من المقرر أن يزور الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، منغوليا، الأسبوع القادم، حسبما أعلن الكرملين، على الرغم من عضوية البلاد في المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحقه، العام الماضي.

ويخطط بوتين لزيارة لمنغوليا في 3 سبتمبر بدعوة من رئيس البلاد، للاحتفال بالذكرى الـ85 لانتصار عسكري مشترك، وفقا لما ذكره الكرملين في بيان.

وستكون هذه أول رحلة للرئيس الروسي إلى دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية منذ مارس 2023، عندما أصدرت المحكمة الدولية مذكرة توقيف واعتقال بحقه بتهم ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي للنظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، إن من غير المرجح أن يواجه بوتين الاعتقال إذا تمت دعوته إلى البلاد.

وأضاف في تصريحات  لصحيفة "نيويورك تايمز"، إلى أنه في المقابل من المرجح أن يستخدم الرئيس الروسي الزيارة "للدعاية والسخرية من المحكمة الجنائية الدولية وأوكرانيا".

وتبقى منغوليا الدولة التي تتحمل المخاطرة الحقيقية لهذه الزيارة، كما قال شيفر، الذي أوضح أن من المرجخ تواجه ضغوطا دبلوماسية من المحكمة الجنائية الدولية والدول الأعضاء الأخرى لسحب الدعوة.

وأضاف: "قد تُعرّض منغوليا بعض علاقاتها التجارية والمساعدات التنموية مع أعضاء آخرين في المحكمة الجنائية الدولية للخطر، بالإضافة إلى العقوبات الدبلوماسية، إذا استقبلت بوتين دون اعتقاله".

وصرّح المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي العبدالله، للصحفيين، أنه على غرار دول أخرى وقعت نظام روما الأساسي الذي نص على قيام المحكمة، أن "من واجب منغوليا التعاون" مع الأخيرة.

وفي كييف، حضت الخارجية الأوكرانية في بيان السلطات المنغولية على "تقديم (فلاديمير) بوتين إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي".

لكن الرئاسة الروسية أكدت، الجمعة، أن مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين لا تثير قلقها. 

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، للصحفيين "لا قلق. لدينا حوار ممتاز مع أصدقائنا في منغوليا".

وأضاف "بالطبع تم التحضير بعناية لجميع جوانب الزيارة"، من دون مزيد من التفاصيل.

وتقع هذه الدولة غير الساحلية الغنية بالموارد الطبيعية، في شرق آسيا بين روسيا والصين، ويبلغ عدد سكانها 3,4 ملايين نسمة فقط.

وفي بداية أغسطس، زار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، العاصمة المنغولية، أولان-باتار لإجراء محادثات مع هذا "الشريك الرئيسي" لواشنطن في المنطقة.

كذلك زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منغوليا في مايو 2023، في ظل رغبة باريس في تعزيز العلاقات مع هذا البلد في مجال الطاقة.

ووقعت منغوليا نظام روما في العام 2000، وصادقت عليه في العام 2002. 

وبحسب فيشر، هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية ردود فعل سلبية إذا فشلت في اعتقال شخص أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحقه، مشيرا إلى عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان.

وجاء في نص مذكرة التوقيف التي صدرت بحق بوتين في مارس 2023، أنه "مسؤول عن جريمة حرب تتمثل في ترحيل غير قانوني لسكان (أطفال) ونقل غير قانوني لسكان (أطفال) من مناطق محتلة في أوكرانيا إلى روسيا الاتحادية".

ولطالما رفض الكرملين بشدة اتهامات المحكمة الجنائية للرئيس الروسي. لكن بوتين تجنّب منذ نحو عام ونصف عام السفر إلى بعض الدول، وقد تغيب على سبيل المثال عن قمة مجموعة "بريكس" في جنوب إفريقيا في أغسطس 2023، وقمة مجموعة العشرين في الهند في سبتمبر من العام نفسه. 

وتأسست المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002 لمحاكمة الأشخاص بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية بموجب نظام روما الأساسي، وهي معاهدة من عام 1998.

وتضم الجنائية الدولية أكثر من 120 دولة، غير أنه لا يمكنها محاكمة المتهمين غيابيا وليس لديها وسيلة لإجبار المتهم على المثول للمحاكمة.

وبدلا من ذلك، تعتمد على المسؤولين في الدول الأعضاء لاحتجاز المشتبه بهم حتى يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. وتقول روسيا، التي ليست عضوا في المحكمة، إنها لن تسلم مسؤوليها.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی المحکمة الجنائیة الدولیة

إقرأ أيضاً:

العقوبات الأمريكية على الجنائية الدولية.. حماية لـ نتنياهو وجالانت أم تقويض للعدالة؟

أقر مجلس النواب الأمريكي قانونًا يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، وذلك ردًا على إصدارها مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.  

القانون، الذي حظي بدعم كبير من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين، يعكس معارضة قوية داخل الكونجرس لأي إجراءات تُتخذ ضد قادة إسرائيل.  

ومن جهتها، تؤكد المحكمة الجنائية الدولية التزامها التام بمعايير العدالة الدولية واستقلاليتها، في حين تواصل إسرائيل رفضها القاطع للاتهامات الموجهة إليها من المحكمة.  

ومن جانبه، استنكر الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب الأمريكي لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. وأكد أن هذا القانون يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، معتبراً أنه يمثل خطوة خطيرة تهدد العدالة الدولية.

تهديد لعمل المحكمة الجنائية الدولية

وأضاف في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أوضح الدكتور مهران أن هذا التشريع يأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة، خاصة مع انضمام المزيد من الدول لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، والتي تتهمها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

وأشار إلى أن محاولة عرقلة عمل المحكمة الجنائية الدولية تعتبر جريمة بموجب المادة 70 من نظام روما الأساسي، التي تحظر أي أفعال تعيق تحقيقات المحكمة أو إجراءاتها القضائية. كما أن هذه المحاولات تتناقض مع المادة 18 من اتفاقية فيينا، التي تلزم الدول بعدم إفراغ المعاهدات الدولية من موضوعها وغرضها.

وأوضح الدكتور مهران أن توقيت هذا القانون يبدو كأنه محاولة واضحة لحماية المسؤولين الإسرائيليين من الملاحقة القانونية على جرائم الحرب المرتكبة في غزة. وأكد أن المادة 5 من نظام روما الأساسي تمنح المحكمة الجنائية الدولية اختصاصًا للنظر في جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية، مما يجعل هذه الضغوط الأمريكية خطوة تهدف إلى تقويض العدالة الدولية.

وأضاف أن تزايد الدول المنضمة لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل يعتمد على المادة 63 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، والتي تتيح للدول التدخل في القضايا المتعلقة بتفسير المعاهدات الدولية.

تعارض مع الاتفاقيات الدولية

وأشار الدكتور مهران إلى أن منع قضاة ومسؤولي المحكمة من دخول الأراضي الأمريكية يتعارض مع المادة 48 من نظام روما الأساسي، التي تضمن للموظفين الدوليين الحصانات اللازمة لأداء مهامهم. كما أن التهديد بإلغاء تمويل المحكمة يشكل انتهاكًا للمادة 119 من نظام روما الأساسي، التي تنظم آليات حل النزاعات المتعلقة بوظائف المحكمة القضائية، ويقوض استقلالية المحكمة بشكل خطير.

وشدد الدكتور مهران على أن الضغط الأمريكي على المحكمة يمثل شكلًا من أشكال التهديد المحظور بموجب القانون الدولي، مؤكدًا أن استمرار إسرائيل في تجاهل قرارات مجلس الأمن وأوامر محكمة العدل الدولية يمثل انتهاكًا واضحًا للمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تلزم الدول بتنفيذ أحكام محكمة العدل الدولية.

وفي ختام تصريحاته، دعا الدكتور مهران المجتمع الدولي إلى التصدي لهذه المحاولات لتقويض العدالة الدولية، مؤكدًا أن المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة تجعل تحقيق العدالة أحد الأهداف الرئيسية للمنظمة الدولية. وحذر من أن استمرار مثل هذه الضغوط يهدد النظام القانوني الدولي بأكمله، ويؤكد ضرورة تعزيز دعم المحكمة الجنائية الدولية لضمان استقلاليتها وحماية دورها في تحقيق العدالة العالمية.

مقالات مشابهة

  • مصدر ينفي لـRue20 صحة الأخبار المتداولة بشأن صدور مذكرة “انتحال الصحافة”
  • 20 دولة تشارك في بطولة مصر الدولية للريشة الطائرة البارالمبية
  • خلال استقباله نائب رئيس الجنائية الدولية.. رئيس تونس يشيد بمواقف المحكمة إزاء جرائم إسرائيل في غزة
  • رئيس جامعة أبين يزور المعهد العربي للتخطيط في دولة الكويت الشقيقة
  • كريم خان يدعو لرفض استئناف إسرائيل على قرار الجنائية الدولية
  • مدعي عام الجنائية الدولية يدعو القضاة لرفض الاستئناف الإسرائيلي
  • العقوبات الأمريكية على الجنائية الدولية.. حماية لـ نتنياهو وجالانت أم تقويض للعدالة؟
  • "الشئون النيابية": من حسنات "الإجراءات الجنائية" الالتزام بالمعايير الدولية في كفالة حق الدفاع
  • بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة..مطالبة الجنائية الدولية باعتقال درزي إسرائيلي
  • جامعة عدن والمعهد العربي للتخطيط في الكويت يوقعان مذكرة تفاهم مشترك