادية في مأمن من بعض الجهود الرامية إلى مداهمة ميزانيتها، حتى مع الحديث عن الفساد وانتهاكات طلبات الاعتماد من قبل المستوردين المفضلين والمقاولين الحكوميين.
وأوضح التقرير أن استقلال الكبير لعب دورًا أساسيًا في الجهود الحالية لإزاحته، مشيرًا إلى أنه في فبراير الماضي أعلن محافظ مصرف ليبيا المركزي عن خلافاته مع عبد الحميد الدبيبة بشأن الإنفاق، وانتقد الدبيبة لوعده بزيادة الرواتب وغيرها من الإنفاق العام الذي من شأنه أن يتجاوز دخل البلاد.
ولفت التقرير إلى أن الدبيبة اتهم الكبير بالكذب والفساد، مما فتح الباب لمزيد من تسييس مصرف ليبيا المركزي وأدى إلى الصراع الحالي من أجل السيطرة. ودخل على خط الأزمة المجلس الرئاسي، الذي يعمل بالتنسيق مع حكومة الدبيبة، وفق التقرير.
وفي منتصف أغسطس، حاول رجال مسلحون الاستيلاء على مكاتب مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، وفي 16 أغسطس دخلت مجموعة مجهولة الهوية منزل مسؤول رئيسي في مصرف ليبيا المركزي كان بحوزته كلمات المرور اللازمة للوصول إلى أنظمة الدفع الخاصة به واختطفته.
وردًا على ذلك، أغلق الكبير مصرف ليبيا المركزي في 17 أغسطس، الأمر الذي أدى إلى إطلاق سراح المسؤول في اليوم التالي. وردًا على ذلك، عيَّن رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي مجلس إدارة جديدًا لمصرف ليبيا المركزي وأعلن أن الكبير قد تم فصله واستبداله. وتبع هذا القرار على الفور مداهمات لمكاتب مصرف ليبيا المركزي من قبل رجال مسلحين مجهولين، ثم وُضع تحت سيطرة وزارة الداخلية بقيادة الطرابلسي المعين من قبل الدبيبة.
وأشار التقرير إلى أنه في خضم عمليات اختطاف موظفي المصرف المركزي، حافظ الكبير على مغادرة موظفين مهمين يحملون مفاتيح عمليات المصرف لإبعادهم عن طريق الأذى. وفي الوقت نفسه، أعلن القائم بأعمال المحافظ الجديد عبد الفتاح غفار، الذي تم تعيينه للتو نائبًا للمحافظ، أنه أصبح الآن مسؤولاً عن المصرف.
ورأى معهد الشرق الأوسط الأمريكي أن الصديق الكبير لا يزال يسيطر على الوصول إلى أنظمة المعلومات والمدفوعات التابعة للمصرف لكنه لم يعد بوسعه دخول المصرف دون المخاطرة بالاعتقال الفوري.
وأوضح أن القائم بأعمال رئيس المصرف عبد الفتاح غفار ومجلس إدارته لا يملكون أي سيطرة على أنظمة المصرف، سوى فقط مكاتبه المادية، مشيرًا إلى أن الكبير لا يزال يملك بعض الأوراق التي يمكنه اللعب بها، إضافة إلى امتلاكه مفاتيح المصرف ماديًا والاعتراف بدوره من قبل حكومات أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة وبنوك مركزية أخرى.
وحذر التقرير من أن الوضع يهدد المدفوعات المحلية والدولية على حد سواء، ونظرًا لاعتماد ليبيا على الواردات لتلبية الاحتياجات اليومية الأساسية مثل الغذاء، فضلاً عن دفع رواتب الناس، فإن هذا يهدد بانزلاق سريع للبلاد بأكملها إلى دوامة من عدم الاستقرار والانهيار المحتمل.
المصدر: صحيفة الساعة 24
كلمات دلالية: مصرف لیبیا المرکزی إلى أن من قبل
إقرأ أيضاً:
ترامب وحقبة الشرق الأوسط الجديد
تتردد شائعات حول انسحاب الولايات المتحدة من سوريا منذ سنوات في أجندة الرأي العام الدولي. وفي فبراير الماضي، كشفت تقارير استخباراتية أن واشنطن تعمل هذه المرة على تسريع العملية بشكل جاد. ورغم أن الانسحاب يتم بشكل تدريجي بحجة مخاوف أمنية تتعلق بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إلا أن السبب الحقيقي مرتبط مباشرة بالمخاطر والضغوط التي يمارسها الكيان الصهيوني واللوبي اليهودي في أمريكا. فالكيان الصهيوني يخشى من التزام قسد بالاتفاقيات مع حكومة دمشق، ويشعر بقلق بالغ من تزايد نفوذ تركيا، التي تُعتبر الفاعل الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار في سوريا.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان على دراية بالخطط القذرة، فقد كان مصمما على عدم الانجراف لهذه اللعبة. فاللوبي الصهيوني يسعى إلى تحريك مسلحي «داعش» والميليشيات الشيعية، وتنظيم وحدات حماية الشعب (YPG) والأقليات الدرزية، أو العلوية في المنطقة، لتحويل سوريا إلى «لبنان جديدة»، ثم جر القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) إلى هذه الفوضى. لكن يبدو أن إدارة ترامب تقاوم هذا السيناريو بقوة.
حصل ترامب على الفرصة لتنفيذ خطته الاستراتيجية للانسحاب ليس كـ»تراجع»، بل كإعادة تموضع
فعندما أراد ترامب الانسحاب من سوريا في 2019 خلال ولايته الرئاسية الأولى، تمت إعاقة هذه الخطوة من قبل المحافظين الجدد الموالين للكيان الصهيوني، واللوبي اليهودي المؤثرين في الدولة العميقة الأمريكية. وشملت الضغوط على ترامب حججا عدة مفادها، أن الانسحاب سيعود بالنفع على إيران وروسيا، ويعرض أمن الكيان الصهيوني للخطر، بالإضافة إلى مخاطر تدخل تركيا، ضد أي «دولة إرهاب» قد تقام في المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب. في ذلك الوقت، لم يكن ترامب يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة هذه الضغوط، فلم يستطع تنفيذ استراتيجية الانسحاب، لكن اليوم، اختفت معظم المبررات التي حالت دون الانسحاب، فقد تم احتواء تهديد «داعش»، وأقامت تركيا توازنا جديدا على الأرض عبر عملياتها العسكرية، كما أصبحت مكاسب إيران وروسيا في سوريا قابلة للتوقع، ولم يتبق سوى عامل واحد، وهو استراتيجيات الكيان الصهيوني المعطلة. حتى الآن، تشكلت خطة «الخروج من سوريا» لصالح ترامب سياسيا داخليا وخارجيا، وقد أضعف ترامب بشكل كبير نفوذ المحافظين الجدد، واللوبي الصهيوني مقارنة بفترته الأولى. كما أن مطالب الكيان الصهيوني المفرطة، يتم تحييدها بفضل الدور المتوازن الذي يلعبه الرئيس أردوغان.
وهكذا، حصل ترامب على الفرصة لتنفيذ خطته الاستراتيجية للانسحاب ليس كـ»تراجع»، بل كإعادة تموضع تتماشى مع الاستراتيجية العالمية الجديدة للولايات المتحدة. لأن «الاستراتيجية الكبرى» لأمريكا تغيرت: فالشرق الأوسط والكيان الصهيوني فقدا أهميتهما السابقة. يعتمد ترامب في سياسة الشرق الأوسط للعصر الجديد على نهج متعدد الأقطاب، لا يقتصر على الكيان الصهيوني فقط، بل يشمل دولا مثل تركيا والسعودية وقطر والإمارات ومصر وحتى إيران. وهذا النهج يمثل مؤشرا واضحا على تراجع تأثير اللوبي اليهودي، الذي ظل يوجه السياسة الخارجية الأمريكية لسنوات طويلة. وإلا، لكانت الولايات المتحدة قد تخلت عن فكرة الانسحاب من سوريا، وعززت وجودها على الأرض لصالح الكيان الصهيوني، ما كان سيؤدي إلى تقسيم البلاد وتفتيتها إلى خمس دويلات فيدرالية على الأقل. لكن ترامب، خلال الاجتماع الذي عُقد في البيت الأبيض في 7 أبريل بحضور رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو، أعلن للعالم أجمع أن تركيا والرئيس أردوغان هما فقط الطرفان المعتمدان في سوريا. كانت هذه الرسالة الواضحة بمثابة رسم لحدود للكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني في أمريكا.
ينبغي عدم الاستهانة بخطوات ترامب، ليس فقط في ما يتعلق بالانسحاب من سوريا، بل أيضا في تحسين العلاقات مع إيران بالتنسيق مع تركيا وروسيا. هذه الخطوات حاسمة، وقد تم اتخاذها، رغم الضغوط الشديدة من اللوبي اليهودي الذي لا يزال مؤثرا في السياسة الأمريكية. ولهذا السبب، يتعرض ترامب اليوم لانتقادات حادة من الأوساط الصهيونية والمحافظين الجدد، سواء داخل أمريكا أو خارجها.
المصدر: القدس العربي