عواصم-رويترز

تسبب نزاع حول السيطرة على مصرف ليبيا المركزي في اضطرابات واسعة لإنتاج البلاد من النفط، وينذر بالتحول إلى أسوأ أزمة منذ سنوات في بلد يعد مصدّرا كبيرا للطاقة، لكنه منقسم منذ فترة طويلة بين فصائل متناحرة في الشرق والغرب.

وتفاقم الخلاف عندما تحركت فصائل من الغرب هذا الشهر للإطاحة بالمحافظ المخضرم الصديق الكبير، مما جعل فصائل في الشرق تقدم على وقف إنتاج النفط بالكامل.

وصار الوضع متداخلا للغاية لدرجة أنه في حين يحتفظ الكبير بالسيطرة على الموقع الإلكتروني للمصرف المركزي، فإن مجلسا منافسا عينه المجلس الرئاسي يصدر بيانات عبر صفحة البنك الموثقة على موقع فيسبوك.

ونقلت صحيفة فايننشال تايمز اليوم الجمعة عن الكبير، الذي سافر إلى الخارج مع تطور الأزمة، القول إن "الميليشيات تهدد وترهب موظفي البنك، وتخطف في بعض الأحيان أطفالهم وأقاربهم".

وقد أصبح المصرف المركزي مشلولا بسبب اتباع سياسة حافة الهاوية التي تركته عاجزا عن إجراء معاملات لأكثر من أسبوع مما يهدد قدرته على القيام بالمهام الاقتصادية الأساسية، ولا يبدو أن أيا من الجانبين مستعد لتقديم تنازلات مما يزيد من احتمالات تدهور الوضع يوما بعد يوم.

وسيواجَه أي تحرك لحل الأمور سلميا بتعقيدات يفرضها المشهد المنقسم إلى مؤسسات حكم متنافسة تتمسك بمزاعم هشة للشرعية ولا ينظم عملها قواعد تذكر متفق عليها، وتدعمها فصائل مسلحة متغيرة المواقف والولاءات.

والأسوأ من ذلك هو أن الخلاف يأتي في وقت تعثرت فيه الدبلوماسية الدولية في حل الأزمة السياسية الأساسية في ليبيا مع شغور منصب مبعوث الأمم المتحدة وغياب المؤشرات حتى الآن على نجاح القوى الأجنبية في كبح جماح الفصائل المتنافسة.

وقال جلال الحرشاوي الباحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة "لقد انتهى التوازن الذي ساد العامين الماضيين. والآن تحاول الأطراف الفاعلة بناء نفوذ جديد. لذا فمن المتوقع أن تتفاقم الأزمة إلى حد كبير".

* صراع على السلطة

يشغل الكبير منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 والتي دفعت البلاد في دوامة الفوضى، وأصبح محافظ البنك لاعبا رئيسيا بين قادة الفصائل والسياسيين الذين يخوضون صراعا بلا نهاية على السلطة.

ومع انهيار الدولة بين الفصائل المتنافسة، ظل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط بعيدين عن الصراع مما كفل استمرار بعض وظائف الحكومة.

ويقضي القانون الليبي المدعوم باتفاقيات دولية بأنه لا بيع للنفط إلا عبر المؤسسة الوطنية للنفط على أن تنتقل العائدات إلى مصرف ليبيا المركزي حيث تستخدم لتمويل رواتب موظفي الدولة والهيئات الحكومية في البلاد.

وبدأ هذا المبدأ يتداعى في 2022 حين نصب رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة رئيسا جديدا للمؤسسة الوطنية للنفط، في تسوية فيما يبدو مع الفصائل الشرقية، مما أدى إلى تخفيف الضوابط على قطاع النفط.

لكن خلافا نشب بين الدبيبة والكبير حول الإنفاق وقضايا أخرى، وكان يبدو أن محافظ مصرف ليبيا المركزي يتقارب أكثر مع خليفة حفتر، قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي).

ومن خلال التحرك لاستبدال الكبير، يلقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بدعم من الدبيبة، بالسيطرة على الموارد المالية الهائلة في ليبيا في قلب الصراع ولا يستطيع أي من الجانبين التراجع بسهولة.

وقال تيم إيتون من تشاتام هاوس "وجهة نظري العامة هي أن هذه قضية سياسية وليست بيروقراطية. لكنها خطيرة للغاية. وفي غياب توافق الآراء، قد تتقوض فعليا أقوى مؤسسة متبقية في البلاد".

ويتعارض التخلص المعلن من الكبير فيما يبدو مع الاتفاق السياسي الليبي لعام 2015 الذي قامت عليه أسس تعامل المجتمع الدولي مع الفصائل الليبية على مدى عقد تقريبا.

والحصول على قبول دولي لمحافظ مصرف ليبيا المركزي أمر بالغ الأهمية، ذلك لأن عائدات النفط الليبي المستحقة للمؤسسة الوطنية للنفط تُدفع بالدولار في حسابها بالمصرف الليبي الخارجي في نيويورك قبل أن تنتقل إلى حساب حكومة طرابلس في مصرف لبيبا المركزي.

* حصار

وحتى الآن، يبدو أن مجلس الإدارة الجديد الذي أعلنه المنفي غير قادر على السيطرة على العمل داخل المصرف. وفي مؤتمر صحفي يوم الأربعاء الماضي، طلب المجلس من الصديق الكبير تسليم الرموز التي تسمح له بإجراء التحويلات.

كما حث البنوك الليبية على دفع رواتب العاملين بالدولة من احتياطياتها ووعد بسدادها عندما يبسط سيطرته الكاملة على المعاملات.

ورد الكبير ببيان على موقع مصرف ليبيا المركزي طلب فيه من البنوك تجاهل تعليمات الأشخاص الذين ينتحلون صفة أعضاء مجلس الإدارة.

وإذا طال أمد الصراع من أجل السيطرة على عمل المصرف، فإن جميع رواتب موظفي الدولة والتحويلات بين البنوك وخطابات الاعتماد اللازمة للواردات ستصبح مستحيلة، مما سيؤدي إلى تجميد الاقتصاد وتجارة ليبيا مع الدول الأخرى.

وقال موظفون في بنكين بشرق ليبيا إن عمليات المقاصة للبنوك الموجودة في غرب البلاد توقفت، إلى جانب معالجة التحويلات الأجنبية. كما توقف دفع رواتب العاملين بالدولة.

وفي غضون ذلك، سيؤدي إغلاق حقول النفط في شرق ليبيا إلى حرمان مصرف ليبيا المركزي من أي أموال جديدة تدريجيا فضلا عن تقليل المكثفات المتاحة لمحطات الطاقة، مما يهدد بعودة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة قريبا.

كل هذا يزيد من الصورة المستقبيلة تشاؤما أمام الليبيين ويفاقم خطر لجوء الفصائل المسلحة إلى القتال مجددا بعد وقف إطلاق النار قبل نحو أربع سنوات والذي أنهى آخر موجة كبيرة من الأعمال القتالية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: مصرف لیبیا المرکزی الوطنیة للنفط

إقرأ أيضاً:

بايدن قبل 24 ساعة من مغادرة منصبه: عملنا على تجنب حرب أوسع في الشرق الأوسط

قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر صحفي قبل أقل من 24 ساعة على ترك منصبه، إن إدارته عملت على وقف إطلاق النار بقطاع غزة والإفراج عن المحتجزين دون نشوب حرب أوسع.

وأكد «بايدن»، أن اتفاق غزة وصفقة التبادل جاءت نتيجة دبلوماسية استمرت عدة أشهر، وأن الشعب الفلسطيني أمام مسار واضح ليكون له دولة مستقلة، مؤكدًا أنه لولا جهود الوسطاء لما كنا توصلنا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

نسعى لإحلام سلام مستدام

وأوضح الرئيس الأمريكي، أن إدارته عملت على تجنب حرب أوسع في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن مئات الشاحنات تدخل غزة لمساعدة المدنيين، مضيفًا أنه يسعى لإحلال سلام مستدام بعد إنجاز اتفاق غزة.

وأضاف: «واجهتنا عراقيل ولم نستسلم للوصول إلى صفقة حتى لا تتوسع الحرب في الشرق الأوسط»، كما طلب من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب استكمال تنفيذ الاتفاق.

بايدن: مرحلة واعدة في لبنان وسوريا

وفيما يتعلق بلبنان، قال جو بايدن: «مرحلة واعدة في لبنان بعد إضعاف قدرات حزب الله، وسوريا ولبنان في مسار أفضل بعد الإطاحة بأذرع إيران».

مقالات مشابهة

  • لحظة تعطل سيارة نقل اللاعبين الخاصة بمواجهة الرائد والأخدود .. فيديو
  • المصرف المركزي يعلن طرح «عملات نقدية جديدة» (صورة)
  • محافظ المركزي يلتقي رئيس ديوان المحاسبة
  • مباركاً للشعب الفلسطيني ومجاهديه الانتصار الكبير.. السيد القائد: كان للتعاون بين الفصائل الفلسطينية أهمية كبيرة فيما منَّ الله به وتحقق من نتائج عظيمة
  • الدلفاق: تقلبات السوق الموازي تعكس خللًا في منظومة مصرف ليبيا المركزي
  • انطلاق دور الثمانية لممتاز الطائرة بمواجهة نينوى والمقدادية
  • مصرف سوريا المركزي: تراجع الليرة بشكل طفيف أمام الدولار
  • بايدن قبل 24 ساعة من مغادرة منصبه: عملنا على تجنب حرب أوسع في الشرق الأوسط
  • الوطنية للنفط: إنتاج ليبيا من النفط الخام تجاوز 1.4 مليون برميل يومياً
  • السيسي: نقدر الدور الوطني للجيش الليبي في القضاء على التنظيمات الإرهابية شرق ليبيا